الربيع العربي.. هل يتحول إلى (ربيع اقتصادي)؟!

محمد دياب

 

شكّلت الثورات العربية التي غيّرت الوجه السياسي لعدد من الدول العربية، ولاتزال تهز أسس الأنظمة التي بدا وكأنها أبدية في عدد من الدول الأخرى، معلمًا رئيسيًا لمطلع العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين، وغدت مثالاً يُقتدى يلهم المحتجين في قارات وبلدان أخرى، وصولاً إلى أوربا والولايات المتحدة نفسها، الساعين إلى إحداث تحولات جذرية في بلدانهم.

  • الاقتصاد العربي اقتصاد ريعي بالدرجة الأولى، يتسم بضعف البنى الإنتاجية التي تعجز عن تأمين التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل للأجيال الشابة، وهو على درجة عالية من الانكشاف على الخارج
  • ثمة تقديرات تشير إلى خروج قرابة 30 مليار دولار من البلاد منذ بداية الربيع العربي

 غير أن السؤال الذي يُطرح بإلحاح اليوم هو: هل تكون تلك التحولات السياسية في طابعها، التي يشهدها العالم العربي، مقدمة لإحداث تغيرات وتحولات جذرية في الميدان الاقتصادي، تساهم في حصول نقلة نوعية في مسار النمو الاقتصادي باتجاه تحقيق التنمية الفعلية، الاقتصادية - الاجتماعية، للبلدان والشعوب العربية؟ إذا ما تحقق ذلك، أو على الأقل إذا ما بدأت الخطوات الملموسة في هذا الاتجاه، فسنكون بالفعل أمام ربيع عربي حقيقي، يعمل على نقل الإنسان العربي والمجتمعات العربية عمومًا، من حالة التخلف وضعف التطور التي تعيش في ظلها اليوم، إلى مصاف المجتمعات والدول السائرة في ركب التقدم، فليس سرًا أن معدلات النمو في البلدان العربية هي من أدنى المعدلات في العالم اليوم.

 

في دوافع الحراك العربي

لم تكن دوافع الحراك العربي، الذي تحول إلى ثورات أخذت في بعض البلدان طابعًا عنيفًا، نتيجة المقاومة الشرسة من قبل الأنظمة القائمة، دوافع سياسية فحسب، وذلك على الرغم من أن الشعارات المباشرة التي طغت عليها، تلخصت في المطالبة بالحريات والديمقراطية والكرامة والعيش الكريم وإسقاط الطغاة والفاسدين..إلخ، فقد كان للتحركات بعدها الاقتصادي والاجتماعي أيضًا، فكانت بمنزلة انتفاضات على السياسات التي قادت إلى تعميم الفقر والجوع وتفاقم البطالة وانسداد الأفق، أمام الأجيال الشابة بصورة خاصة، وقتل الأمل لديها في مستقبل لائق. فنزول الشباب العربي إلى الشوارع، مدعومين بشرائح واسعة من المجتمع، كان أيضًا نتيجة للركود الاقتصادي وسوء الأحوال المعيشية، واحتجاجًا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية وازدياد معدلات البطالة وتردي مستوى الخدمات، وبسبب الفساد الذي سيطر على الحياة الاقتصادية في المنطقة.

لقد كانت حصيلة السياسات الاقتصادية المتبعة في معظم الدول العربية بائسة. فحسب معطيات التقرير العربي الموحد لعام 2010، سجلت معدلات نمو الاقتصادات العربية تراجعًا واضحًا خلال عام 2009، تمثل السبب المباشر لهذا التراجع في الأزمة الاقتصادية العالمية. غير أن الأسباب الأبعد مدى تكمن في فشل تلك السياسات. فقد تراجع متوسط معدل النمو بالأسعار الثابتة للدول العربية مجتمعة إلى حوالي 1.8 في المائة في عام 2009، مقارنة بنحو 6.6 في المائة في عام 2008.

وتشير التقديرات الأولية إلى أن قيمة إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية للدول العربية مجتمعة، تراجعت من 1.9 تريليون دولار عام 2008 إلى حوالي 1.7 تريليون عام 2008، مسجلة انكماشًا قدره 11.9 في المائة. وانعكس هذا الانكماش سلبًا على حصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية، التي تراجعت إلى 5159 دولارًا عام 2009 مقارنة مع 6002 دولار عام 2008.

وأفضل دليل على الفشل الذريع لهذه السياسات يتجسد في مؤشر التنمية البشرية، الوارد في تقارير التنمية البشرية التي يصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP). وهذا المؤشر عبارة عن مقياس تركيبي مستخلص من مجموعة معطيات إحصائية واقعية، ويرتكز على ثلاثة معطيات أساسية، هي مستوى الصحة ومستوى المعرفة (أي نسبة الأمية بين البالغين) وحصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي. ويعرّف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي التنمية البشرية بأنها «توسيع لحريات البشر وإمكاناتهم، فيعيشون الحياة التي يختارونها وينشدونها. هي توسيع للخيارات. ومفهوم الحريات والإمكانات يتجاوز حدود الاحتياجات الأساسية إلى الكثير من الغايات الأخرى الضرورية لعيش «حياة لائقة»، غايات قيمة لذاتها وبحد ذاتها.. إن الفئات المحرومة هي في صلب مفهوم التنمية البشرية..».

تؤكد المعطيات المتوافرة أن غالبية البلدان العربية تقع في مستويات متدنية من حيث مستوى التنمية البشرية، بحيث لا تتوافر الشروط الضرورية لتأمين «الخيارات» و«الحياة اللائقة» التي يتحدث عنها التقرير. ويبرز هذا الواقع المر خصوصًا في البلدان التي كانت ولاتزال مسرحًا للانتفاضات الشعبية.

وتعتبر البطالة إحدى أخطر المشكلات التي تواجه الدول العربية، حيث إن معدلات البطالة فيها هي بين الأعلى في العالم. وحسب تقرير لمجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية، الذي صدر عام 2004، قدّرت نسبة البطالة في الدول العربية ما بين 15 و20 في المائة. وكان تقرير منظمة العمل الدولية قد ذكر في عام 2003، أن متوسط نسبة البطالة في العالم وصل إلى 6.2 في المائة، بينما بلغت النسبة في العالم العربي في العام نفسه 12.2 في المائة، وتتزايد سنويًا بمعدل 3 في المائة. وتنبأ التقرير بأن يصل عدد العاطلين في البلدان العربية عام 2010 إلى 25 مليونًا. وما يجعل هذه القضية من أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات العربية، هو أن 60 في المائة تقريبًا من سكانها هم دون سن الخامسة والعشرين. ويُذكر أن منتدى دافوس الاقتصادي العالمي قال في تقرير سابق له «إن نسبة البطالة في الدول العربية بلغت نحو 15 في المائة، وإن عدد العاطلين عن العمل قد يبلغ 80 مليون شخص عام 2013».

ووصفت منظمة العمل العربية، في تقرير نشر في شهر مارس 2005، الوضع الحالي للبطالة في الدول العربية بـ«الأسوأ بين جميع مناطق العالم دون منازع»، وأنه «في طريقه لتجاوز الخطوط الحمراء»، حيث تخطت الـ14 في المائة من قوة العمل (17 مليون عربي)، و25 في المائة بين الشباب. ويجب على الاقتصادات العربية ضخ نحو 70 مليار دولار، ورفع معدل نموها الاقتصادي من 3 إلى 7 في المائة، واستحداث ما لا يقل عن خمسة ملايين فرصة عمل سنويًا، حتى تتمكن من التغلب على هذه المشكلة الخطيرة، ولكي يتم استيعاب الداخلين الجدد في سوق العمل، بالإضافة إلى جزء من العاطلين.

وبصفة عامة، يرتفع معدل البطالة بين الشباب الداخلين سوق العمل. وتعاني فئة خريجي التعليم العالمي أعلى معدل للبطالة مقارنة بالفئات الأخرى، ما يدفع بأعداد متزايدة منهم للعمل خارج تخصصاتهم، أو للهجرة. وكذلك ترتفع معدلات البطالة المقنّعة في جميع الدول العربية. فحسب بيانات عام 2009، وصلت نسبة البطالة وسط الشباب في الجزائر إلى 45 في المائة، وفي المملكة العربية السعودية ومصر إلى 25 في المائة. وقد أكّدت منظمة العمل الدولية أن مشكلة البطالة كانت من بين أهم العوامل التي أشعلت شرارة الثورات الشعبية. وأوضحت المنظمة أن معدل البطالة بين الشباب العربي بلغ أكثر من 23 في المائة عام 2010. وأضافت أن هذه النسبة ترتفع أكثر بين النساء لتصل إلى أكثر من 30 في المائة، وأن مشاركتهن في سوق العمل هي الأضعف على مستوى العالم. وتشير المنظمة إلى أن سوق العمل العربية ضعيفة، ولا تحظى إلا بعدد محدود من فرص التشغيل. ومما يفاقم هذه المشكلة ضعف معدلات النمو الاقتصادي، والخلل الذي يعانيه المناخ العام للاستثمار. ففي عام 2010، كان 90 في المائة من العاطلين عن العمل في مصر من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا، في حين كانت معدلات البطالة في تونس بين خريجي الجامعات والمدارس الثانوية تصل إلى 24 في المائة. وتؤكد منظمة العمل الدولية أن ظروف العمل للشباب العربي سيئة للغاية من جراء الأجور المتدنية والرعاية الاجتماعية والصحية المحدودة وعقود العمل غير الآمنة. وتشير الدراسات المتعلقة بتداعيات الأزمة العالمية إلى أن معدلات الفقر قد تتزايد في حال حدوث مزيد من التراجع في الأجور، وارتفاع البطالة، وانخفاض التحويلات المالية، وانحسار الإنفاق العام والمساعدات الخارجية.

وثمة مؤشر آخر يكشف حالة الاقتصادات العربية ومستوى معيشة المواطنين العرب، يتمثل في حصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي.

فباستثناء دول الخليج التي تضاهي فيها مستويات نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي مثيلاتها في الدول المتقدمة (والفضل في ذلك يعود أساسًا إلى ارتفاع عوائد النفط والغاز، وليس إلى تطور البنى الاقتصادية فيها)، فإن هذا المؤشر في الدول العربية الأخرى، خصوصًا تلك التي كانت ولاتزال مسرحًا للتحرّكات الاحتجاجية، يعكس صورة بائسة لمستوى المعيشة في تلك الدول، علمًا بأنه لا يعبّر بالكامل عن حقيقة الوضع، لكونه يقدم معدلات وسطية تخفي خلفها تفاوتات هائلة في توزيع الثروة بين فئات المجتمع.

إن التطورات والتحولات التي شهدها العالم العربي منذ الاستقلال، لم تمكّنه عمليًا من تحقيق تنمية حقيقية. فالاقتصاد العربي اقتصاد ريعي بالدرجة الأولى، يتسم بضعف البنى الإنتاجية التي تعجز عن تأمين التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل للأجيال الشابة، وهو على درجة عالية من الانكشاف على الخارج، حيث تعتمد البلدان العربية إلى حد كبير على استيراد معظم حاجاتها الغذائية والصناعية، على نحو يجعل الأمن الغذائي والاقتصادي للشعوب العربية في حالة تبعية متزايدة لهذا الخارج، ويفاقم الهوّة الاقتصادية والمعرفية معه.

في التداعيات

من الواضح أن الانتفاضات الشعبية العربية ستترك آثارًا وتداعيات على الأوضاع الاقتصادية في البلدان العربية المعنية، على المديين القصير والبعيد. وقد رأى صندوق النقد الدولي في تقريره عن «آفاق الاقتصاد الإقليمي» المنشور في شهر نوفمبر 2011، أن الفترة الراهنة وما تحمله من تغيير غير مسبوق، تبشر بحدوث تحسّن في المستويات المعيشية وتحقيق مستقبل أكثر رخاء لشعوب المنطقة. وعلى الرغم من أن ثمار الربيع العربي أمر محقق على المدى الطويل، فإن المنطقة تشهد منذ هذا العام حالة فريدة من عدم اليقين والضغوط الاقتصادية الناشئة عن مصادر داخلية وخارجية على السواء، ومن المرجح أن تزداد هذه الضغوط بالنظر إلى تفاقم أوضاع الاقتصاد العالمي أخيرًا.

فعلى المدى القصير، ستكون التداعيات سلبية في الغالب، نتيجة الاضطرابات المستمرة وطول أمد الأزمة في تلك البلدان إلى أن يحل الاستقرار وتعود الأمور إلى نصابها وتحدد السلطات الجديدة النهج الاقتصادي الجديد الذي ستسلكه. ويتوقع صندوق النقد الدولي في تقريره الآنف الذكر، أن ينخفض متوسط نمو إجمالي الناتج المحلي في بلدان المنطقة المستوردة للنفط من 4.33 في المائة عام 2010 إلى أقل من 2 في المائة عام 2011. ومن المتوقع أيضًا أن يزداد ضعف التعافي الاقتصادي عام 2012 مقارنة بالتوقعات السابقة، إذ يبلغ النمو المتوقع حاليًا أكثر بقليل من 3 في المائة. وقد تدهورت الأوضاع الخارجية والمالية أخيرًا، حيث تعرض النشاط السياحي والتدفقات الرأسمالية الداخلة لانخفاضات كبيرة. وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية وإلى تقلص الاحتياطيات الخارجية. ومن المتوقع أن يتسع عجز المالية العامة بمقدار 1.5 في المائة تقريبًا من إجمالي الناتج المحلي في الفترة من 2011 إلى 2012، نظرًا لاحتفاظ السلطات بموقف ماليتها العامة المعاكس للاتجاهات الدورية. وفي سياق الجهود التي تبذل لتخفيف أثر الهبوط الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الأولية، طرأت زيادة حادة على الدعم والتحويلات الشاملة التي لا تقدم للفقراء سوى منافع محدودة. وتم في بعض البلدان تخفيض النفقات الرأسمالية، مما يلحق الضرر بالنمو المستقبلي. وتوقع الصندوق ألا يتعدى نمو إجمالي الناتج المحلي لمصر نسبة 1.2 في المادة عام 2012 مقارنة بـ5.1 في المائة عام 2011، وفي سورية نسبة 2 في المائة بعد ست سنوات من النمو القوي، وفي اليمن نحو 2.2 في المائة. وبالنسبة لليبيا توقع الصندوق انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بأكثر من 50 في المائة.

بدوره، قدم معهد التمويل الدولي توقعات مشابهة للفترة ذاتها. فتوقع أن يتراجع النمو في مصر والأردن ولبنان والمغرب وسورية وتونس من 4.4 في المائة إلى 0.5 في المائة. ورأى أن الاقتصاد المصري سيشهد انكماشًا بنسبة 5.5 في المائة والاقتصاد اليمني بنسبة 4 في المائة. وقدّر الخسائر الاقتصادية للثورة المصرية بحوالي 1.7 مليار دولار، فضلاً عن الخسائر اللاحقة في عائدات التصدير والسياحة. وحذّرت مجلة «نيوزويك» من أن المعضلة الأكبر التي ستواجه الاقتصاد المصري في فترة ما بعد الثورة، تتمثل في هروب رءوس الأموال إلى الخارج، نظرًا لعدم اليقين الذي لايزال يحيط بالوضع. وتراجع احتياطي النقد الأجنبي بمقدار الثلث في الربع الأول من عام 2011، وثمة تقديرات تشير إلى خروج قرابة 30 مليار دولار من البلاد منذ بداية الربيع العربي. وتشير المجلة إلى أن الأوضاع الاقتصادية في مصر تزداد سوءًا، حيث تجاوز التضخم نسبة 12 في المائة، وارتفعت معدلات البطالة عن المستوى الذي كانت عليه. وثمة تداعيات مماثلة، إن لم تكن أكثر حدة، في كل من تونس وليبيا واليمن وسورية وغيرها من البلدان العربية التي تعيش أوضاعًا مشابهة. وهذا أمر طبيعي، فالمراحل الأولى من الثورات تتسم عادة بعدم الاستقرار وبتراجع المؤشرات الاقتصادية، الأمر الذي ينعكس سلبًا على حياة الناس. وتاريخ الثورات العالمية يؤكد ذلك، من الثورة الفرنسية إلى الثورة الروسية إلى الثورة الصينية.. إلخ.

ماذا عن المستقبل؟

بديهي أن الشعوب العربية التي انتفضت على حكامها، تتطلع إلى أن يؤتي الربيع العربي ثماره السياسية والاقتصادية بأسرع ما يمكن. وهي، بعد أن ذاقت طعم الحرية، وكسرت حاجز الخوف، وأدركت حجم القدرات الكامنة لديها، لن تستكين وستظل ترفع الصوت مطالبة بتحقيق أهدافها في التنمية الحقيقية وتحسين مستوى المعيشة، إلى جانب مطالبها بالحرية والديمقراطية. وستجد الحكومات العربية نفسها مدعوّة لمعالجة مشكلات ملحة، في مقدمتها مشكلات كالبطالة وتضخم القطاع العام وتفشي الفساد وارتفاع الإنفاق العام وضعف القطاع الخاص، ومن ثم العمل على تنفيذ مشروع شامل للإصلاح الاقتصادي. والإصلاح المنشود يتطلب العمل على إدخال تحوّلات جذرية في بنية الاقتصادات العربية، تهدف إلى تحويلها من اقتصادات ريعية، مشوّهة، أحادية الجانب، إلى اقتصادات منتجة ترتكز على تنويع وتطوير الفروع الإنتاجية على نحو يواكب الثورة العلمية التكنولوجية والتحولات الهائلة التي تشهدها اقتصادات العديد من الدول، ويستفيد من الثورة المعرفية التي تشكّل السمة الرئيسية للاقتصاد العالمي اليوم. وهذا بدوره يتطلب إحداث ثورة حقيقية في النظم التعليمية في البلدان العربية كافة، لجعلها منتجًا فعليًا للطاقات والمعارف والمهارات، يساهم في سد الفجوة المعرفية التي تفصل اقتصاداتنا ومجتمعاتنا عن الاقتصادات المتطورة. إن من شأن ذلك أن يحقق نموًا اقتصاديًا، يتحول إلى تنمية اقتصادية - اجتماعية حقيقية، وأن يساهم في خلق فرص عمل للشباب الثائر، وهي ستكون فرص عمل ذات محتوى معرفي ينقل هؤلاء الشباب من الاحتجاج في الشارع، إلى العمل الدءوب لتحسين مستوى معيشتهم ولتوسيع حرياتهم وإمكاناتهم وخياراتهم، فيعيشون الحياة التي يختارونها وينشدونها. تلك «الحياة اللائقة» التي تحدث عنها تقرير التنمية البشرية، والتي يتجاوز فيها مفهوم الحريات والإمكانات حدود الاحتياجات الأساسية، إلى الكثير من الغايات الأخرى الضرورية لعيش مثل هذه الحياة. إذا ما تحقق ذلك، أو على الأقل إذا ما بدأت الخطوات الأولى في هذا الاتجاه، فعندها يمكن أن نأمل بألا ينقلب «الربيع العربي» الواعد، إلى «خريف اقتصادي» لا يترك من ذاك الربيع في كتب التاريخ سوى ذكرى جميلة لأحلام وردية، راودت عقول وقلوب الملايين في هذا الوطن العربي المترامي الأطراف

 

المصدر: http://www.alarabimag.com/Article.asp?Art=12264&ID=296

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك