العولمة

كتبه : د . نواف بن ذويبان الراشد

في نهاية القرن العشرين ومع انتهاء المد الشيوعي سياسيا واقتصاديا سيطرت الدول الرأسمالية الكبرى على النظام العالمي وادعت هذه الدول أن استقرار دول العالم جميعها لن يتحقق إلا بالنمو الاقتصادي وذلك عبر تدويل الأعمال وبناء عليه قامت الدول الرأسمالية بإيجاد مايسمى باتفاقيه التجارة العالمية ( الجات ) وبموجب هذه الاتفاقية تتاح حرية الحركة للأموال والمنتجات والأعمال والناس للتنقل من دولة إلى أخرى دون قيود ومن أساسيات هذه الاتفاقية منح الحرية لتدفق السلع والخدمات ورؤوس الأموال والإعمال من دولة إلى أخرى وخفض الرسوم والضرائب والقيود على التجارة والصناعة وهو ما يطلق عليه العولمة فالعولمة إذا نظام اقتصادي واحد يراد فرضه على العالم للاستفادة من خيرات الشعوب واستغلالها لتشغيل المصانع في الدول الصناعية.
وهذا النظام تقوده أمريكا والدول الغربية بدعوى ضرورة أن يتحد العالم في نظام واحد حيث يسود البشر أنفسهم ولكن هذا يقود إلى تحويل العالم كله ليكون تحت مصالح المستثمرين الأمريكان أولا والغربيين ثانيا وغرضهم السعي إلى السيطرة على المال والاقتصاد بالدرجة الأولى ثم السيطرة الثقافية والسياسية بالدرجة الثانية حيث يريدون للعالم أن يتحول إلى قرية صغيرة تزول فيها الحدود بين الشعوب.

والعولمة هي نظام جيد في شكله ألا أن الدول النامية سوف ينالها الضرر لعدة أسباب من أهمها:ـ

1-أن الدول الغنية وشركاتها ومصانعها متقدمه وقوية وغنية ولديها من الخبرات والكفاءة ما يؤهلها لإنتاج الأرخص والأجود وبهذا قد تقضي على الشركات والمصانع الصغيرة الناشئة.

2-أن الدول الغنية سوف تستفيد من العولمة عبر حصولها على المواد الخام الأولية الرخيصة بسهوله من أي مكان في العالم وسوف تحصل على الأيدي العاملة الرخيصة في أي مكان من العالم وسوف تختار مكانا تصنع فيه سلعها وتقدم خدماتها في أي مكان من العالم وهذا سوف يساعدها على خفض التكلفة ويعطيها ميزه للمنافسة.

3-سوف تؤدي العولمة إلى أن رؤوس الأموال والعقول الغنية بالأفكار سوف تبحث عن الأوطان الخصبة بالمواد الخام والفرص وهذا يعني أن الدول النامية عليها استقطاب رجال الأعمال والشركات العالمية إليها وهنا قد يؤدي ذلك إلى تدخل الدول الأقوى في شؤون الدول الأضعف كما أن الدول والحكومات لن تستطيع حماية مصانعها وشركاتها المحلية لأن من شروط اتفاقية التجارة العالمية تحرير الأعمال من القيود ولذلك فأن على رجال الأعمال وأصحاب المصانع والشركات من الآن التخطيط لخوض غمار المنافسة العالمية لضمان البقاء في الساحة لأن المنافسة في ظل العولمة لن تكون من مصانع مشابهة لها تقريبا نفس القدرات من الداخل ولكن المنافسة سوف تكون في غزو المصانع والشركات الكبيرة للأسواق المحلية في عقر دارها والبقاء سوف يكون للأصلح وباختصار فأن المزايا التي تستطيع أن تتسلح بها المصانع والشركات هي إنتاج سلع وخدمات ذات جوده عاليه وسعر منخفض والقدرة على تسويقها بكفاءة لتصل إلى المستهلك في الوقت المناسب ويجب الاهتمام بالتكنولوجيا المتجددة أي الأفكار المتواصلة والاختراعات الحديثة وعدم الركون لأي مستوى أو مرتبه تصل إليها وهذا يتطلب إحداث إدارات عليا متمكنة من الممارسات الإدارية الفعالة تهتم بالسلع والخدمات الرئيسية ذات المعايير الدولية وإيجاد أقسام البحوث والتطوير مهمتها خلق القدرة على إثبات الذات محليا ثم الانطلاق إلى الخارج وذلك عبر استغلال أنظمه المعلومات والاتصالات العالمية المتطورة لان مصير الشركات والمؤسسات يتوقف على إحراز تفوق نسبي في الأسواق المحلية والعالمية ولا يتحقق ذلك إلا بإيجاد الإدارة الفعالة القادرة على تحديد نقاط الضعف ومعالجتها والاهتمام بالأفكار الجديدة والمفيدة والقدرة على إحداث التغيير عند الحاجة إليه والاهتمام بالعملاء وخفض التكاليف وخلق الجودة واستخدام التكنولوجيا وتنمية مهارات العاملين باستمرار حتى لا تصبح أسرى لدى الشركات الغربية العابرة للقارات.

إما من الناحية الثقافية فأن الدعوة لان تسود العالم ثقافة واحدة القصد منها أن تسود ثقافة القوي ولا شك أن أمريكا والغرب عبر امتلاكهم شبكات المعلومات العنكبوتيه باللغة الانجليزية يريدون سيطرة هذه اللغة على العالم ثم استخدام القنوات الفضائية والأفلام السينمائية والتلفزيونية والقنوات الإباحية للسيطرة على العالم وأن يلغوا الثقافات الأخرى بينما على الجانب الأخر نجد أن شعوب العالم الأخرى تريد أن تحافظ على موروثها وتأكيد هويتها الثقافية ومقاومة الغزو الثقافي الغاشم القادم من الغرب ونحن كأمة أسلامية وعربية يجب أن لا ننساق وراء دعاوى العولمة الاقتصادية والسياسية بل أن نقبل منها الشيء الجيد ونرفض مايتعارض مع ثقافتنا وتراثنا وثوابتنا خصوصاً وأن ديننا الإسلامي الحنيف متوازن بين الاهتمام بالروح والمادة.

المصدر: http://www.aljoufnews.com/sa/articles.php?action=show&id=137

الأكثر مشاركة في الفيس بوك