الأرهاب بين الرأي العلمي والخطأ العلمي
أيها الأحباء والحبيبات:- حين دخلْتُ معمعة الترشيح للمجلس النيابي/ هذا العام\ دخلْتُ مناقشات كثيرة؛ دارت بيني و بين مَن هو واضح أنهم متعلمون بصورة مناسبة، وكُنْتُ أعاني معهم من مشكلة التفريق بين الرأي العلمي، والخطأ العلمي، فالكثير منهم يتصوّر الشتم؛ رأيا، وبعضهم يظن الاتهام الظالم بما لا يملك عليه دليلا؛ رأي، وواضح أن هناك فارقا بين الرأي والاتهام، كما أن هنالك فرقا واضحا بين الرأي والشتيمة، وهنا يبرز الفارق المهم، بين الرأي العلمي، والخطأ العلمي، وهو ما كتبْت عنه ونشرْته؛ قبل نحو تسع سنين؛ مقالا عنوانه:-الأرهاب بين الرأي العلمي والخطأ العلمي
حين وقعت الأحداث الأخيرة، وتداعى الناس لمباشرة الديمقراطية؛ تصوّر الكثيرون أن الديمقراطية؛ أن يقول الإنسان أي شيء، بغض النظر عما إذا كان هذا المقول؛ صوابا أو خطأاً؛ مقبولا أو مرفوضا، ففي الديمقراطية يكون للإنسان أن يقول ما يشاء, وفي ظل الحرية؛ يحق له أن يفعل ما يشاء، ورغبة في مناقشة هذا المفهوم؛ أحببت أن أناقش هذا الموضوع، كما ناقشته يوم حضرت أول محاضرة ألقيتها على طلبتي، وأنا أدرسهم مادة المكتبة ومنهج البحث العلمي، في هذه المحاضرة؛ ناقشت الفرق بين الرأي العلمي والخطأ العلمي /و هو ما يختلط عند الكثيرين\ وموجز الأمر أن الخطأ العلمي أن يقول القائل مثلا أن هارون الرشيد لم يولد بعد، وأنه سيولد بعد كذا من السنين، فليس لأحد /هنا\ أن يقول:- (هذا رأي علمي) لأن التاريخ قد أثبت وجود رجل يدعى هارون الرشيد؛ كان له موقع في الحياة العباسية؛ في وقت محدد، فلا يعقل أن يكون له كل ما له و عليه كل ما عليه ثم لا يكون موجودا، لكن أن نختلف حوله، فيرى فيه أحدنا رأيا مستندا إلى وقائع، ويرى الآخر رأيا آخر يستند إلى وقائع أخرى أو إلى الوقائع نفسها، لكن بقراءة أخرى، فهذا رأي علمي، وهو أمر نستطيع توضيحه من خلال هذا الموضوع، فقد دخل الأمريكيون بلادنا بحجج متعددة؛ منها التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل، ومنها تخليص العراقيين من ظلم صدام حسين، ومنها ومنها، ثبت أن صدام حسين؛ كان قد سلم أسلحة الدمار الشامل كلها إلى لجان التدمير، فدمرتها بأموال عراقية، ثم جاءت لجان التفتيش الأخرى/لا لشيء\ إلا للإذلال، فقد دخلت كل مكان كانوا يعدونه سياديا أو شخصيا، حتى أنهم فتّشوا القصور الرئاسية التي لا يعقل أن يكون فيها سلاح دمار شامل خوفا على الظالم لا لسبب آخر، واكثر من ذلك، فقد فتّشوا حتى غرف نومه، ومن يدري ماذا فتّشوا أيضا، فلما تاكدوا من عدم وجود سلاح دمار شامل، وصوروا أهم المعسكرات العراقية؛ اقتحموا العراق؛ خلافا لآراء كثيرة في هذا المضمار، رأي قابل للمناقشة، قد يكون صوابا وقد لا يكون، لكنه /على كل حال\ رأي؛ يترتب عليه أن الولايات المتحدة؛ لم تأتِ بخدعة بعض العراقيين، لكنها جاءت بعد التأكد من عدم وجود سلاح دمار شامل؛ هذا الرأي/إن صح أو لم يصح\ لا يترتب عليه أكثر من قراءة واقعة تاريخية؛ على أساس منطقي تحليلي، هذا رأي علمي /إذاً\ قد نتفق على صوابه أو نخالفه، وهو رأي إنساني اجتهادي؛ قد يكون صوابا وقد يكون خطأا، لكن ماذا حول اجتهاد في شيء يسمى (المقاومة) هذا الاجتهاد؛ إن تم الاتفاق عليه، فستترتب عليه أمور، وإن اختلف حوله، فستترتب أمور أخرى، إذ ما هي المقاومة اولاً؟
و لمن وفي سبيل ماذا؟
هذه أسئلة خطيرة، كي تتم المقاومة الفعلية، فلا بد من الإجابة عنها بوضوح وجدية، حتى يكون الأمر واضحا للجميع، وحتى يتخندق كل منا في الخندق الذي يناسبه، بغض النظر عن التسميات التي يسمى بها.
إن الجهاد دفاعا عن الوطن؛ واجب؛ هذا أمر لا نقاش حوله /وإن ناقشه المناقشون\ بل إن السيد (جورج بوش) أقر بأن من حق الشعوب الدفاع عن نفسها ضد المحتلين؛ من هنا فقد قاتلت الدبلماسية الأمريكية القتال الشديد؛ بغية تحويل القوات الأمريكية من قوات احتلال إلى قوة من مجموعة قوات متعددة الجنسية؛ هنا رأي لكل منا أن يفهمه فيقبله أو يرفضه، ترى هل أن الولايات المتحدة الأمريكية اليوم؛ قوة محتلة كما كانت في 9 نيسان 2003 أم صارت قوة صديقة بموجب قرارات الأمم المتحدة؟!
والمؤكد أن الناتج عن كلا الرأيين مختلف اختلافا جديا، لكن هل يقبل عاقل أن تكون محاربة الاحتلال؛ بقتل العراقيين؟!
الجواب بالإيجاب عن هذا السؤال؛ يجعلنا بإزاء مشكلة، فإذا كان الذين يريدون تحرير العراقيين هم أنفسهم قتلتهم في الماضي والحاضر؛ يساعدهم المفسدون على هذا التحرير؛ لذا فهم لا يعلنون عن أنفسهم أو يعلنون عنها متسترين بِسُتُر لا تكشف هوياتهم الحقيقية، فهل على العراقيين مساندتهم؟!
إن هناك من يظهر على شاشة العراقية، ليدعو للقتلة، وليدافع عنهم، وليصورهم مجاهدين، ومع ذلك فلا أحد يُسائلهُ أو يرد عليه؛ ترى من الذي يجب أن يُساءل؟!
و من الذي يجب أن يجد من يرد عليه؟!
لا بد أن تتوجه المساءلة للإرهابيين الذين يقتلون العراقيين، هؤلاء الإرهابيون الذين قتلوا العراقيين يوم كانوا في السلطة، والذين ما يزالون يقتلون العراقيين على الهوية أو بسبب رفضهم الفساد و الإفساد، هل يمكن أن يكونوا البديل الصالح للمحتل؛ بغض النظر عما نسميه أو نسميهم؟!
وإذا قال قائل:- (نطرد المحتل، ثم نحل مشاكلنا) هنا سيحق لنا أن ننتساءل:- ولماذا لم تحلوا مشاكلنا قبل الاحتلال؟!
أكنتم تمهدون للمحتل، حتى تاخذوا راحتكم في ترويع العراقيين علنا وبلا رحمة على عادتكم؟!
ثم هل كان موقفكم من العراقيين بعد الاحتلال؛ خيرا منه قبل الاحتلال، حتى نصدقكم؟!
أقاتلتم المحتل أم قتلتم العراقيين وخربتم بلادهم أكثر ما كانت مخربة يوم تسلطكم؟!
إن من حق المواطن أن يطرح هذه الأسئلة، حتى يقوم رأيه على أساس علمي، ثم لماذا تخافون الانتخابات، وقد فزتم بها مرارا وتكرارا بنسبة خيالية؛ لم يسمع بها من قبل ألا وهي 100%.
هل تريدون انتخابات؛ تحقق لكم هذه النسبة؟!
إن من حق الإنسان أن يفكر ثلاث مرات؛ قبل أن يقبل شروطا من هذا القبيل، إنني أفهم أن المحتل خصم، فأتوقع منه الكثير من الظلم، ولكن ما بال أخي يظلمني؟!
ولماذا ينبغي لي أن أقبل ظلمه؟!
لقد اعتاد الكثيرون أن يظلموا إخوانهم، وكأن ظلم الأخ أمر طبيعي، وقد تنبه إلى هذا شعراء عرب قدامى كثيرون؛ ناهيك عن المحدثين، فقد قال طرفة بن العبد:-
وظلم ذوي القربى أشدُّ مضاضةً على المرء من وقع الحسام المهند
وإذ يطلق طرفة حكمته هذه المعبرة عن معاناته؛ تجد معاناة أشد، حين يقتل قوم الرجل أخاه، فماذا يفعل؟!
قومي همُ قتلوا أميمَ أخي فإذا رميتُ أصابني سهمي
فلئن عفوتُ لأعفوَنْ جللاً ولئن قَتلتُ لأوهننْ عظمي
هذه هي المشكلة، لماذا أقبل الظلم؛ سواء جاءني من أخي أو جاءني من غيره؟!
ولماذا يكون ظلم أخي حلوا؛ في حين يكون ظلم الآخر مرا؟!
إن الله سبحانه وتعالى؛ لم يفرق بين الظالمين، بل جعلهم جميعا؛ في موضع واحد هو أنه لا يحبهم:- (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)(آل عمران: من الآية57) بل ظم الظالمين إلى المفسدين من حيث عدم حبهِ لهم حين قال:-
(وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ)(البقرة: من الآية205) فالظالمون و المفسدون /أياً كانوا\ صنف واحد من حيث بغض الله سبحانه و تعالى لهم، حتى لو كانوا من الإخوان،
من هنا قال الشاعر الشعبي:-
اخوي الما نفع روحي وانا حي ما اريده ابردات التراب
والمشكلة أنهم لا يحضرون حتى ردات التراب على إخوانهم، إنهم يكتفون بقتلهم وإلقائهم في النهر مثقلين بالحجارة، أو يلقونهم في الشوارع بلا غطاء، إنهم الأبطال المجاهدون؛ الذين يخافون انتقام الشعب؛ أكثر من خوفهم من انتقام الحكومة أياً كانت؛ وهم؛ يتخفون وراء النساء أو في مساجد الله، حتى إذا ما أرادت جهة ما أن تأخذهم؛ زعموا أنها روعت النساء أو هاجمت بيتا من بيوت الله التي لم تجد منهم احتراما يوما، حتى أنهم فجروا الجوامع والحسينيات، بعد أن كانوا لا يجيزون إنشاءها، وهنا في بغداد جامع يعرف بجامع المصلوب؛ هل تساءل أحد لماذا سماه الناس هذا الاسم؟!
لقد سماه الناس هذا الاسم لأن أول مؤذن فيه تم صلبه لقوله بولاية علي بن أبي طالب؛ ابن عم الرسول وزوج البتول، وفاتح باب خيبر ومجندل عمرو بن عبد ود العامري، هؤلاء الظالمون؛ هم آباء هؤلاء الظالمين، فماذا يمكن القول؟!
لقد اتخذوا بعض مساجد الله مخازن للسلاح، وجعلوا أئمتها أئمة ضلال، فحق عليهم ما جاء في الآيات الكريمة:- ((وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ * الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)) (من سورة البقرة الآيات 190-194)، تلك الآيات التي تبيح للمسلمين القتال إذا كان الظالمون في المساجد بل وحتى لو كانوا في الشهر الحرام، إنهم ينكرون على الشعب ان يحمي نفسه و يأمرونه بالصبر على ظلمهم، لكنهم لا ينكرون على الحجاج بن يوسف الثقفي أن يقتل ابن حواري رسول الله في الكعبة المشرفة؛ هل يذكرون ذلك؟!
هل يعلمون من أول من هدم الكعبة المشرفة في الإسلام؟!
إنه الحجاج بن يوسف الثقفي؛ على عهد عبد الملك بن مروان؛ يوم ضربها بالمنجنيق، لأن عبد الله بن الزبير؛ كان متحصنا فيها، فأصابتها النار وما القاه عليها المنجنيق من مشتعل الحجار، وإذا أنكر أحد ذلك فليذكر قول ذات النطاقين لجند الظالم حين صلب ابنها ثلاثة أيام فقالت:-أما آن لهذا الفارس أن يترجل؟!
فإذا كان الله قد أمر بمقاتلة الظالمين الذين يقاتلون في المسجد الحرام وفي الشهر الحرام، وإذا كان آباؤهم قد قاتلوا ابن حواري رسول الله الذي كان كذلك ولدا لذات النطاقين /أسماء بنت أبي بكر الصديق\ ترى ألا يحق للشعب أن يخرج الضب من جحره الذي دخله لا إيمانا ولا احتسابا، ولكن ليحرج الناس، فلا يستطيعون إخراجه؟!
هنا يجل المسجد عن التدنس، وينبغي إخراج الظالمين منه ولو بالقتال؛ استنادا إلى قول الله تعالى:- (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(البقرة: من الآية229).
فهذا رأي علمي و ديني، فماذا يمكن أن يقال فيه و هم يزعمون أنهم مسلمون، و يكفرون عباد الله الآخرين؟!
- See more at: http://www.alnoor.se/article.asp?id=242896#sthash.mPEAgcDu.dpuf