القوى الإقليمية غير العربية وسياسات الهيمنة على المنطقة

   
   

سعيد رفعت

رئيـس تحـريـر مجلـة شـؤون عـربيـة

 
   

القوي الإقليمية غير العربية التى تنشط حركتها، ويشتد نفوذها، ويتصاعد تأثيرها علي الساحة العربية إلي حد يقارب الوصول إلي مرحلة الهيمنة علي سياساتها، لا يرجع نجاحها فقط إلي نشاطها وديناميكيتها وتحركها لتنفيذ أهداف إستراتيجية، وتحقيق طموحات تاريخية، واستثمار أوضاع جاهزة للقطاف، أو إلي سلبية واستكانة وغياب السياسات العربية، واستعدادها للتخلى عن الساحة لعناية الدول الكبري، والتحاقها بركبها أملاً فى استقرار أوضاعها وحماية نظمها، وإنما تعود أيضاً إلي تقدير هذه الدول نفسها بصعوبة تحقيق أهدافها فى المنطقة واحتواء مشاكلها فى جوارها الآسيوى من حيث استقرار الأوضاع، والخروج من الأزمات، وسحب أو زيادة القوات، ودفع عملية السلام دون الاعتراف بثقل ومكانة القوي الإقليمية غير العربية، وتقدير قدراتها فى مساعدة السياسة الأمريكية إذا ما توفرت الظروف المناسبة، وجري التعامل معها علي أساس قوة تواجدها علي الساحة وفعالية تأثيرها علي قضايا المنطقة.

وبالرغم من أن هذه القوي الإقليمية تتحرك فى المنطقة وفق أهداف متضاربة ومصالح متناقضة وسياسات متنافسة، إلا أن الشاهد أن مواقفها جميعاً تنطلق من نفس الدوافع :

أولاً- الرغبة فى ملء الفراغ الناتج عن الغياب العربى فى القضايا الإستراتيجية والفضاء الإقليمى، واعتمادها فى تصعيد أدوارها وتثبيت أوضاعها وانتشار نفوذها فى المنطقة علي وسائل تتراوح بين الضغط العسكرى، والامتداد الأيديولوجى، والتسويق السياسى والمذهبى.

ثانياً- تحرك كل منها علي الساحة وفق إستراتيجية تستهدف الحصول علي اعتراف بدور رئيسى لها فى المنطقة باعتبارها قوة إقليمية نافذة وطرفاً أساسيا فاعلاً يجب أن تؤخذ مصالحه فى الاعتبار، ويشارك فى اتخاذ القرارات المصيرية علي ساحتها، فضلاً عن تبنى هذه القوي لسياسات تعتمد علي المبادرة والضغط والتأثير لفرض وجودها وتثبيت نفوذها هدفاً لإقناع الدول الغربية بأن تحقيق الأهداف واستقرار الأوضاع وضمان المصالح علي الساحة الإقليمية مرهون بالاعتراف بدورها بكافة متطلباته علي هذه الساحة، والتعاون والتنسيق معها علي أساس من الندية والاحترام.

ثالثاً- توافق القوي الثلاث علي نظرتها إلي العالم العربى من منظور يتسم بالتفوق والاستعلاء، ويرجع ذلك لأسباب يتعلق بعضها بعوامل تاريخية، ويتصل البعض الآخر بإحساس التمايز لدي هذه الدول بخصوصيتها الثقافية والحضارية، ويعود البعض الثالث إلي طغيان مشاعر الاعتزاز الوطنى لديها بما حققته من إنجازات فى المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية والعسكرية فى بلادها مقارنة بالأوضاع الساكنة والمنقسمة والمتدهورة أحياناً فى العالم العربى.

رابعاً- أن القوي الثلاث تنتمى لأديان ومذاهب ومرجعيات ثقافية تدعى كل منها تمثيلها أو تطمح إلي ذلك. إذ تدعى إسرائيل تمثيلها ليهود العالم فى تبرير ادعاءاتها التاريخية وممارساتها الاحتلالية فى الأراضى الفلسطينية، وتدعى إيران تمثيلها للمجتمعات الشيعية وحركات المقاومة لتسويق سياساتها الرامية لامتداد نفوذها الإقليمى إلي كافة مواقع التواجد الشيعى وساحات المقاومة الوطنية فى المنطقة. وتشعر تركيا - من جهتها - بالرغبة فى إحياء ما يسمي بالعثمانية الجديدة، واستثمار موقعها السابق كآخر قلاع الخلافة الإسلامية السنية لتوسيع آفاق نفوذها بالمنطقة بما يقوى من موقفها فى طرق أبواب عضوية الاتحاد الأوروبى، أو يتيح لها بديلاً فى محيطها الإقليمى إذا ما باءت جهودها للانضمام لأوروبا بالفشل.

وبالرغم من تصاعد نفوذ القوي الإقليمية غير العربية بالمنطقة، وتزايد تأثير سياساتها علي القضايا العربية بحيث لم يعد ممكناً تحريك أية مشكلة خاصة بتلك القضايا، سواء بالنسبة لتشكيل حكومة أو تحقيق مصالحة أو دفع عملية سلام، دون موافقتها علي تطويع التفاعلات داخل هذه القضايا فى اتجاه تحقيق هذا الهدف. إلا أن الواضح أن العوامل التى تُمكِّن هذه القوي من القيام بدورها علي الساحة تتوقف علي طبيعة العلاقات المعقدة والمتنافسة والمتداخلة بينها، وعلي روابط كل منها بدول المنطقة، وأسلوب تعاملها مع الأوراق التى تملكها، وعلي علاقاتها بالدول الكبري ومدي رغبتها فى خدمة سياساتها، أو سعيها لتبادل الخدمات والمصالح معها، أو قدرتها علي عرقلة أهدافها وهو الأمر الذى تظهر مفاعيله فيما يلى :

أولاً- أن العلاقات بين إيران وإسرائيل التى يغلب عليها طابع العداء الناتج عن الحساسية الإسرائيلية من النظام الإسلامى الإيرانى وسياساته وشعاراته المناهضة لإسرائيل، فضلاً عن شعورها «المفتعل» بالتهديد الوجودى من المشروع النووى الإيرانى. وذلك فى مقابل التقدير الإيرانى أن إسرائيل تقف عقبة أمام توسيع وتسويق مشروعها الإسلامى فى المنطقة، وتحقيق طموحاتها الإقليمية، وتطوير مشروعها النووى، لا تمنع الطرفين من استفادة كل منهما بمواقف الأخرى فى كسب المواقع التى تهمها علي الساحات الأمريكية والإسلامية والعربية. أو فى اتخاذهما مواقف «متماثلة» فى رفض الضغوط الأمريكية لتجميد الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة من جهة، ولتخصيب اليورانيوم الإيرانى خارج البلاد من جهة أخري، فضلاً عن حرص كل منهما علي إظهار نفسها بصورة الضحية المهددة لتبرير الممارسات الإسرائيلية فى الاحتلال والاستيطان وعرقلة جهود السلام، أو لتصوير إيران علي أنها دولة مسالمة تتعرض لضغوط عالم الاستكبار الذى يريد إخضاعها وحرمانها من القدرة علي التطور.

ثانياً- أن المعادلة الثلاثية بين تركيا وإيران وإسرائيل تتسم فى عمومها بالتعقيد والتداخل، ليس فقط من حيث طريقة الاقتراب من مشاكل المنطقة من جانب كل منهم حيث يعتمد القاموس التركى علي مفردات المصالح والاستقرار والازدهار، بينما يستند القاموس الإيرانى علي مفاهيم الاقتحام والمواجهة والممانعة، فى الوقت الذى يرتكز فيه القاموس الإسرائيلى علي ممارسات العنف والردع والقوة المنفلتة، وإنما أيضاً لأن العلاقات الإستراتيجية بين تركيا وإسرائيل قد تأثرت بتوجهات الحكومة التركية فى تعميق علاقاتها مع العالم العربى، والعودة إلي تراثها الثقافى والإسلامى فى المنطقة، والانصياع لاتجاهات رأيها العام فى رفضه لممارسات إسرائيل فى الأراضى المحتلة، وفى حربها علي غزة، الأمر الذى ترك إسرائيل خالية الوفاض من أية تحالفات إقليمية لأول مرة منذ تأسيسها. هذا فضلاً عن حرص تركيا علي تطوير علاقاتها مع طهران فى إطار ما تحلم به من إقامة نظام إقليمى جديد يضم العراق وإيران ودول الخليج لملء الفراغ الإقليمى الناتج عن النكوص الأمريكى والضعف الأوروبى والغياب العربى، وهو ما يعطى الفرصة لتركيا لاستثماره فى تهدئة السياسات الإيرانية الجامحة وفى توظيفه لتصعيد دورها فى التقدير الأمريكى. ومع ذلك فإن التطورات الإيجابية التى تشهدها العلاقات بين إيران وتركيا لا تخفى قلقاً إيرانياً من دور تركيا فى الوساطة بين سوريا وإسرائيل، ومن التأييد الأمريكى لهذا الدور ومحاولة تصعيده لوضعه فى مصاف التنافس مع الدور الإيرانى، فضلاً عن الرغبة فى استثماره أمريكياً لإبعاد سوريا عن محور تحالفها مع إيران.

ثالثاً- أن تقدير الدول الكبري لدور القوي الإقليمية غير العربية وإن تراوح بين اعتبارات التحالف والصداقة والتنافس إلا أنها لا تخلو جميعاً من دواعى الاختلاف فى الآراء والمواقف، إذ فى الوقت الذى تقف فيه الولايات المتحدة موقف الدعم الكامل لإسرائيل، فإن السياسات الإسرائيلية تبدو وكأنها لا تكترث كثيراً بوضع حليفتها الكبري فى موقع الحرج مما يدفعها للتراجع عن مواقفها المعلنة، أو الدفاع عن ممارسات إسرائيلية أثبتتها تحقيقات دولية. هذا فى الوقت الذى تظهر فيه العلاقات الأمريكية الإيرانية وكأنها تعانى من حالة حادة من التجاذب والمنافسة، إلا أن الشاهد أنها لا تصل إلي حد قطع الخيط الرفيع بينهما، ويرجع ذلك إلي تقدير كل طرف بأهمية موقع الطرف الآخر فى تحقيق أهدافه، سواء أكان ذلك اعترافاً أمريكياً بالدور الإقليمى لإيران فى المنطقة، أو بما تستطيع إيران تقديمه من «سلة حوافز» لأمريكا فى كل من أفغانستان والعراق ولبنان فضلاً عن ضمانها إمدادات النفط فى الخليج. وخاصة فى الوقت الذى يزداد فيه الاقتناع - بعد أن يتم تسوية مشكلة تخصيب اليورانيوم الإيرانى خارج البلاد - بإمكانية تجاوز مشكلة المشروع النووى الإيرانى بتقييمه من زاوية الحاجة الإيرانية إليه كدافع معنوى إيرانى داخلى ومفتاح للقبول بإيران كقوة إقليمية كبري، وهو أمر يسمح بالاتفاق علي تجنب تجاوزها لمرحلة «العتبة» الفاصلة بين القدرة العلمية والحيازة الفعلية للسلاح النووى. أما بالنسبة للعلاقات الأمريكية التركية فإن الواضح حجم الثقة التى توليها الولايات المتحدة لتركيا فى قيامها بدور قيادى بارز فى العالمين العربى والإسلامى والتى تؤهلها له ديمقراطيتها، واندماجها فى مشروع الحداثة، وتوصلها إلي توازنات ناجحة بين الثنائيات التى تعانى منها كافة دول المنطقة (الدين والسياسة - العلم والإيمان - الهوية الفردية والجماعية ...) وقيامها بدور فاعل فى التحالف الأطلنطى، فضلاً عن سعيها للتعاون مع الاتجاهات المختلفة فى أوروبا، وفى الجمع بين التعامل الإيجابى مع روسيا، والتحرك النشط تجاه مناطق البلقان والقوقاز والبحر الأسود. خاصة وأن فتور العلاقات بين تركيا وإسرائيل لا تثير قلق الدوائر الأمريكية الرسمية لعلمها أن هناك حدوداً فى علاقاتهما الإستراتيجية يحرص الطرفان علي تجنب تجاوزها. ومع ذلك فإن ما يثير خشية بعض هذه الدوائر هو أن تكون للحكومة التركية الحالية أجندة أيديولوجية إسلامية خفية تتستر وراء نشاطها الظاهر لتطوير المصالح الوطنية علي الساحة الإقليمية.

رابعاً- أن العلاقات بين القوي الإقليمية غير العربية والدول العربية يغلب عليها - بحكم طبيعة القضايا المتفجرة علي ساحة المنطقة والغياب العربى عنها - طابع التوجس والشك، ليس فقط لأن العلاقات بين إسرائيل والدول المعترفة بها لا تتحدد تطوراتها طبقاً لتفاعلاتها الداخلية، وإنما تتراوح وتيرتها صعوداً وهبوطاً وفقاً للظروف المحيطة بالقضية الفلسطينية، والضغوط الخارجية الممارسة علي السياسات العربية. ولكن أيضاً لأن دول الاعتدال العربية المتحالفة مع الإدارة الأمريكية تتبني سياسة تتقاطع تلقائياً مع السياسة الإسرائيلية سواء بالنسبة لمحاصرة المقاومة الفلسطينية، أو لمحاولة تحجيم الدور الإيرانى. لذلك فإن العلاقات العربية الإيرانية تسودها عوامل القلق وعدم الثقة نتيجة التوجس العربى من تصاعد النفوذ الإيرانى وانعكاسات برنامجه النووى علي أمن دول المنطقة وتوازن القوي علي ساحتها، خاصة فى ضوء موقف الاستعلاء والتحدى للسياسة الإيرانية، وعدم تفهمها لدواعى القلق العربى، وإصرارها علي تعميق الانقسام السياسى والمذهبى علي الساحة العربية، وذلك فى مقابل «تعجب» إيران من الرفض العربى للانفتاح عليها وتجنب التحدث المباشر معها، والاستجابة للمحاولات الإسرائيلية «لشيطنة» دورها، وإظهار تحركاتها الممانعة للسيطرة الأمريكية والإسرائيلية علي المنطقة وكأنها تمثل تهديداً للدول العربية. وذلك بعكس الأمر بالنسبة للدور التركى الذى يحوز علي ثقة الجانب العربى، والذى يطرح نفسه كقوة إقليمية مؤثرة يدعمها ما تملكه من مقومات «القوة الناعمة» التى تسعي من خلالها، بحكمة وعقلانية، إلي تجميع الصفوف وتقريب المواقف، وإقامة التكتلات المتناسقة لأهداف آمنة. ومع ذلك فإن الساحة العربية لا تخلو من شكوك فيما إذا كانت التحركات التركية تعبر عن رغبة جادة فى توجهاتها تجاه المنطقة، أم أنها تستهدف استثمارها كأداة ضغط ومساومة فى سبيل تحقيق طموحها الأساسى فى الالتحاق بركب الاتحاد الأوروبى.

وإذا كان من الواضح أن القوي الإقليمية غير العربية التى تعمل فى اتجاه الهيمنة علي القضايا العربية مستثمرة فى ذلك امتلاكها لمشروع سياسى أو عقائدى يستهدف وضعها فى موضع القوة الإقليمية الكبري بالمنطقة، فإن ما يشجعها علي المضى قدماً فى تحركها هو ما تلاحظه من أن الولايات المتحدة قد أرخت قبضتها علي خيوط التوازن القائم فى المنطقة نتيجة انحسار قوتها علي الساحة الآسيوية، وتراجع نفوذها فى النزاع العربى الإسرائيلى، وضعف تأثيرها علي تطورات الوضع فى العراق، وذلك فى الوقت الذى تركت فيه السياسات العربية المنطقة برمتها لعناية القوة الكبري وأعطت لها تفويضاً علي بياض للتحرك باسمها وعلي حسابها وهو الأمر الذى أسفر عن تبلور تفاعلات علي الساحة الإقليمية لغير صالح القضايا العربية تظهر انعكاساتها فيما يلى:

أولاً- خروج المشاكل الإستراتيجية من الإطار العربى، ووضعها فى دائرة نفوذ وتحكم السياسات الغربية ووقوعها تحت ضغط وتأثير الطموحات الإقليمية.

ثانياً- أن القضايا الإستراتيجية أصبحت تتحرك فى جزر منعزلة، ودوائر مستقلة لا يجمع بينها تنسيق مشترك، ولا تربطها اعتبارات سياسية أو نضالية، ولا تتأثر أى منها بتطورات الأحـداث فى القضايا الأخـري ولا تتفاعل معها إلا بدفع من مصالح خارجية غير عربية.

ثالثاً- افتقاد الدول العربية لثقل التأثير علي السياسات الدولية والإقليمية، واطمئنان القوي الكبري لضعف مواقفها وتواضع ثقلها، الأمر الذى يعرضها للاستجابة للضغوط الخارجية لتقديم مزيد من التنازلات دون قلق من ردود أفعالها الرسمية أو الجماهيرية، خاصة فى ضوء ادعائها بقدرتها علي التحكم فى الأوضاع الداخلية ولجم المشاعر الشعبية.

رابعاً- تصاعد الانقسامات الطائفية والمذهبية علي ساحة المنطقة باعتبارها نتاجاً طبيعياً لظروف سياسية بعضها داخلى يتعلق بافتقاد الديمقراطية بما يتيح المجال أمام الأطماع والطموحات المحلية لتوظيف استثارة العداء المذهبى والفتنة الطائفية، والبعض الآخر خارجى يتصل فى معظمه بدور القوي الخارجية - وخاصة الإقليمية - فى إحياء هذه الانقسامات واستثمارها لتحقيق أهدافها.

ومن هنا تظهر صورة العالم العربى وكأنه ضحية لإعادة هيكلة المنطقة التى تتم خارج حساباته وتقديراته، وذلك فى ضوء تكيف السياسات العربية تكيفاً محدوداً - وأنانياً فى بعض الأحيان - تجاه التطورات التى تشهدها الساحة الإقليمية، وهو أمر يعكسه مواقف الدول العربية المختلفة فى هذا الشأن، إذ أن بعضها قد عزل نفسه تماماً عن مشاكل المنطقة وركز جهوده علي تعميق علاقاته بدول الاتحاد الأوروبى، والبعض الآخر وجد بديلاً عن تحالفاته العربية فى الانكفاء علي القارة الأفريقية، والبعض الثالث تنازل عن التزاماته العربية للولايات المتحدة، ورضى باستحقاقات ارتباطاته الإستراتيجية بها ليتفرغ لمواجهة صراعاته الداخلية، أو اشتباكاته الحدودية، أو أزماته المالية بحيث لم يعد لديه الوقت الكافى لتقدير ما يدور حوله من تطورات وما تتطلبه من تحركات مشتركة وإستراتيجيات منسقة لمواجهتها. هذا فضلاً عن تبنى بعض الدول العربية « القومية » لسياسات تقوم علي إعادة تشكيل شرق أوسط جديد يكون فيه لإيران وتركيا دور بارز ومؤثر علي حساب النظام العربى.

وهكذا فى الوقت الذى تتحرك فيه سياسات الدول الإقليمية غير العربية بنشاط وحيوية لإعادة تحديد الأحجام والأوزان بالمنطقة، وتحقيق طموحاتها التاريخية علي ساحتها، معتمدة فى ذلك علي افتراض موقف العجز والتخاذل لدي الطرف العربى فى الدفاع عن مصالحه، فإن السياسات العربية أصبحت تحصر تحركها فى إطار ثلاثى مغلق الأبعاد : حرص مَرضى علي مفهوم سيادة الدولة، استهانة تامة بالمتطلبات الجماعية لمصالحها المشتركة وأمنها القومى، استغراق كامل فى تشكيل الأوضاع الداخلية لضمان نقل السلطة فى الاتجاه المرغوب، وفى شغل الرأى العام بمعارك بينية عربية حول قضايا صغيرة ذات انعكاسات مدمرة علي العلاقات العربية العربية وعلي مفاهيم التعامل وركائز التضامن بينها.

المصدر: http://arabaffairsonline.org/ArticleViewer.aspx?ID=47707065-0df3-46c0-b5...

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك