خيارات صعبة

يوسف القبلان

    بعد أن تركت المنصب الرسمي كتبت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كتاباً بعنوان (خيارات صعبة) ذكرت فيه أنها كانت ضد غزو العراق، وكانت تعارض سياسة أوباما تجاه سورية.

حين قرأت ذلك تذكرت عبارة تقول (أن تكون على صواب في وقت غير مناسب يساوي أن تكون على خطأ) وهي مقولة تنطبق على كثير من المسؤولين في أمريكا وغيرها من الدول حيث تتناقض الأقوال والأفعال تبعا لموقع المسؤولية.

وحيث إن تلك الملاحظة تنطبق على كثير من السياسيين في أمريكا تحديدا فإن أحد الأسباب التي يمكن أن توضح مسلسل التناقض هو السياسة الأمريكية ذات الطابع الاستراتيجي الذي يعتمد على مراكز الأبحاث والتقارير الاستخباراتية ومداولات الكونجرس وعلى سياسة ذات ثوابت لا تغيرها الآراء الفردية.

السبب الثاني المحتمل هو سبب تجاري حيث أصبحت كتب ومحاضرات السياسيين تدر الملايين ومن أهم شروط نجاح هذه التجارة طرح آراء معارضة للسياسة الرسمية.

السبب الثالث وهو سبب قوي وشواهده كثيرة على مر السنين وهو ضغوط اللوبي الصهيوني وخاصة فيما يتعلق بقضية فلسطين.

ومن هنا نستطيع فهم خلفية (خيارات صعبة) وسوف تكون الفرصة متاحة للسيدة كلينتون في الانتخابات الرئاسية القادمة، فاذا قدر لها الفوز بمنصب الرئاسة فسوف تجد نفسها أمام بعض الحرية في اتخاذ القرارات ولكن الخيارات ستكون أصعب، وسوف تجد أنها بحاجة لسماع رأي آخر والى مستشار أو مساعد لا يتفق معها في كل اختياراتها وقراراتها.

السيدة كلينتون لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، سبقها سياسيون كثر بما فيهم أمين عام الأمم المتحدة السابق كوفي عنان الذى امتلك الشجاعة بعد أن ترك المنصب وانتقد سياسة أمريكا وقراراتها الأحادية وأساليبها المخالفة لحقوق الانسان في العراق وفي غوانتانامو. وكان مما قاله السيد عنان أنه لا يمكن لأي دولة أن تضمن أمنها من خلال السعي الى السيطرة على الآخرين. ومما قاله أيضا إن على الدول النامية أن يكون لها صوت أقوى داخل المؤسسات الدولية لا سيما في مجلس الأمن الدولي الذي يعكس الواقع السائد عام 1945 وليس واقع اليوم.

وكان يقول : إن الأمريكيين كباقي الانسانية بحاجة أكثر من أي وقت مضى الى نظام عالمي يمكن للشعوب أن تواجه بموجبه معا التحديات مثل انتشار الأسلحة النووية والتغيرات المناخية والارهاب وانتشار الأوبئة.

ويقال إن السيد عنان رفض اجتياح العراق عام 2003 لكنه اختار الصمت بدلا من الانسحاب أو المواجهة وحين عبر عن موقفه بعد ترك المنصب فسوف يسمع نفس العبارة السابقة (أن تكون على صواب في وقت غير مناسب يساوي أن تكون على خطأ).

لقد كان كوفي عنان مثله مثل السيدة كلينتون أمام خيارات صعبة، لكنها تفوقت عليه.

http://www.alriyadh.com/946500

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك