الأزمـة السوريـة والتطـرّف
عبدالله عبدالمحسن السلطان
اشتدت هذه الأيام الهجمة المعززة بقوة سلاح الحلف الثلاثي (نظام بشار وإيران وحزب الله اللبناني) ضد السوريين والجيش الحر، وزاد تعاون هذا الحلف لقتل المواطنين العزل وإقامة المجازر لهم بشتى الأساليب والأسلحة، ومنها السكاكين (وسيلة الفرس المجوس والنصيريين، للتشفي من العرب والمسلمين) ، وهدم بيوتهم وتخريب مدنهم وقراهم.
هذا في داخل سوريا، وفي الخارج عزز نظام بشار وأعوانه قتل الشعب السوري بالحملة الدعائية المتضمنة أنهم يواجهون حركات متطرفة كالقاعدة والنصرة وكتائب / جبهات إسلامية أخرى (جهاديين وسلفيين...)، وذلك لتخويف الغرب (الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية) من تقديم المساعدات للثوار السوريين. بشار وأعوانه في سياساتهم الابتزازية هذه يلعبون على وتر كون الولايات المتحدة والدول الأوروبية تطمح بأن يكون البديل لبشار ونظامه، نظام علماني يخلفه، لا مكان للتطرف فيه. وحتى الآن الواقع يشير إلى أن ابتزاز حملة بشار الإعلامية ناجحة، ولو نسبيا. على الأقل حتى الآن الغرب بشكل عام في حالة تردد من مساعدة الثوار بشكل حاسم بالسلاح الذي يستطيعون به مواجهة هجوم الحلف الثلاثي. والحاصل مزيد من الدمار والقتل وسوء أحوال الشعب السوري. وهذا في نهاية الأمر ليس في صالح السوريين ولا في صالح الغرب والدول المجاورة لسوريا.
الشعب السوري، ممثلا بالثوار وكل فئات المعارضة بشكل عام، يعمل للتخلص من بشار والقضاء على نظامه. هذا المطلب يجعلهم جميعا بنظر بشار وحلفائه متطرفين. وحقيقة الأمر هي أن استمرار بقاء بشار في الحكم هو الذي يزيد ما يسمى بالمتطرفين يوما بعد يوم. وتعاونه هو وأعوانه بعنف ضد الشعب السوري هو الذي، إن صح القول، يدفع بالمزيد من المتطرفين. كما أن بقاء بشار على رأس السلطة يزيد بالدرجة الأولى من أعدادهم. ولا صحة لتهديد بشار وأعوانه بالمتطرفين إن هو ترك الحكم، إذ لا أسوأ من نظام بشار. ولرئيس الوزراء الياباني رأي في الأمر، إذ قال : «نحن نرى أن بقاء الرئيس الأسد في السلطة يعيق سير العملية الانتقالية بشكل سلس. ومن ناحية أخرى فإنه إذا استمر الوضع الحالي كما هو، فهناك خوف من زيادة تأثير المتطرفين في عهد ما بعد نظام الأسد. ويجب على المجتمع الدولي أن يتحد ويدعم عملية توحيد أطراف المعارضة، وذلك من أجل إيجاد حل لهذا الوضع» (الشرق الأوسط ، الثلاثاء 20/6/1434هـ ــ 30/4/2013م).
يأتي الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد ، ليعزز تهديد بشار وأعوانه (ونجاد واحد منهم) ليكرر مقولته : إنه يدعم بشار ، ويحذر من انتصار المعارضة ووصولها للحكم في سوريا من خلال الحرب والصراع، ويقول إن ذلك يطيل أمد الحرب والصراع وانعدام الأمن الذي ستتضرر منه سوريا، وسيهدد ذلك أمن واستقرار دول المنطقة كلها ويعرضها للخطر (الحياة والشرق الأوسط ، الاثنين 19/6/1434هـ ــ 29/4/2013هـ) . وقد يكون في بال الرئيس الإيراني، وهو يقول ذلك المزيد من استعمال بشار للسلاح الكيماوي ضد الشعب السوري الأعزل .
وفيما يتعلق بإطالة أمد الحرب والصراع في سوريا فإن النظامين الإيراني والسوري على اتفاق بإطالته لكسب الوقت أملا في أن يزيد ذلك من أعداد المتطرفين، وهذا كما يرى النظامان في صالح بشار ونظامه إذ برأيهما سيمتنع عندئذ الغرب من مساعدة الثوار والمعارضة بشكل عام، وعندئذ يسهل الانتصار عليهم. ومع أن بشار يعرف ويعرف معه الإيرانيون كذلك، أن لا مجال لاستمراره في الحكم طويلا، بعد الذي حصل، فلذلك هم جميعا، كما يبدو على الواقع، في اتفاق على إطالة الحرب لقتل مزيد من السوريين وهدم وتخريب بيوتهم ومدنهم وقراهم ليكون ذلك ثمنا لخروج بشار، إن حصل، وليس ذلك ببعيد. وهكذا يمكن الخلوص إلى أن النظامين السوري والإيراني هما المسؤولان عن تعقد الأزمة السورية، وهما المصدر للتطرف فيها .. والله أعلم.
المصدر: عكاظ.