آمنون بوهم الأمن!!

يوسف الكويليت

    في دول مجلس التعاون الخليجي معظم الاتفاقات المهمة مؤجلة، أو موقوفة بأعذار السيادة، والحق القانوني، ومفهوم تسلط الدولة الكبرى على الصغرى بنزع استقلالها وحرية قرارها، وهي تصورات لأوهام عامة أغرقتنا «بالبيروقراطية» فلا الاتفاقات الاقتصادية ترقى إلى العمل المؤسسي بأن ينشأ تكامل يغذي تنوع الاقتصاد، وعدم اعتماده على مداخيل النفط وحدها، كما لا يبدو أن هناك نية لتوحيد الجيوش في جيش نظامي واحد، أو التنسيق بين الأهداف وخطط التسلح والتدريب، وتوسيع الكليات العسكرية، كذلك الأمر بالاتفاقية الأمنية، والتي تتصاعد تحدياتها حتى أصبحنا مكشوفين أمام أعدائنا، ومن يستهدفون أمننا الوطني..

فهناك وهْم الحماية الأمنية الخارجية بوجود القواعد العسكرية والخبراء وتبادل المعلومات في مكافحة الإرهاب والاعتداءات الخارجية، إلى آخر ما اعتمدناه في قاموس الوهم الأمني حتى إن مجرد التقارب بين إيران وأمريكا، هزّ كيان الأجهزة الدفاعية والأمنية الخليجية بتسويغ الاتصالات مع إيران دون التنسيق بين هذه الدول على وضع قاعدة تضع الأسس والخطط وفق منهج واحد، كذلك الأمر في تزايد نشاط التجسس داخل هذه الدول سواء ما سرّبه كلّ من «سنودن» وأسانج عن الدور الأمريكي، أو ما كُشف عن الكيبل البحري المار بهذه الدول وكيف أن بريطانيا زرعت فيه أجهزة تنصت وتحرّ ومراقبة لكل ما يدور من مكالمات وأسرار عبر هذا الكيبل..

الدور الآخر لنعرف أننا من الداخل مخترقون، سواء ما يأتي من دعاة تجنيد الإرهابيين، أو تمويلهم عبر جهات وصناديق وحسابات سرية بما فيها غسل الأموال لتتجه إلى الإرهابيين في كل أنحاء العالم، وزاد من الأزمات تعدد الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي ما جعل الخليج العربي بؤرة استقطاب وتجنيد، وظلت إيران تلعب دور الممثل والراعي والمدرب، بينما نحن نعيش وهْم استحالة التقاء السني مع الشيعي في توافق عملي، وأن الاتهامات مجرد لعبة سياسية ليس لها في الواقع المعاش أي حقيقة، في الوقت الذي اعترف من قُبض عليهم ليس فقط في دول الخليج، وإنما بدول أخرى، أن إيران هي المؤسس والمقرر للقاعدة، وحالياً داعش بتعاون مع نظام الأسد، وأن الموضوع ليس فصلاً لتمثيلية سياسية، وإنما هو خطط وبناء منظومة عمل تقوم على استراتيجيات طويلة الأمد..

فالشكوك تتحدث بأنه ليس هناك تنسيق أو تبادل معلومات ورصد لما يجري داخل هذه الدول، أو ما يُطبخ لها في الخارج حتى بتعرض بعضها لمحاولات تخريبٍ واستهدافٍ لأشخاص ومنشآت ما يعطينا حقيقة أن الواقع المؤلم بالتعاون الأمني، صار هماً خامساً أو سادساً عند البعض ودون أي دور لدول أخرى..

من يدعي الحصانة فإنه لا يخطئ في التقدير فقط، وإنما يتجاهل الحقائق، وحتى المعلومة عند دولة حليفة كبرى قد تتخذها وسيلة ضغط أو ابتزاز، لأن هناك مصالح عليا تقام عليها السياسات، وقد شهدنا كيف أن أمريكا وأوروبا، بالتعاون مع إسرائيل، لا تزال تؤدي الأدوار التي لا يعنيها أمننا حتى إن طائرات التجسس، والأقمار الاصطناعية، وحالياً مظلات الاتصالات تؤدي أدواراً ليست في مصلحتنا بأزمنة الحرب والسلم..

الخليج العربي، بدوله وشعوبه وثرواته وموقعه، مستهدف أمنياً وعسكرياً، ومن يعتقد عكس ذلك يجدف في السراب، ودون أن نفهم اللعبة واللاعب، ومن يديرونها فإننا سنبقى في عمل طويل وطويل جداً..

المصدر:http://riy.cc/909174

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك