القادرون على التمام

شريفة الشملان

    (ولم أرَ في عيوب الناس عيباً.. كنقص القادرين على التمام)

بيت المتنبي هذا يتكرر في عقلي منذ مدة طويلة خاصة فيما يتعلق بالتعليم وأدواته، ومناخه العام، وما يخصص له من ميزانية، التعليم أقصد بكل ما يمثله: التعليم العام، والعالي، والمهني، والبحوث العلمية وما يتعلق بها وعلاقتها ببعضها وكذا علاقتها مع المحيط العام، سواء بيانات وإحصائيات للوزارات المختلفة ومن ثم هذه الأخيرة تستفيد مما يقدم لها.

لم يعد التعليم بسيطا كما كان سابقا، ولكنه أصبح سهلا، بسبب التقنية الحديثة وسهولة البحث عن المعلومة، مع وجود برامج مساعدة وإمكانية عمل برامج خاصة وتطويرها. لم يعد عمل بحث أو تقرير علمي يأخذ جهدا كبيرا من الطالب فالمصادر بين يديه والامكانات، وما عليه إلا الربط والتفكير بالنتيجة التي يجب أن يجدها بذاته أو يصحح ما وجد.

لازال هناك مرسل ومتلق وبالأحرى مرسلون ومتلقون، وقد تتغير المعلومة أو الطريقة وهنا مهمة الأستاذ الذي هو بالنسبة للصف أيا كان الصف، هو المنظم للعملية التعليمية، وقد يكتشف مع تلاميذه طرقا وتطورا للأساليب واسعة أرحب من الجو الصفي بكثير.

عندما نتكلم عن المدارس من الروضة والابتدائي وصولا للجامعي لابد من إعادة تنظيمها حسب مستجدات التقنية الحديثة. طبعا لا غنى عن الورقة والقلم، ولا غنى عن تعلم الخط وإتقانه وهذا حق أساسي، وبقاء للغة الأم وحفظ للأجيال، إنما التقنية الحديثة ضرورة بكل ما يتعلق بالصف، من اللوح الإلكتروني وأجهزة العرض، وكل الوسائل التوضيحية، ولا ننسى فائدتها في دروس العلوم والرياضيات، كما في الفلك والجغرافيا والجيولوجيا.

إذا كان العلم بحرا فإن التقنية قد سبرت جزءا من أعماقه، ومن حق ابنائنا الاستفادة من ذلك، لذا لابد من تغيير أدوات العملية التعليمية، حيث يتعلم الطالب ويتمتع من خلال هذا التعليم، والمتعة هي التي تدله على آفاق جديدة للمعرفة،

لذة التخيل تقود للذة الاكتشاف، قد نطمع بأن نجد لدينا مكتشفين ومخترعين، فعقولهم ليست أقل من غيرهم.. ولكن قبل كل ذلك تهيئة التقنيات المناسبة، وبذل ميزانيات أكبر للتعليم.

لقد ذكرت الوزارات في بداية المقال، والوزارات في مهماتها التنفيذية تحتاج لإحصائيات ودراسات، كما يحتاج بعضها إلى بحوث كبيرة وهذه البحوث والتي تعمل عليها الآن مراكز البحوث ذاتها تحتاج إلى قوى شابة وعقول تستوعب أكثر، وتعويد الشباب على منهج الشك وصولا للإثبات هو الذي سيغير الكثير من الأنماط البحثية، فيما يتعلق بالأبحاث العلمية. ولعل وزارة الصحة أكثر شيء تحتاجه. فلقد رأينا عمليا ماذا كان من وباء كورونا. كما أن عمل خارطة لاحتمال دائرة انتشار الأمراض يُسهل على الصحة الوقائية عملها.

إن وجود مراكز أبحاث كبيرة لدى الجامعات، وبطاقات بشرية وتقنية يساعد الجهات التنفيذية على إداء مهماتها على الوجه الأكمل.

كل شؤون الحياة متعلقة بالتعليم، منذ لحظة وصول الصغير لبوابة المدرسة، والمفروض بوابة الروضة حيث تعده وتجهزه للابتدائية. وهذه شبه معدومة كمرحلة حكومية وإجبارية، يتوفر فيها كل ما يحتاجه الطفل لتفتح ذهنه للعالم القادم.

لقد شرحت وشرح غيري وليس غريبا وضع الابتدائيات على كل أب وأم، والتي تحتاج لإعادة تنظيمها من ألفها ليائها. انطلاقا من ذلك للمراحل الأخرى التي تكبر وتكبر احتياجاتها وتكملة ما ينقصها من التقنيات اللازمة لها مع تحديث البيئة العملية والمكانية، من بدايات التعليم إلى كل الجامعات ومراكز البحوث التابعة لها.

أعود لبداية المقال، كيف نكون بهذه السعة المادية من مال ومن أراض، ولا تتجدد البيئة العلمية والعملية من أساسها، وقد تأخرنا كثيرا، بحيث بتنا نخشى أن ينضب البترول والبنية التعليمية مكانك سر.

نحن بكل ما نملك قادرون على الكمال، هذا الكمال والتكامل هو ما نريده فالتأسيس بالتعليم هو ضمان للعقل المبدع والمفكر والذي لا شك سيوجد لنا بدائل كثيرة من استثمارات فيما لدينا، تفي عندما ينقص البترول أو يذهب بلا عودة.

http://www.alriyadh.com/943447

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك