الـسنة النبويـة وفـنّ التعامل
المتأمل في هذا الحديث يتضح له أنه أمام باب عظيم من أبواب فنّ التعامل مع الآخرين . وكل إنسان منا يتعامل مع من حوله بحسب ما تلقاه من تربية في البيئة التي عاش فيها , سواء مع نفسه أو مع الآخرين , فمن الناس من ينظر من زاوية السلبيات فقط , وتجده يركز عليها وهذه نظرة حدية , وهذه النظرة تقتل صاحبها قبل الآخرين , ومن الناس من ينظر إلى الإيجابيات فقط .
ومن الناس من ينظر إلى الإيجابيات ويعززها فيمن حوله , وينظر إلى السلبيات ليقوم بمعالجتها بالأسلوب الأمثل والأحسن .وفي هذه الحياة لا بد لكل إنسان أن يخالط الناس ويعايشهم , وأكبر مخالطة واقتران هو ما يحصل بين الزوج وزوجته , لذا نبـّه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الزوج لا بد وأن يجد في زوجته بعض الصفات التي قد لا تعجبه , فيكره هذه الزوجة لأنه ركز في نظرته على السلبيات لديها وترك جانباً عظيماً قد تتميز به , فهنا يأتي الحديث النبوي ليـُعدّل هذا المسـار ويحث المسلم على عدم التركيز على السلبيات فقط وترك
الجـانب المضـيء .
فقد تكون الزوجة ليست صاحبة جمال لكنها صاحبة خلق رفيع , تقدس حياتها الزوجية وتحسن التعامل مع زوجها , فينبغي النظر إلى هذا الجانب , وقس على ذلك مع الأولاد , مع الجيران , مع الأصحاب , فكثير ما تسمع وللأسف : هذا ما فيه خير , هذه ما بها طب .
فالنظرة السلبية تؤثر على نفسية الشخص بالهـم والتوتر ثم على الأسلوب المتبع مع الآخرين .
وتمتد نظرة الإسلام إلى المجتمع أيضاً , فعندما نتحدث لا بد أن نتحدث بتوازن , ولن يوجد شخص ولا عمل إلاّ وفيه أخطاء وهذه حال الدنيـا , فدائماً ينبغي للإنسان أن يوطن نفسه على تقبل السلبيات من الآخرين ومعالجتها بالأسلوب الأمثل .
فلو نظرنا إلى الجهات التي تقدم خدمة للناس وركزنا على السلبيات ونسينا أو تناسينا أن هناك محاسن وإيجابيات عندها يكون حكمنا غير صائب , لأن هذه الجهات تقدم خدمة لكن مع تركيزنا على السلبيات تكون هذه السلبيات مثل الضبابة على أعيننا فلا نرى الإيجابيات .
فدورنا هو النصح والتذكير والتشجيع , فلابد أن تكون نظرتنا متوازنة , وقبل أن نحكم أو ننتقد نضع أنفسنا مكان ذلك الشخص أو الجهة التي نرى أن فيها سلبية لو كنت مكانه ماذا تفعل ؟ الأمر الآخر ماذا لو كان هذا الشخص قريب لك هل تنتقده بنفس المستوى الذي تنتقد فيه البعيد من الناس ؟! .
وأختم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ( نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل ) بدأ بالإيجابية وأثنى عليه فيها ثم نبـّهه صلى الله عليه وسلم إلى قيام الليل بطريق غير مباشر عن طريق التشجيع .