السيّد أزمة: هل تعرفه؟

د. فايز بن عبدالله الشهري

    هل تعرف "السيّد أزمة"؟ هل سبق وأن التقيت به أو شاء الله أن يبلوك بأن يكون "السيّد أزمة" في دائرة الأصدقاء والمعارف أو زملاء العمل؟

ربما كنت محظوظا ولهذا لم يستثر عنوان المقال أيّة خبرات سابقة عندك مع هدا النوع من البشر. اسمح لي بداية أن أعرّفك ببعض خصائص "السيّد أزمة" من باب الاطلاع ليس إلا. "السيّد أزمة" يا صاحبي هو نوع من الخلق غير قابل للانقراض ومع انّه كما قلنا كائن بشري لكنه يتميّز بصفات فريدة قد تكتشفها مع أول جلسة حوار حين يعلو بالصوت ويتّهم ويعارض ويقسم اغلظ الأيمان "أن وراء الأكمة ما وراءها".

ومن مهارات "السيّد أزمة" قدرته العجيبة على تحويل كل القضايا والقصص والمواقف إلى أزمات وهو حين يفعل ذلك فهو لا يفتعل سلوكه هذا بل يمارسه كطريقة حياة ومنهج تفكير. ومن عجائب "السيّد أزمة" أيضا أنّه لا يستمد طاقته السلبيّة (كما يراها من حوله) إلا حين يصوّر كل شيء وفق رؤيته المأزومة عن كل شيء.

تجد "السيّد أزمة" وفي معاملاته اليوميّة يصرّ على أن يجعل من كل موقف إنساني قضيّة ثم يحتدّ وينتفض إن خالفته الرأي وبسّطت له المسالة. وإذا أتى متأخرا –مثلا-فهو لا يبدأ بالسلام بل يدخل محتجّا على زحام الشوارع "ومصيبة" السماح للعمال بقيادة السيارات ثم يختم إعلان دخوله بمعاناته في إيجاد موقف. وأنت إن مازحته عاتبا عليه نسيانه إلقاء التحيّة امتعض وسلّم مزمجرا "أنتم اللي نسيتوني" ثم يبدأ الشكوى من ضيق المجلس وانعدام التهوية. تسأل "السيّد أزمة" عن أحوال الزوجة والأولاد فيجيب متذمرا من كثرة الطلبات وانعدام النظام ثم قد يفاجئك بعبارة مثل "ليتنا ما تزوجنا كان ارتحنا".

وحين يتداول من حوله شأنا عاما أو خاصا يقطع الحديث فجأة ويعيد القصة وفق سيناريو الأزمة فلا شيء يمكن فهمه في قناعته إلا في ضوء الصراع والخصومة.

في كل مكان يكون "السيّد أزمة" حكاية فهو لا يكلّ من استنبات الأزمات ولهذا تجده حتى في بيته وبين أسرته لا يسأل ولا يحاور من تولّى أمرهم ولا تسمع إلا عبارات الإصرار والتشنّج في المواقف وحين يتحدث تظن أنّه لا يعرف من جماليات اللغة سوى أفعال الأمر وأدوات النهي. أمّا في دائرة العمل فهو إذا تلطّف وابتسم فسيكون ذلك للسخريّة ممن حوله من المغفلين! الذين لا يدركون (مثله) أبعاد التطوير الإداري الجديد وأنّه مقدمة لأزمة ستطالهم جميعا.

وحين تطوّر "السيّد أزمة" مع تطورات الإعلام الشخصي الجديد نقل معظم قلقه وضجيجه إلى الشبكات الاجتماعيّة وتميّز في هذا الفضاء أيضا حيث حول خدمة "تويتر" إلى منصّة "توتير" يصطنع عبرها الخصوم من كل عمر وملّة وجنس. وحين تتأمل كتابات "السيّد أزمة" في فضاء الإنترنت تجده ينصب محكمة الأزمة محكما كل من لا يرى رأيه، وحين يرصد "السيّد أزمة" كاتبا أو وسيلة إعلام تطرح قضيّة اجتماعيّة لا يستنكف أن يصم من طرحها تارة بالتغريب والانحلال وتارة بالتخلف والجمود وربما نقص الشجاعة. وتتّضح أهم صفات "السيّد أزمة" في كونه لا يتحدّث بصوت خفيض في المجلس ولهذا تجده على الشبكات الاجتماعيّة يقذف أحرفه وشتائمه مثل الحجارة في وجه من يطالبه بالهدوء وتقديم رأيه في حلول ما يطرحه من أزمات معظمها من صنع خياله.

لا علاج لحال "السيّد أزمة" فهو يتعامل مع من حوله من منطلق الضجيج والاحتجاج، ويفرض حضوره بقوة ترديد سوء الظن والشك، ويعتمد في علاقاته على صبر من جمعتهم به دوائر القرابة والعمل ممن أرهقتهم ظنونه السلبية..

هذه بعض صفات "السيّد أزمة".. تأمل حولك فقد "يضبطك" متلبّسا بقراءة سيرته الذاتية!

* مسارات..

قال ومضى: لك الشرف في أن تكون "مالك" الحقيقة أو أحد "خدّامها".

المصدر: http://riy.cc/916698

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك