(هلامية) الموقف الأميركي!
تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما حول عدم قدرة المعارضة السورية المعتدلة على الإطاحة بنظام بشار الأسد صادمة ومحبطة، ولا تحقق إلا إضعاف الروح المعنوية للثورة السورية التي اعتقدت أن الولايات المتحدة والغرب عموماً سيقف إلى جانبها في تحقيق أهدافها عطفاً على التصريحات التي تم إطلاقها في بدايات الثورة.
وجاءت تلك التصريحات الرئاسية من البيت الأبيض لتعطينا جميعاً وليس الثوار السوريين وحسب، أن أمد الأزمة سيطول ولا نهاية لها في الأفق، بل إن الأمر ازداد تعقيداً وربما أعطى دفعة معنوية غير متوقعة للنظام السوري.
أي متابع يستطيع أن يلاحظ أن السياسات الأميركية في الشرق الأوسط بصفة عامة وفي منطقتنا العربية على وجه الخصوص لم تكن على المستوى الذي كنا نأمل، بل على العكس جاءت مخيبة للآمال متنافرة مع الوقائع على الأرض.
فمنذ بدايات التغيير في بعض الدول العربية ما أطلق عليه (الربيع العربي) لم نر موقفاً أميركياً يتماشى مع الأحداث بقدر ما كان موقف المتابع عن بعد ليشاهد ما يحدث، وهذا دور لا يليق أبداً بدولة تعتبر القوة العظمى الوحيدة، وإن كانت بدأت مؤخراً تفقد هذا اللقب، ويهمها ما يحدث في منطقة تعتبر الأسخن في العالم دون أي تحفظات، ومعرضة لأخطار جسام ما لم يكن هناك استراتيجية دولية للحفاظ على وحدة وأمن واستقرار دولها، وما نراه أنه لا استراتيجية أميركية تتماشى مع أحداث المنطقة بقدر ما هو تعامل مع الأحداث لحظة وقوعها ما يعني أن رد الفعل لا يكون مبنياً على نظرة بعيدة المدى مما يعيق التعامل والتفاعل مع أحداث متسارعة لا يمكن التنبؤ بوقوعها.
ولا تقف السياسات الأميركية الخارجية عند مستوى التعامل اللحظي وإنما تتعداه إلى التراجع عن مواقف سبق الإعلان عنها ويتمثل ذلك في قضية الأسلحة الكيماوية السورية عندما أعلن الرئيس أوباما أن تلك الأسلحة إنما تمثل خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه، ومع ذلك تم تجاوزه، وتبرير ذلك التجاوز بما لا يليق.
أيضاً الموقف الأميركي من الأحداث في مصر لم يكن بالموقف الذي كان من الممكن أن يساعدها في مرحلتها الانتقالية التي أرادها الشعب، بل ذهب إلى الوقوف في وجه التحول السياسي الديمقراطي الاجتماعي في مصر، ومن ثم عادت وغيّرت تلك الاستراتيجية السياسية لتتوافق مع ذلك التحول في دلالة أن موقف الولايات المتحدة من الأحداث الكبيرة التي تمر بها المنطقة العربية إنما هو موقف (هلامي) يتشكل ويتغير وهو ما لم نعتده من واشنطن.
نحن لا نطالب الولايات المتحدة أن تكون سياستها كما نريد فهي بالتأكيد لها مصالحها التي تحركها، وتبني عليها استراتيجياتها، بل نحن فقط نطالبها بأن تكون سياستها في المرحلة الحالية على أقل تقدير متوازنة، فهي بلا أدنى شك قوة عالمية لها وزنها وبصماتها في تسيير الأحداث، لذا وجب عليها أن تضع في عين الاعتبار أن مصالح المنطقة العربية واستقرارها يصبان في مصلحتها، وعليها البدء في البعد عن المواقف السلبية التي من الممكن أن ترتد أضرارها على الجميع.