تأمل نفسك جيداً

عبدالرحمن عبدالعزيز الهزاع

    في خضم الحياة وتعقيداتها، وفي ضوء انشغالنا بما يدور حوالينا من تداخلات فكرية وسياسية واجتماعية نرى الواحد منا في غالب أموره يسير على منهج واحد، ويتبنى فكراً يعتقد أنه الأفضل. صحيح أن هذا المنهج في الفكر والتعامل قد تكون نسبة الصح وسداد الرأي فيه كبيرة، ولكن هل يكفي ذلك ليغلق الواحد منا نوافذ داره مبتعداً عن كل جديد ورافضاً لكل ما يخالف ما يرى أنه صحيح؟.

ادعاء الكمال والتفوق والانفرادية أمور لا يمكن القبول بها فالكامل هو الله عز وجل (.. ولم يكن له كفواً أحد) ومن هنا حري بنا أن نكون أكثر انفتاحاً وأكثر استعداداً للحوار ولسماع الرأي والرأي الآخر. في حياتنا العملية، ومهما كانت المهام المسندة إلينا، والأفراد الذين تحت قيادتنا لابد لنا من أن نترك نافذة، ولو صغيرة، يتسلل منها نور الحقيقة وينير طريقنا، وإن كان على حساب ماكنا نعتقد أنه الصواب لسنوات طويلة.

نحن بشر معرضون للخطأ في كل لحظة (كل ابن آدم خطاء) ولكن من هو الخيّر منا.. إنه من يعود ويتوب عن الخطأ (وخير الخطائين التوابون). ها هو المنهج الرباني، وهذا هو ما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم، وسار عليه من بعده خلفاؤه، ولا يغيب عنا قول الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (أصابت امرأة وأخطأ عمر).

في الحوارات، وعلى المنصات، وفي البرامج السياسية في القنوات والمحطات الإذاعية والتلفزيونية نرى أشكالاً من التعصب للرأي من قبل البعض، لا لشيء وإنما لأنه يراه هكذا على الرغم من أن الحقيقة تقول عكس ذلك. إنها المكابرة بعينها. داخل أسرنا ومجتمعاتنا نجد الواحد منا يستكثر أن يظهر أمام أبنائه أنه أخطأ ومن ثم يعتذر ويبين الطريق الصحيح الذي كان من الأولى اتباعه سواءً في القول أو العمل. في داخل الإدارات ترانا نغلق الأبواب أمام صغار الموظفين ظناً منا أن خبرتنا وتعليمنا يشفعان لنا بأن نكون على صواب دائماً. هنا يغيب عنا أن الفكر الإنساني لا حدود له، والإمكانات التي يحملها فلان من الناس قد تغيب عن الآخرين.

انزعوا رداء(الأنا) وافتحوا النوافذ للشمس فالعلم والمعرفة والأفكار الصائبة لا تعرف الحدود، وليست حصراً على فلان عن الناس مهما كان وضعه. الأدلة القاطعة والتجارب الناجحة والفكر المتفتح عوامل جديرة بالاهتمام والرعاية من قبل كل منا. لا يمكن أن تدار الأمور بالصوت العالي ولا بالحجر على أفكار الآخرين. كل منا لديه نسبة من الخطأ والصواب، وهي إن كانت متفاوتة من شخص لآخر، إلا أنه لا يمكن تجاهلها.

أمتنا، وبلادنا، ومجتمعنا اليوم أحوج ما يكونون إلى الفكر النير، والرأي السديد، والانفتاح، وسماع الرأي والرأي الآخر حتى نستطيع أن نلتمس طريق النجاح والسير قُدماً على هدي رباني وشريعة سمحة، وتحت ظل قيادة تسعى جاهدة إلى توفير كل سبل الرفاهية والعيش الرغد والتطور لهذه البلاد المباركة.

http://www.alriyadh.com/926493

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك