هل يمكنك أن تسامح وتنسى؟

د. نبيهه جابر

 

إذا سامحت بصدق هل نسيت ؟ كم مره سمعت التعبير المتداول " سامح وإنسى" ؟ دائما يقول الناس إن من السهل أن تسامح لكن من الصعب أن تنسى. ومع ذلك كثير من الأشخاص يجدوا صعوبه حتى فى التسامح. لمصلحتك النفسيه يجب أن تسامح. يجب ان تعرف لا يوجد شىء يسمم حياتك مثل الطريقه التى تتعامل بها مع المضايقات أو الإساءات التى مرت بحياتك.

قد يعتقد البعض إن التسامح ناتج عن الإراده, لأنهم يعتقدوا إنك ببساطه يمكن أن تسامح وتنسى بقرار منك. هذا المفهوم خاطىء لسببين .أولا نادرا ما ينسى الإنسان الإساءه. ثانيا يبدأ التسامح كتصرف من الإراده و يكتمل فى القلب. أى الإراده وحدها لا تكفى. بمجرد أنك قررت أن تسامح, يجب أن تضغط على مشاعر المراره أو الكراهيه داخلك أن تتوقف. إذا لم تفعل ذلك ستظل حبيسا فى سجن الإحساس بالمراره و يظل الجرح ينزف ولا يشفى ليجعلك تسامح. ستظل تتراواح بين الألم ومحاوله التسامح.

الخطوات التاليه قد تساعدك على إكتساب القدره على التسامح والنسيان:ــ

1. الخطوه الأولى :ــ إعطى هذا الشخص الذى أساء إليك أو أغضبك الفرصه أن يعتذر إليك . بالرغ من إنك غاضبا ولا تريد أن تستمع إليه , من المهم أن تحصل على هذا الإعتذار حتى تستطيع أن تسامح بعد ذلك أن تهدأ. بدون هذا الإعتذار فإن غضبك سيتحول الى مراره تستقر داخلك ويصعب عليك التخلص من هذا الشعور.ستجد نفسك تسأل نفسك عن ما حدث مما يضاعف من شعورك بالإسائه أكثر مما يحتمل الموقف. أنت لست فى حاجه لهذا التحليل المؤذى الذى يعمق إحساسك بالألم. إن قبول الإعتذار سيساعدك على البدأ فى الشفاء. كن متفتحا وإستمع لهذا الإعتذار الذى تستحقه من أجل التخلص من الألم الذى تسبب فيه هذا الموقف . فى النهايه ستنسى الخطأ الذى تسبب فى هذا الألم شيئا فى شيئا حتى يتلاشى ويصبح ذكرى موقف عدى فى حياتك.

2.    الخطوه الثانيه: إستمع لشرح ما حدث. بهذا الشرح قد تكتشف إن الموقف لا يحتاج كل هذا الألم الذى شعرت به. إن الشرح يزيل أى سوء فهم قد يكون حدث. إسأل أى أسئله تحتاج إليها لتستوضح ما حدث. إستمع للأجابات بعمق وتمعن. إن وصولك لأصل المشكله وسبب حدوثها قد تجد فيها ما يخفف من الألم وبالتالى تقبل الأعتذار وتجد فيها فرصه لنسيان ما حدث وتستمر فى حياتك.  

3.    الخطوه الثالثه: إدراك إن كل الناس تخطىء حتى أنت نفسك. إننا بشر ولسنا ملائكه. إعتبر ما حدث مجرد خطأ بشرى يمكنك من قبول الإعتذار عنه ثم التسامح والنسيان. هل هذا الخطأ يحتاج لوقت طويل للنسيان؟ نعم ولكن إذا تكرر الخطأ من نفس الشخص, أو إذا  كان الخطأ كبيرا لدرجه لا يسهل معها التخلص من الألم. الأهم أن تتذكر إن الإنسان غير معصوم من الخطأ, وإسأل نفسك إذا كان هذا الخطأ صادرا منك , هل كنت ستحتاج أن يسامحك الشخص الذى أخطأت فى حقه؟ إذا فعلت ذلك سترى الجانب الآخر من المشكله وإنك إرتكبت مثله وسامحك الطرف الآخر بل وأصبح من أعز أصدقائك الآن. هل أسأت دون أن تشعر بذلك؟ فى أحيانا كثيره نعم. لذلك يجب أن تعطى الشخص الذى أساء إليك هو أيضا هذه الفرصه للإعتذار والشرح حتى ينتهى الموقف برضاء الطرفين وتستطيع أن تسامحه وتنسى.

4.    الخطوه الرابعه: خذ وقت كافى للنسيان. التسامح ليس شيئا سهلا يتم بضغطه زر كما يعتقد البعض. كلما عمق الجرح أو الإساءه زاد الألم وقلت القدره على التسامح والنسيان. قل للشخص الذى أساء إليك إنك قبلت الإعتذار ولكنك تحتاج مساحه من الوقت ليلتئم الجرح وتنسى ما فعل. إشرح له أنت كم تألمت من خطئه , وكم كانت صدمتك أن الخطأ جاء منه بالذات, حتى لا يفهم إنك ترفض التصالح معه , ويشعر إنك تهينه ويبتعد للأبد وتخسر صداقته أو زمالته. أكد له إنك تحتاج لفتره نقاهه وليس فراقا. من الصعب أن يفكر الإنسان بوضوح وهو مازال متألما, و رؤيه هذا الشخص حولك معظم الوقت لا تعطيك فرصه للنسيان. الوقت خير طبيب للألم وإلتئام الجروح. الإبتعاد يساعدك على التسامح والنسيان. ضع فى إعتبارك لا شىء أكبر من التسامح أو النسيان طالما لم يصل للإساءه للشرف أو حد القتل. حتى لو أساء إليك شخص لدرجه لا تستطيع معها مسامحته والتعامل معه بعد ذلك, سامحه فى قلبك وإقطع علاقتك به تماما حتى ينتهى شعورك بالألم وتنسى هذا الشخص وما فعله بك. الوقت يشفى جميع الجروح ولكن الشخص السىء يستحق القطيعه.

آثار عدم التسامح والرفض عليك :ــ

مسامحه شخص أساء إليك بشده يمكن أن يكون صعبا, كما أن طلب المسامحه أيضا صعبا ولكنها ضروره مهمه. الغضب والرفض, يؤلم ويضر العقل , والجسد, والروح. رفض التصالح يجعل من الصعب أن تركز على أبسط واجباتك اليوميه. عندما يكون عقلك مشتت نتيجه مشاعر وأفكار سلبيه, فإن عملك وعلاقاتك بمن حولك فى المنزل أو العمل تعانى من ذلك بشده. صحتك البدنيه أيضا تعانى, ستعانى من صداع دائم, إرهاق, وضغط عالى, وأرق ليلا. كل ذلك ناتج عن الضغط الذى تشعر بها داخلك نتيجه الغضب والرفض المشتعل فى عقلك وقلبك. التسامح يساعدك على الشفاء .

كيف يمكن أن تصلح صداقه أفسدتها أنت:ــ

أولا يجب أن تعرف أن الصديق الحقيقى كنز لا يجب التفريط فيه . إنك لا تلقى بصديق بعيدا لأنك شعرت إنه جرح مشاعرك, أو لأن كبريائك تمنعك من توضيح سوء الفهم  الذى حدث بينكما. الصداقه فى حد ذاتها أهم ألف مره منك ومن صديقك.الصداقه شىء نادر الحدوث لن تجده بسهوله لتفرط فيه.

  •   لا تدع خطأ بسيط يفسد الصداقه بينكما: إنها جوهره تستحق الدفاع عنها والحرب من أجلها. إنها تستحق التضحيه. إذا لم يكن هذا شعورك أنت وصديقك,أذا ما كان بينكما لم يكن صداقه حقيقيه. الصداقه الحقيقيه مثل الذهب يلمع فى النار. هنا لا يهم أن تصلح الخطأ أم لا. إنكما زملاء أو معارف ولستم أصدقاء.
  •   كن مستعدا للإعتذار حتى لو لم يكن الخطأ مقصودا: مره أخرى الصداقه هى الأهم وأكبر من الخطأ والمخطىء. إذا أمكن إصلاح الخطأ بالإعتذار, إفعلها فورا دون تردد أو إنتظار أن يبدأ الطرف الآخر. ركز على إنقاذ الصداقه ولا تنتظر أن يقر كل واحد منكما بخطئه.
  •   إذهب إليه : قم بالخطوه الأولى : قم بالواجب المطلوب لعلاج ما حدث وأغضب كل منكما من الآخر. كثير من الصداقات دمرت لأن الطرفين تمسكا كل منهما بموقفه ولم يتنازلا لأنقاذ الصداقه بينهما وإنتظرا كل منهما أن يبدأ الآخر بالصلح. نحى قليلا كبريائك جانبا لأن هذا هو صديقك المخلص الوفى الذى لا يجب أن تفقده. كن الأعقل وابدأ, ولن أحكى لك ما هو الأثر الذى سيتركه ذلك على قوه الصداقه بينكما.
  •   إخبر صديقك ما مدى تمسكك بالصداقه بينكما : يجب أن يذكر كل منكما الآخر إن الصداقه هى حجر الزاويه وكل شىء عدا ذلك لا يهم. هذا الإعتراف سيهدأ الغضب ويزيل التوتر والألم ويجدد العلاقه بينكما للأقوى والإستمراريه.
  •  أرتفعا فوق الجرح والألم : عند إصلاح ما فسد يجب أن تركزا على إنكما معا تستطيعا ذلك. الصداقه الحقيقيه هى التكامل والتعاون. إعملا معا على إصلاح الضرر الذى لحق بصداقتكما. التسامح لا يحدث فجأه ولكنه يأتى بالتدريج مع مرور الوقت. قوة الصداقه تساعد على التسامح والنسيان.
  •      لصالحك أنت سامح وإنسى : طالما إنك لا تستطيع أن تسامح ستسجن نفسك فى دوامه الألم. لن تشعر بأى سعاده كامله فى حياتك لأن داخلك يإن من الألم. أنت لست فقط فى حاجه للتسامح والنسيان, بل أن تطلب السماح من الطرف الآخر.
  • المصدر: http://kenanaonline.com/users/DrNabihaGaber/posts/122659
الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك