يقوم الفيروس بالتطفل على الخلايا، وكسلوك عدواني يقوم بافراز الحمض النووي الريبي الخاص به في الخلايا المُضيفة التي سيتم تجنيدها كخلايا سرطانية مجبرة على تدمير النظام المناعي للجسد ومن تم القضاء عليه. أحيانا ما ينشأ هذا السرطان من الداخل، وذلك بتحول خلية سليمة لخلية سرطانية نتيجة تغييرات بالنظام الداخلي أو بالمادة الجينية.
من جهة أخرى، يقوم الفيروس بالتطفل على شخص، وكسلوك عدواني يقوم بإفراز أفكار ومفاهيم معينة خاصة به في العقول المُستَقبِلة التي سيتم تجنيدها كجهاديين مجبَرين على تدمير النظام الأمني للمجتمع ومن تم القضاء عليه، والاستيلاء عليه مثل استيلاء السرطان على العضو/الجسم. أحيانا ما ينشأ الإرهاب من الداخل، وذلك بتحول شخص عادي لمُجنِّد مُسرطَن، نتيجة تغييرات بالنظام الديني الداخلي أو المادة التعليمية، منها الخطاب الديني.
علاج السرطان غالبا ما يكون بفصل العضو الذي استشرى فيه الفيروس عن الجسد أو ما يُعرف بالاستئصال الجراحي، أو بالعلاج الإشعاعي الكيميائي وذلك بحرق الخلايا المُسرطَنة، و إما بمنعه من الانتشار وتقوية الجهاز المناعي ضده. والاقتراح الأخير هو أفضل علاج لسرطان الإرهاب، فاجتماعيا حتى لو تم فصل الخلايا السرطانية كاستئصال فهذا لا يعني القضاء عليه (السرطان)، لأنه ليس مادي بل معنوي، ينتقل فكريا وبسرعة ويصعب التنبأ بإعادة ظهوره. أما الحرق الكميائي فلا يصلح، فكما أشرنا فإن الحرق يطال المادة وليس الفكرة، لدى فإن استباق الأحداث وتوقية الجهاز المناعي الفكري للمجتمع هو ما يشكل صدا ضد الفيروس الفكري. ألا يصبح العقل تربة خصبة قابلة للزراعة، ويصبح المواطن قابل للتجنيد مقابل خدمة “أيديولوجية تدميرية”.
بإحدى الطرائف المتناقلة، أراد شاب سوفييتي الانتساب للحزب الشيوعي، غير أن المسؤول عن الحزب أخبره بأن هناك شروط يتوجب الالتزام بها قبل الانتساب للحزب والانضمام لأعضائه. وكانت الشروط كالتالي :
1 ـ الشرط الأول : الانقطاع عن الممارسة الجنسية إلى حين الزواج
انفجر الشاب غاضبا إلى أن هذا الشرط لا يجوز، باعتبار أنه شاب ويحتاج للحب والتعرف على النساء ولا يمتلك بعد مقومات الزواج، ولا يعقل أن يكبت نفسه.
أجابه المسؤول بأن الانتساب للحزب اختياري وليس بالاجبار، غير أن الانضمام يحتم احترام الشروط. فتراجع الشاب ووافق على الشرط مؤكدا أن رغبته بالانضمام أكبر من متطلباته الجنسية.
2 ـ الشرط الثاني : الاقلاع عن الكحول والتدخين وكافة أنواع المخدرات، فالحزب يرفض أن يتحدث المخدرون والسيكيرون بكلام ماركس وإنجلز ولينين
ذُهل الشاب واستغرب من طلب المسؤول بأن يمتنع عن الجنس، وبمنعه عن استعمال المخدرات والكحول للهروب ونسيان مشاكل الواقع ببعض الأحيان، وبغرض التسلية والمتعة بأحيان أخرى. فأعاد المسؤول تكرار جوابه بأن الانتساب اختياري وليس اجباري، ويجب احترام الشروط عند الرغبة بالانضمام. تراجع الشاب هنا أيضا وعبر عن امتناعه عن استعمال المخدرات وشرب الكحول مقابل الانضمام للحزب الذي يعطيه أولوية على ما عداه.
3 ـ الشرط الثالث : أن تكون على استعداد للتضحية بالذات في سبيل الحزب عندما يتطلب الأمر ذلك
وافق الشاب من دون تردد، فاستغرب المسؤول وأراد تفسيرا من الشاب الذي امتنع عن التنازل عن الممارسة الجنسية وعن الكحول والمخدرات، ولم يهتم بأن يقدم حياته في سبيل الحزب.
فأجابه الشاب بأنه عندما يتم منع الشباب من ممارسة أنشطتهم بحرية ويتم حرمانهم من المتع المتوفرة ويتم فرض اسلوب معين لممارسة حياتهم، فأي معنى يتبقى للحياة، وأي شيء أسوأ ساعتها من التضحية بها!!
عندما يجد الإنسان عموما والشباب خصوصا، أن سقف الحرية يضغط على رؤوسهم فإنها سرعان ما ستنفجر.
عندما يتم تضييق الخناق فإنهم يستسلمون لأي وسيلة تحقق تفريغ الطاقة المحبوسة القابلة للانفجار.
عندما لا يجد الشباب في ظل الوسط الاجتماعي، فرص عمل أو إبداع أو التعبير عن الذات بأي وسيلة من الوسائل، زيادة على سياسة اللامبالاة تجاه مشاكلهم إن لم يتعرضوا للتجاهل أو القمع والمنع والتحريم .. فإن تدمير المجتمع قد يرونه واجباً!
يقول الراهب البوذي دالاي لاما : “من الضروري مساعدة الآخرين، ليس في دعائنا فحسب، بل في حياتنا اليومية. إذا وجدنا أنفسنا عاجزين عن مساعدة الآخرين، فيمكننا على الأقل الامتناع عن أذيتهم”. لكن الغريب في الأمر هو أنك تجد العاجزين عن مساعدة الآخرين، هم من يسبّبون ويتسبّبون في أذيتهم!
إن فيروس الإرهاب لا يأتي من جهة الدين دائما كما يصور البعض (سياسية الإعلام)، بل حتى من اللادين كما حدث عند نشوء الدولة السيوفيتية اللادينية، وكما حدث بصعود النازية للسلطة وما سببته لباقي الأطياف. فأمام الإرهاب الذي ينتج من الشرق، يجب ألا ننسى عنصرية الغرب التي يتغاضى عنها الإعلام الدولي، هناك نزعة عدوانية وممارسة لا إنسانية من كلا الجانبين، نشير هنا لبعض النزعات المتقافزة والتي تطفو هنا وهناك.