نقد غياب النقد!

(1)
لكي تحصل على مُنتـَج ذي جودة عادية، وقليل الأخطاء، لا بد من «نقده» قبل وبعد وخلال إنتاجه. والنقد ليس هجاء غاضبا، ولا مديحا مجانيا .. النقد عقل متخصص بهذا المنتج يراقب عملية إنتاجه، ويكشف الخلل فيه إن وجد، ويدل على الطريقة الأفضل لإنتاجه بشكل أجمل .. يحذرك من الخطأ، ويدلك على الصواب .. وحتى عندما تصل إلى الصواب «ينقده» لكي تصل إلى الأكثر صوابا، والأعلى جودة.

(2)
النقد بحاجة إلى الوعي واستيعاب «المنتج»الذي ننتقده.
النقد بحاجة إلى صدق، وشجاعة لمواجهة المنقود.
النقد بحاجة إلى حرية .. ونوايا طيبة، وحسن ظن.

(3)
كلما كثر النقد .. كلما قلّت الأخطاء.

(4)
النص الأدبي بحاجة إلى ناقد في الأدب متمكن من أدواته: يقرأ هذا النص بشكل مختلف، يلقي الضوء على زواياه المظلمة، يفككه، يكشف عيوبه وحسناته. كلما ازداد عدد النقاد الجيدين، كلما امتلأت الأوراق بالنصوص الجيدة. ولكن .. ماذا تفعل مع «المجتمعات» و «الدول»؟.. هل يكفي الناقد / الفرد .. أم أننا بحاجة إلى المؤسسات / الناقدة؟!
أنت هنا بحاجة إلى وسائل إعلام حرة، وبحاجة إلى مؤسسات كبرى لديها الصلاحية لـ «نقد» الجميع .. ويرافق النقد شيء من المتابعة والمحاسبة، وبحاجة إلى مؤسسات مجتمع مدني «تنقد» الأداء، وتتابعه، وتدله على جادة الصواب، وبحاجة إلى مساحة حرة تمنح الجميع حرية النقد، وبحاجة إلى قانون واضح يحمي الناقد والمنقود. لن تجد مجتمعا سليما، ودولة قوية، دون وجود هذا النقد.

(5)
الأجمل أن نقوم بممارسة «النقد» ضد أنفسنا:
لماذا لا نحاسب أنفسنا كأفراد ونحوّل سلبياتنا إلى ايجابيات؟
لماذا لا تقوم الحركة الفكرية / السياسية بمراجعة خطابها ونقده قبل أن تفعل هذا الأمر حركة مضادة؟
لماذا لا تقوم السلطة – أي سلطة – بنقد أدائها قبل أن يفعل هذا خصومها؟
لماذا لا يتنازل المجتمع عن بعض أوهامه، ويعترف بأنه لا يوجد شيء اسمه «مجتمع الفضيلة» وأن كل مجتمع له نصيبه من الرذيلة والأخطاء التي يجب نقدها ومعالجتها.
النقد: فيه الكثير من العافية..
عدم وجود النقد: مرض !

(6)
الأمم العظيمة: تنتج .. وتنتقد ما تنتجه.

 
الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك