التطرف وضرورة البحث عن البديل

أنس زاهد



من السهل انتقاد الخطاب الديني المتطرف القائم على التكفير. لكن من الصعب تقديم مشروع بديل يقوم على الاعتدال والتجديد.

انتقاد خطاب التطرف وتفنيد الحجج والمرتكزات الفكرية التي يقوم عليها، لا يحتاج إلى مجهود كبير أو وعي متوقد أو رؤيا نافذة أو أرضية ثقافية صلبة.

خطاب التطرف خطاب هش ولا يحتاج لكي نتعامل معه إلى كل ما سبق وذكرنا من خصائص أو مميزات. لكن الانتقاد وحده لن يؤدي إلى معالجة الظاهرة ولن يوصلنا إلى حل للمشكلة.

الاكتفاء بانتقاد الخطاب الديني المتطرف يمكن أن يفسر من قبل المتحمسين، على أنه انتقاد للخطاب الإسلامي نفسه وليس مجرد انتقاد لخطاب إسلامي من بين عشرات الخطابات والطروحات والقراءات المختلفة للدين. وهنا تكمن المشكلة التي يمكن أن تتسبب في دعم خطاب التطرف بدلا من أن تقضي عليه.

الانتقاد وحده يخلق حالة من الفراغ على صعيد الفكر والقيم، وما لم يتم تعبئة هذا الفراغ عن طريق التأسيس لخطاب ديني عصري وعقلاني وإنساني، فإن المؤمنين بخطاب التطرف سيلجأون إلى استخدام كل ما يمكن من آليات دفاعية خوفا من الوقوع في حالة الفراغ تلك.

بدون طرح بديل إسلامي يستند إلى مرتكزات مستمدة من النصوص المقدسة، فإن ظاهرة الخطاب المتطرف ستظل قوية وتتمتع بتعاطف شعبي واسع.

وإذا ما أضفنا إلى غياب المشروع البديل، وجود حالة من الافتقار الشديد إلى العدالة على الصعيد الدولي والاجتماعي، بالإضافة إلى مناخ الكراهية ضد الإسلام الذي تبثه وسائل الإعلام الغربية للترويج لحروب أميركا ولتبرير أطماعها الاستعمارية في المنطقة، فإن مهمة اقتلاع خطاب التطرف ستبدو أكثر صعوبة من كل ما يمكن أن نتخيله. المشروع أو الخطاب البديل يجب أن يكون إسلاميا. ولكي يتمتع هذا المشروع بالثقة والمصداقية المطلوبتين، يجب الاستفادة من الطروحات التجديدية التي خرجت من عباءة المؤسسة الدينية نفسها، والتأسيس عليها والانطلاق مما انتهت إليه. في العصر الحديث هناك مشروع جمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده والشيخ عبدالرحمن الكواكبي، ولاحقا الشيخ محمد الغزالي. وفي العصر القديم يمكن الاستفادة من مشروع الفقيه والفيلسوف ابن رشد في التأسيس لرؤيا عقلانية ومنفتحة وقابلة للتجديد المستمر. لن يمد في عمر التطرف سوى تجاهل حاجتنا الماسة إلى توفير البديل.

المصدر: http://al7ewar.net/forum/showthread.php?23773-%C7%E1%CA%D8%D1%DD-%E6%D6%...

الأكثر مشاركة في الفيس بوك