الإسلام ليس ديناً تلمودياً بل يتألف من أنماط غنية بالتنوع

الإسلام ليس ديناً تلمودياً بل يتألف من أنماط غنية بالتنوع

توني بلير (رئيس الوزراء البريطاني)

لدينا في بريطانيا مسلمون ناجحون في كافة مناحي الحياة ولا أساوي بين الإسلام والتطرف
أود أن أشكر جامعة كامبردج وشركاءها في تنظيم هذا المؤتمر - وهم مؤسسة التعايش المشترك ومعهد ويدنفيلد للحوار الاستراتيجي - علي استضافتهم لهذا المؤتمر الهام. وكما يعلم الكثيرون منكم، إن برنامج جامعة كامبردج للحوار بين الأديان يحتل موقع الصدارة في مجال التدريس والبحث الخلاق في دراسة الأديان العالمية، وعلاقات تلك الأديان ببعضها البعض، وعلاقاتها بالمجتمع العلماني.

وأول سؤال يتبدي بشأن هذا المؤتمر المنعقد هنا هو: لماذا عقد هذا المؤتمر؟ وأول وأكثر هذه الإجابات وضوحا للعيان هي أن بريطانيا اليوم بلد فيه مليونا مسلم وهي تقع في قارة أوروبية يعيش بها أكثر من 20 مليون مسلم. وأود أن أثني اليوم علي جالياتنا المسلمة في بريطانيا. إن الغالبية العظمي للجاليات المسلمة البريطانية تساهم مساهمة إيجابية ومتنامية في صنع بريطانيا الحديثة.

ولدينا في بريطانيا مسلمون ناجحون يشاركون في كافة مناحي الحياة الوطنية - كقطاع الأعمال والرياضة والإعلام والحياة الثقافية والمهن المختلفة. كما أن لدينا أول نواب برلمانين في مجلس العموم وأول أعضاء مسلمين في مجلس الأعيان؛ وآمل في أن تأتي الدورة الانتخابية القادمة بعدد أكبر من الأعضاء المسلمين في البرلمان، وأيضا أن يكون بينهم أول سيدة مسلمة في البرلمان.

أما ثاني إجابة للسؤال فهي أنه من الجلي أيضا أن هناك اهتماما ورغبة عبر كافة قطاعات المجتمع في معرفة المزيد عن الإسلام وكافة جوانبه المتعددة، وذلك بسبب ما يجري في عالمنا اليوم. إن هذا الاهتمام ليس معناه المساواة بين الإسلام وبين القلق الناجم عن التطرف، وأكرر أن الأمر ليس كذلك. ولكن هذا الاهتمام يشرح جزئيا الرغبة في معرفة ما الذي يحرك ويمنح الحماس لجالياتنا المسلمة.

إلا أن الهدف الأكبر لهذا المؤتمر، رغم أنه أقل وضوحا من السببين السابقين، هو أن يمنح الفرصة لتيارات الإسلام المختلفة بالحديث عن أنفسهم بصورة أعمق وأكثر تفكرا مما تسمح لهم به التعليقات القصيرة التي عادة ما يسمح بها وقت البرامج الإخبارية. . فإنني كلما التقيت بمجموعات من المسلمين - خاصة الشباب منهم، وفي أي مكان في بريطانيا - أجدهم يناقشون معي القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية. ولكن الواقع أن شكواهم الرئيسية هي حول كيف أنهم يعتقدون أن دينهم الحق يستغل استغلالا سيئا ويتم تحريفه من قبل جماعات صغيرة ليس لها ثقل شعبي ولكنها تحصل علي نصيب ضخم من الدعاية لا يتناسب وحجمها.

ولكن حقيقة الإعلام في عالم اليوم هي أن ما يتركه من أثر هو المُعَوِّل الأول الذي يرتكز إليه. فأولئك الذين لديهم الاستعداد للظهور علي شاشات التلفاز والبوح بآرائهم المتطرفة والعنيفة يتركون أثرا أكبر بكثير من تلك الفئة التي تمثل صوت العقل والاعتدال. ومن ثم فإن الهدف الرئيسي من هذا المؤتمر هو منح الفرصة لأصوات الإسلام الحقيقية، بكافة مدارسهم الفقهية وتعبيراتهم، للحديث عن أنفسهم بأنفسهم.

إن عددا من أبرز علماء المسلمين والقيادات الدينية من كافة أنحاء العالم مجتمعون هنا اليوم، وأطلب من الناس هنا في بريطانيا وعلي نطاق أوسع أن يستمعوا إليهم لأنهم يمثلون أصوات الإسلام الحقيقية. أما الأصوات الأخري فهي لا تمثل الإسلام إلا بقدر ما كان استخدام التعذيب في الأزمنة الغابرة لإجبار الناس علي اعتناق الدين المسيحي تمثل التعاليم الحقة للسيد المسيح.

كما أن هناك هدفا إضافيا آخر لعقد هذا المؤتمر: ألا وهو استرداد الجوهر الحقيقي للعقيدة الدينية من براثن المتطرفين المنتمين لأي ديانة كانت. ففي مواجهة الدعاية الكبيرة التي يتمتع بها التطرف الديني والفتنة والمواجهة، يكون من الأهمية بمكان أن نبين أن العقيدة الدينية لا تتنافي مع العقلانية والتقدم والاحتفاء بالتعددية. فإلي جانب صور العنف المتداولة حول العالم اليوم، توجد الأعمال الخيرة التي يقوم بها أناس من ديانات مختلفة يجتمعون مع بعضهم ويفهمون بعضهم البعض ويحترمون بعضهم البعض.

إن للعقيدة الدينية الكثير مما يمكنها أن تسهم به علي الصعيد العام، فالعقيدة الدينية مازالت مكونا نشطا من مكونات المجتمع المترابط؛ وهي دافع جوهري يحرك ملايين المواطنين حول العالم؛ وهي سبيل أساسي، وإن كان غير حكومي، من سبل المساعدة علي التآلف بين الجاليات. وإن خسرنا هذه المساهمة فإننا لن نأسف فقط علي فقدانها وإنما سيكون ذلك بمثابة انتكاسة عظمي.

وسوف نتدارس نحن من طرفنا نتائج هذا المؤتمر باهتمام بالغ. ونأمل في أن تفضي المناقشات التي ستجري علي مدار اليومين التاليين إلي أفكار يمكننا أن نستعرضها ونتبني تنفيذها - وقد يكون ذلك بالشراكة مع بعض الحاضرين هنا اليوم. ونحن مهتمون بصفة خاصة بالنظر في الكيفية التي يمكننا بها نقل الرسائل التي سيسفر عنها هذا المؤتمر إلي القاعدة الشعبية للجاليات المختلفة هنا في بريطانيا.

وأرغب كذلك أن أضع هذا المؤتمر في سياق أوسع. ففي عالم اليوم في الحقيقة هناك قوة دافعة جديدة وملحة ترغب في إعلاء الأصوات الحقيقية للإسلام في كافة أنحاء العالم.

وهذه هي الحال علي الأخص في ما يتعلق بالتعليم. فعندما زرت إندونيسيا في العام الماضي، وهو بلد غالبية سكانه من المسلمين ويزيد عددهم علي 200 مليون مسلم، شهدت بصورة مباشرة الطريقة التي تحاول من خلالها المدارس الدينية الإصلاح من نفسها لكي تُعدَّ تلاميذها ليس فقط بالتعاليم السليمة للدين، ولكن أيضا بالتدريب اللازم لزيادة فرص حصولهم علي وظائف في سوق العمل. إن مثل هذا الجهد يقف بالمرصاد للأسطورة التي تقول أن المدارس الدينية لا تتطلب سوي التركيز فقط علي التعليم الديني البحت. كما أن حكومة باكستان قد تبنت أيضا برنامجا طموحا وصعبا لإصلاح المدارس الدينية بها، يشجع تلك المدارس علي أن تسجل نفسها وتطور برنامجا دراسيا مشتركا ومجموعة من المعايير القياسية الأساسية.

وفي سنغافورة، قام المجلس الديني الإسلامي لسنغافورة بتضمين طرق تدريس جديدة علي أساس تفاعلي بدرجة أكبر، تنتقل من التدريس عن طريق التلقين والحفظ إلي أسلوب تدريس يرتبط أكثر بالفئة العُمرية للتلاميذ، وأكثر ارتباطا بالسياق الحياتي الأوسع والأكثر حيوية الذي يعيش في محيطه هؤلاء التلاميذ. كما يشجع عدد كبير من جالياتنا المسلمة في بريطانيا الإصلاح والتغيير في مدارسنا التي تدرس الدين لإسلامي هنا في داخل بريطانيا.

فقد وافق مجلس المساجد الإسلامية في برادفورد علي تضمين مادة التربية الوطنية في مناهج المدارس الدينية التابعة له، وهذه مبادرة هامة نأمل في أن يتم تبنيها في كل مكان بطول البلاد وعرضها. كما أنه من الصائب أيضا تشجيع بناء روابط بين مدارس القطاع الحكومي والمؤسسات التي تقدم تعليما دينيا، إذا ما أخذنا في الاعتبار الدور ذو الأهمية العظيمة الذي تلعبه هذه المؤسسات في العناية بتعليم العديد من الأطفال ورعايتهم.

لكن دور التعليم يمتد إلي ما هو أوسع كثيرا من مجرد التعليم الديني. فكما تعلمون، أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب الرئيس ورئيس وزراء الإمارات العربية المتحدة وحاكم دبي، خلال مؤتمر اقتصادي دولي في الشرق الأوسط، عن تأسيس هيئة مبتكرة برأسمال يبلغ 10 بلايين دولار للترويج للتعليم في الدول العربية، وفي هذا إشادة به وبالاقتصاد القوي الذي تتمتع به دبي. تركز هذه الهيئة علي التنمية البشرية، ودعم وتمكين العقول الشابة، والتركيز علي الأبحاث والتعليم والاستثمار في البنية التحتية للمعرفة. وسوف توفر الهيئة المنح الدراسية للدراسة في مؤسسات تعليمية ذات سمعة عالمية. وفي قطر المجاورة دعت الحكومة القطرية أكبر الجامعات لتطوير ما تطلق عليه المدينة التعليمية بهدف أن تصبح منارة للتميز التعليمي في العالم العربي.

وضعت الكثير من هذه المبادرات استقاء التقليد الإسلامي قديم العهد حيث أن المعرفة مقدَّسة - تماشيا مع تعاليم القرآن - والمسلمون مطالبون بالسعي إليها.

وبالطبع، كما تعلمون أكثر مما أعلم أنا، هناك العديد من المؤشرات علي الإصلاح السياسي في العالم الإسلامي، والكثير من التشجيع لحقوق النساء. فقد حصلت النساء في الكويت علي حقوقهن السياسية، وبعض النساء رشحن أنفسهن لأول مرة في الانتخابات التي جرت في البحرين العام الماضي.

وفي المغرب تم لأول مرة تعيين خمسين امرأة كواعظات في الدولة، حيث سيكون باستطاعتهن إعطاء تعاليم الدين الأساسية في المساجد وتقديم الدعم الديني في السجون والمدارس والمستشفيات.

وكما تبيّن أعمال أمين بوزكورت، فقد تحسن وضع المرأة في تركيا خلال السنوات الأخيرة، وخصوصا وبالتأكيد بشدة علي تعليم الفتيات.

وفي أفغانستان كان لا يمكن حتي تخيل وجود برنامج ساعة المرأة قبل فترة ليست بالطويلة. يتيح هذا البرنامج للفتيات وأمهاتهن وجدّاتهن المساحة للحديث والاستماع لبعضهن البعض. وقد تدارس البرنامج نطاقا واسعا من القضايا التي تناولها تراوحت بين الترشيح لانتخابات البرلمان، وتعلم القراءة، وتأسيس عمل، والحد من حالات الوفيات بين الأمهات الحوامل وقت الولادة.

وفي الأردن عُقد مؤتمر في الشهر الماضي، بمساعدة من الملكة رانيا، لبناء وتمكين القيادة النسائية المسلمة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

كما أن هناك تحركا واضحا عبر العالم للتأكيد بشدة علي السلطة المعتدلة والحقيقية للدين الإسلامي. ففي عام 2004 في الأردن تم نشر بيان، تحت قيادة الملك عبد الله، بعنوان رسالة عمّان ، وهي رسالة تسعي للإفصاح عما يمثله وما لا يمثله الإسلام، وكيفية وجوب التعبير عنه.

وقد أثار إعجابي بشدة دعوة الملك - خلال العام التالي - لمئتين من كبار علماء الدين أتوا مما لا يقل عن خمسين دولة أصدروا بالإجماع - بالإجماع (وأعتقد بأن حمل 200 عالم دين من أي دين كان علي الاتفاق علي أي شيء بالإجماع هو إنجاز بحد ذاته) - أصدروا إعلانا بشأن ثلاثة قضايا أساسية: صلاحية المدارس الإسلامية المختلفة من الفكر الإسلامي وأصول الدين؛ وتحريم دعاوي التكفير بين المسلمين؛ ومعايير إصدار الفتاوي لتحل محل انتشار النسخ غير الشرعية من التفسيرات.

كانت تلك رسالة واضحة تنص علي أن الإسلام ليس دينا جلموديا، بل هو دين يتألف من أنماط غنية من التنوع، رغم أنها جميعا تنبع من نفس المصدر. يحتاج هذا التنوع الغني لأن يحصل علي تقدير أكثر وضوحا، ويحتاج هذا المؤتمر لمناقشة موضوع أن يكون هذا التنوع مصدرا أكبر لإثراء حوارنا العام بالمعلومات.

وفي عام 2005 كذلك أصدرت منظمة المؤتمر الإسلامي إعلانا وخطة عمل تمتد علي 10 سنوات. أكدت تلك القمة علي أن الإسلام هو دين تحديث ومعاصرة، ورفضت تماما التعصب الأعمي والتطرف. وأبدت القمة دعمها للجهود الرامية لإبراز قيم الإسلام علي أنها تدعو للتفاهم والتسامح والحوار والتعددية، وتبنت مباديء رسالة عمان - وهو ما فعلته كذلك تجمعات أخري من علماء الدين حول العالم. وفي عام 2006 أكد إعلان توبكاباي علي أن المسلمين لعبوا منذ أمد بعيد دورا متميزا في التاريخ الأوروبي، وشجعهم علي الاستمرار بذلك. وأكد هذا الإعلان علي الفرص المتاحة أمام المسلمين للبروز كمواطنين - بكل ما في الكلمة من معني - والمساهمة في ازدهار المجتمعات التعددية التي ما برحت تميز وبشكل متزايد كل دولة في قارتنا هذه، وخصوصا منذ سقوط الشيوعية.

أستقي أربعة دروس من هذه الأمثلة وغيرها من الأمثلة المشابهة.

أولا، بأن دور الدين والفلسفة مهم بالنسبة للإسلام - تماما كما هو الحال بالنسبة لأي دين آخر - في مساعدة أتباعه علي الانخراط بالعالم الحديث، مع احتفاظه بمبادئه الحقيقية.

وثانيا، يريد المسلمون أغلبهم أن يلعبوا دورا تاما في المجتمعات المعقدة والمتنوعة التي يجدون أنفسهم يعيشون فيها - من حيث مساهمتهم في تلك المجتمعات وتحديد ملامحها. ويسعي غالبيتهم إلي أن يلعبوا دورا كمواطنين مخلصين لدولهم تماما كما هم مسلمون مخلصون لدينهم. وهذا بالطبع يتناقض مع الصور العارية عن الصحة عادة التي تصورها وسائل الإعلام من قِبل الذين يتناولون التعميم في وصفهم ويسعون لإثارة الإحساس بالرهبة من الدين الإسلامي.

وثالثا، يجب كذلك علي الآخرين في المجتمعات التي يشارك المسلمون في مواطنتها المشاركة والتأقلم مع كيفية استجابتنا للطبيعة المتغيرة لمجتمعاتنا. وهذا بمثابة طريق بمسارين، ويتعين علي من هم علي كل من الجانبين أن يتعلموا ممن هم علي الجانب الآخر، ويتعلموا عنهم.

ورابعا، وكنتيجة طبيعية للنقاط الثلاثة السابقة التي ذكرتها، يجب علي الأديان العظام في العالم أن تستمر بالحوار فيما بين بعضها البعض، وأن تساعد في نمو التواصل ما بين الأديان. يجب أن يكون هدفنا جميعا التفاهم الأكبر المتبادل، والعمل معا بشكل أكثر قربا لمعالجة احتياجات عالمنا المشترك - وهي احتياجات عادة ما تكون ملحة وتنادي بالقيام بعمل فعلي.

ننشر اليوم تقرير صديقي حول المملكة المتحدة وما يتعين علينا عمله كذلك لتشجيع الحوار الثقافي والأكاديمي الصحيح حول هذه القضايا هنا في بريطانيا.

ونعتزم متابعة العديد من توصيات د. صدِّيقي، وسوف نقدم تمويلا كبيرا لتنفيذ هذا الالتزام.

لكن ليس الغرض من أي من هذا - بالمناسبة - هو حجب الحوار الصحي الشديد حول ما تثيره السياسة الخارجية من جدل.

اسمحوا لي أن أشرح هذا بكل وضوح: العديد من المسيحيين لا يتفقون مع القرارات التي اتخذتها بشأن أفغانستان والعراق. لنترك جانبا للحظة موضوع ما إذا كانت تلك القرارات صحيحة أم خاطئة؛ إن ما يدمر هنا هو النظر إليها في سياق القرارات الدينية.

إن الدين الذي تدين به كل من هاتين الدولتين لا صلة له علي الإطلاق بالقرار الذي اتخذناه، تماما كما كانت حقيقة أن ألبان كوسوفو الذين أنقذناهم كانوا مسلمين واجهوا المعاناة تحت نظام دكتاتوري صربي، والذي دينه بالمناسبة هو المسيحية الأرثوذوكس؛ أو مساعدة شعب سيراليون الذين 70 بالمئة منهم مسلمون.

هذه نقطة هامة لأنها نقطة حيوية علي عدد من المستويات المختلفة. المشكلة بين الأديان والجاليات في المجتمع، كما هو الحال عادة في الحياة والسياسة، لا تكمن أينما وُجد اختلاف بشأن القرارات؛ بل تكمن حيثما وُجد سوء فهم بشأن الدوافع لاتخاذ تلك القرارات. وهذا عادة ما يُشتقّ من سوء فهم من نوع أعمق من ذلك: جهل أساسي لدين الشخص الآخر. سألني شخص شاب منذ بضعة أيام عما إذا كان صحيحا بأن المسلمين يريدون قتل جميع المسيحيين. فقلت له كلا. وهل تعلم بأن المسلمين يقدسون السيد المسيح علي أنه نبي؟ وقد شعر ذلك الشاب بالذهول الشديد، وهو ما يبين كم يوجد من صور سوء الفهم ما بين الأفراد، حيث أنهم بالكاد قادرون علي تصديق أن هناك سورا كبيرة في القرآن الكريم مخصصة لتحكي عن السيد المسيح ومريم العذراء. أوصي كل من لديه اهتمام بهذا الموضوع قراءة كتاب المسيح المسلم .

لكن النقطة التي أود التأكيد عليها هي أن أحد أجزاء هذا المؤتمر مخصص لشرح الإسلام للعالم: وفي سياقه الأعم شرح جذوره المشتركة مع الدين اليهودي والدين المسيحي، وكيف بدأ، وكيف تطور، وكم هو بعيد ومنفصل عن التحريف الموروب العاري عن الصحة الذي ينشره المتطرفون. وقد وجدت بأنه حيثما كان هناك جهل هناك انعدام للثقة، وفي بعض الأحيان هناك كراهية. الفهم فيه علاج كبير للروح.

وبالتالي هذا المؤتمر ليس عن إلقاء الحكومة لمحاضرة تخاطب بها العالم الإسلامي، أو حتي الجاليات المسلمة التي تعيش في بريطانيا. بل هو فرصة لنا جميعا لكي نستمع؛ لكي نستمع نحن وبلدنا للصوت الحقيقي للإسلام؛ ولكي نرحب بالمسلمين ونوفيهم التقدير. وبقيامنا بذلك فإننا ننضم إلي جميع من يؤمنون بوجود عالم تحترم فيه الأديان، وحيث تحترم الأديان بعضها البعض تماما كاحترام الديانات، وهي علي استعداد للتمسك بحقائقها وتنأي بنفسها عن عدم احترام الحقائق التي يؤمن بها الآخرون. أتمني لكم التوفيق في نقاشكم.

المصدر: http://science-islam.net/article.php3?id_article=817&lang=ar

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك