التفسيرات الانهزامية!!

                                                                                                 د. حنان  حسن عطاالله

    يلجأ الإنسان في كثير من الأحيان للتفسيرات الانهزامية لكي يبرر شعوره بالظلم والاضطهاد! وينتشر هذا النوع من التفسير كثيراً فى مجتمعاتنا العربية!

ولعل المرأة هي الأكثر لجوءاً لهذه التفسيرات وذلك لتعرضها أكثر من غيرها للظلم ولسلب الحقوق! وضعف الحيلة! خذوا مثلاً الزوجة التى يضربها زوجها! فنراها تردد "يا الله أحسن من غيره على الأقل يصرف على أولاده"!! إن لم تردد هي ذلك، فستسمعها حتماً من غيرها! أتذكر أحدهم وفي برنامج على الهواء نصح متصلة بأن تصبر على ضرب زوجها! فهو يعرف غيرها ممن يتعرضن لضرب أزواجهن وأزواجهن أيضاً يتعاطون المخدرات!! فهي بالتالي أفضل حالاً! خذ مثلاً آخر عند المناداة بتصحيح وضع المرأة، نبدأ بسرد القصص والتي أغلبها مختلق!! وفحواها أن المرأة لدينا أحسن وضعاً من غيرها سواء كانت امرأة غربية أو شرقية! وهكذا ترى أمثلة لعدد من النساء ممن ربما يرفض تغيير واقعهن السيئ ويرضين به! وقد تندهش من تصرفهن هذا! لكنك تفهم عندما تعرف كيف تمت برمجة عقولهن على أن يتقبلن هذا الوضع!

ونحن في ثقافتنا العربية نلقن أطفالنا هذه الطريقة في التفكير أيضاً منذ الصغر! خذوا الأم التي مثلاً ترفض طلباً ما لابنها! ثم تبدأ بسرد مبررات من قبيل أنت أفضل من غيرك، فغيرك يعيش في خيمة وتحت البرد الخ، بدلاً من أن تشرح له سبب رفضها بمنطقية! وهنا نعلم أطفالنا أول درس لقبول الهزيمة والرضا بأقل وضع أو حال!!

كل هذه المسكنات تعلم التقاعس وعدم البحث عن الأحسن والاكتفاء بالمتاح! إنها دعوة للاستسلام والهزيمة وعدم المحاولة أو حتى مجرد التفكير بها والاكتفاء بما يحصل عليه الفرد! إن تشرّب هذه التفسيرات يؤدي في النهاية إلى العجز وضعف الحيلة وبالتالي الاكتئاب!

ختاماً لا بد أن نفرق بين أمرين مختلفين وهما الامتنان لما هو موجود وتذكر نعم الله وشكره عليها الخ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى السعي إلى تحسين الواقع أو على الأقل رفض الإساءة أو العذاب كما في حال من ذكرت من النساء! أسهل حل لدينا أو إجابة تزيح عنا عبء مسؤولية التغيير أو التعاطف مع الشخص أن نقول له:"احمد ربك"! لا اعتراض على حمد الله هنا! ولكن هذا الشخص لا يحتاج إلى سماع ذلك!هو يحمد الله على كل حال! ما يحتاجه هو التعاطف والتقدير لما يمر به والتفكير كيف يغير وضعه للأفضل لا إلى المزيد من العبارات الانهزامية!

 المصدر: http://www.alriyadh.com/2014/01/02/article897561.html

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك