صراع النفوذ العالمي الجديد..

يوسف الكويليت

    الصراع على النفوذ قديم يتجدد مع حضور قوى أخرى تحل بديلاً عن غيرها، غير أن القطبية الثنائية التي ولدت بعد الحرب العالمية الثانية هي التي بلورت عالماً آخر منقسماً بين الشرق والغرب، ولعل كذبة النظام الدولي الجديد ما بعد زوال الاتحاد السوفيتي كانت صياغة أمريكية بدعوى أنها البديل الذي لا ينازعها أي قوة أخرى، غير أن كبرياء القوة أعادت مفهوم هذا النظام إلى تراخي القبضة الحديدية للدولة العظمى، حتى أن مجريات الأحداث بسوريا ثم أوكرانيا ومداعبة إيران والتخلي عن حلفاء أساسيين لأمريكا، أثار شهوة روسيا أن تكون رقماً جديداً في معادلات الصراع الراهن..

فالمنطقة العربية لن تغيب عن هذا النزاع لكن بروز مواقع جديدة في التخوم الأوروبية، أوكرانيا تحديداً، وتحريك دول أخرى مثل كوريا الشمالية كقوة نووية يخشى تهورها، ثم التصعيد الآخر حول الجزر المتنازع عليها بين اليابان والصين كقوتين كبيرتين، الأولى حليف لأمريكا، والأخرى تستعد أن تصبح صاحبة الكرسي الثاني في مقاعد القوة العالمية، أدى إلى أن تتحرك أمريكا بدفع جزء من قوتها لليابان ولتطمين الشركاء بالنزاع مع الدولتين فيتنام وتايوان ربما يعيد سيرة مصطلح جديد لهذه النزاعات..

فإذا كانت المناطق الهشة كمنطقتنا العربية والعالم الإسلامي يمكن جدولة الصراع الديني، والقومي والقبلي، فإن نزعات الانفصال أو عقد صفقات مع نظم تعادي أخرى في العالم الخارجي تهيئ أجواء نزاعات ربما تعيد تشريعاً آخر يرسم خط طريق لما بعد الأحادية الأمريكية للقوة خصوصاً وأنها لم تعد الدولة المهابة التي تقرن أسلوب الدبلوماسية الناعمة مع الخشنة، ولذلك فتحرك الصين حول هذه الجزر، وربما بما يشبه الاتفاق مع الروس كذراع مساندة دبلوماسية، قد يدفع بكل الأطراف إلى تسخين الجو العالمي، بحيث يمكن فتح معارك في مجال هذه الدول، سواء بمفهوم الحروب بالنيابة كما يجري في سوريا، أو خلق اضطراب في فنزويلا أو تحريك كوريا الشمالية من قبل الصين باطلاق صواريخها، والأدوات للعبة كثيرة والاحتمالات ترشحها لأجواء دولية ساخنة..

الصين عرفت تاريخياً أنها بلا مطامع بل كانت هدفاً لامبراطوريات وغزوات من أمم وقبائل أخرى، لكنها اليوم ليست تلك الدول المسالمة أمام واقع آخر متغير، وفرزها كقوة جديدة قادمة يجعل حلماً امبراطورياً آخر قد يغريها، وهي طبيعة أي دولة تملك أدوات الصراع وإدارته، ولذلك فالمخاوف التي تتنازع الدول المحيطة بها منطقي، واليابان ذات الثارات التاريخية معها، هي موقع التنافس على تلك الدول، لكن هل ما يجري سوف يدفع اليابان إلى أن تعيد رسم قوتها العسكرية بإذن من أمريكا لينتقل سباق التسلح بين البلدين وتعود آسيا إلى مركز الصراع القادم بدلاً عن مواقع أخرى؟ ذلك ما ستكون عليه سيرة عالم جديد..

http://www.alriyadh.com/925031

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك