شيء.. مما لا يُنسى

                                                                                                   تركي عبدالله السديري

    ماضينا ليس بالسهل..

إنه أقرب ماض عربي عند المقارنة مع الدول الكبرى سكاناً ومساحة.. حتى إن بعض تلك الدول سبقت بلادنا بما لا يقل عن مئة عام في اكتسابها بعض أنماط التطور الغربي.. وكنا - وهذا معروف عند الجميع - نعيش واقع بداوة أو قروية متخلفاً تماماً..

في لقاء سابق ذكرت أن شاب الماضي قبل عشرات السنين وليس مئاتها.. قفز من وسيلة النقل.. الجمل.. إلى السيارة.. ومن مدرسة المطوع آنذاك إلى عصر الجامعات.. وخذ نماذج أخرى مماثلة كالانتقال من بيت الطين إلى حداثة الفيلا وتواجد مهنية الهندسة وقدرة الطب ومعرفة ماذا يعني رأس المال..

لكن أليس من اللائق أن يبقى من ذلك الماضي ما يجب أن يراه الجيل الجديد المندمج في كل منطلقات التطورات؟..

ذهبت إلى دخنة عشرات المرات منذ بداية هذا العام، وكان في ذهني ضرورة لو وجدت أول بيت سكنته مع والدتي - رحمها الله - وأنا طفل أن أشتريه الآن.. لكنني لم أجده، بل إن خمسة بيوت استأجرناها لم أعثر على واحد منها..

دخنة وما جاورها ذهب بهما التجديد نحو الأفضل سكانياً، لكن الأفضل لو تم حجز مساحة من أبعاد حي دخنة أو ما جاورها.. الذي كان وقتها سكناً مرغوباً في عصر الطين.. حتى نحتفظ به ممثلاً واقع ما كانت عليه حياتنا في ماض قريب..

من ناحية أخرى؛ اعتبرت نفسي محظوظاً عندما ذهبت للاطلاع على نوعية قصر الملك عبدالعزيز.. والوقوف عند سكن هذا الرجل العظيم تاريخياً إنما هو وقوف عند واقع يعني بداية انطلاقك نحو حاضرك المتميز حالياً عربياً وإسلامياً.. لكن لي ملاحظة تخص طبيعة وجود من يأتون إلى هناك - ومعظمهم غير محليين - بأنهم في حاجة إلى تنسيق تواجد يوضح ما كانت تعنيه الأقسام من ناحية، ومن ناحية أخرى توضيح ما هو إداري وما هو سكني..

إن الملك عبدالعزيز ليس مجرد حاكم باشر سلطته ثم انصرف مع نهاية حياته - رحمه الله - الأمر يختلف عن ذلك كثيراً.. حيث إن بدايته هي بداية وجود هذا الحضور المعاصر الاقتصادي والسياسي والتطور الاجتماعي الذي لم يكن أحد يحلم به آنذاك..

الملك عبدالعزيز ليس مثل أي حاكم في العالم يمرر فقط ما هو متعلق بشخصه، وكذا ما هو يختلف به عن غيره.. فهو رجل تأسيس تاريخي متعدد الغايات، فلم يتوجه إلى صراع عداوات، كما كان واقع معظم مساحات الجزيرة العربية، ولكنه في بعد نظره مارس لغة العقل لا لغة جبروت كما هي عند غيره، ليوجد هذا الواقع المشرّف عبر كل الاتجاهات..

هنا.. أتصور ضرورة أن يزوّد المكان بمواقع معلومات بإيجازات مهمة عن تاريخه ومراحل ذلك التاريخ.. المقارنة بين كيف بدأ وكيف كانت الدولة عندما انصرف..

أمر آخر؛ لماذا لم تزود أطراف الموقع بمقاهٍ ومطاعم متميزة.. يجد فيها الوافدون فرص جلوس مريحة..

 المصدر: http://www.alriyadh.com/2014/01/01/article897237.html    

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك