لماذا المملكة خط مواجهة في لبنان؟!
حمَل الجنسية السعودية اثنان من رؤساء وزراء لبنان، وهي ظاهرة غير عادية في العلاقات العربية، وقد ترددت العديد من الأسئلة لماذا لبنان إحدى مهام المملكة في كل أحواله السلمية والحروب الصغيرة والكبيرة، ولماذا يرقى بعلاقاته على بلدان أخرى؟
قد لا تكون أهمية لبنان الاستراتيجية مثل جارته سورية، ولا الحجم الجغرافي والسكاني والاقتصادي القادر على لعب دور المرجّح في الأحداث العربية الكبرى، لكنه مع كل هذه النواقص، استطاع أن يكون لاعباً بأسماء وصفات متعددة، سواء أكانت عربية أم أجنبية اتخذت منه رأس حربة لقلب أنظمة، أو إعادة هيكلة أخرى، تحت ذرائع صراع القوى في المنطقة، وقد حمى نفسه قبل الحرب الأهلية بما يشبه الديمقراطية الأفضل في المنطقة العربية كلها، لكنه دفع الثمن كبيراً عندما انفجرت الحرب الأهلية، وبعدها تغيرت موازين القوى الداخلية ليظهر حزب الله القوة الأكبر حتى بين المسلمين السنة، والمسيحيين، وهنا انقلبت المواقف فصار لبنان مخطوفاً من إيران، وتحول إلى ذراع لها رغم أن الطائفة الشيعية في ميزان الإحصاءات السكانية ليست الأكبر ولكنها الأكثر تماسكاً وشعوراً بالوحدة بين المنتمين له..
ترْك لبنان رأساً للهلال الشيعي الإيراني قد يغير من موازين السياسة العربية كلها؛ لأن الأيديولوجيا التي يحملها الحزب تذهب إلى الاحتماء بمقدس ديني، ونقيض ما كان يعيشه لبنان من تعددية حزبية وطائفية، ثم إن الغاية من إنشائه ليس فقط حماية الطائفة، وإنما لعب دور للدولة الإقليمية غير العربية، والمعادية بشكل صريح للأغلبية السنية فيه، وهنا جاء دور المملكة بتعزيز دور الدولة كبديل عن الأحزاب والطوائف من مبدأ ألا ينزلق إلى عودة للحرب، أو الارتماء في حضن إيران، وبالتالي فإن التعهد في بناء قوة عسكرية لا تنتمي لأي أقلية أو أكثرية من التصنيفات اللبنانية، يعني عودة لبنان لحماية أمنه الوطني وقراره السياسي بغطاء أمني، ومساهمة المملكة بثلاثة مليارات دولار جاءت من أجل غلق الأبواب على أي دور لحزب أو تجمع بمساعدة قوة خارجية ما يعني تعريضه ليكون البديل الأخطر في تنمية دور الإرهاب، وهو بيئة صالحة بشكل كبير لو عادت حروب الطوائف..
ونأتي على الحالة السورية وتأثيرها على مجمل أمن لبنان والتي تؤكد أن دخول حزب الله في شؤونها قد ينجح لوقت محدود في مساندة قوة النظام المدعومة من إيران والعراق، لكن ما بعد سكوت الطائرات والمدافع ستكون سورية جواراً مرعباً؛ لأن الثارات التي جعلت حزب الله يعتدي على شعب يريد أن يقرر مصير دولته ووجوده، سوف تفتح الأبواب المغلقة على كل وصفة، لأن هناك شعوراً عاماً طاغياً خلق قناعة بأنه جزء من أزمة سورية، وهذا لن يأتي بالتسامح والتعايش السلمي، ولذلك فالحل الوحيد هو أن تكون دولة لبنان هي القوة التي تمثله، وتحجيم حزب الله عند حدود دوره السياسي فقط، وهذا ما أجبر المملكة على اتخاذ قرار إنقاذ لبنان من أن يكون عامل تهديد للاستقرار العربي كله..
المصدر: http://www.alriyadh.com/2014/01/02/article897500.html