سوء الأخلاق وجه آخر للإرهاب!
رمضان جريدي العنزي
الأخلاق مجموعة أحكام ومعايير تحدد سلوك الفرد وترسم سياسته الأخلاقية وعلى الرغم من أن هذه الأحكام رسمية وغير رسمية إلا أنها تكون شعورية ولا شعورية تلعب دوراً كبيراً في تحديد مكانته الاجتماعية ونفوذه ورسم طبيعة علاقاته الاجتماعية وتحقيق أهدافه في الحياة وسمات
شخصيته وتتأثر بنوعية التنشئة الاجتماعية ويقصد بها تهيئة الفرد كي يتكيف ويعيش ويتفاعل مع أبناء مجتمعه، أن التنشئة الاجتماعية تتأثر بنوعية الأشخاص والأدوات (التقنيات) وقدرة الأبناء على الاستيعاب الخبر والمعلومات والأوامر والفروق الفردية والضبط الاجتماعي والأصدقاء وضعف المراقبة والتوجيه عند الكبر، أن العوامل الثلاثة التالية: (الوراثية) و(النفسية) و(الاجتماعية) بالإضافة إلى نوعية الغرائز (فطرية، مكتسبة) إذا تضافرت تحدد الأهداف لاسيما ونحن نعيش في عالم مملوء بالمخاطر والمفاجئات، أنه في ظل التقدم الحضاري يدفع الإنسان ضريبة باهظة الثمن على حساب أخلاقه لا تقل خطرا عن الإرهاب بل إنهما وجهان لعملة واحدة، العالم كوستاف لوبون يقول: (الأمم تتهاوى إذا انحدرت أخلاقها) ويقول الفلاسفة (إن قوة الأمم تقاس بأخلاقها وليس بعدتها وعددها) إذن الأخلاق أقوى وأهم سلاح في المعركة ضد الشرور وانحطاط وتعفن العلاقات بسبب الانفتاح على العالم الخارجي والتخلي عن القيم المألوفة وصراع القيم الوافدة والتقليد الأعمى لثقافة الغرب تحت تأثير المودة والفقر والبطالة وسوء قوت العباد وتفشي الفساد ووسائل الأعلام بما في ذلك القنوات الفضائية والانترنت وضعف الإبداع والابتكار وضعف الوازع الديني والعلاقات القرابية وظهور الأيديولوجيات الجديدة والهيمنة الفكرية الإعلامية العالمية وتعقد الحياة وتعدد الحاجات واختلاف الأنماط والمعايير ما يجعل العلاقات الاجتماعية لا تحقق السعادة والرخاء للإنسان والشعور بالقلق والتوتر والخوف والرعب ما يدفع الإنسان إلى البحث عن ملاذ آمن كما يعتقد، فيجد في تعاطي المسكرات والمخدرات وسيلة لتخفيف حدة التوتر لكن بمرور الوقت يصبح فريسة بأيدي مجموعات السوء، إن جميع بلدان العالم التي شهدت حروب طاحنة طائفية ومذهبية وإرهابية عانت من ارتفاع معدلات استخدام المخدرات بكافة أنواعها والجريمة بشتى أصنافها والأعمال التي تنافي الفطرة الإنسانية لهو دليل قاطع على سوء الأخلاق وضعف الوازع الديني والإنساني، إن سوء الأخلاق تؤدي إلى ارتفاع معدل الإرهاب واستمرار الفساد، إن التصدي لظاهرة سوء الأخلاق الأكثر خطراً من الإرهاب لابد أن يتحمل الآباء في الدرجة الأولى مسؤولياتهم في تنشئة أبنائهم والمراقبة والتوجيه عند الكبر حتى في المدارس والكليات والمعاهد والمناطق السكنية خاصة المناطق التي يطلق عليها الساخنة وأن يقوم الوعاظ وجال الفكر والثقافة والأعلام بدورهم الإرشادي، إن الفساد الأخلاقي أصبح وباء وكارثة اجتماعية تنتقل من خلال العدوى الاجتماعية والاتحادات والمنظمات السرية التي تديرها عصابات محترفة وشبكات جل همها الخراب والفوضى والهدم، إن سوء الأخلاق في المجمل العام أشد خطراً من الإرهاب وهذه هي المعاناة الجديدة التي يجب أن نهتم بها ونبتكر لها الحلول.
المصدر: http://www.amnfkri.com/news.php?action=show&id=22281