نساء باريس وجنيف..

د. حنان حسن عطاالله

    حضرت إحدى المناسبات الثقافية والتي تعنى بشأن المرأة وتمكينها في المجتمع. وقفت إحدى المتحدثات وأخذت تتكلم بحماس شديد عن أن المرأة أخذت حقوقها، ووجهت سؤالها لإحدى النساء الحاضرات في الصفوف الأمامية. قالت فلانة ألم تكوني الصيف الماضي في باريس! وقبله في جنيف! أنتِ حرة وتستمتعين بحياتك! لماذا إذن يتحدثون عن المرأة وهضم حقوقها؟! شعرت بالانزعاج والغضب الشديد فعند السؤال عن حقوق المرأة من فضلكم لا تسألوا المرأة التي تركب المرسيدس لتذهب لعملها ويفتح لها سائقها باب السيارة! ولا التي تقضي صيفها في ربوع جنيف وباريس ولندن! وذلك لأن الله رزقها بولي أمر متفهم يتمتع بالإنسانية كما فعلت المتحدثة هنا!. اسألوا تلك الواقفة على الشارع تنتظر الليموزين والتي ترتمي يومياً في المحاكم لزوج علّقها! والتي تصرف لوحدها على أولادها وزوجها ينعم بغياب نظام العقوبات!   

تتعجب كيف لهذه المتحدثة وغيرها ممن يتبنون ذات الخطاب أن يتجاهلن أن عدداً كبيراً من بناتنا مثلاً لم يحصلن على عمل لفترة تعادل أعمارهن الصغيرة في رحلة من اليأس والحيرة والاستسلام للاكتئاب!.ولعلكم شاهدتم ذلك في إحدى حلقات برنامج الثامنة! كيف تستنكر الحديث عن حقوق المرأة! ونساؤنا تحت وصاية ولي أمر قد يكون طفلاً وهي في الستينات! وقد تكون هي عاقلة حكيمة وهو ماجن طائش لا يخاف الله؟! كذلك المرأة السعودية التي تتزوج من أجنبي يتم مطاردتها ونبذها هي وأولادها وكأنها ارتكبت جريمة أخلاقية بينما الرجل العكس؟! والأمثلة كثيرة!

تتحدث إحدى الناشطات عن قضائنا على العنف ضد المرأة! كيف؟ لا أفهم ومن شاهد ذلك يدلني! أين هي تلك الجهة التى تحمي المرأة من العنف والضرب والإيذاء والقهر؟ وذلك حتى أدل النساء اللاتي يأتين لرؤيتي في العيادة ويعتصرهن الألم ويأكلهن اخطبوط الاكتئاب! واتصل بعضهن حتى بمؤسسات حقوق الإنسان وما من مجيب! من فضلكم كفانا تغليف الحقيقة بورق السولفان لتلمع من الخارج ونعرض بضاعتنا للخارج الذي يخدع بالمظهر ولا يعرف الباطن!

أتمنى عندما نقوم بدارسة حقوق المرأة أو إصدار رأي بشأنها أن يأخذ الباحثون استبياناتهم ودراساتهم إلى أرض الواقع والأهم أن يدرسوا العينة الصحيحة، التي تمثل كافة النساء!لا أن نركز على طبقة معينة من النساء مترفة وتنعم بحقوقها لأن ولي أمرها سمح بذلك!. أفهم رغبة البعض أن يَظهر مجتمعنا بشكل جميل! لكن الهدف ليس احتفاء العالم بنا والتصفيق لنا! بينما النساء في الداخل يتألمن ويعانين! لذا من فضلكم انظروا لهن واسمعوا قصصهن المؤلمة فهن خير من يعرف! وأهل مكة أدرى بشعابها!

نساؤنا يا سادة لا زلن ممنوعات من حرية الحركة ولا يتم لهن ذلك إلا بعمالة جاهلة يعلم الله بخلفيتها نحضرها من وراء البحار لتعيش نساؤنا تحت رحمة سلوكها الذي لا نستطيع التنبؤ به!

وأخيراً ثمة مقولة لا أنساها للإمام الغزالي رحمه الله عندما قال "الغرب أوصل المرأة للقمر وماذا قدمنا نحن لها"! ولأكون محلية أقول الكل جعل المرأة تقود سيارتها بنفسها ولم يحرمها حرية الحركة وماذا قدمنا نحن لها؟!

جريدة الرياض

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك