الليبراليون في العالم الإسلامي وموقفهم من الإسلام: دراسة تحليلية

إعداد: سهيلة بنت عبد الجواد جودة

 

الجامعة الإسلامية- كلية أصول الدين- غزة

 

قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة

 

جاءت الدراسة التي بين أيدينا لتقدم صورة عامة عن الفكر الليبرالي ومذاهب الليبراليين في العالم الإسلامي ككل وسبل مواجهة هذا الفكر، وهي رسالة علمية تقدمت بها الباحثة سهيلة بنت عبد الجواد جودة استكمالا لمتطلبات نيل درجة الماجستير في العقيدة والمذاهب المعاصرة من كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية بغزة.

 

وجاءت هذه الدراسة في مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة جمعت فيها الباحثة أهم ما توصلت إليه من نتائج، ثم ذيلت هذا كله بمجموعة من التوصيات والمقترحات لمجابهة الليبرالية في بلدان العالم الإسلامي.

 

المقدمة: وتشتمل على التعريف بالبحث وأهميته وأسباب اختياره والدراسات السابقة ومنهج الدراسة وخطة البحث.

 

الفصل الأول: الليبرالية في العالم الإسلامي.

 

تحدثت الباحثة في هذا الفصل عن نشأة الليبرالية في الغرب ومراحل تطورها، والأسباب التي أسهمت في ظهور هذا الفكر، ثم ختمت الفصل بالحديث عن التيارات الليبرالية في العالم الإسلامي.

 

فأشارت الباحثة إلى أن الليبرالية تعني مذهبا سياسيا اقتصاديا اجتماعيا، غربي المنشأ، تؤكد على الحرية الفردية المطلقة في جميع مجالات الحياة، وعدم التقيد بأي ضوابط، أو قيود، فالإنسان تابع لنفسه وهواه، فلا دين يحكم، ولا شرع ولا أخلاق توجه سلوك الفرد، فهي تعني الانفلات باسم الحريات، والتحرر التام من كل أنواع الضغط الخارجي.

 

وبينت الباحثة أن الليبرالية وجه من وجوه العلمانية، لأنها تقوم على التمرد على الدين وعدم الاعتراف بشرائعه ونصوصه المقدسة، وعدم الاعتراف بالأخلاق والعادات وتقاليد المجتمع.

 

وذكرت الباحثة ملخصا للأسباب التي أدت إلى ظهور الليبرالية في العالم الإسلامي، وهي كالآتي: الانحراف العقدي - الاستبداد السياسي - القوى الاستعمارية - الجمود والتقليد - الانبهار بالحضارة الغربية - الهزيمة النفسية - الدعم الغربي لهذا التيار.

 

كما تحديث الباحثة عن أهم المعالم التي تميز مواقف الليبراليين العرب تجاه الإسلام، وهي كالتالي:

 

المَعلم الأول: موقفهم من النص القرآني– بينت الباحثة أن الليبراليين ذهبوا إلى تقديس العقل في مقابل التهوين من شأن النص القرآني.

 

المَعلم الثاني: موقفهم من السنة- شن الليبراليون هجوما شديدا على السنة النبوية وردوها بعقولهم.

 

المَعلم الثالث: موقفهم من الفقه- اعتبر الليبراليون أن نصوص الفقه نصوص تاريخية لزمن ولى لا تصلح لهذا العصر..

 

المَعلم الرابع: موقفهم من عقيدة الولاء والبراء: يتلخص موقفهم في محبة الكافرين وتعظيمهم ونصرتهم على حرب أولياء الله تعالى.

 

المَعلم الخامس: موقف الليبراليين من التراث والتاريخ الإسلامي- يتلخص موقفهم في رفض تفسيرات القدماء، وتقديم قراءات جديدة توافق أهوائهم.

 

في المبحث الأخير من هذا الفصل تحدثت الباحثة عن الليبرالية في العالم الإسلامي فتحدثت عن أبرز رموزها من أمثال: تركي الحمد، وشاكر النابلسي، والعفيف الأخضر، ومحمد أركون.

 

ثم تحدثت عن أبرز الأحزاب الليبرالية المعاصرة، فذكرت منها: حزب الوفد المصري، وحزب الغد الحر، والحزب المصري الليبرالي، والحزب الليبرالي الجزائري، وحزب الوطنيين الأحرار اللبناني، والحزب الاجتماعي التحرري التونسي.

 

ثم ختمت هذا الفصل بالحديث عن أسباب فشل الليبرالية في العالم الإسلامي.

 

الفصل الثاني: موقف الليبراليين من الإسلام وخطرهم على الأمة الإسلامية.

 

تحدثت الباحثة في هذا الفصل في ثلاثة قضايا، تحدثت في الأولى منها عن موقف الليبراليين من الإسلام، وفي الثانية منها تحدثت عن موقف الليبراليين من قضايا الأمة، ثم ختمت بالحديث عن خطر الليبراليين على الأمة والمجتمع.

 

ومن العناصر التي تحدثت فيها الباحثة موقف الليبراليين من العقيدة، وبينت موقفهم في نقاط منها:

 

- الدعوة إلى إلغاء أركان الإسلام، بالإلغاء الفعلي لركن الإيمان بالله.

 

- ولأن العقلانية هي الركن الثاني لليبرالية، فركن الإيمان بالملائكة غير موجود عن الليبراليين.

 

- أما الركنان الثالث والرابع من أركان الإيمان وهما الإيمان بالرسل والكتب، فلا حاجة لهما عند الليبراليين.

 

- والليبرالية ضد الغيبيات.

 

وعن موقف الليبراليين من قضايا الأمة بينت الباحثة أن الليبراليين العرب لم يقدموا خلال تاريخهم أي إنجاز حقيقي لهذه الأمة سوى رفض تعاليم الإسلام، ومناصره المستعمرين على اختلاف هوياتهم، وقد ظهر ذلك جليا في فلسطين والعراق وأفغانستان.

 

وختمت الباحثة هذا الفصل ببيان خطر الليبراليين وفكرهم على الفرد المسلم والأمة المسلمة بصفة عامة.  

 

الفصل الثالث: المنهج المقترح لمواجهة الليبرالية.

 

بينت الباحث في هذا الفصل الدور المنوط بكل من العلماء والحكام والمؤسسات الإعلامية والتعليمية لمواجهة الليبرالية.

 

 فبينت أن من أدوار العلماء: فضح رموز الاتجاه التغريبي، وتوسيع الدعوة في صفوف النساء، والمناصحة المستمرة للمسئولين، وتذكيرهم بخطورة الفكر الليبرالي على الأمة، ومن أدوارهم كذلك تحرير المصطلحات الفكرية وبيان غموضها وإظهار المعاني الصحيحة من المعاني الفاسدة في مدلولها، إلى غير ذلك من الأدوار اللازمة في ساحة المواجهة مع رموز الفكرة الليبرالية.

 

وختمت الباحثة دراستها ببيان موقف الإسلام من الليبرالية، والذي يتلخص في رفض الإسلام للنظام الليبرالي على اعتبار أنه نظام وضعي، كما يرفض سائر الأنظمة الوضعية، ويعتبر أن بشرية النظم هو سبب فشلها وجرثومة فنائها، كما يعتبر أن كل نظام وضعي إنما هو تطاول على حق الله تعالى في التشريع.

 

الخاتمة: ختمت الباحثة رسالتها بعدد من النتائج وهي:

 

1- الليبرالية في أصلها ونشأتها مذهب فكري غربي، ولد ونشأ في الغرب، ثم انتقل منه إلى بلاد المسلمين، فقد ظهرت كردة فعل للأوضاع الدينية والسياسية التي كانت تعيشها أوروبا في العصور الوسطى بسبب انتهاكهم للقيم الإنسانية، فقد تكونت خارج إطار الأديان فكانت نتاج العلمانية من ناحية موقفها من الدين لتصبح في عداء كامل بين الدين والسياسة.

 

2- إن الليبرالية هي امتداد للحركة الصهيونية ولليهود والنصارى والمذاهب الضالة المنحرفة ذات الأفكار الإلحادية والتي طالما حاولت التشكيك في الدين الإسلامي.

 

3- إن ظهور تيار الليبراليين الجدد في البلدان الإسلامية عن طريق الاستعمار والأحزاب والجمعيات السرية، يريد الهيمنة على شعوب العالم ونهب ثرواتهم، فقد دخلت الليبرالية العالم الإسلامي وهي تريد تحقيق الأهداف الأمريكية في المنطقة من تفتيت للبلدان الإسلامية إلى دويلات متناحرة فهي تمثل خطرا يواجه الأمة الإسلامية، لذا فهو فكر مكروه محارب من قبل الأمة وخصوصا بسبب الدعم الغربي لهم ، وبسبب مواقفهم تجاه قضايا الأمة: فلسطين والعراق وأفغانستان.

 

4- تُعدُّ الفردية الأساس الفلسفي والمنطلق الفكري لليبرالية تحت شعارات الحرية والفردية، إذ أصبحت الكلمة لدعاة الحرية والإباحية وإعطاء الحق للأفراد، والهروب من كل قيد يمكن أن يوضع على الفرد، إذ تمثل فكرا مفتوحا فلا أفكار ولا عقائد ثابتة تجيب عن القضايا الكبرى للكون فهي دعوة إلى التحرر والانطلاق من الضوابط.

 

5- لن يكون الدين مانعا من التقدم العلمي أو حجر عثرة في طريقة، ونظرة فاحصة في تاريخنا تجعل الباحث يجزم بأن التمسك بالدين من أسباب التقدم والرقي، لقد بلغ المسلمون شأنا عظيما في الحضارة والتقدم حين كانوا متمسكين بدينهم ومنهجهم الرباني.

 

6- لقد قدم الإسلام كل المفاهيم والقيم والتفسيرات لمختلف القضايا بخلاف ما قدمه لنا الليبراليون من تفسيرات مخالفة للفطرة ومناقضة للحق، فما أحرانا أن نتمسك بالحق.

 

7- التناقض الواضح بين الشعارات التي ترفعها الليبرالية والممارسات العملية على أرض الواقع فهي تنادي باحترام حرية الرأي في الوقت نفسه يتطاولون على الأديان وعلى الشرائع السماوية.

 

8- فشل مستقبل الليبرالية فهي لم تراع المقدسات لدى الشعوب الإسلامية، حيث كان هجومها على الإسلام نفسه، وعلى الرموز التاريخية للمسلمين، مما ولد ردة فعل لدى الشعوب الإسلامية بمقت الليبرالية وازدراء المروجين لها.

 

9- إن الليبرالية كمذهب وفكر يناقض أصول الدين ومتضمنة أنواعا من الكفر وهي مثلها مثل المذاهب الإلحادية المعاصرة العلمانية والحداثية والقومية والشيوعية.

 

 لتحميل الدراسة انقر هنا:

الأكثر مشاركة في الفيس بوك