قضايا اللغة العربية المعاصرة.. في مؤتمر مجمع اللغة العربية

فاروق شوشة

 

تحت هذا العنوان: «قضايا اللغة العربية المعاصرة» انعقد مؤتمر مجمع اللغة العربية في القاهرة، في دورته التاسعة والسبعين، وهو أطول المؤتمرات انعقادًا في العالم العربي وربما في العالم، لأنه يستمر على مدار أسبوعين، طبقًا لقانون المجمع ذاته. وقد روعي في عنوان مؤتمر هذا العام أن يكون واسع الإطار، مترامي الآفاق، ملبِّيًا لاحتياجات الباحثين من أعضاء المجامع العربية والأعضاء المراسلين الذين يريدون أن يترك لهم اختيار المجال الذي يتناوله كل منهم من دون تقييد. من هنا فقد جاءت الأبحاث - في مجموعها - متنوعة، وإن كانت متكاملة، يعكف كل منها على زاوية من الزوايا أو قضية من القضايا، وبقدر ما تعددت الرؤى ومناهج التناول كان الحصاد وفيرًا ومثمرًا.

لمحة تاريخية:

نصّ المرسوم الملكي الصادر في الثالث عشر من ديسمبر عام 1932 على إنشاء مجمع لغوي أهم أهدافه بذل الجهود للحفاظ على سلامة اللغة العربية، وجعلها وافية بمطالب العلوم والفنون ومستحدثات الحضارة المعاصرة، والعمل على وضع معجم تاريخي لغوي، والعناية بدراسة اللهجات العربية الحديثة في مصر وغيرها من البلاد العربية، وإصدار مجلة تنشر بحوثًا لغوية والعناية بتحقيق بعض نفائس التراث العربي التي يراها ضرورية لأعماله ودراساته اللغوية ولوضع المعاجم.

كما نص المرسوم على أن يتكون المجمع من عشرين عضوًا عاملاً من بين العلماء المعروفين بتعمقهم في اللغة العربية أو ببحوثهم في فقهها ولهجاتها، دون تقيد بالجنسية. وبهذا اصطبغ مجمع القاهرة - عند إنشائه - بصفة عالمية على غرار الأكاديمية الفرنسية، فضم أعضاء مصريين وغير مصريين، من أشقائهم العرب ومن المستعربين، وأجاز المرسوم اختيار أعضاء فخريين ومراسلين. وانعقدت أول جلسة لأعضاء المجمع في الثلاثين من يناير سنة 1934، مستهلّين دورتهم المجمعية الأولى، وكان أول عشرين عضوًا وردت أسماؤهم في المرسوم الملكي بتعيينهم في السادس من أكتوبر سنة 1933 هم: محمد توفيق رفعت باشا (أول رئيس للمجمع)، حاييم ناحوم أفندي، الشيخ حسين والي، الدكتور فارس نمر باشا، الدكتور منصور فهمي باشا (عميد كلية الآداب بالجامعة المصرية الذي اختير أمينًا عامًّا للمجمع)، الشيخ إبراهيم حمروش (شيخ كلية اللغة العربية بالجامع الأزهر وشيخ الأزهر في ما بعد)، الشيخ محمد الخضر حسين (الأستاذ بكلية أصول الدين بالجامع الأزهر وشيخ الأزهر في ما بعد)، وأحمد العوامري بك (مفتش أول اللغة العربية بوزارة المعارف العمومية)، علي الجارم أفندي (مفتش اللغة العربية بوزارة المعارف العمومية)، الشيخ أحمد علي الإسكندري (أستاذ اللغة العربية بوزارة المعارف العمومية وبدار العلوم)، الأستاذ الدكتور أ.فيشر (بجامعة ليبزج)، الأستاذ نللينو (بجامعة روما)، الأستاذ ماسينيون (بجامعة فرنسا)، الأستاذ فنسنك (بجامعة ليدن) محمد كرد علي بك، الشيخ عبدالقادر المغربي، الأب أنستاس ماري الكرملي، عيسى إسكندر المعلوف أفندي، والسيد حسن عبدالوهاب أفندي.

وفي العام 1940 ضُمَّ إلى المجمع عشرة أعضاء هم: محمد حسين هيكل باشا، والشيخ مصطفى عبدالرازق بك، والدكتور علي إبراهيم باشا، والشيخ محمد مصطفى المراغي، وعبدالعزيز فهمي باشا، وأحمد لطفي السيد باشا (ثاني رئيس للمجمع) وعبدالقادر حمزة باشا، والأستاذ عباس محمود العقاد، وطه حسين بك، والأستاذ أحمد أمين بك.

ويبلغ أعضاء مؤتمر المجمع العاملون الآن أربعين عضوًا مصريًّا وعشرين عضوًا غير مصري.

وفي مناسبة مرور خمسة وسبعين عامًا على صدور مرسوم إنشاء المجمع في عام 1932 أقام المجمع احتفالية كبرى بهذه المناسبة التاريخية التي كانت بمنزلة العيد الماسي للمجمع.

أما مؤتمر المجمع، فيكون من أعضاء المجمع المصريين وغير المصريين، ويدعى إليه الأعضاء المراسلون من العرب والمستعربين، الذين يختارون من مختلف بلاد العالم. وينعقد المؤتمر مرة في كل عام، وينظر في جلساته ما أقره المجلس من أعمال لجان المجمع، كما يناقش ما أنجزه الأعضاء من بحوث ودراسات، كما تعقد جلسات علنية يلقي فيها بعض أعضائه محاضرات عامة. وكثيرًا ما اتصلت هذه البحوث والدراسات والمحاضرات بقضايا اللغة العربية مثل تيسير النحو، وتيسير الكتابة العربية، ولغة العلم، والمصطلح العلمي العربي، ولغة الإعلام، والفصحى والعامية، وتراثنا العربي، وقضايا التعريب والترجمة وتوحيد المصطلح. وينهي المؤتمر جلساته بإصدار قرارات وتوصيات تبلَّغ إلى الوزارات المعنية: التعليم والثقافة والإعلام وإلى الهيئات والمؤسسات المتصلة باللغة العربية مثل المجامع اللغوية والجامعات ومؤسسات المجمع المدني.

مؤتمر هذا العام:

انعقد مؤتمر هذا العام في ظل ظروف جديدة مواتية، حملت إلى المجامع بشائر انطلاقة مجمعية كبرى.

أولها: اعتبار المجمع هيئة مستقلة، لها استقلالها المالي والإداري، ضمن الهيئات المماثلة المستقلة التي نصّ عليها الدستور الجديد في مصر، الأمر الذي يعطي للمجمع حرية أوسع في الحركة، واستقلالية أكبر في اتخاذ القرار.

ثانيها: فوز المجمع بجائزة الملك فيصل العالمية في مجال نشر المعاجم اللغوية، وهي جائزة تتيح للمجمع المزيد من الانطلاق في مجال هذا العمل الذي يقوم فيه المجمع بدور تأسيسي منذ عكف على إنجاز «المعجم الكبير» الذي صدر منه حتى الآن تسعة مجلدات وصولاً إلى حرف «الزاي»، وأعلن المجمع خلال مؤتمره لهذا العام عن عزمه على إنجاز ما تبقى من أجزاء المعجم في ما لا يزيد على خمس سنوات.

وفي مجال إنجاز المعاجم، هناك «المعجم الوسيط» الذي أصبح أهم معجم لغوي يستخدمه العرب منذ صدرت طبعته الأولى في العام 1960، ويعكف المجمع الآن من خلال لجنة علمية مختصة على تحديثه ليصدر قريبًا في طبعة جديدة محدثة ومزيدة، بعد أن أضيف إليها كثير من منجزات المجمع في مجال الألفاظ والمصطلحات عبر أكثر من خمسين عامًا. هذا بالإضافة إلى المعجم «الوجيز» الذي تقوم وزارة التعليم بطبعه وتوزيعه على طلاب المدارس، ومعجم «ألفاظ القرآن الكريم» والمعاجم العلمية المتخصصة التي تضمّ كمًّا هائلاً من المصطلحات العلمية في مختلف التخصصات، وهى أكثر من عشرين معجمًا من بينها: معجم الجيولوجيا، ومعجم الفيزيقا النووية، ومعجم الحاسبات، ومعجم المصطلحات الطبية، ومعجم الكيمياء والصيدلة، ومعجم البيولوجيا في علوم الأحياء والزراعة، ومعجم النفط، ومعجم الرياضيات، ومعجم التاريخ والآثار، والمعجم الفلسفي، ومعجم مصطلح الحديث النبوي، ومعجم أصول الفقه.

ثالثها: انضمام ستة من أعلام اللغة والفكر والعلم إلى كتيبة المجمعيين، في محاولة لملء المقاعد الشاغرة - التي رحل أصحابها عبر السنوات الأخيرة - وكان انتخاب هؤلاء الأعضاء الستة الجدد بمنزلة شحن لطاقة المجمع وقدرته على الانطلاق بأقصى طاقاته.

رابعها: اختيار المجمع - في مستهل هذه الدورة - لعدد جديد من الأعضاء المراسلين، الذين هم بمنزلة سفراء مجمعيين في بلادهم، لإطلاع المجمع على أحوال اللغة العربية فيها، وما تموج به مجتمعاتها من قضايا ومشكلات في مجال اللغة تعليمًا وانتشارًا واستخدامًا، وموافاة المجمع بالأبحاث والدراسات الخاصة بهذا المجال.

وقد اختار المجمع من بين هؤلاء الأعضاء المراسلين الجدد الدكتور عبدالله المهنا عن الكويت، الذي شارك في مؤتمر هذا العام ببحث عنوانه «اللغة العربية في الدرس الجامعي: قضايا وإشكالات -جامعة الكويت أنموذجًا» والدكتور محمد عبدالرحيم كافود عن قطر الذي شارك ببحث عنوانه: «التعريب ضرورة لغة أم حاجة قومية؟»، والدكتور وليد خالص عن العراق وكان عنوان بحثه: «أم المشكلات: العربية وأهلها في واقعنا الحاضر»، والدكتور عودة خليل عودة عن الأردن، وقد شارك ببحث عنوانه: «أثر تعليم اللغة الأجنبية في تعلم اللغة الأم (العربية في المرحلة الابتدائية الأولى)»، والدكتور جوسيبى سكاتولين عن إيطاليا وقد شارك بحث عنوانه: «ترجمات شعر ابن الفارض الصوفي في الغرب»، والدكتور محمد عبدالحليم عن إنجلترا، وكان عنوان بحثه: «لغة نجيب محفوظ في إفادتها الفنية من لغة القرآن»، والدكتور حسن بشير صديق عن السودان، وكان موضوع بحثه: «شهادة اللغة العربية الدولية: قضية الساعة في سباق اللغات الدولي».

أما خامسها: فتمثل في المحاضرة القيمة التي شارك بها الدكتور حمد الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث في قطر، مشاركًا في مؤتمر المجمع، ومتحدثًا عن وضع اللغة العربية في الخليج العربي كله، وحيرة الأجيال الجديدة والنشء الجديد بين لغة الأم ولغة المربية - المتعددة الجنسيات واللغات -، ومراعاة الآباء والأمهات في كثير من الحالات لمتطلبات السوق التي سيعمل بها أولادهم، وأهمها إتقان اللغات الأجنبية على حساب اللغة العربية والإسراع إلى الالتحاق بفروع الجامعات الأجنبية التي بدأت تتعدد في كثير من أقطار الخليج العربي. كما تناول السياسة التي تتبناها وزارته في هذا المجال، بوصفه متخرجًا في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وكثير من أعضاء المجمع الآن كانوا أساتذته في زمن طلب العلم، وبعض الأعضاء الآن هم زملاؤه ورفاقه في الدراسة. وقد امتلأت محاضرته - بالإضافة إلى الجانب العلمي والطابع الفكري لها - بكثير من الجوانب الإنسانية المتمثلة في ذكريات التعلم وسنوات الشباب ورفقة الأيام التي تقضّت.

وقد أطلقت المحاضرة دعوة عدد كبير من أعضاء المؤتمر، إلى ضرورة استضافة عدد من رموز العمل الثقافي والإعلامي في الوطن العربي، للمشاركة في مؤتمرات المجمع، حتى يتم التفاعل بين الطرفين: المجامع اللغوية من ناحية والمسئولين عن الثقافة والإعلام من ناحية أخرى، وتكوين وجهات نظر مشتركة في مجال الحفاظ على اللغة العربية والعمل على ازدهارها.

جولة بين الأبحاث والدراسات في المؤتمر:

يثير الدكتور عبدالرحمن الحاج صالح (رئيس المجمع الجزائري للغة العربية وعضو مجمع القاهرة) في بحثه إلى المؤتمر، ما يحدث من تخليط بين ميدانين مختلفين تمامًا، هما الميدان العلمي النظري والبحوث المتعلقة به، والميدان التطبيقي الذي يخص التعليم في ما يتصل بعلم النحو. فالأول يشمل الدراسة العلمية لكل ما يحيط بالإنسان والإنسان نفسه بما في ذلك اللغة كظاهرة ونظام أدلة، ولا ينكر ذلك إلا معاند.

وأما الثاني فيدخل فيه تعليم اللغة واكتساب المهارة في استعمالها، ومن ذلك ما سُمِّي قديمًا بالنحو التعليمي في مقابل النحو العلمي. صحيح أن الكتب النحوية العربية القديمة مثل كتاب سيبويه وشروحه وكتب أبي علي الفارسي وتلميذه ابن جني وغيرها غير صالحة في ذاتها لاكتساب الملكة اللغوية، لأن مضمونها علمي ونظري بحت، فيسأل حينئذٍ من لا يعرف قيمة البحث النظري: فلماذا ألِّفت ولأي غرض يمكن أن ينتفع به المتعلمون؟ فالإجابة عن هذا هي أن الغاية الأولى والأساسية التي كان يقصدها الواضعون للنحو هو أن يكون لغير المتقنين للعربية من أبناء العرب والمسلمين وغيرهم مجموعة من الأصول اللغوية والضوابط النحوية، يرجعون إليها لا كطريقة لاكتساب الملكة، بل كمرجع من الضوابط، لم يسبق أن جمع وألِّف من ذي قبل - فكان من الضروري جدًّا أن تكون للعربية مدونة من القواعد المحررة تستخرج من كلام العرب، ومن هنا كان اهتمامهم بتدوين شامل لكلامهم. ويستشهد الدكتور عبدالرحمن الحاج صالح بكلام ابن خلدون حيث يقول: «اعلم أن اللغات كلها ملكات شبيهة بالصناعة، والملكات لا تحصل إلا بتكرار الأفعال.

إن ملكة هذا اللسان غير صناعة العربية ومستغنية عنها في التعليم، والسبب أن صناعة العربية إنما هي معرفة هذه الملكة ومقاييسها خاصة. فهو علم بكيفية لا نفس كيفية. فليست نفس الملكة وإنما هي بمنزلة من يعرف صناعة من الصنائع علمًا ولا يحكمها عملاً». ويختتم الباحث موضوعه الذي جعل عنوانه: «النحو العلمي والنحو التعليمي وضرورة التمييز بينهما» بقوله: الجدير بالملاحظة في كلام ابن خلدون أنه جعل النحو والبلاغة شيئيْن: في كونهما قوانين من الناحية العلمية من جهة وملكة تكتسب من جهة أخرى غير المعرفة المشعور بها لهذه القوانين.

وينقلنا الدكتور محمود الربيعي - عضو المجمع - في محاضرته بعنوان: «أصحاب الأساليب في العربية الحديثة: مصطفى عبدالرازق نموذجًا» إلى الوصف الذي أطلقه طه حسين على أسلوب مصطفى عبدالرازق، وهو أنه «أسمحُ كلام كتبه كاتب في هذا العصر الحديث» وكيف أنه وصف - على اتساع معناه- دقيق. فالقارئ إذا تغلغل في نثر مصطفى عبدالرازق، وعاش في عالمه وجد نفسه محوطًا بهذا الجو السمح - على اتساع معنى الكلمة - الذي يلفّك بألفاظه، وجُمله، وتراكيبه، ودلالاته، وصوره، ورموزه، ولوحاته، وأساليبه، وبساطته، وعمقه، وإشاراته القريبة والبعيدة، وحُنوِّه البالغ على المخلوقات، واستيعابه الشفيف لتراث الأمة بكل عناصره، وتشربه الحضاري لحركة العالم ماديًّا ومعنويًّا، وعشقه للجديد، وولعه بالإصلاح، ونبذه للخرافة، وعطفه على بني البشر البسطاء والمحرومين، ونبضه بالحيوية المفرطة التي تطالعك في السطور، وتخايلك في ما بين السطور، وفي ما وراء السطور. ثم يشير الباحث إلى الصيغة الأدبية التي ابتكرها مصطفى عبدالرازق ، وهي تقارع ما ابتكره بديع الزمان من فن «المقامة» سمّاها مذكرات الشيخ الفزاري، قدم لنا فيها نموذجًا بشريًّا في منتهى الحيوية، لا تشك لحظة في أنه نموذج مصطفى عبدالرازق نفسه، وإن أسرف هو في محاولة إقناعنا بأنه زميل دراسة له في الغربة، أودع عنده كراسة مذكراته وهو يجود بأنفاسه، وأوصاه أن يصون سرّها سنين ثلاثة، ثم ينشر منها على الناس قطعًا وضع عليها علامات بخطه. ولكننا نعرف أنه مصطفى عبدالرازق ذاته، فالروح هي الروح، والانتماء الأزهري الصعيدي هو الانتماء الأزهري الصعيدي، والفكر النيّر هو الفكر النيرّ، والأسلوب المترقرق السلس «السمح» هو الأسلوب المترقرق السمح.

ويؤكد الدكتور الربيعي أن أسلوب مصطفى عبدالرازق القصصي لا يدانيه سوى أسلوبه الوصفي، ولا يتردد في القول بأنه من أصحاب الأساليب الذين لهم على تطور النثر العربي الحديث اليد الطولى. فلغته من حيث عناصرها الأساسية - مفردات وجملاً وفقرات وأُطرًا عامة - فصيحة لا تشوبُها لُكْنة، ورائقة لا يشوبها كدر، وسلسة لا يشوبها عائق، ومن حيث تقنيتها الفنية حفية بالتفاصيل، حافلة بالصور الكاشفة، مشبعة بالشاعرية، شغوفة بالتراث دون أن تكون مثقلة به. ينهي الدكتور الربيعي وقفته مع مصطفى عبدالرازق نموذجًا لأصحاب الأساليب في العربية الحديثة بلون من الوخز الرفيق لكثير من المشتغلين بالدراسات الأدبية الحديثة حين يقول: «يزداد عجبي كلما توغلت في قراءة نثر مصطفى عبدالرازق من أن الدارسين - وهم يؤرخون لتطور الأساليب النثرية في الأدب العربي الحديث - ذكروا الجميع، من المويلحي، إلى المنفلوطي، إلى محمد عبده، إلى قاسم أمين، إلى الشدياق، إلى طه حسين، إلى الرافعي، إلى العقاد، إلى المازني، إلى أحمد أمين وسلامة موسى، والشوام، والرواد من كتاب بلاد الرافدين، ونسوا - أو كادوا ينسون - مصطفى عبدالرازق، لكنني أعود فأتذكر قولة نجيب محفوظ - تلميذ مصطفى عبدالرازق وأحد أصحاب الأساليب الكبار في العربية الحديثة - «إن آفة حارتنا النسيان».

في أولى إطلالاته على مؤتمر المجمع، يتحدث الدكتور عبدالله المهنا - عضو المجمع المراسل من الكويت - عن «اللغة العربية في الدرس الجامعي.. قضايا وإشكالات، جامعة الكويت أنموذجاً» مقررًا أن كل من مارس العملية التعليمية في الجامعة يدرك يقينًا أن طلاب الجامعة على اختلاف مستوياتهم العلمية يعانون من مشكلات التعامل مع اللغة العربية نطقًا وكتابةً وتعبيرًا، ولا يستثني من ذلك حتى أولئك الطلاب الذين ارتضوا اللغة العربية تخصصًا لهم، الأمر الذي يشير بصورة واضحة إلى حجم المشكلة التي تعاني منها الجامعة، وهي ليست وليدة اليوم، بل كانت حاضرة على الدوام منذ بدء نشأة الجامعة، في منتصف ستينيات القرن الماضي، حتى اليوم، مع تفاوت نسبة هذه المشكلة وحدّتها بين فترة وأخرى.

وعندما يشير إلى المقررين الإلزاميين في مجال اللغة العربية أولهما يعنى بقضايا النحو والصرف، والثاني يعنى بفنون الأدب العربي قديمه وحديثه، فإنه يرى أن من العسير أن يؤدي هذان المقرران دورهما في خلق ثقافة لغوية متجانسة، فضلاً عن عدم كفايتهما في وقت قصير لتحقيق ذلك الهدف مع تزايد أعداد الطلاب عامًا بعد آخر، ومعاناة الطلاب في بدء حياتهم الجامعية من ضعف التأسيس اللغوي، الذي يعود في جذوره إلى مرحلة ما قبل الجامعة، والشعور الطاغي لديهم بصعوبة تعلم اللغة العربية الفصيحة نحوًا وصرفًا وإحساسهم بالاغتراب اللغوي عند حديثهم باللغة الفصيحة عن زملائهم، إن لم يكونوا موضع نقدهم وسخريتهم، ونفور كثير منهم من التخصص في دراسات اللغة العربية، وما يسود كثيرًا منهم من ضحالة ثقافية، وعدم قدرتهم على تحليل النصوص وتفكيك أبنيتها اللغوية لمعرفة مواقعها الإعرابية والدلالية.ولا يفوت الدكتور المهنا أن يشير في ختام محاضرته أمام مؤتمر المجمع إلى عدد من المقترحات أهمها تشريع القوانين التي تكفل سلامة الاستخدام اللغوي الصحيح في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام المختلفة، واتباع كل الوسائل والأدوات الممكنة في تعليم اللغة العربية تعليمًا وظيفيًّا في رياض الأطفال ومراحل التعليم المختلفة، واستخدام وسائل الاتصال اللغوية الحديثة في تدريس اللغة العربية التي تمكِّن الطالب من اكتساب المهارات اللغوية بصورة سليمة والابتعاد عن الأساليب القديمة التي تقوم على التلقين والحفظ، وإنشاء مراكز لغوية تعنى بتطوير أساليب تعليم اللغة العربية وإجراء البحوث وتقديم الحلول والمقترحات.

ولم يخْلُ المؤتمر من أبحاث ودراسات تتناول القضايا والموضوعات التي عكفت المجامع العربية عليها طويلاً، ولا تكاد تخلو دورة مجمعية من تناولها وتقليبها على وجوهها المختلفة. في هذا السياق تجيء محاضرة الدكتور محمد عبدالرحيم كافود - عضو المجمع المراسل عن قطر - عن التعريب، متسائلاً هل هو ضرورة لغوية أم حاجة قومية؟ ومختتمًا كلامه بأن قضية التعريب والنهوض باللغة العربية هي في صلب قضية الأمن الثقافي، الذي هو جزء من الأمن القومي، وهو الهاجس الذي يثير الكثير من القلق والتحدي لواقع الأمة ومستقبلها. فإذا ارتقينا بقضية التعريب واللغة إلى مستوى الهاجس الأمني القومي، لابُد أن تتغير النظرة إلى هذه القضية عند مختلف المستويات، وتصبح همًّا مشتركًا لدى الجميع، أعني بها قضية التعريب العام والشامل، بحيث لا تتوقف عند التعليم العالي، بل تتعداه إلى المؤسسات البحثية والإعلامية والثقافية. لقد رفض العرب سابقًا «التتريك والفرنسة»، وناضلوا من أجل المحافظة على لغتهم وهويتهم، واليوم يلهثون لتغريب مؤسساتهم وتعليمهم. لا أحد ينكر تعلم اللغات الأخرى وإتقانها والإفادة منها، ولكن لا يكون ذلك على حساب لغته وثقافته وهويّته.

وفي رأي الدكتور وليد خالص - عضو المجمع المراسل عن العراق - في بحثه عن «أم المشكلات.. العربية وأهلها في واقعنا الحاضر» أنه بعد استقصاء واسع وتأمل عميق في حال «العربية» اليوم، وما تواجهه من مشكلات، وما يحيق بها من أخطار، فإن اللبَّ في هذا كله، والفصَّ منه، هو أهل هذه اللغة التي نالت على أيديهم من الظلم والتنقّص، ما لم تنله لغة من اللغات على سموّ مكانتها، وسعة بحرها، وعمق غورها، وتنوّع أفانينها. وهو يجعل من علاقة العربية بأهلها أمّ المشكلات، لأنها المنبع والمصبّ معًا، والافتتاح والمنتهى معًا، والبدء والختام معًا، فمنهم تنبع المشكلات، وعندهم تصبّ بحسبان مسئوليتهم الكاملة عنها، ومنهم يفتتح الاهتمام بها، وعندهم ينتهي إهمالها وإقصاؤها من التداول والحياة. ومنهم تبدأ الحلول، إن أرادوا، وعندهم يختتم تطبيق تلك الحلول ووضعها موضع العمل والتنفيذ.

ويتناول الدكتور نيقولا دوبريشان - عضو المجمع المراسل عن رومانيا، والمستعرب الذي يعنى بترجمة كثير من الآثار الأدبية العربية - وبخاصة روايات نجيب محفوظ إلى الرومانية- يتناول قضية الازدواجية ومستقبل اللغة العربية، فهو يرى أن اللغة العربية الفصحى من جهة- واللهجات العامية المحكية من جهة أخرى- التي تستعمل جميعها في آن واحد في الأقطار العربية كافة - مظهريْن اثنين للغة واحدة، مع اختلافات وفوارق متباينة - في كل القطاعات، أي: الصوتيات والصرف والنحو والمعجم، غير أن الاختلافات الجوهرية بين اللغة الفصحى واللهجات العامية المحكية تتمثَّل - في رأي معظم الباحثين - في فقدان ونقص حركات الإعراب في جميع اللهجات، مع استثناءات دقيقة.

ويتوقف الدكتور أحمد بن محمد الضبيب - عضو المجمع من السعودية - عند قضية اللغة العربية في الإعلام المقروء، ويقلقه أن تصدر في أرجاء الوطن العربي صحف وجرائد بالعامية، وأن تؤلف كتب لتعليم العاميات للأطفال، فهو يرى أن انتشار العامية سواء في كتابة المقالات أو الأخبار أو التقارير - أو غيرها من المواد الصحفية - فيه ابتذال للغة، وقصور في التعبير، وإشاعة للسطحية، وترسيخ للهجات التي باتت تحلّ في حديث المثقفين عند نقاش أي موضوع فكري.

ويضرب الدكتور الضبيب المثل بزعماء كثيرين تذكر لهم مواقف في دفع أممهم إلى التقدم من خلال اللغة الأم، من أشهرهم الزعيم الفيتنامي «هو شي منه» الذي فرض الفيتنامية بعد الاستقلال مباشرة، موصيًا قومه بأن يحافظوا على صفاء اللغة الفيتنامية، كما يحافظون على صفاء عيونهم، و«نيريري» الذي دافع عن اللغة السواحيلية في تنزانيا، حتى أن العلوم والطب تدرس بها في هذا البلد الفقير اقتصاديًّا.

ومن الطريف أن يتناول بحثان من بحوث المؤتمر قضية واحدة شغلت الكثيرين وهي «قضية المصطلح بين المشرق والمغرب ثقافيًّا وعلميًّا ولغويًّا» كما سماها الدكتور عبدالهادي التازي - عضو المجمع عن المغرب-، «والمصطلحات في بداية النهضة العربية الحديثة بين المشرق والمغرب» كما سماها الدكتور محمود فهمي حجازي عضو المجمع. وكما تناول الدكتور عبدالرحمن صالح موضوع التمييز بين النحو العلمي والنحو التعليمي وضرورة التمييز بينهما، فقد تناول الدكتور محمد حماسة عبداللطيف عضو المجمع «العربية الفصيحة ودور النحو في تعلمها».

كذلك التفت كل من الدكتور محمد فتوح أحمد والدكتور محمد شفيع الدين السيد- عضوي المجمع - إلى موضوع واحد هو لغة الحوار في الأعمال الأدبية، تناوله الدكتور فتوح من زاوية لغة الحوار في السرديات «إطلالة على جدلية الحركة والسكون في نقد يحيى حقي» وتناوله الدكتور شفيع من زاوية «لغة الحوار في الأدب القصصي والمسرحي».

قبل الانتهاء من هذه الجولة في أبحاث المؤتمر، لا بد من الإشارة إلى البحث المقدم من الدكتور محمد عبدالحليم - عضو المجمع المراسل عن إنجلترا - عن «لغة نجيب محفوظ في إفادتها من لغة القرآن»، وخلاصة رأيه أن محفوظ في إفادته الفنية من لغة القرآن يمثل ظاهرة فريدة بين كتاب جيله ومن جاء بعده في الوقت الحاضر، حين يقدم للكتّاب أسوة حسنة، فهو لم يكن أزهريًّا ولا درعميًّا ولا سلفيًّا ولا متديِّنًا بالمعنى الشائع، ومع كل ما ذكره عن حياته في شبابه ومع كل ما قرأ من فلسفات وآداب، فهو قد داوم على قراءة القرآن إلى آخر حياته ليمتاح من لغة القرآن وبلاغته ما يغني به أدبه، وهو يقدم مثالاً بليغًا للتواصل بين لغة العصر والتراث العربي في أرفع طبقاته.

كما تناول الدكتور صادق عبدالله أبوسليمان - عضو المجمع المراسل عن فلسطين- موضوع الضبطية المصطلحية: مفهومها ومقوماتها وأهدافها ومتطلبات الوضع المصطلحي المعاصر.

وتناول الدكتور عبدالحكيم راضي - عضو المجمع- في بحثه بعنوان: «سلعة العربية بين مُنتجٍ مُحبط ومستهلكٍ زاهد» الذي يرى في خلاصته أن لغتنا أصبحت سلعة غير مطلوبة، ينتجها منتج مْحبَط ليقدمها إلى مستهلك زاهد فيها، وهي مهزلة يشارك فيها المجتمع ومؤسسات التعليم وإن بدا - خطأً - أن الذنب ذنب اللغة.

فكر لغوي جديد:

تكمن أهمية هذا المؤتمر - من مؤتمرات مجمع اللغة العربية في القاهرة- في الدعوة إلى فكر جديد ومختلف، نواجه به قضايا اللغة العربية ومشكلاتها. يقوم هذا الفكر على أن اللغة للحياة، وأن العربية المعاصرة هي التي يجب أن تكون مستهدفة في المراحل الأولى من التعليم، لأنها وعاء العصر، ولأن تعليمها وتعلّمها يؤديان إلى وحدة المعرفة والثقافة في المجال اللغوي، حين يعتمد التعليم والتعلم سياسة «الغمْر اللغوي» أو «الحمّام اللغوي» - كما يقول الفرنسيون - في كل المناهج والدروس المختلفة، حتى لا يهدم الآخرون ما يبنيه درس اللغة العربية، الذي لابد أن يتسع للأنشطة المدرسية والهوايات المختلفة المرتبطة باللغة، كالصحافة المدرسية والمسرح المدرسي والتمثيل والمناظرات وعروض القراءة ومسابقاتها وغيرها. فبها يكتمل تعليم اللغة العربية، وممارستها في المدرسة قبل أن تمارس في الحياة.

والفكر اللغوي الجديد يدعونا - أيضًا - إلى الاهتمام بوسائل ما يسمى الإعلام الجديد، وهي وسائل أتاحتها ثورة التكنولوجيا والتقنيات الجديدة والإلكترونية، إضافة إلى وسائل الإعلام التقليدي - من صحافة وإذاعة وتلفزيون وفضائيات -، هذه الوسائط الاتصالية الجديدة مثل اليوتيوب والتويتر والفيس بوك والآي باد والبلاك بيري وغيرها أصبحت واسعة الانتشار بين الملايين من أبناء الأجيال الجديدة شبابًا وناشئة، وهي تتيح - إذا أحسن استخدامها وتمّ ترشيده - إضافة بالغة الأهمية إلى تعليم اللغة الصحيحة، حين يَمْرن مستخدموها على تحرير الرسائل، وتجديدها، وضبطها لغويًّا، وتنمية القدرة على الفهم، والتحصيل المعرفي، والتحليل والنقد، والجهر بما كان - قبلُ - مضمرًا في الصدور.

ذلك أن الوظيفة التواصلية للغة العربية تتمثل في إتقان عمليات القراءة الصحيحة، والكتابة السليمة، والاستماع الواعي، والقدرة على التحدث والمشاركة، والتذوق البلاغي والجمالي، واستيعاب عناصر اللغة المرئية، والإفادة من مخزون العامية لدى الطفل في بداية السلم التعليمي للتدرج به إلى تعلم اللغة الصحيحة، مع ضرورة الاهتمام بالتعلم قدْر الاهتمام بالتعليم، وتأكيد الدور الذي يقوم به المعلّم بوصفه محورًا أساسيًّا في العملية التعليمية، حتى تصبح اللغة العربية المتُعلَّمة - بحق - لغة للحياة.

كما يطالب هذا الفكر الجديد وسائل الإعلام والاتصال - الجديدة والتقليدية - بتجنب اللهجات والعاميات المغرقة في الطابع المحلي، حرصًا على الارتفاع بالذوق اللغوي السليم، واقترابًا من أفق الفصحى الذي يلتقي من حوله كل العرب، ويثرونه بالمزيد من مكتسبات اللغة وذخيرتها الحية.

ويطالب هذا الفكر - أيضًا - بوضع برامج جديدة للتدريب اللغوي تشمل العاملين في المؤسسات الإعلامية ومراكز البحث اللغوي والكليات والمعاهد المتخصصة، لتدريب العاملين في مجالات الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية، تركّز على علم الأسلوب وعلم السؤال والحوار والدراسات الصوتية وشروط الإبانة والإفصاح في النطق والأداء، ودراسة الوصف والنبر والاستفهام وغيرها من أساليب تغير الدلالة وتنويعها. كما يناشد المجامع والمؤسسات اللغوية العربية العمل على إنجاز تخطيط اقتصادي أو اجتماعي أو تنموي- تُراعى فيه شروط التنمية اللغوية الصحيحة، التي تزيد في حجم متن اللغة المعاصرة، وتوسّع من دوائر استخدامها، وتُيسر الأمر على الملتزمين بها في كل هذه المجالات.

لقد ساعد الاستخدام السليم للغة العربية والنطق الصحيح لها - في العديد من وسائل الإعلام والاتصال العربية - على إبقاء اللغة العربية حية، ومنطوقة، ومسموعة، بصوتياتها وألوان أدائها وأطياف استخداماتها.

فلنعمل على زيادة هذه المساحة من نفاذ اللغة الحية الصحيحة إلى الناس، يقلدونها ويتعلمون منها، ويقوّمون ألسنتهم وأقلامهم بحسْن الاستفادة ممن يمثلونها، وهو دور لا ينكر في الحفاظ على هذه اللغة وإثرائها، والعمل على نشرها، وتوسيع دائرة استخدامها.

ولنتأمل قول شوقي:

 

الله كرَم بالبيان عصابةً

 

في العالمين، عزيزة الميلادِ

والشعر في حيثُ النفوسُ تلذُّه

 

لا في الجديد ولا القديم العادي

حقُّ العشيرة في نبوغك أولٌ

 

فانظر، لعلّك بالعشيرة بادي

لم يكفهم شطْر النبوغ، فزدهمو

 

إن كنت بالشطرين غَيْرَ جوادِ

أو دع لسانك واللغات، فربّما

 

عُني الأصيلُ بمنطق الأجدادِ

إن الذي ملأ اللغات محاسنًا

 

جعل الجمال وسرّهُ في «الضّادِ»

 

 

قرارات المؤتمر وتوصياته:

  • اتخذ المؤتمر قرارات وتوصيات عدة، من بينها الدعوة إلى تفعيل وسائل الاتصال وتدعيمها بين كل المجامع اللغوية العلمية العربية لمتابعة ما يحدث فيها جميعها من أبحاث ودراسات وقرارات وتوصيات، كما يدعو الأقطار العربية - التي لم تنشئ مجامعها اللغوية حتى الآن - إلى سرعة إنجاز هذه المجامع، تعزيزًا للرابطة المجمعية ومؤازرة للعمل المجمعي وعملاً على توسيع آفاقه ودعم إمكانياته.
  • ركّز المؤتمر في دورته لهذا العام على قضية اللغة العربية في التعليم، بما يعني العمل على تطوير المناهج وأساليب التعليم وتأهيل المعلمين وتدريبهم، واعتماد اللغة العربية المعاصرة مدخلاً لتعليم اللغة العربية في المراحل الأولى من التعليم، وقضية المصطلح بين المشرق العربي والمغرب العربي، وضرورة الاتفاق على قواعد الكتابة العربية، وموضوع الأرقام العربية، وغيرها من الأمور التي لاتزال محلّ خلاف.
  • كما تناول المؤتمر في أبحاثه لهذه الدورة قضية اللغة العربية في وسائل الإعلام، وهو يطالب بتعزيز الجوانب الإيجابية التي تقوم بها في خدمة اللغة وتصويب كثير من سلبيات الأداء التي تزيد من حدّة الاتهام لهذه الوسائل بنشر الأخطاء وزيادة الرقعة المتاحة لاستخدام العاميات واللهجات بعيدًا عن اللغة الصحيحة.
  • يثني المؤتمر على ما يقوم به مجمع اللغة العربية الآن من تعزيز للعمل في إنجاز المعجم الكبير - الذي سيصبح عند صدوره أكبر معجم في تاريخ العربية - فقد أصبحت لجنته العلمية الواحدة ثلاث لجان، تضم الأعضاء والخبراء والمحررين، عملاً على تحقيق ما أعلنه المجمع - خلال هذه الدورة - من ضرورة إنجاز ما تبقى من المعجم الكبير في خمس سنوات.
  • يوصي المؤتمر بأن يكون موضوع «التعريب في مراحل التعليم المختلفة بالوطن العربي» هو عنوان المؤتمر القادم للمجمع، بوصفه موضوعًا لم يتم حسم النظر إليه بين المجامع اللغوية العلمية العربية حتى الآن.
  • كما يدعو المؤتمر جميع القادة العرب والمسئولين والممثلين للأقطار العربية - في المحافل الدولية إلى تبنّي استخدام اللغة العربية الصحيحة في كل المؤتمرات والملتقيات، وبخاصة المتعلقة بالأمم المتحدة ومنظماتها الدولية، لدعم استخدام اللغة العربية، وترسيخها لغة أساسية بين اللغات المعتمدة فيها.
  • ويتبنى المؤتمر الدعوة التي تقدم بها بعض المشاركين فيه من ضرورة العمل على وضع شهادة كفاية دولية يشترط الحصول عليها لمن يمارسون تعليم اللغة العربية، وشهادة دولية للناطقين بغير اللغة العربية تعبيرًا عن إتقانهم وإجادتهم لتعلمها والعمل على تحقيق الأمرين بالتعاون مع اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية ووزارات التعليم وأقسام الدراسات اللغوية في الجامعات العربية.
  • وأخيرًا، يدعو المؤتمر إلى ترشيد استخدام الشباب والناشئة لوسائل الاتصال الجديدة الإلكترونية، وتشجيعهم على استخدام العربية الصحيحة في رسائلهم وتغريداتهم، بهدف تدريبهم على الكتابة الصحيحة والتعبير عما يريدون التعبير عنه بطريقة لا تجافي اللغة ولا تهبط إلى السوقية.

ذلك أن هذه الوسائل - في حالة ترشيد استخدامها في المدرسة - تفيد قطاعات عريضة من الناشئة في تعلم اللغة الصحيحة وإتقان كتابتها والتعبير بها عن مكنونات النفوس والعقول.

 

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك