بوش الابن.. ونجاد.. وطوائف الإرهاب!
بوش الابن صورة من نجاد الرئيس الإيراني السابق، فكلاهما يعتقد أنه جاء من خلال رسالة سماوية مع اختلاف المعتقد، حتى إنه والمحافظون الجدد طرحوا محور الشر، إيران وكوريا الشمالية والعراق، وقد قال عند ترشيحه للرئاسة «إن الله دعاني لترشيح نفسي رئيساً لأمريكا»، وأنه ملهم من الله في قيادة العالم وبأنه أقدم على غزو العراق للقضاء على «يأجوج ومأجوج» تحقيقاً لنبوءة دينية مسيحية وتوراتية، والذي يُخشى من يأجوج أن يقود جيوشاً جرارة لتدمير إسرائيل، كما ورد في تلك الأسفار..
الرئيس الإيراني نجاد كان يخطب في كل مناسبة مبشراً بعودة المهدي المنتظر، حتى إنه في خطابه بالأمم المتحدة كانت تحيط بالقاعة هالة أرسلها الإمام الغائب، وبعد نهاية ولايته من رئاسة إيران جاء من يقول إنه سيعود إلى السلطة برفقة الإمام، وقد وصل به التطرف أن بعث برسالة تأبين بعد موت «شافيز» الرئيس الفنزويلي وبأنه «سيبعث مع السيد المسيح»!!
قائد إسرائيلي في الجيش الذي يضرب غزة بعدوان هذه الدولة قال لجنوده: «إن الله يقاتل معكم ضد من يريدون هدم اسمه»!!
خليفة داعش لم يُظهر لنا عصر معجزاته، ولكنه شرع بقتل من لا يبايعه، وفرض على الباقين من المسلمين الجزية باعتبارهم مشركين وغير مجاهدين كأصحابه، وأنه من سيقيم العقيدة الصحيحة بإطاعته ما أطاع الله فيهم، وقبل ذلك كان معلم ابن لادن عبدالله عزام صاحب الكرامات المثيرة للجدل، قد رسخ مفاهيم غير عقلانية، ولكنها كانت جاذبة للسذج أو من استغلوها في رفع شأن مجاهدي أفغانستان من القاعدة، وبموت ابن لادن هناك من وضعه في مرتبة المهدي المنتظر، إما بأنه لم يمت، أو أنه سيعود جليلاً عظيماً..
هذه النماذج من الاستغلال الديني ليست جديدة، لكن الغرابة أن تخرج في مجتمعات متفاوتة الثقافة والعلم، فعلى سبيل المثال أمريكا الدولة الأولى في كل شيء، ومع ذلك سلّمت بمقولات بوش الابن، ووضعه البعض بمنزلة فوق البشر من خلال طوائف مسيحية صهيونية تذهب إلى نفس أفكار أصحاب التلمود والأناجيل الأخرى من العهد القديم، ولا يستغرب على نجاد ترويج أفكاره، لكن المخيف أن هذه النوعية من القيادات ماذا لو امتلكت سلاحاً نووياً وباسم أوامر الإمام المنتظر المتجسد في شخصية أي قائد ديني إيراني رفيع المرتبة، قام بإطلاق أسلحته على من يراهم كفاراً تمهيداً لعودته؟
وكلا الرئيسين لا يختلف من حيث المنطلق والأهداف عن الآخر لولا أن بوش تحكمه سلطات قانونية لا تمنحه صلاحيات استخدام سلاح شديد التدمير..
دوافع التطرف الديني لا تقف عند دين أو طائفة، حينما تتمكن من أي عقل يؤمن بمنهجه وصحته، والمشكل أن المنطقة العربية مع أفغانستان والصومال وبعض دول الربيع العربي، ضاعفت إنجاب هذه الفصائل، لكن الحيرة هي في سرعة نمو وتكاثر وقوة داعش وجبهة النصرة ثم خلافهما إلى حد التقاتل، وسيناريو سقوط جيش المالكي وارتفاع سلطة داعش على أراض ومدن مهمة في سورية والعراق، ومثلما انشقت المنظمتان عن القاعدة فالمؤشرات تتحدث عن بدايات تصدع في داعش كأي تنظيم يتقاتل على نفوذه وقياداته طامعون آخرون، إلى جانب تشكيل دولة تعطى اسم وزارات وتصدر هويات وجوازات لا ندري أين سيسافر أصحابها ومع من ستتعاطى هذه الدولة مع النظام الدولي وعلاقاته وقوانينه، أو مع غيره؟..
عموماً السيناريو مضحك مبكٍ، والدورة الكونية لا ندري هل تهبط بنا إلى حروب الأديان أم أنها مرحلة مخاض لولادة جديدة لعالم يتشكّل بأدوات وقوى أخرى؟