الكتاب.. العدو.. الصديق!!

يوسف الكويليت

    مطالب شبابنا لا تتجاوز المعقول، ولا تذهب للمستحيل ولعل أهمها القضاء على البطالة بإيجاد الوظيفة، والسكن، والقبول بالترفيه المباح سينما ومسرح وأندية تستوعب نشاطهم وإحلال بالوظائف القيادية، والمشاركة في خطط التنمية المختلفة، وبناء أسرة المستقبل..

هذه المطالب مقدور عليها بالتخطيط السليم ووقف كل أنواع التجاوزات بإلغاء المادي أو الأخلاقي، وطالما اصطلحنا على أن غالبية مجتمعنا شباب من الجنسين فهل ارتقينا بتربيتنا إلى المقاربة الحقيقية مع هذه الفئات والنظر إليهم أنهم ورثة المستقبل، وما دور المدرسة والبيت والنادي والأصدقاء، وكل محيط الشاب المراهق بتشكيل شخصيته، ولماذا ذهب شبابنا حطباً لنيران من هيمنوا على فضائيات التحريض، ومعهم بعض خطباء المساجد وحلقات تحفيظ القرآن الكريم ومواقع الإنترنت وكل وسائط التواصل؟ إذا علمنا أن الاستهداف لهذه الفئات العمرية من قبل مستهدفهم يفهمون طبيعة الشاب المراهق والمراحل التي يقطعها بين الطفولة والرجولة، وحالات الاضطراب الفكري والبحث عن بطولة ما تفرزه عن بقية أقرانه، وهي المفاهيم التي سلط عليها علم النفس دراسات عديدة من مخاطر هذا الانتقال ما لم تلعب الأسرة، وبقية المؤثرات الأخرى بإبعاد الشباب عن الانزلاق للمخاطر..

لدينا فئات اجتماعية عندها حسن النوايا واسعة وخاصة حين يرون أبناءهم ينجذبون لرجل دين أو دعوة دون التدقيق بالغايات والأهداف التي يسعى إليها، وهو يقدم أبناءهم أعضاء في عمليات إرهابية سواء تم تجنيدهم في الداخل والخارج، ولازلنا نكافح بتجفيف مصادر التمويل، والمتسترين على منطلقاتهم وأفكارهم، حتى وجدنا من تمت مناصحتهم يعودون علينا بشراسة وتخطيط أكثر عدوانية..

لقد هيمن أصحاب الدعوات الإرهابية على المدرسة والجامعة منذ سنوات طويلة، وأخلي لهم المكان ليتحكموا بمصير أجيالنا حتى إنني حين عملت مديراً للمكتبات المدرسية بوزارة المعارف قبل أن يتغير الاسم إلى التربية، كانت حوائط الصد بوصول كتاب الطفل أو الشاب للمراحل المختلفة يمر بلجان إجازة عطلت نمو المكتبة المدرسية من خلال منطلقات أيدولوجية كنا نعرفها ولكن لا نستطيع صدها ومقاومتها، بينما ما وضع تحت مفهوم كتب الحصانة الدينية، هي من يسمح بها وحدها لدرجة أن المكتبة العامة بشارع الوزير بالرياض أحرق منها ما يزيد على عشرة آلاف كتاب باسم هذا الادعاء بأنها كتب شيوعية وعلمانية وقومية، خطرها على الشباب أكثر من المخدرات والانحرافات السلوكية..

الآن الأمور اتضحت وصرنا نخشى أن يدمر شبابنا بين التجنيد الإرهابي أو تعاطي المخدرات، وقد ذهب الكثيرون عن الأسلوب الذي نحصن فيه شبابنا، وكلها تلتقي على أسلوب النصيحة دون الوصول إلى عمق المشكلة، وهو النقص الثقافي والوعي بما يخطط لنا، ولذلك أكرر ما سبق أن كتبت عنه مراراً بأن الكتاب ليس عدواً مهما قيل عنه إذا فهمنا أن زمن الحجر والمنع انتهى مع عصر تدفق المعلومة، ولذلك فوجود المكتبة بالمدرسة والنادي والحي والمنزل، إن أمكن، ينظمها ويشرف عليها تربويون بدون سوابق أو عزل لفكر وتاريخ حتى نصل بثقافة أبنائنا إلى التحصين الذاتي، ومن يرد المزيد يطلع على تجربة رائدة لفنلندا؟!

http://www.alriyadh.com/952037

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك