صراع السنة والشيعة بين الحقيقة والوهم

عبدالله بن بخيت

    يظهر كثير منا قلقاً من مؤامرة تحاك لإعادة تقسيم العالم العربي. نتحدث اليوم عن إلغاء الاتفاقية السرية التي عرفت باتفاقية سايكس - بيكو التي أبرمت بين الفرنسي سايكس، والإنجليزي بيكو لتقاسم منطقة الشام. بينما أمضينا السنوات السبعين الماضية نلعن ونشتم اتفاقية سايكس - بيكو. ما الذي يعنيه أن نتباكى اليوم على شيء أمضينا السبعين سنة الماضية في شتمه؟

بعد جلاء الاستعمار وتحول قيادة المنطقة إلى قيادات محلية كان اكبر حلم عزف عليه السياسيون الثوريون والمثقفون الحالمون حلم الوحدة العربية. كان الدرس في طفولتنا أن العالم العربي تم تقسيمه وتوارثه بين الدول الكبرى آنذاك لتفهم من كلمة تقسيم أن المنطقة كانت موحدة حتى جاء الاستعمار ومزقها.

لا أحد منا يعرف التاريخ ولم تسع أي دولة أن تضع في مناهجها الوضع السياسي في المنطقة قبل اتفاقية سايكس - بيكو.

لو سألت أي رجل عادي أو حتى كثير من الكتاب المتباكين خشية من التقسيم لما عرفوا كيف يجيبونك. لم يخبرنا أحد أن الوحدة العربية التي نحلم باستعادتها في المنطقة لم توجد أبدا.

قبل أن تؤول ملكية المنطقة إلى المستعمر الغربي كانت المنطقة تحت سيطرة الأتراك وقبل الأتراك كانت المنطقة دويلات. في كل فترة تنهض قوة وتسقط قوة. لكن المؤكد في كل الأحوال لم يوجد شيء اسمه وحدة عربية بقيادة إمبراطور عربي. بيد أننا أمضينا تاريخنا الحديث نشتم الاستعمار الذي مزقنا. لم يقل لنا أحد حقيقة أن هذه المنطقة ليست سوى ميراث طويل تتقاسمه القوى الكبرى منذ زمن الإمبراطورية الرومانية إلى زمن الإمبراطورية الأمريكية الذي نعيشه.

بعض الأحيان أبتعد عن الانسياق وراء التفكير الجمعي وأطرح السؤال المؤلم التالي : ما الذي نخشاه من أن ينتهي العراق إلى ثلاث دول (سنية شيعية كردية)؟

للإجابة عن السؤال يحسن بنا أن نجيب عن السؤالين التاليين أولا: ما الذي خسرناه من فصل جنوب السودان عن شماله، وما الذي ربحناه من وحدة شمال اليمن مع جنوبه؟

إذا سمحت لنفسي بالإجابة سأقول بكل اطمئنان لا شيء في كلتا الحالتين. هذا الطرح يقودني إلى سؤال العراق الملتهب هذه الأيام. ما الذي استفاده الشعب العراقي من وحدته التي بدأت مع الهاشميين وأخذت تتضعضع في حكم نوري المالكي؟

إذا سمحت لنفسي بالإجابة سأقول لا شيء. تنقل العراق في هذه الفترة القصيرة من انقلاب إلى انقلاب، ومن حرب إلى حرب ومن طغيان إلى طغيان ومن تبديد الثروة الوطنية إلى المديونية والإفلاس.

أرجو ألا يفهم أحد أني ضد الوحدة أو معها أو يفهم أن سعيي في هذا المقال البحث في أمرها. سؤالي الأساسي في هذا المقال هو أين تقع الحقائق وأين تقع الأوهام والأحلام والأكاذيب؟

قبل أن أغلق هذا المقال سأطرح سؤالا واحدا. هل الحرب الدائرة في العراق في هذه اللحظة حرب طائفية؟

الكثير سيقول نعم أما أنا فسأقول لا. لو كان الصراع مذهبيا بين السنة والشيعة كما تقول وسائل الإعلام لانخرط الأكراد في الحرب نصرة لإخوانهم السنة بينما الواقع يقول إن الأكراد ينشطون كطرف ثالث له أطماعه التي تخصه وعلى استعداد أن يدخلوا في حرب مع أي من الطرفين المتصارعين لتحقيق حلمهم الذي لا علاقة له بالدين، وقد فعلوا بأن اختطفوا مدينة كركوك (السنية) من (إخوانهم) السنة وضموها إلى مناطق نفوذهم (السنية). لو كانت الحرب سنية - شيعية لانضم الأكراد إلى السنة.

أين مصدر كل هذا الاضطراب والعذاب إذا؟

للإجابة عن هذا السؤال علينا أن نجلي الحقيقة من الأوهام ونعترف أننا عاجزون عن الانخراط في عصر العقل. لم تعد مساحة المقال أو حق الكلام يسمحان لي أن أمضي اكثر في هذا.

http://www.alriyadh.com/949071

الأكثر مشاركة في الفيس بوك