قوى العمل ومنظمة العمل الدولية إحباط داخلها ومعاناة خارجها

 ( أمام بطولة الأعمال باطلة هي الأقوال )

       هذا قول أو بما معناه كنت ومنذ زمن قد سمعته أو قرأته قفز اليوم من مخبئه في عمق ذاكرتي ليعلن عن نفسه حين حاولت الكتابة عن استخلاصي لما شهدته وسمعته في اجتماعات وقاعات وأروقة المؤتمر السنوي لمنظمة العمل الدولية ومتذكراً أيضاً ما قاله جبران خليل جبران يوماً حين أكد بأن " ليس من يكتب بالحبر كمن يكتب بدم القلب " وأن " آذان العالم قد انصرفت عن همس الضعفاء وأنينهم " .

كان ينتظر كل عام نتائجه ويترقب بتفاؤل حصاده أعداد كبيرة من الفعلة الاقتصاديين وقوى العمل والمسؤولين الحكوميين المعنيين بالشأن الاقتصادي والاجتماعي وقضايا العمل والعمال تناقص الاهتمام على مر السنوات ولكن لا يزال البعض من هؤلاء يتابع ويهتم لينعم بحظوة  وامتياز أن يكون ضمن الوفد المشارك به ناقلاً أميناً لهموم ومطالب من يمثلهم مدافعاً صلباً عن مصالح وسمعة الجهة التي أوفدته حكومة أو منظمة نقابية من جهة أو مترفاً مدللاً يحظى بسياحة مجانية ومدفوعة من الجهة الموفدة دون أن ينشغل كثيراً بالمؤتمر وجدول أعماله واجتماعاته الطويلة المرهقة من جهة أخرى ..   

     وحدهم الصناع الحقيقيون للتنمية والزارعون للخيرات والبناءون للاقتصادات الوطنية هم المغيبون بنتاجاته العملية غالباً والذين يأتي انعقاد مؤتمر العمل الدولي وجدول أعماله ونتاجاته في آخر اهتماماتهم حيث عظمة أعمالهم في بناء الاقتصادات والأوطان ومرارة همومهم تستهلك وقتهم وجهدهم وتفكيرهم وحيث يتجوهر فعل ساعدهم وعرقهم وعصارة خبرتهم ثماراً وخيرات وسلعاً وخدمات لصالح ابن الإنسان .

     بالأرقام على صعيد الحضور والمشاركين في المؤتمر السنوي لمنظمة العمل الدولية وبساعات عمل الجلسات العامة واجتماعات اللجان وبكم لقاءات الخبراء واللقاءات التشاورية وبمستوى الحضور الرفيع للمهتمين والمعنيين بعالم العمل والعمال ومداخلاتهم وكلماتهم هو مؤتمر عمل دولي كبير ، ذلك الذي ينعقد سنوياً في كل من مبنى منظمة الأمم المتحدة ، وفي مقر منظمة العمل الدولية بجنيف حيث أجتمع في دورة الانعقاد لهذا العام على سبيل المثال     ما يزيد عن ألفين وثمانمائة مشاركاً بينهم وزراء ومعاونوهم ومستشاروهم ورؤساء وأمناء عامين منظمات أرباب العمل وزملائهم وكوادرهم وكذلك الحال بالنسبة لمنظمات العمـــــــال

 

بالإضافة لحضور ممثلي العديد من الهيئات والمنظمات الدولية والإنسانية ، كما يستضيف كل عام واحداً أو أكثر من ملوك ورؤساء دول العالم كضيف شرف ..

    ولكن السؤال المشروع الذي يطرحه البعض مشاركين أو مراقبين أو باحثين وهم يتابعون  لأجواء عمل ووثائق ومناقشات مؤتمر العمل الدولي ونتائجه هو : هل مؤتمرات العمل الدولية السنوية هي منصات البحث العميق الموضوعي لأسباب وجوهر أزمات عالم العمل وتحديات الاقتصاد المعولم ؟ وهل هي مختبرات تركيب وصنع الفعل المواجه أم هي منابر استعراض نتاجات بحثية ودراسية يجري فيها تناول عدد من عناوين الاهتمامات والإنشغالات السائدة في عالم العمل ويمارس في قاعاتها واجتماعاتها البعض من نخب المهتمين بقضايا العمل وممثلي الشركاء الاجتماعيين تمارين ذهنية وفكرية وتبادل الحوار والجدل في إطار ساحة تختزل وتعبر عن صراع المصالح وتباين الآراء والمواقف حول إشكاليات العمل ومسائل الاقتصاد  والاجتماع والسياسة ومن منظورين مفترقين في رؤيتهما وتحليلهما للتطورات والأحداث ولأسس وشروط العلاقة العقدية التي تربط طرفي الإنتاج المتمثلين بالعاملين بأجر ومنظماتهم من جهة وأرباب العمل وتنظيماتهم من جهة أخرى على مستوى مكان العمل ، مع الإشارة إلى أن ما يميز جدال ومناكفات ومناكدات الفرقاء في هذا المحفل هو امتدادات هذا الافتراق أفقياً وعمودياً إلى مجالات متعددة وشمولها مستويات وطنية وإقليمية ودولية وفي ميادين السياسات والتشريعات والتطبيقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .

       وفي هذه الساحة الدولية داخل أحدى أهم الوكالات المتخصصة بعالم العمل داخل منظومة الأمم المتحدة يبرز بجلاء موقع ورؤية الشريك الاجتماعي الثالث المتمثل بالحكومات لقضايا العمل والتشريعات وممارساتها في مجال الحقوق والحريات النقابية وجهة اصطفافها الحقيقي ومواقفها المعلنة تجاه تعارضات وإشكاليات الداخل بين الشركاء الاجتماعيين على المستوى الوطني وتجاه تناقضات وصراعات الخارج بين الأطراف المختلفة الفاعلة في عالم العمل وفي الاقتصاد والسياسة على المستويين الإقليمي والعولمي .

إنه ثابت ما يؤكده العديد من المتابعين لسير عمل منظمة العمل الدولية وكذلك تحليلات مراكز البحوث والدراسات بان العولمة قد فرضت على هذه المنظمة أعباء ثقيلة وتحديات جسيمة، وتعرضت للتشكيك أو التساؤل - على الأقل - مسألة قدرتها على تحقيق أهدافها النبيلة ومدى إمكانية تجسيدها للقيم العليا التي قامت عليها هذه المنظمة وخاصة في ظل ما ساد ويسود    

 

 فيها حتى الآن وخاصة خلال العقدين الأخيرين من محاولات هيمنة واحتواء ووصاية وعمليات إقصاء وتفرد .

      القيمون على المنظمة والمخططون لطبيعة واتجاهات مسارها وحجم دورها حاولوا ونجحوا في محاصرتها ضمن عناوين اهتمامات وشعارات قيمية براقة وبكم هائل من الورقيات والوثائق وكبلوها بشبكة من التنظيمات والترتيبات الإجرائية يقودها وينفذها خبراء وموظفون بيروقراطيون من داخلها ومؤسسات كبيرة ومقتدرة من الخارج يصنعون خفاءاً وعلناً مظهراً جميلاً من الهيئات والمناصب التمثيلية ولكنهم يوصلون إليها البعض من أكفاء الموالين والكثير من مجرد التابعين العاديين الذين يرسمون ويتشكلون داخل لوحة فسيفساء تمثيل الفرقاء الثلاث : ( حكومات – وأرباب عمل وعمال )  ضمن انتماءات وولاءات يجري العمل أحياناً كثيرة بجفاء وغلظة لأن يكونوا من لون واحد وانتماء دولي نقابي واحد أو مجرد من يصلح لأن يكون حضوراً صامتاً متوافقاً مع وممرراً لما يقرره ويخطط له ممثلو المتنفذين من المجموعات   الثلاث.

    إن التطورات الأخيرة في مسار العولمة وتفاقم أزمات التنمية وشدة التحديات التي تواجه قوى العمل والحالة الاجتماعية المتراجعة وانحسار فعالية منظمة العمل الدولية وعجز مؤتمراتها السنوية عن الوصول إلى تطوير وتفعيل دور وحضور المنظمة في معالجة مشكلات العمل تجعلنا نعتقد بأن هناك اتجاهات ومحاولات لتحويل هذه المؤتمرات إلى مجرد ندوات حوار دولية تهتم بقضايا العمل والعمال وتساهم بتسهيل عمل مؤسسات العولمة واستثمارات رأس المال العالمي ولا سيما أن هذه المنظمة كانت ولا تزال مطالبة استناداً لأغراض ودوافع تأسيسها والنافذين فيها ومموليها لتحقيق استقرار علاقات العمل والسلم الأهلي والتنمية .

     إننا نعتقد بأن قوى العمل وتنظيماتهم تشارك هؤلاء المؤسسين والمسّيرين الحاليين للمنظمة رغبتهم في تحقيق هذه الأهداف وغيرها أيضاً ولكن العمال وحركتهم النقابية ونحن معهم طبعاً نعتقد بل نؤمن بأن كل هذا يجب أن يستند على قاعدة الإدماج الحقيقي لقوى العمل في معادلة الشراكة الاجتماعية والوطنية والتمتع المشترك بقطاف ثمار الإنتاج والتنمية والاستقرار وبخيرات الأوطان وبنتاجات التقدم الإنساني والتعاون الدولي . ونرى بان جهود ومحاولات استئثار النخب الاقتصادية والإدارية والحكومية المحلية والعالمية .بهذه الثمار وترك الفتات لكل الآخرين والإمعان بإفقار وإقصاء أعداد هائلة متزايدة من قوى العمل والإنتاج وشعوب العالم من شأنه أن يشوه كل نمو ويعيق كل تقدم في كل مكان ، ونرى بالتالي أهمية مواجهة المحاولات

 

المشينة والفاضحة لتسخير منظمة العمل الدولية في المساعدة على تمرير استراتيجيات وتطبيقات هذا الاستئثار وتدجين ممثلي الفرقاء الآخرين للتعايش مع المفاهيم المستحدثة التي تم استيلادها في مدرسة الليبرالية الجديدة المكرسة لحقوق ومصالح الأقوياء على الضعفاء ونصرة للأغنياء على الفقراء والانحياز للنخب والارستقراطيات الجديدة على العامة وجموع الناس والمواطنين وخدمة همجية وتسلط الدول الكبرى إن كانت سبع أو ثمان على الدول الصغيرة .

     إن الحركة النقابية الدولية والعربية ومنظماتها القطرية لم تستطع بعد أن تنتج ديمقراطيتها الواسعة وكينونتها المستقلة وحركتها الضاغطة من أجل تعزيز قوتها التفاوضية والدفاع عن مصالح عمالها وأعضائها وخاصة داخل المؤتمر والمنظمة والهيئات الدولية الأخرى كما خارجها فهي اعتادت أن تأخذ إذا أعطيت من النظام الرسمي إذا كان صديقاً ومتجاوباً مع التقدم الاجتماعي أو إذا أعطيت وتم دعمها من حلفائها من الأحزاب الحاكمة أو المعارضة . ولكنها في معظم الحالات وفي الغالب لم تكن تمتلك معظم المراكز والمنظمات النقابية المبادرة والجرأة والاستقلالية والقوة الكافية لتفرض الاستجابة لمطالب عمالها وأن تأخذ حقها وحقوق أعضائها ووفق برنامجها النضالي المطلبي والسياسي الذي اختطته المؤسسات والمؤتمرات النقابية .

     لا أحد يحق له أن ينكر أن منظمة العمل الدولية ومؤتمراتها السنوية رصدت وتابعت الكثير مما تعانيه قوى العمل وأطراف الإنتاج الثلاث من مشكلات وهموم وأزمات وساعدت البعض منهم في معالجة انعكاسات الخصومات والصراعات في عالم العمل والاقتصاد والسياسة وساهمت في حل جزء من الخلافات الناشئة بصدد الحقوق والحريات النقابية وتردي الأوضاع الاجتماعية وقامت بالتلويح بين الحين والآخر للسلطات الحكومية المعنية بالكشف عن انتهاكاتها وخرقها لمعايير العمل الدولية من اتفاقيات وتوصيات عبر ما تملكه المنظمة من صلاحيات وأدوات تقصي ومتابعة ولجان متخصصة وخاصة لجنة المعايير وخبرائها وكوادرها ، ولكن بالمقابل أثبتت حقائق وتجارب الأعوام السابقة ظرفية وانتقائية انشغالات هذه المنظمة وطغيان المعايير المزدوجة وتسييس المواقف وان اهتمامات المنظمة وخاصة القوى النافذة فيها ومستوى أداء القيمين على وضع خططها وبرامجها واتجاهات وفعالية عملهم لم ترتقي إلى مستوى احتياجات قوى العمل وضرورات معالجة أزمات عالم العمل الساخنة ، كما يغلب على طابع الخيارات لدى صياغة المواقف وصدور القرارات تجنب التصدي لجذور الأزمات ومسببيها الفعليين وبذل المحاولات الفجة لإقصاء الأصوات والقوى والمنظمات التي تصرّ على توجيه أصابع الاتهام لمن يخلق الاضطرابات والأسباب الحقيقية لنشوء وتفاقم أزمات الاقتصاد والتنمية

 

ومسئولية صناع الحروب والاحتلالات والأقتتالات والحصارات والضغوطات لأغراض الهيمنة والتسلط وتمرير المشاريع السياسية ومصالح الاحتكارات ..

       صحيح أن جدول أعمال مؤتمرات المنظمة ومجالس إدارتها زاخرة بعناوين ودراسات وتقارير تخص عالم العمل ، ولكن الوقت والجهد والكلف المالية المستهلكة في المنظمة وخلال المؤتمرات من قبل هذا الكم الكبير من موظفي وبيروقراطي المنظمة ومن أعضاء المؤتمر ووفود الدول المشاركة بأطرافها الثلاثية أكبر بكثير من النتائج العملية ومن المردود المحسوس لهذه الاجتماعات ولنتائج عمل الطاقم الفني والإداري الهائل وبعثات المنظمة التي تجوب بلدان العالم .

       كما أن هذه المؤتمرات يجري إغراقها بترتيبات إجرائية بيروقراطية وبأجواء كيد وخصومات مفتعلة تعكس موازين القوى خارج المنظمة وداخلها بين المتصارعين الكبار على النفوذ الاقتصادي والسياسي على مستوى الدول والأقاليم والعالم فيما بينهم من جهة وبينهم وبين القوى التي تمثل الحلقات الأضعف داخل المجتمع وفي الاقتصاد العالمي وفي عالم اليوم من دول ومجموعات وطبقات اجتماعية وخاصة عمال وشعوب العالم النامي من جهة أخرى .

      وعلى خلفية هكذا صراع مصالح وتنافس محتد في عالم توسيع النفوذ والهيمنة والمنافسة الشرسة يتحرك مندوبو هذه القوى داخل محفل منظمة العمل الدولية مثل خارجه ويتخذ ممثلو كافة الفرقاء مواقفهم وتلعب بعض المنظمات النقابية الدولية للعمال وأرباب العمل وعدد من حكومات الدول الكبرى الغنية والممولة للجزء الأكبر من ميزانية المنظمة دوراً محورياً في إعداد وصنع التوجهات والقرارات وتوزيع حصص المناصب والمواقع ورسم خارطة تقسيم منافع وإعانات ومساعدات التعاون الفني وتنفيذ برامج الأنشطة وخاصة العمالية على الدول والمنظمات الأكثر قرباً وموالاة للقوى النافذة ولأقطاب العولمة  .

     ورغم أن تشكيلات وأنظمة وإجراءات هذه المنظمة ذات التركيبة الثلاثية تؤكد وتحرص على التقسيم وفق الانتماء المستند إلى المجموعات بحيث يتمثل ويتوحد ممثلو العمال في مجموعة العمال ويتشكل أرباب العمل في مجموعتهم الخاصة وكذا ممثلي السلطات الحكومية المعنية بالعمل لتؤلف مجموعة الحكومات ، ورغم أنه نظرياً وافتراضياً تلتقي مصالح وأراء ومواقف أعضاء كل مجموعة وخاصة العمالية بصدد القضايا المطروحة وفي مواجهة المواقف المناقضة لمصالحهم الصادرة عن المجموعتين الأخيرتين وخاصة مجموعة أرباب العمـــــل ،  

 

ورغم أنه يفترض أن تكون مكونات مجموعة الحكومات في موقع أكثر توازناً وحيادية بصدد  اختلافات وتناقضات قوى العمل وأرباب العمل إلا أن المشهد السائد في عمل ومداخلات ومناقشات الجلسات العامة واللجان الخاصة بمؤتمرات العمل الدولية لا يجسد هذه الافتراضات والتحديدات النظرية ولا هذه التقسيمات التنظيمية إذ أن المتابع لهذه المؤتمرات يلمس في أحيان كثيرة تباينات حادة في المواقف داخل المجموعة الواحدة . والتقاء مواقف  ممثلي الأطراف الثلاثة للدولة الواحدة أو الإقليم الواحد وتكتلهم في مواجهة أحدى المجموعات أو كافة الآخرين في المجموعات الثلاث وخاصة في القضايا التي تمس الذات الوطنية أو القومية أو التكتلات القارية وذات البعد المصلحي المباشر والسياسي ولعل المواقف تجاه موضوع تقرير المدير  العام للمنظمة بخصوص تقصي الحقائق حول العمال وأصحاب العمل في فلسطين والأراضي العربية المحتلة يشكل أحد أبرز الأمثلة على توحد المواقف لشريحة واسعة من المجموعات الثلاث من جهة وانكشاف اصطفافات ضيقة للمتعاطفين مع قوى الاحتلال بالمقابل ودون أن يؤدي هذا المشهد الإيجابي لأية نتيجة ملموسة وعملية في صالح عمال وشعوب فلسطين وبقية الأراضي العربية المحتلة بل على العكس فقد شهدت السنوات الماضية تراجعاً في صيغة ومحتوى وشكل تنظيم الجلسة الخاصة بمناقشة تقرير المدير العام الخاص بهذا الموضوع رغم تزايد عنف الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته ورغم تعاظم تعاطف ومناصرة أغلبية متزايدة من أعضاء المؤتمر وخاصة من الفريق العمالي ، والحال كذلك بالنسبة للموقف من انعكاسات شن الحروب على التنمية والتشغيل والمآسي الإنسانية والاجتماعية في العراق وأفغانستان وقبلها في يوغسلافيا والانعكاس السلبي لتنامي العدوانية والحروب والعسكرة ليس على اقتصادات وعمال وشعوب هذه البلدان فحسب بل على بقية اقتصادات وعمال وشعوب وبلدان ومناطق العالم   أيضاً ، وهنا يحضرني تشبيهاً رائعاً ساقه الأديب والمفكر جبران خليل جبران في بداية القرن الماضي إذ   قال : " في فم الجامعة البشرية أضراس مسوسة وقد نخرتها العلة حتى بلغت عظم الفك ، غير أن الجامعة البشرية لا تستأصلها لترتاح من أوجاعها بل تكتفي بتمريضها وتنظيف خارجها وملء ثقوبها بالذهب اللمّاع . وما أكثر الأطباء الذين يداوون أضراس الإنسانية بالطلاء الجميل والمواد البراقة . وما أكثر المرضى الذين يستسلمون إلى مشيئة أولئك " الأطباء المصلحين " فيتوجعون ويسقمون ثم يموتون بعلتهم مخدوعين "  .

     كما يلاحظ في العديد من القضايا المثارة بخصوص عدد من المشكلات الوطنية والعالمية إن كانت عمالية أو اقتصادية أو بيئية بأنه تطفو بشكل جلي في الاجتماعات العامة للجان المشكلة

 

من قبل مؤتمر العمل الدولي أشكال من الاصطفافات والتوحد على أرضية الانتماء القطري أو القومي الإقليمي أو القاري أو تبعاً لجغرافيا دول الشمال أو الجنوب ، الدول الصناعية الغنية أو الدول النامية الفقيرة ، وبالتالي فان الموقف تجاه الموضوع المثار لا يتحدد بمدى عدالته وشرعيته ولا بالولاء الطبقي والاجتماعي للفريق الذي من المفترض أن يمثله ويدافع عن مصالحه الاقتصادية هذا المندوب أو ذاك  بل يأتي الموقف في أحيان كثيرة نتيجة تحالفات مصلحية ضيقة وحسابات شخصية وولاءات سياسية أو بسبب الخوف والخشية من بطش وضغوطات تلك القوى التي لا ترضى بغير المدافع ألسنة ولا تقنع بسوى القنابل ألفاظاً " .

مع جبران وتنبئواته الدقيقة اختتم بالتساؤلات التي طرحها منذ ما يقارب قرن وكأنه اليوم والذي طرح عليهم وعلينا التالي :

" هل يعود القروي إلى حقله فيلقى البذور حيث زرع الموت جماجم القتلى ؟ " هل تجلس الأم بجانب سرير رضيعها مرتلة بهدوء أغاني النوم وهي لا ترتجف وجلاً .مما سيجلبه الغد ؟ .

     وما عسى تصير إليه بلادكم وبلادي ؟ وأي من الجبابرة يضع يده على تلك التلال والهضبات التي أنبتتنا وصيّرتنا رجالاً ونساءً أمام وجه الشمس ؟ .        

 

 

 

                                         أديب ميرو

                                         نائب الأمين العام لاتحاد النقابات العالمي

 

 

 

 

  العولمة ومنعكساتها الاجتماعية والاقتصادية

 ومواقف الحركة النقابية والهيئات الدولية

تمهيد استهلالي :

          لقد حرصنا على أن نتقدم إلى ملتقاكم الهام هذا بدراسة مطولة نسبياً بأمل أن نبسط بين أيديكم قدراً واسعاً من المعلومات والتحليلات وطيفاً عريضاً من وجهات النظر والاستنتاجات بعضها مسنود بإحصائيات ونصوص تقارير منظمات وهيئات دولية إدراكاً منـّا لأهمية موضوع العولمة ومنعكساتها الاجتماعية والاقتصادية ..

ونظراً لتشعب وافتراق الرؤى ووجهات النظر حول هذا النموذج السائد من العولمة والاختلاف في تحليل وتقييم نتائجه وآثاره  فقد قدمنا البحث باتساع مع تمهيد استهلالي وإبراز مقصود لعدد من التساؤلات والنقاط الإشكالية المحرضة على إثارة نقاشات ومداخلات المتلقين وتقديراً منا للمستوى القيادي المتميز للمشاركين في هذا الملتقى الثقافي الذي يجمع حول دائرة الحوار طليعة من القيادات النقابية المنتخبة وفي مستهل دورة نقابية جديدة يتطلع إليها وإلى حصادها أعداد غفيرة من العمال والنقابيين وأبناء الوطن ومؤسساته ويأملون أن تكون فاعلة ومعطاءة تجيد التعامل مع المستجدات والمتغيرات الراهنة ومع تحديات العولمة وفرصها بالاستناد إلى قاعدة معرفية ومعلوماتية تبنى عليها ركائز وضوح ودقة الموقف النقابي وبرامج الفعل النقابي والتعاطي الواعي والمسئول مع القضايا العمالية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتداخلة والمتشابكة على كافة المستويات قطرياً وعربياً وإقليمياً ودولياً بفعل ظروف ومؤسسات ومناخات عصر العولمة .

          ومن هنا جاء مخطط البحث الذي اعتمدناه في دراستنا المتواضعة يسلط الضوء على الجوانب والموضوعات الرئيسية التالية :

  1. مقدمة
  2. بعض مظاهر العولمة وأسبابها ؛
  3. سياسات وأدوات العولمة ؛
  4. أغراض ونتائج العولمة والجدل الدائر حولها ؛  
  5. عينة من مظاهر ونتائج العولمة متمثلة في مسألة :

رأس المال المعولم والأزمة الآسيوية في عقد التسعينات ؛

  1. اتحاد النقابات العالمي ومسألة العولمة وآثارها الاجتماعية ؛
  2. رأي الحركة النقابية العالمية في نموذج العولمة ؛
  3. تقارير الهيئات الدولية وأضواء على آثار العولمة في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي في عقدها الأول ( التسعينات )
  4. بعض السياسات والتوصيات والحلول المقترحة للتخفيف من الآثار السلبية للعولمة ( تقرير التنمية البشرية – قمة كوبنهاغن للتنمية الاجتماعية 1995 – قمة الشعوب الأمريكية 1998 ، مقترحات اتحاد النقابات العالمي ومنظمة العمل الدولية خلاصة حلول وبدائل مقترحة من مقدم الدراسة ) .
  5. خاتمة

       يطرح البحث عدداً من التساؤلات والإشكاليات المقلقة والمشروعة بغرض محاولة الإسهام بالإجابة عليها من قبل معدّ البحث ودعوة وتشجيع الآخرين مشاركين ومتلقين وقراء للمساهمة بمناقشتها وتقديم الآراء والمقترحات والجهود الرامية لفهم أكثر عمقاً وشمولية لمسألة العولمة ومنعكساتها المختلفة وخاصة من الجانب الاجتماعي وبالنسبة لعمال وشعوب البلدان النامية على وجه الخصوص والعاملين بأجر في البلدان المتقدمة على وجه العموم ومن بين أهم هذه التساؤلات التالي :

    هل تهدف العولمة لتشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان النامية أم تسهيل تحقيق العوائد الأقصى لرأس المال العالمي واستثماراته الخارجية ؟

      هل العولمة تتجه فعلاً وستنجح في ردم الهوة المتسعة بين دول الشمال الغني والجنوب الفقير أم أنها ستكرس استمرارية واتساع الفجوة بينهما وتزيد من التفاوت الطبقي الحاد داخل كل من مجتمعات هذه البلدان ؟

      هل تحاول العولمة ترسيخ شكل نوعي جديد من التقسيم الدولي للعمل وفرض أنماط مغايرة ومستجدة من علاقات العمل وطرائق الاستخدام لصالح قوى رأس المال وفي مواجهة حقوق ومصالح قوى العمل أم أنها تهدف إلى إعادة تشكيل توازن المصالح عبر علاقات عمل متناغمة في إطار السعي لتحقيق المنافسة والإنتاجية والفاعلية على مستوى المؤسسات والاقتصاد الكلي ؟ .

        هل يمكن أن تقود عملية ترسيخ العولمة وانتصار أقطابها وسيطرتهم إلى اختفاء ظاهرة " الدولة الوطنية " أو " الدولة القومية " لصالح توسيع نفوذ وقوة إمبراطوريات الشركات العملاقة متعددة الجنسيات وبناء ما يسمى بالحكومة العالمية ؟ وهل سيكون المتضرر من اختفاء أو ذبول دور الدولة بنتيجة النجاحات الكلية للعولمة هي فقط القوى والطبقات السائدة وتلك المستفيدة من وجود وإدارة الدولة الوطنية أو القومية في البلدان النامية أم على التوازي فان الضرر سيعم ويشمل حاضر ومستقبل عمال ومنتجي وشعوب هذه البلدان على الأمدين القريب والبعيد ؟

      هل سياسات العولمة الرأسمالية وبرامج الليبرالية الجديدة وتقلباتها الحادة وأحادية رؤيتها باتجاه التركيز على النمو الاقتصادي والريعية والمنافسة وتحقيق الأرباح القصوى ستجلب معها ازدهاراً عاماً وفرص عمل للجميع أم سيتضرر الملايين من شعوب البلدان والإطراف والعمال العاديين والمهمشين والعاطلين عن العمل والمتقاعدين من العالمين النامي والمتقدم وترميهم من خلال سياساتها وتدابيرها اللاأجتماعية إلى غد مجهول ومستقبل غامض غير آمن بدون ضمانات وحماية اجتماعية ؟.

      هل يجب أن تعمل الأسواق في خدمة البشر أم يعمل الناس في خدمة السوق واباطرته ؟  .

    هي تساؤلات وانشغالات وهموم برسم المناقشة وتبادل الآراء بخصوصها .. قدمناها أرضية متواضعة لحوار ملتقانا هذا تثريها وتصوبها مساهماتكم ومساهمة جميع المعنيين أفراد وهيئات وكافة الساعين إلى التغلب على سلبيات وتحديات العولمة من جهة وقطف ثمار التعاون الإنساني والإيجابي والعادل  من فرص العولمة من جهة أخرى .

 

                                         أديب ميرو

                                         نائب الأمين العام لاتحاد النقابات العالمي

 

 

 

 ( أمام بطولة الأعمال باطلة هي الأقوال )

       هذا قول أو بما معناه كنت ومنذ زمن قد سمعته أو قرأته قفز اليوم من مخبئه في عمق ذاكرتي ليعلن عن نفسه حين حاولت الكتابة عن استخلاصي لما شهدته وسمعته في اجتماعات وقاعات وأروقة المؤتمر السنوي لمنظمة العمل الدولية ومتذكراً أيضاً ما قاله جبران خليل جبران يوماً حين أكد بأن " ليس من يكتب بالحبر كمن يكتب بدم القلب " وأن " آذان العالم قد انصرفت عن همس الضعفاء وأنينهم " .

كان ينتظر كل عام نتائجه ويترقب بتفاؤل حصاده أعداد كبيرة من الفعلة الاقتصاديين وقوى العمل والمسؤولين الحكوميين المعنيين بالشأن الاقتصادي والاجتماعي وقضايا العمل والعمال تناقص الاهتمام على مر السنوات ولكن لا يزال البعض من هؤلاء يتابع ويهتم لينعم بحظوة  وامتياز أن يكون ضمن الوفد المشارك به ناقلاً أميناً لهموم ومطالب من يمثلهم مدافعاً صلباً عن مصالح وسمعة الجهة التي أوفدته حكومة أو منظمة نقابية من جهة أو مترفاً مدللاً يحظى بسياحة مجانية ومدفوعة من الجهة الموفدة دون أن ينشغل كثيراً بالمؤتمر وجدول أعماله واجتماعاته الطويلة المرهقة من جهة أخرى ..   

     وحدهم الصناع الحقيقيون للتنمية والزارعون للخيرات والبناءون للاقتصادات الوطنية هم المغيبون بنتاجاته العملية غالباً والذين يأتي انعقاد مؤتمر العمل الدولي وجدول أعماله ونتاجاته في آخر اهتماماتهم حيث عظمة أعمالهم في بناء الاقتصادات والأوطان ومرارة همومهم تستهلك وقتهم وجهدهم وتفكيرهم وحيث يتجوهر فعل ساعدهم وعرقهم وعصارة خبرتهم ثماراً وخيرات وسلعاً وخدمات لصالح ابن الإنسان .

     بالأرقام على صعيد الحضور والمشاركين في المؤتمر السنوي لمنظمة العمل الدولية وبساعات عمل الجلسات العامة واجتماعات اللجان وبكم لقاءات الخبراء واللقاءات التشاورية وبمستوى الحضور الرفيع للمهتمين والمعنيين بعالم العمل والعمال ومداخلاتهم وكلماتهم هو مؤتمر عمل دولي كبير ، ذلك الذي ينعقد سنوياً في كل من مبنى منظمة الأمم المتحدة ، وفي مقر منظمة العمل الدولية بجنيف حيث أجتمع في دورة الانعقاد لهذا العام على سبيل المثال     ما يزيد عن ألفين وثمانمائة مشاركاً بينهم وزراء ومعاونوهم ومستشاروهم ورؤساء وأمناء عامين منظمات أرباب العمل وزملائهم وكوادرهم وكذلك الحال بالنسبة لمنظمات العمـــــــال

 

بالإضافة لحضور ممثلي العديد من الهيئات والمنظمات الدولية والإنسانية ، كما يستضيف كل عام واحداً أو أكثر من ملوك ورؤساء دول العالم كضيف شرف ..

    ولكن السؤال المشروع الذي يطرحه البعض مشاركين أو مراقبين أو باحثين وهم يتابعون  لأجواء عمل ووثائق ومناقشات مؤتمر العمل الدولي ونتائجه هو : هل مؤتمرات العمل الدولية السنوية هي منصات البحث العميق الموضوعي لأسباب وجوهر أزمات عالم العمل وتحديات الاقتصاد المعولم ؟ وهل هي مختبرات تركيب وصنع الفعل المواجه أم هي منابر استعراض نتاجات بحثية ودراسية يجري فيها تناول عدد من عناوين الاهتمامات والإنشغالات السائدة في عالم العمل ويمارس في قاعاتها واجتماعاتها البعض من نخب المهتمين بقضايا العمل وممثلي الشركاء الاجتماعيين تمارين ذهنية وفكرية وتبادل الحوار والجدل في إطار ساحة تختزل وتعبر عن صراع المصالح وتباين الآراء والمواقف حول إشكاليات العمل ومسائل الاقتصاد  والاجتماع والسياسة ومن منظورين مفترقين في رؤيتهما وتحليلهما للتطورات والأحداث ولأسس وشروط العلاقة العقدية التي تربط طرفي الإنتاج المتمثلين بالعاملين بأجر ومنظماتهم من جهة وأرباب العمل وتنظيماتهم من جهة أخرى على مستوى مكان العمل ، مع الإشارة إلى أن ما يميز جدال ومناكفات ومناكدات الفرقاء في هذا المحفل هو امتدادات هذا الافتراق أفقياً وعمودياً إلى مجالات متعددة وشمولها مستويات وطنية وإقليمية ودولية وفي ميادين السياسات والتشريعات والتطبيقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .

       وفي هذه الساحة الدولية داخل أحدى أهم الوكالات المتخصصة بعالم العمل داخل منظومة الأمم المتحدة يبرز بجلاء موقع ورؤية الشريك الاجتماعي الثالث المتمثل بالحكومات لقضايا العمل والتشريعات وممارساتها في مجال الحقوق والحريات النقابية وجهة اصطفافها الحقيقي ومواقفها المعلنة تجاه تعارضات وإشكاليات الداخل بين الشركاء الاجتماعيين على المستوى الوطني وتجاه تناقضات وصراعات الخارج بين الأطراف المختلفة الفاعلة في عالم العمل وفي الاقتصاد والسياسة على المستويين الإقليمي والعولمي .

إنه ثابت ما يؤكده العديد من المتابعين لسير عمل منظمة العمل الدولية وكذلك تحليلات مراكز البحوث والدراسات بان العولمة قد فرضت على هذه المنظمة أعباء ثقيلة وتحديات جسيمة، وتعرضت للتشكيك أو التساؤل - على الأقل - مسألة قدرتها على تحقيق أهدافها النبيلة ومدى إمكانية تجسيدها للقيم العليا التي قامت عليها هذه المنظمة وخاصة في ظل ما ساد ويسود    

 

 فيها حتى الآن وخاصة خلال العقدين الأخيرين من محاولات هيمنة واحتواء ووصاية وعمليات إقصاء وتفرد .

      القيمون على المنظمة والمخططون لطبيعة واتجاهات مسارها وحجم دورها حاولوا ونجحوا في محاصرتها ضمن عناوين اهتمامات وشعارات قيمية براقة وبكم هائل من الورقيات والوثائق وكبلوها بشبكة من التنظيمات والترتيبات الإجرائية يقودها وينفذها خبراء وموظفون بيروقراطيون من داخلها ومؤسسات كبيرة ومقتدرة من الخارج يصنعون خفاءاً وعلناً مظهراً جميلاً من الهيئات والمناصب التمثيلية ولكنهم يوصلون إليها البعض من أكفاء الموالين والكثير من مجرد التابعين العاديين الذين يرسمون ويتشكلون داخل لوحة فسيفساء تمثيل الفرقاء الثلاث : ( حكومات – وأرباب عمل وعمال )  ضمن انتماءات وولاءات يجري العمل أحياناً كثيرة بجفاء وغلظة لأن يكونوا من لون واحد وانتماء دولي نقابي واحد أو مجرد من يصلح لأن يكون حضوراً صامتاً متوافقاً مع وممرراً لما يقرره ويخطط له ممثلو المتنفذين من المجموعات   الثلاث.

    إن التطورات الأخيرة في مسار العولمة وتفاقم أزمات التنمية وشدة التحديات التي تواجه قوى العمل والحالة الاجتماعية المتراجعة وانحسار فعالية منظمة العمل الدولية وعجز مؤتمراتها السنوية عن الوصول إلى تطوير وتفعيل دور وحضور المنظمة في معالجة مشكلات العمل تجعلنا نعتقد بأن هناك اتجاهات ومحاولات لتحويل هذه المؤتمرات إلى مجرد ندوات حوار دولية تهتم بقضايا العمل والعمال وتساهم بتسهيل عمل مؤسسات العولمة واستثمارات رأس المال العالمي ولا سيما أن هذه المنظمة كانت ولا تزال مطالبة استناداً لأغراض ودوافع تأسيسها والنافذين فيها ومموليها لتحقيق استقرار علاقات العمل والسلم الأهلي والتنمية .

     إننا نعتقد بأن قوى العمل وتنظيماتهم تشارك هؤلاء المؤسسين والمسّيرين الحاليين للمنظمة رغبتهم في تحقيق هذه الأهداف وغيرها أيضاً ولكن العمال وحركتهم النقابية ونحن معهم طبعاً نعتقد بل نؤمن بأن كل هذا يجب أن يستند على قاعدة الإدماج الحقيقي لقوى العمل في معادلة الشراكة الاجتماعية والوطنية والتمتع المشترك بقطاف ثمار الإنتاج والتنمية والاستقرار وبخيرات الأوطان وبنتاجات التقدم الإنساني والتعاون الدولي . ونرى بان جهود ومحاولات استئثار النخب الاقتصادية والإدارية والحكومية المحلية والعالمية .بهذه الثمار وترك الفتات لكل الآخرين والإمعان بإفقار وإقصاء أعداد هائلة متزايدة من قوى العمل والإنتاج وشعوب العالم من شأنه أن يشوه كل نمو ويعيق كل تقدم في كل مكان ، ونرى بالتالي أهمية مواجهة المحاولات

 

المشينة والفاضحة لتسخير منظمة العمل الدولية في المساعدة على تمرير استراتيجيات وتطبيقات هذا الاستئثار وتدجين ممثلي الفرقاء الآخرين للتعايش مع المفاهيم المستحدثة التي تم استيلادها في مدرسة الليبرالية الجديدة المكرسة لحقوق ومصالح الأقوياء على الضعفاء ونصرة للأغنياء على الفقراء والانحياز للنخب والارستقراطيات الجديدة على العامة وجموع الناس والمواطنين وخدمة همجية وتسلط الدول الكبرى إن كانت سبع أو ثمان على الدول الصغيرة .

     إن الحركة النقابية الدولية والعربية ومنظماتها القطرية لم تستطع بعد أن تنتج ديمقراطيتها الواسعة وكينونتها المستقلة وحركتها الضاغطة من أجل تعزيز قوتها التفاوضية والدفاع عن مصالح عمالها وأعضائها وخاصة داخل المؤتمر والمنظمة والهيئات الدولية الأخرى كما خارجها فهي اعتادت أن تأخذ إذا أعطيت من النظام الرسمي إذا كان صديقاً ومتجاوباً مع التقدم الاجتماعي أو إذا أعطيت وتم دعمها من حلفائها من الأحزاب الحاكمة أو المعارضة . ولكنها في معظم الحالات وفي الغالب لم تكن تمتلك معظم المراكز والمنظمات النقابية المبادرة والجرأة والاستقلالية والقوة الكافية لتفرض الاستجابة لمطالب عمالها وأن تأخذ حقها وحقوق أعضائها ووفق برنامجها النضالي المطلبي والسياسي الذي اختطته المؤسسات والمؤتمرات النقابية .

     لا أحد يحق له أن ينكر أن منظمة العمل الدولية ومؤتمراتها السنوية رصدت وتابعت الكثير مما تعانيه قوى العمل وأطراف الإنتاج الثلاث من مشكلات وهموم وأزمات وساعدت البعض منهم في معالجة انعكاسات الخصومات والصراعات في عالم العمل والاقتصاد والسياسة وساهمت في حل جزء من الخلافات الناشئة بصدد الحقوق والحريات النقابية وتردي الأوضاع الاجتماعية وقامت بالتلويح بين الحين والآخر للسلطات الحكومية المعنية بالكشف عن انتهاكاتها وخرقها لمعايير العمل الدولية من اتفاقيات وتوصيات عبر ما تملكه المنظمة من صلاحيات وأدوات تقصي ومتابعة ولجان متخصصة وخاصة لجنة المعايير وخبرائها وكوادرها ، ولكن بالمقابل أثبتت حقائق وتجارب الأعوام السابقة ظرفية وانتقائية انشغالات هذه المنظمة وطغيان المعايير المزدوجة وتسييس المواقف وان اهتمامات المنظمة وخاصة القوى النافذة فيها ومستوى أداء القيمين على وضع خططها وبرامجها واتجاهات وفعالية عملهم لم ترتقي إلى مستوى احتياجات قوى العمل وضرورات معالجة أزمات عالم العمل الساخنة ، كما يغلب على طابع الخيارات لدى صياغة المواقف وصدور القرارات تجنب التصدي لجذور الأزمات ومسببيها الفعليين وبذل المحاولات الفجة لإقصاء الأصوات والقوى والمنظمات التي تصرّ على توجيه أصابع الاتهام لمن يخلق الاضطرابات والأسباب الحقيقية لنشوء وتفاقم أزمات الاقتصاد والتنمية

 

ومسئولية صناع الحروب والاحتلالات والأقتتالات والحصارات والضغوطات لأغراض الهيمنة والتسلط وتمرير المشاريع السياسية ومصالح الاحتكارات ..

       صحيح أن جدول أعمال مؤتمرات المنظمة ومجالس إدارتها زاخرة بعناوين ودراسات وتقارير تخص عالم العمل ، ولكن الوقت والجهد والكلف المالية المستهلكة في المنظمة وخلال المؤتمرات من قبل هذا الكم الكبير من موظفي وبيروقراطي المنظمة ومن أعضاء المؤتمر ووفود الدول المشاركة بأطرافها الثلاثية أكبر بكثير من النتائج العملية ومن المردود المحسوس لهذه الاجتماعات ولنتائج عمل الطاقم الفني والإداري الهائل وبعثات المنظمة التي تجوب بلدان العالم .

       كما أن هذه المؤتمرات يجري إغراقها بترتيبات إجرائية بيروقراطية وبأجواء كيد وخصومات مفتعلة تعكس موازين القوى خارج المنظمة وداخلها بين المتصارعين الكبار على النفوذ الاقتصادي والسياسي على مستوى الدول والأقاليم والعالم فيما بينهم من جهة وبينهم وبين القوى التي تمثل الحلقات الأضعف داخل المجتمع وفي الاقتصاد العالمي وفي عالم اليوم من دول ومجموعات وطبقات اجتماعية وخاصة عمال وشعوب العالم النامي من جهة أخرى .

      وعلى خلفية هكذا صراع مصالح وتنافس محتد في عالم توسيع النفوذ والهيمنة والمنافسة الشرسة يتحرك مندوبو هذه القوى داخل محفل منظمة العمل الدولية مثل خارجه ويتخذ ممثلو كافة الفرقاء مواقفهم وتلعب بعض المنظمات النقابية الدولية للعمال وأرباب العمل وعدد من حكومات الدول الكبرى الغنية والممولة للجزء الأكبر من ميزانية المنظمة دوراً محورياً في إعداد وصنع التوجهات والقرارات وتوزيع حصص المناصب والمواقع ورسم خارطة تقسيم منافع وإعانات ومساعدات التعاون الفني وتنفيذ برامج الأنشطة وخاصة العمالية على الدول والمنظمات الأكثر قرباً وموالاة للقوى النافذة ولأقطاب العولمة  .

     ورغم أن تشكيلات وأنظمة وإجراءات هذه المنظمة ذات التركيبة الثلاثية تؤكد وتحرص على التقسيم وفق الانتماء المستند إلى المجموعات بحيث يتمثل ويتوحد ممثلو العمال في مجموعة العمال ويتشكل أرباب العمل في مجموعتهم الخاصة وكذا ممثلي السلطات الحكومية المعنية بالعمل لتؤلف مجموعة الحكومات ، ورغم أنه نظرياً وافتراضياً تلتقي مصالح وأراء ومواقف أعضاء كل مجموعة وخاصة العمالية بصدد القضايا المطروحة وفي مواجهة المواقف المناقضة لمصالحهم الصادرة عن المجموعتين الأخيرتين وخاصة مجموعة أرباب العمـــــل ،  

 

ورغم أنه يفترض أن تكون مكونات مجموعة الحكومات في موقع أكثر توازناً وحيادية بصدد  اختلافات وتناقضات قوى العمل وأرباب العمل إلا أن المشهد السائد في عمل ومداخلات ومناقشات الجلسات العامة واللجان الخاصة بمؤتمرات العمل الدولية لا يجسد هذه الافتراضات والتحديدات النظرية ولا هذه التقسيمات التنظيمية إذ أن المتابع لهذه المؤتمرات يلمس في أحيان كثيرة تباينات حادة في المواقف داخل المجموعة الواحدة . والتقاء مواقف  ممثلي الأطراف الثلاثة للدولة الواحدة أو الإقليم الواحد وتكتلهم في مواجهة أحدى المجموعات أو كافة الآخرين في المجموعات الثلاث وخاصة في القضايا التي تمس الذات الوطنية أو القومية أو التكتلات القارية وذات البعد المصلحي المباشر والسياسي ولعل المواقف تجاه موضوع تقرير المدير  العام للمنظمة بخصوص تقصي الحقائق حول العمال وأصحاب العمل في فلسطين والأراضي العربية المحتلة يشكل أحد أبرز الأمثلة على توحد المواقف لشريحة واسعة من المجموعات الثلاث من جهة وانكشاف اصطفافات ضيقة للمتعاطفين مع قوى الاحتلال بالمقابل ودون أن يؤدي هذا المشهد الإيجابي لأية نتيجة ملموسة وعملية في صالح عمال وشعوب فلسطين وبقية الأراضي العربية المحتلة بل على العكس فقد شهدت السنوات الماضية تراجعاً في صيغة ومحتوى وشكل تنظيم الجلسة الخاصة بمناقشة تقرير المدير العام الخاص بهذا الموضوع رغم تزايد عنف الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته ورغم تعاظم تعاطف ومناصرة أغلبية متزايدة من أعضاء المؤتمر وخاصة من الفريق العمالي ، والحال كذلك بالنسبة للموقف من انعكاسات شن الحروب على التنمية والتشغيل والمآسي الإنسانية والاجتماعية في العراق وأفغانستان وقبلها في يوغسلافيا والانعكاس السلبي لتنامي العدوانية والحروب والعسكرة ليس على اقتصادات وعمال وشعوب هذه البلدان فحسب بل على بقية اقتصادات وعمال وشعوب وبلدان ومناطق العالم   أيضاً ، وهنا يحضرني تشبيهاً رائعاً ساقه الأديب والمفكر جبران خليل جبران في بداية القرن الماضي إذ   قال : " في فم الجامعة البشرية أضراس مسوسة وقد نخرتها العلة حتى بلغت عظم الفك ، غير أن الجامعة البشرية لا تستأصلها لترتاح من أوجاعها بل تكتفي بتمريضها وتنظيف خارجها وملء ثقوبها بالذهب اللمّاع . وما أكثر الأطباء الذين يداوون أضراس الإنسانية بالطلاء الجميل والمواد البراقة . وما أكثر المرضى الذين يستسلمون إلى مشيئة أولئك " الأطباء المصلحين " فيتوجعون ويسقمون ثم يموتون بعلتهم مخدوعين "  .

     كما يلاحظ في العديد من القضايا المثارة بخصوص عدد من المشكلات الوطنية والعالمية إن كانت عمالية أو اقتصادية أو بيئية بأنه تطفو بشكل جلي في الاجتماعات العامة للجان المشكلة

 

من قبل مؤتمر العمل الدولي أشكال من الاصطفافات والتوحد على أرضية الانتماء القطري أو القومي الإقليمي أو القاري أو تبعاً لجغرافيا دول الشمال أو الجنوب ، الدول الصناعية الغنية أو الدول النامية الفقيرة ، وبالتالي فان الموقف تجاه الموضوع المثار لا يتحدد بمدى عدالته وشرعيته ولا بالولاء الطبقي والاجتماعي للفريق الذي من المفترض أن يمثله ويدافع عن مصالحه الاقتصادية هذا المندوب أو ذاك  بل يأتي الموقف في أحيان كثيرة نتيجة تحالفات مصلحية ضيقة وحسابات شخصية وولاءات سياسية أو بسبب الخوف والخشية من بطش وضغوطات تلك القوى التي لا ترضى بغير المدافع ألسنة ولا تقنع بسوى القنابل ألفاظاً " .

مع جبران وتنبئواته الدقيقة اختتم بالتساؤلات التي طرحها منذ ما يقارب قرن وكأنه اليوم والذي طرح عليهم وعلينا التالي :

" هل يعود القروي إلى حقله فيلقى البذور حيث زرع الموت جماجم القتلى ؟ " هل تجلس الأم بجانب سرير رضيعها مرتلة بهدوء أغاني النوم وهي لا ترتجف وجلاً .مما سيجلبه الغد ؟ .

     وما عسى تصير إليه بلادكم وبلادي ؟ وأي من الجبابرة يضع يده على تلك التلال والهضبات التي أنبتتنا وصيّرتنا رجالاً ونساءً أمام وجه الشمس ؟ .        

 

العولمة ومنعكساتها الاجتماعية والاقتصادية

 ومواقف الحركة النقابية والهيئات الدولية

تمهيد استهلالي :

          لقد حرصنا على أن نتقدم إلى ملتقاكم الهام هذا بدراسة مطولة نسبياً بأمل أن نبسط بين أيديكم قدراً واسعاً من المعلومات والتحليلات وطيفاً عريضاً من وجهات النظر والاستنتاجات بعضها مسنود بإحصائيات ونصوص تقارير منظمات وهيئات دولية إدراكاً منـّا لأهمية موضوع العولمة ومنعكساتها الاجتماعية والاقتصادية ..

ونظراً لتشعب وافتراق الرؤى ووجهات النظر حول هذا النموذج السائد من العولمة والاختلاف في تحليل وتقييم نتائجه وآثاره  فقد قدمنا البحث باتساع مع تمهيد استهلالي وإبراز مقصود لعدد من التساؤلات والنقاط الإشكالية المحرضة على إثارة نقاشات ومداخلات المتلقين وتقديراً منا للمستوى القيادي المتميز للمشاركين في هذا الملتقى الثقافي الذي يجمع حول دائرة الحوار طليعة من القيادات النقابية المنتخبة وفي مستهل دورة نقابية جديدة يتطلع إليها وإلى حصادها أعداد غفيرة من العمال والنقابيين وأبناء الوطن ومؤسساته ويأملون أن تكون فاعلة ومعطاءة تجيد التعامل مع المستجدات والمتغيرات الراهنة ومع تحديات العولمة وفرصها بالاستناد إلى قاعدة معرفية ومعلوماتية تبنى عليها ركائز وضوح ودقة الموقف النقابي وبرامج الفعل النقابي والتعاطي الواعي والمسئول مع القضايا العمالية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتداخلة والمتشابكة على كافة المستويات قطرياً وعربياً وإقليمياً ودولياً بفعل ظروف ومؤسسات ومناخات عصر العولمة .

          ومن هنا جاء مخطط البحث الذي اعتمدناه في دراستنا المتواضعة يسلط الضوء على الجوانب والموضوعات الرئيسية التالية :

  1. مقدمة
  2. بعض مظاهر العولمة وأسبابها ؛
  3. سياسات وأدوات العولمة ؛
  4. أغراض ونتائج العولمة والجدل الدائر حولها ؛  
  5. عينة من مظاهر ونتائج العولمة متمثلة في مسألة :

رأس المال المعولم والأزمة الآسيوية في عقد التسعينات ؛

  1. اتحاد النقابات العالمي ومسألة العولمة وآثارها الاجتماعية ؛
  2. رأي الحركة النقابية العالمية في نموذج العولمة ؛
  3. تقارير الهيئات الدولية وأضواء على آثار العولمة في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي في عقدها الأول ( التسعينات )
  4. بعض السياسات والتوصيات والحلول المقترحة للتخفيف من الآثار السلبية للعولمة ( تقرير التنمية البشرية – قمة كوبنهاغن للتنمية الاجتماعية 1995 – قمة الشعوب الأمريكية 1998 ، مقترحات اتحاد النقابات العالمي ومنظمة العمل الدولية خلاصة حلول وبدائل مقترحة من مقدم الدراسة ) .
  5. خاتمة

       يطرح البحث عدداً من التساؤلات والإشكاليات المقلقة والمشروعة بغرض محاولة الإسهام بالإجابة عليها من قبل معدّ البحث ودعوة وتشجيع الآخرين مشاركين ومتلقين وقراء للمساهمة بمناقشتها وتقديم الآراء والمقترحات والجهود الرامية لفهم أكثر عمقاً وشمولية لمسألة العولمة ومنعكساتها المختلفة وخاصة من الجانب الاجتماعي وبالنسبة لعمال وشعوب البلدان النامية على وجه الخصوص والعاملين بأجر في البلدان المتقدمة على وجه العموم ومن بين أهم هذه التساؤلات التالي :

    هل تهدف العولمة لتشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان النامية أم تسهيل تحقيق العوائد الأقصى لرأس المال العالمي واستثماراته الخارجية ؟

      هل العولمة تتجه فعلاً وستنجح في ردم الهوة المتسعة بين دول الشمال الغني والجنوب الفقير أم أنها ستكرس استمرارية واتساع الفجوة بينهما وتزيد من التفاوت الطبقي الحاد داخل كل من مجتمعات هذه البلدان ؟

      هل تحاول العولمة ترسيخ شكل نوعي جديد من التقسيم الدولي للعمل وفرض أنماط مغايرة ومستجدة من علاقات العمل وطرائق الاستخدام لصالح قوى رأس المال وفي مواجهة حقوق ومصالح قوى العمل أم أنها تهدف إلى إعادة تشكيل توازن المصالح عبر علاقات عمل متناغمة في إطار السعي لتحقيق المنافسة والإنتاجية والفاعلية على مستوى المؤسسات والاقتصاد الكلي ؟ .

        هل يمكن أن تقود عملية ترسيخ العولمة وانتصار أقطابها وسيطرتهم إلى اختفاء ظاهرة " الدولة الوطنية " أو " الدولة القومية " لصالح توسيع نفوذ وقوة إمبراطوريات الشركات العملاقة متعددة الجنسيات وبناء ما يسمى بالحكومة العالمية ؟ وهل سيكون المتضرر من اختفاء أو ذبول دور الدولة بنتيجة النجاحات الكلية للعولمة هي فقط القوى والطبقات السائدة وتلك المستفيدة من وجود وإدارة الدولة الوطنية أو القومية في البلدان النامية أم على التوازي فان الضرر سيعم ويشمل حاضر ومستقبل عمال ومنتجي وشعوب هذه البلدان على الأمدين القريب والبعيد ؟

      هل سياسات العولمة الرأسمالية وبرامج الليبرالية الجديدة وتقلباتها الحادة وأحادية رؤيتها باتجاه التركيز على النمو الاقتصادي والريعية والمنافسة وتحقيق الأرباح القصوى ستجلب معها ازدهاراً عاماً وفرص عمل للجميع أم سيتضرر الملايين من شعوب البلدان والإطراف والعمال العاديين والمهمشين والعاطلين عن العمل والمتقاعدين من العالمين النامي والمتقدم وترميهم من خلال سياساتها وتدابيرها اللاأجتماعية إلى غد مجهول ومستقبل غامض غير آمن بدون ضمانات وحماية اجتماعية ؟.

      هل يجب أن تعمل الأسواق في خدمة البشر أم يعمل الناس في خدمة السوق واباطرته ؟  .

    هي تساؤلات وانشغالات وهموم برسم المناقشة وتبادل الآراء بخصوصها .. قدمناها أرضية متواضعة لحوار ملتقانا هذا تثريها وتصوبها مساهماتكم ومساهمة جميع المعنيين أفراد وهيئات وكافة الساعين إلى التغلب على سلبيات وتحديات العولمة من جهة وقطف ثمار التعاون الإنساني والإيجابي والعادل  من فرص العولمة من جهة أخرى .

 

                                         أديب ميرو

                                         نائب الأمين العام لاتحاد النقابات العالمي

 

 

 

 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك