الصدر الأعظم

اميمة الخميس

    في عام 1926 (العمامة والقفطان الأزهري) سيكونان حلماً باذخاً لفلاح مصري يتيم كان يحدس أنه سيجد في ردهات الأزهر ملجأ لحيرته، ومن يوميات تلك الردهات نفسها نسج الشيخ القرضاوي تفاصيل حلمه الكبير، بأمة عظمى وأمجاد وبيارق الخلافة.

لكن الفضاءات المصرية ضاقت باتساع الحلم، فمصر آنذاك شعب غاضب تتخطفه أسواق الشعارات وسجون واغتيالات وحصار، والضباط الأحرار اختاروا الحرية لهم فقط، وللبقية أفواهاً ملجمة مكممة فلا صوت يعلو على صوت المعركة...فغادر للخليج.

استنبات ظاهرة القرضاوي في الخليج لا يمكن إرجاعها للصدفة أو لتوافق غير مقصود، فهو كان حاضراً ممتداً عبر نوافذ متعددة، شجرة جميز مصرية كبيرة في مناخ صحراوي شحيح المياه، متحفظ التضاريس، يكمن في إرثه ذاكرة العطش، خليج دينه سلفي بسيط التفاصيل، وبساطه حنبلي متقشف يغلب عليه السمت والوقار، عندها لم تجد جميزة الشيخ القرضاوي النهمة للماء ينبوعاً تشرب منه سوى التصريحات النارية والقضايا الإشكالية، واستقطاب الثورات والثوار، فالأخواني العريق هو من أوائل من خلط زيت الدين بماء السياسة على ضفاف

الخليج، وبنى منبره ورفعه بالحقائب والأجندات السياسية.

ومابرح وفي قلبه لواعج الأمة وأطياف الخلافة وحيرة بين وطنين وبين قراءتين، فهو الذي وصف الأخوان المسلمين بأنهم (أفضل مجموعات الشعب المصري بسلوكهم وأخلاقيتهم وفكرهم وأكثرهم استقامة ونقاء.)، ورغم أنه اتبع مشروع المؤسس (حسن البنا) مشروع توازن دوائر الانتماء والاندماج في المجتمع المصري دون عنف، إلا أن الشيخ القرضاوي كان أول من أفتى بالعمليات الانتحارية وروج لها، وظل دوماً في غابة الفتاوى يتقافز من غصن إلى غصن فبوق قناة الجزيرة كبير.

فهو حيناً يرأس وفداً إسلامياً يذهب إلى أفغانستان ليحمي تماثيل (دميان) من همجية تدمير طالبان، وأحياناً أخرى يتجاوز أسواره المذهبية ويرفع من السيد نصرالله تمثالاً محرراً للأمة، ومن ثم لا يلبث أن يعود عن هذا.. فتقلبات السياسة تتخطفه، وغابة الفتاوى مزدحمة بالغصون والفروع، وبين هذا وذاك القلب مابرح أخضر، فتزوج من أسماء الجميلة الجزائرية سرا، رغم أن حكايتهما لاحقاً تناقلتها الجرائد في صفحات فضائح النجوم.

فالنجم الحاضر النافذ تطوقه دوما الإشاعات، كتلك الإشاعة التي تقول بأنه مستنبت في الخليج كي يناهض القراءة السلفية للمشهد، وكورقة ضغط تزحزح هيمنة الخطاب السلفي عن الخليج.

إذاً لا بأس من تأسيس مصلّى صغير على ضفاف الخليج إمامه القرضاوي.

وكان طوال الوقت يلعب على وتر الوسطية والتجديد وهو الطعم الأخواني الذي ابتلعته حتى أمريكا في علاقتها مع شعوب المنطقة، رغم عيونها ومخابراتها وقوتها الناعمة.

كثير الذي يقال عنه....

المصدر: http://riy.cc/908221

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك