(بان كي مون) أمين على أمن إسرائيل؟!
غزة لن تكون ضحية جريمة حرب منظمة دفعت أمريكا قواها السياسية ومعوناتها العسكرية لحماية ما تسميه «الاعتداء على إسرائيل، وجواز حقها بالدفاع عن النفس» وتبعتها دول اشتركت معها بحرب 1956م مثل بريطانيا، وفرنسا، ولم تختفِ ألمانيا عن رفع رأسها وإعلان تأييدها لما يجري من مجازر ومذابح، ومواقف هذه الدول اعتدنا عليها وصارت من لوازم العلاقات التي تنتهك كرامة العربي، وتحمله الصفعات ولا تخشى أي رد فعل مقابل..
لا نحتاج فتح ملفات جرائم القوى الاستعمارية أو القطبية الواحدة مثل أمريكا، ومن المنطقي أن تسوغ الجريمة، لأنها بادرت بالفعل قبل وبعد قيام إسرائيل، فلم تستنكر تلك الدول جريمة قتل مسلمين فلسطينيين بالحرم الإبراهيمي ليلة القدر، واعتبرت حرق الأقصى صراع متطرفين من الجانبين، ولا ضرب مدرسة بحر البقر في مصر وإبادة طلابها، ثم يأتي هدم ثلاث مدارس في غزة وقتل أطفال ولاجئين ليس جريمة حرب، لكن ذلك معروف للسياسة الداعمة لإسرائيل غير أن (بان كي مون) سكرتير الأمم المتحدة أثار انزعاجه المظاهرات المستنكرة لجرائم إسرائيل ويأسف لتصاعد معاداة السامية في أوروبا، ولم يقتصر الأمر على هذه (الفزعة) ممن سميناه الأمين فقد أثار دعوة أخرى بالإفراج وبلا شروط عن الجندي الإسرائيلي الأسير، ونسي آلاف المخطوفين والمسجونين قبل هذا القصف، ومعه كم سقط من الضحايا، وقد كشف عن صورته الحقيقية وليس ولم يواجه المجتمع الدولي بإدانة الاعتداءات والالتزام بالنظم والشرائع الدولية، وهو ما أثبت أن هذا المنصب ليس إلا موظفاً برعاية أمريكية هي من تعطيه الإذن بالحديث مع أنه لا يستطيع مواجهة روسيا بنفس الأسلوب تجاه أحداث أوكرانيا لأن الخصم هناك قوة عظمى تستطيع وضعه في حجمه الطبيعي..
من يبحث ومن يتعاطف معه من العالم ونحن نقدم الضحايا في غزة ودمشق وبغداد لم ينسَ أن نفس المناظر تكررت على أراض أخرى زمن السلم والحرب إذا كانت الدواعي تفرض ذلك، والعرب في ميزان العلاقات الدولية مجموعة هامشية اختاروا لأنفسهم مساراً استحقوا العقاب من الداخل بتفجير الحروب والصراعات، ومن الخارج بالتجاهل، أو إدارة الصراعات من خلال الغباء السياسي أي حتى في أشد الحروب والخصومات بين أبناء هذه الأمة المنكوبة كثيراً ما تكون المرجعية في استجداء السلام والمساعدة، أو طلب التدخل في أزماتهم تنتهي عند مكاتب وسفارات الولايات المتحدة الأمريكية، أو الدول الأوروبية، لأن فقدان الندية والاحترام المتبادل لم يحدث إلا في فترات متباعدة، والدليل أن القضية الفلسطينية ذاتها لم تعد تستحق أي اجتماع لمجلس الأمن تُوقف على الأقل مأساة غزة الحالية، وما بالك بسراب الحل السلمي للدولتين والشعبين إلى آخر تلك المعزوفة؟!
لن يُحترم من لا يملك القوة، وليست فقط العسكرية، وإن كانت الأساسية، ولكن هناك مصادر لها اقتصادية وسياسية، ومقاطعة شعبية لبضائع ومطاعم وهيئات وشركات لتلك الدول، لكن حين نرى كيف انتهى البند الأول في مقاطعة إسرائيل وذابت في حرارة وجليد بعض الدول العربية والإسلامية فهي جزء من الاستسلام لواقع القوة التي عجزنا أن نفهم حق الدفاع عن أنفسنا تجاهها..
أحداث غزة ولدت في خضم حروب أهلية في العراق والشام وليبيا واليمن وقد تلحقها أخرى لتطبيق «الفوضى الخلاقة» لأمة تُجرى عليها تجارب صدام أصحاب الحي الواحد وغزة هي مجرد حادثة تضاف لمجريات ما يجرى وما سيدوم..