مستقبل الطاقة الشمسية النظيفة في البلاد العربية
خالد عارف عثمان
تشكّل الطاقة مشكلة اقتصادية وإستراتيجية لجميع دول العالم المستوردة للنفط، إلا أنّ هذه المشكلة تُشكل بُعدًا أكثر جديّة عند الدول النامية وذلك بسبب اعتمادها الكلي على الطاقة المستوردة. إضافةً إلى أنّ الطاقة المستمدة من المصادر الأحفورية أو المفاعلات النووية تكون مصحوبة بتلوث كبير للبيئة، تعود انعكاساته السلبية على كلّ الكائنات الحية مما يزيد في تدهور الظروف الصحيّة والبيئيّة، ورفع مستوى ظاهرة الاحتباس الحراري، وزيادة التصحر الذي يهدد الغطاء النباتي ويهدد الثروة الحيوانيّة ومصادر الغذاء في العالم, وذلك بالإضافة إلى عمر المصادر الأحفوريّة المحدود والذي تنبئنا الدراسات الحالية بأنّه سينتهي في النصف الثاني من هذا القرن...
وأخيرًا نوقشت في كلية الهندسة الكهربائية والميكانيكة بجامعة تشرين في اللاذقية بسورية, رسالة لنيل درجة ماجستير علمية فيزيائية بيئية للطالبة إسراء أنس ليلاً, بعنوان «الطاقة الشمسية وكيفية الاستفادة منها» بإشراف عدد من الأساتذة والباحثين في مجال الطاقة البديلة النظيفة.. المجلة حضرت مناقشة الرسالة, وحرصًا منها على الفائدة, تبرز أهم ما جاء فيها, وأهم النتائج والتطبيقات التي توصلت إليها الباحثة في هذا المجال, وتعد خلاصة علمية وتطبيقيا عمليًا يمدّ البشرية والمجتمعات لاسيما- في الدول النامية بما يلزمها من الكفايات الطاقية الاستهلاكية النظيفة, صديقة البيئة.. الطاقات البديلة وجهود البشرية.. الطاقة والطاقات المتجددة.
لقد تنبّه العالم إلى خطر التلوث الذي يهدد البشريّة كلها، فبدأت الجهود منذ أكثر من ربع قرن بإجراء الأبحاث والتجارب لإيجاد مصادر بديلة للطاقة التقليديّة تتميز بالتجدد والاستمراريّة وعدم التلويث للبيئة. يمكن أن نذكر من هذه الطاقات ما يأتي: الطاقة الهيدروليكية (طاقة تساقط المياه الطبيعية أو الاصطناعية، طاقة الأمواج، طاقة المد والجزر، طاقة التدرج الحراري لمياه المحيطات) وطاقة الكتل الحيوية، بإضافة إلى طاقة الرياح والطاقة الشمسيّة والطاقة الجيوحراريّة وطاقة الهيدروجين. لكنّ التركيز في هذه البحوث كان على الطاقة الشمسيّة وتقنيات استثمارها نظرًا لوفرتها وعدم كلفتها الكبيرة مقارنة بالأنواع الأخرى من الطاقات البديلة.
إن الطاقة الشمسية كغيرها من مصادر الطاقة لها جوانب إيجابية وسلبية.وسنكتفي بالإيجابية ومن أهمها:
- الطاقة الشمسية طاقة هائلة من حيث مخزونها وكميتها، من حيث مخزونها: إن الشمس منبع لا ينتهي من الطاقة. ومن حيث كميتها: إن ما يصل إلى الأرض من الأشعة الشمسية يعادل عدة أضعاف احتياج البشرية من الطاقة.
- الطاقة الشمسية مجانية، لذلك يعتمد استخدامها على الكلفة التأسيسية فقط.
- تتوزع الطاقة الشمسية على سطح الكرة الأرضية، وتصل إلى الجميع فلا حاجة لنقلها وتوزيعها.
- على الرغم من الفرق في توزع الطاقة الشمسية بين خط الاستواء والقطبين إلا أن توزعها حسب خطوط العرض منتظم تقريبا، ويعتمد على المنطقة الجغرافية مما يسهل عملية دراستها واستخدامها وتبادل المعلومات والدراسات حولها.
- تعد الطاقة الشمسية عمليّة من ناحية استخدامها، فهي قابلة للتحول إلى أنواع أخرى من الطاقة كالطاقة الحرارية والميكانيكية والكهربائية.
- تعد هذه الطاقة لا مثيل لها في بعض الاستخدامات الخاصة فيما يتعلق بحياة الإنسان والنبات (مثل المشاريع الضخمة التي تعتمد على تبخير كميات هائلة من المياه وعمليات التركيب الضوئي وغيرها).
تعد هذه الطاقة مصدرًا نظيفًا للطاقة من حيث تأثيرها على البيئة وغير خطرة الاستعمال
أثر الأزمة النفطية العالمية في استثمار الطاقات البديلة
بناءً على ما تقدم، ومنذ نشوب الأزمة النفطيّة عام 1973، اتجهت العديد من الدول العربيّة إلى استثمار بعض مصادر الطاقات المتجددة كالطاقة الشمسيّة وطاقة الرياح. فقد بدأت أنظمة الاستثمار لهذين النوعين من الطاقات المتجددة في الانتشار تدريجيًا حتى وصلت إلى المرحلة التجارية وأصبحت الكثير من الدول تعتمد على هذه الأنظمة في توفير جزء لا يُستهان به من احتياجاتها الطاقيّة (الكهربائيّة، الحراريّة والميكانيكيّة).
الطاقة الشمسية عصب الحياة المستقبلية
تُعدُّ الطاقة الشمسيّة من الطاقات التي ستشكّل، بدون أدنى شك، عصب حياتنا المستقبليّة. فحاليًا بدأنا نلتمس فوائدها ولكن السنين المقبلة بما ستحمله من تطورات ستغني حصيلتنا في فهم هذه الطاقة، بالإضافة إلى تحسين استفادتنا منها وإيجاد الصيغ التي تمكّن من استغلالها بأقل كلفة. فالطاقة الشمسيّة هي الشكل الأصيل للطاقة التي نشأت منها الحياة وواصلت تقدمها على الأرض، وإنّ استخدام أي قدر منها لا يشكل خطورة على أي نوع من أنواع الكائنات الحية، لذلك لا بدّ من استخدام الطاقة الشمسيّة في المناطق المشمسة من العالم، ومن أهم استخداماتها:
أولًا: الاستخدامات الحرارية: أي إنتاج الحرارة باستخدام الطاقة الشمسيّة ومنها:
1 - تسخين المياه للحاجات المنزلية والإنتاجية: يُعد من أكثر التطبيقات الحرارية استخدامًا، ويُسمى الجهاز الذي يعمل على تسخين المياه باستخدام الطاقة الشمسية بسخان الماء الشمسي والذي يقدم فائدتين أساسيتين وهما: تقليل الحاجة إلى مصدر طاقة مساعد (حرّاق يعمل على الغاز أو الفيول أو مقاومة كهربائية) من أجل تسخين الماء. وتخفيض التلوث البيئي.
2 - تدفئة المباني السكنية والصناعية: وهناك نوعان أساسيان للتدفئة الشمسية وهما:
- التدفئة الشمسية الفعالة: وتسمى التدفئة الفعالة نتيجة لوجود أداة دفع للوسيط الحراري المستخدم (مضخة في حال الماء، ومروحة في حال الهواء)، ويتألف نظام التدفئة الشمسية الفعالة من مجمعات شمسية، الخزان الحراري، مصدر مساعد للطاقة، مجموعة القيادة والتحكم، والتوصيلات.
- التدفئة الشمسية السلبية: يتميز هذا النوع من التدفئة بعدم وجود مراوح أو مضخات، ويتم انتقال الحرارة في هذه الحالة بالحمل الحراري الطبيعي والإشعاع والتوصيل.
3 - التكييف الشمسي والتهوية: وهناك نوعان من التكييف الشمسي:
- التكييف الشمسي بالتنشيف والتبخير.
- التكييف الشمسي بآلة تبريد امتصاصية.
4 - تجفيف المنتجات الزراعية والصناعية: أي تخليص المواد المراد تخزينها لقترة طويلة من السوائل التي تحتويها بنسب معينة بهدف حمايتها من التلف، وللتجفيف الشمسي ثلاثة أنواع:
- التجفيف عن طريق التعرض المباشر لأشعة الشمس.
- التجفيف عن طريق التعرض إلى الإشعاعات الشمسية عبر الزجاج.
- التجفيف في الظل ضمن تيار هوائي ساخن ذي درجة حرارة أقل من Cْ50.
5 - تقطير مياه البحر والمياه المعدنية ومعالجة المياه المالحة.
6 - تخمير ومعالجة الفضلات العضوية لانتاج الغازات الصناعية .
7 - الإرجاع الكيميائي للمواد العضوية.
8 - التسخين الشمسي للمسابح.
9 - الإفادة من الطاقة الشمسية في وسائل النقل.
10 - البرك الشمسية.
11 - الطهي الشمسي.
ثانيًا: الاستخدامات الكهربائية:
1 - التحويل المباشر للطاقة الشمسية إلى كهرباء باستخدام الخلايا الشمسيّة:
إن التأثير المباشر للطاقة الشمسية من أجل الحصول على الطاقة الكهربائية يسمى بالأثر الكهرضوئي، وتولد الخلايا الشمسية كهرباء مستمرة ومباشرة (كما في البطاريات العادية والسائلة)، حيث تعتمد شدة تيارها على سطوع ومستوى أشعة الشمس وكفاءة الخلية نفسها.
2 - التحويل غير المباشر للطاقة الشمسية إلى كهربائية:
حيث يتم استخدام الطاقة الشمسية للحصول على الطاقة الحرارية، ثم الميكانيكية التي تتحول في النهاية إلى طاقة كهربائية، ويتم ذلك في محطات توليد الطاقة الكهربائية الشمسية، والتي إما أن تكون محطات غازية أو بخارية أو محطات مركبة (بخارية-غازية) مدمجة مع نظام الطاقة الشمسية أو تكون محطات شمسية فقط.
إستراتيجية الطاقة الشمسية تطبيقاتها ومجالاتها المتعددة
يمكن تحويل الطاقة الشمسية - إضافة لما سبق- إلى أشكال أخرى من الطاقة كالطاقة الحرارية والتي لها تطبيقات متعددة في مجالات مختلفة (تسخين الماء، تدفئة المباني، تسخين أحواض السباحة، تنقية المياه المالحة، التبريد، التجفيف، البرك الشمسية، الطهي.. إلخ).
أما الشكل الآخر من الطاقات الذي يمكن تحويل الطاقة الشمسية إليه فهو الطاقة الكهربائية، حيث يمكن التحويل وفق آليتين: الأولى ترموديناميكيّة تعتمد على التحويل الحراري أولًا للطاقة الشمسية في نظام ترموديناميكي (محطة كهربائية شمسيّة تحتوي على مجموعة العنفة ومتمماتها) للحصول على وسيط التشغيل الذي سيستخدم في الحصول على الطاقة الميكانيكية عن طريق تدوير العنفة والتي ستقوم بتدوير منوّبة مربوطة على محورها، وهذا بدوره سوف يؤدي إلى توليد الطاقة الكهربائية. أما الآلية الثانية للحصول على الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية فهي الطريقة المباشرة التي تعتمد على التحويل الفوتوفولتي باستخدام الخلايا الفوتوفولتية التي تصنّع بشكل اعتيادي من مواد نصف ناقلة يتم إشابتها بنوعين من العناصر للحصول على أنصاف نواقل من النوعين (N) و(P)، حيث يتم الاستفادة من طاقة الفوتونات الضوئيّة لتحرير الإلكترونات والتي يتم إمرارها في دارة خارجية للحصول على التيار الكهربائي.
التحويل الفوتوفولتي للطاقة الشمسية
نعم لقد تم التركيز على هذا النوع من التحويل (التحويل الفوتوفولتي)، ومحاولة رفع كفاءة الخلايا الفوتوفولتية وذلك عن طريق خفض درجة حرارة سطح الخلية. يتم ذلك بالتخلص من الحرارة المؤدية إلى تسخين الخلية، حيث تتميز الخلايا الفوتوفولتية بتابعية مردود التحويل الفوتوفولتي لدرجة حرارة الخلية نفسها. فعندما توجد الخلية في ضوء الشمس لزمن طويل فإنها تسخن نتيجة امتصاص جزء من طاقة السيالة الضوئية بشكل حراري في مادة نصف الناقل، ومن ثمّ تتناقص استطاعتها. كما نسعى في هذا البحث إلى إمكانية استخدام الحرارة المسحوبة في مجالات أخرى كتسخين الماء.
تطبيقات تحويل الطاقة الشمسية إلى حرارية:
تتعدد تطبيقات التحويل الطاقي الشمسي لكن من أهمها:
1 - تسخين الماء الصحي:
يسمى الجهاز الذي يقوم بتسخين الماء باستخدام الطاقة الشمسية بالسخان الشمسي، وقد أصبح استعمال هذا الجهاز واسع الانتشار في معظم أنحاء العالم.. ومن أهم أنواعه:
سخان الماء الشمسي ذو التخزين الذاتي أو المدمج:
يتميز هذا الجهاز بأنه بسيط وغير مرتفع الثمن ولكن من مساوئه أنه يحفظ الحرارة لبضع ساعات فقط وليس طيلة الليل.
سخان الماء الشمسي المدمج أو ذو التخزين الذاتي.
سخان الماء الشمسي من نوع السيفون الحراري ذو الأنابيب.
وسخان الماء الشمسي ذو الدفع القسري.
خاتمة....
هذه الطاقة الشمسية البديلة والنظيفة واستخداماتها واستراتيجياتها في المنطقة العربية ونحن نعرف أن البلاد العربية من البلاد الدافئة والمشمسة والمطلوب الاستفادة من هذه النعمة.. بسم الله الرحمن الرحيم لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ صدق الله العظيم. فالحمدلله, وسبحان الله الذي وهبنا من نعمه ما لا يعدّ ولا يحصى, فتأمل أيها الإنسان, وقدّر. حافظ, ولا تفرّط, المستقبل بيد الله, ولكن علّم الإنسان ما لم يعلم! فهل نرعوي ونتنبّه, نحافظ ولا نفرّط في نعم الله وخيراته وآياته التي جعلها في خدمة البشرية؟!.
المصدر: http://www.alarabimag.com/Article.asp?Art=1307&ID=26