رياح كراهية وعنصرية من هولندا!
الحقد الخاص والكراهية، والادعاء بحرية الرأي، هي أحد أسباب القطيعة بين الشعوب، ومشكلة أوروبا أنها تعطي الحرية كأمر مقدس، وتصونها وتدافع عنها دساتيرها وقوانينها، غير أن الحرية في إطارها العام تعد نسبية، أي أن لا تكون سبباً في دعم التمييز بين الأعراق، أو احتقار مقدساتها والإساءة إليها، وهولندا التي تعد من الدول الأوروبية الصغيرة ليست بذاك الحجم الذي يجعلها تؤثر في سياق العلاقات الدولية، أو اقتصادها، وكأي بلد بهذا الحجم يمكنه أن يطور علاقاته على جميع المستويات أسوة ببلدان أخرى تملك إمكانات التبادل التجاري والسياسي بدون حساسيات مفرطة تجني منها خسارة إنسانية واقتصادية..
«فيلدرز» قام بحركة استفزازية عرض فيها علم المملكة ونزع منه الشهادتين وكتب عليه «الإسلام كذب، ومحمد مجرم، الإسلام سم» وحين نورد النص المسيء لعقيدتنا ونبينا فنحن هنا نريد إعطاء السبب الذي جعل رد الفعل السعودي سريعاً بوقف العديد من المعاملات مع الشركات الهولندية، وتحديد عدد التأشيرات طالما لم تحترم قوانين هولندا حق الدفاع عن المعتقدات الدينية، واحترام حريات الشعوب بدون طرح عنصري متجن يتحدى أكثر من مليار مسلم، وقد رأينا هذه الموجات تتصاعد مستهدفة أغلى ما يربط الإنسان المسلم بمعتقده في وقت يستحيل الإساءة لأي نبي من الأديان التوحيدية، أو تحقير أي شعب انتهج ديناً قد لا يتفق مع الإسلام من قبل أي مسلم..
الحرية الشخصية التي تزعم أوروبا أنها حق مشروع، لا اعتراض عليها في حدود المفاهيم المتعارف عليها، ولكن إذا كان يوجد في صلب دساتيرها مكافحة التمييز العنصري، وإدانة أي نشر للعداوات والكراهية، فكيف تصنّف هولندا سلوك «فيلدرز» الذي يقود تكتلاً حزبياً له جمهور متأثر بأفكاره وطروحاته، أسوة بأصحاب الدعوات الشبيهة، والتي سعت لاستفزاز أصحاب الأديان بأعمال أقرب للهمجية؟!
ما الذي تستفيده هولندا من تصريحات كهذه، هل تريد إضافة بعد آخر لما يطرحه المتشددون الإسلاميون من أن الغرب عدو ثابت ضد المعتقد الإسلامي، وأن حروبه الدينية لا تزال مستمرة وإن استترت بغطاء مبدأ إتاحة الحريات للجميع، ثم هل يريدون وضع هولندا على لائحة الاستهداف باعتبارها بلداً أتاح لإحدى شخصياته الاجتماعية التجرؤ على سبّ الإسلام ونبيه، وهل تعتقد أن رد الفعل المساوي إذا جاء من المملكة أو انتشرت دعوات تدعو لعقابها هو من الأمور التي يمكن تسويتها دبلوماسياً، أو بعذر، أو التمسك برأي مواطنها بعدم إدانته قانونياً وأخلاقياً على إساءاته؟
نعرف أن في أوروبا تسامحاً في حرية المعتقد وبناء المساجد وإدانة التفريق بين الأجناس، لكن استفزاز المسلم وبدون دواعٍ فإننا نعتقد أن ذلك يدفع إلى إلهاب الرأي العام الإسلامي بالتساؤل عن الفائدة من خلق توترات لرجل مريض بكراهيته لعقيدتهم..
لم يقل أحد بأن هولندا تحكمها دكتاتورية أو نازية جديدة، ولكنها ليست قلعة الحرية إلا في حدود ما نفهم من نظمها المطبقة على شعبها فقط، وسجلها التاريخي ليس نظيفاً أمام مستعمراتها ولذلك فالخطأ لا يحمل لشخص وتنظيم فقط، وإنما للدولة التي ترعى القوانين وتحميها وتحمي معها مراعاة حقوق الآخرين..