اليمين المتطرف والكنيسة الكاثوليكية تحالف ضد الإسلام

ليسوا واحدا ولا عشرة ولا عشرين ولا مائة ولا مائتين إنهم 4 آلاف كاهن وقسيس وكاردينال (في أميركا لوحدها) مرغوا أنف الكنيسة في التراب وجعلوا بابا الفاتيكان يشعر بالعار ويعلن ذلك على رؤوس الاشهاد، بعد أن فضح السر خارج أسوار الكنائس، وقال بابا الفاتيكان للصحافيين الذين رافقوه إن الجرائم التي ارتكبها القساوسة ورجال الكنيسة جلبت المعاناة للكنيسة وله شخصيا.

 

اعترافات متأخرة

لقد جاءت اعترافات بابا الفاتيكان متأخرة، وبعد موجة من الإنكار والجحود، لكن الأدلة الطبية والقضائية وما نشرته بعض وسائل الاعلام الغربية رغم التعتيم الإعلامي الشديد حول هذه القضايا الحساسة دفعت بابا الفاتيكان للاعتراف بتلك الجرائم؛ ومما قاله في كاتدرائية باتريك بنيويورك: "إن الاعتداءات الجنسية على الأطفال من قبل القساوسة داخل الكنيسة (وممارسة جريمة قوم لوط معهم) سببت الآلام للضحايا، وأساءت لسمعة الكنيسة " وقد تحدث عن القضية 4 مرات خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة التي استغرقت 6 أيام، التقى فيها بآلاف الضحايا وأسرهم.

اعترافات بابا الفاتيكان وزيارته للولايات المتحدة الأميركية لم تنه القضية التي لم يستطع أن يخفيها بتخرصاته على الإسلام، كما لم تستطع الرسوم المسيئة ولا أفلام الدبلجة ولا غيرها أن تغطي على تلك الفضائح، ويبدو أن الحملة المستمرة ضد الإسلام، لا تهدف للتغطية على تلك الفضائح فحسب بل لمنع تحول النصارى إلى الإسلام بعد أن فقد الناس الثقة في الكنيسة. والتي بعد أن كانت تحرق العلماء وتمنع نشر العلم في القرون الوسطى، انزلقت إلى هوة لا أخلاقية سحيقة، وهو الاعتداء على الأطفال وممارسة ساديتهم الجنسية ضد الأطفال.

 

داخل حضيرة الفاتيكان

تدور بالقرب من الفاتيكان وداخل أروقته تحقيقات علنية وسرية حول تورط عدد من رجال الكنيسة في جرائم اعتداء واغتصاب جنسي. وقالت قناة (راي) الإيطالية في 3 أغسطس 7002 م أن التحقيقات بدأت قبل 6 أشهر ضد القس، (جاميلي)، المقرب من بابا الفاتيكان لنشاطاته التنصيرية. ورفض القس الحديث لوسائل الإعلام، حيث تولى متحدث باسمه الرد على أسئلة الصحافيين. ويقف اليمين المتطرف إلى جانب القساوسة الشياطين، كما وصفتهم بعض الصحف الأوروبية. الأمر الذي أعاد للأذهان تحالف الكنيسة مع الإقطاع في القرون الوسطى. فقد أعلن ممثلو يمين الوسط في إيطاليا عن تضامنهم مع القس (جاميلي)!.أما العاملون في الجمعية التي يرأسها القس، والذي بدأت الشرطة الإيطالية التحقيق معه، فقد رفضوا الادلاء بأي أحاديث مسجلة للصحافة.وكانت السلطات الايطالية قد أخفت نبأ التحقيقات عن الصحافة لمدة 6 أشهر كاملة؛ مما جعل البعض يتساءل عن سر التوقيت وما إذا كانت الشرطة قد توصلت إلى حقائق دامغة تدين القس، الأمر الذي جعلها ترفع الغطاء عن هذه الجريمة.

 

الاسلاموفوبيا والتحالف القذر مع اليمين

لم تتوان الكنيسة في الشرق والغرب عن الانخراط في العمل الاستخباراتي وايذاء الناس بنشر أسرارهم وتسليمها للاستخبارات سواء كانت قمعية شمولية كالستار الحديدي واستخبارات أوروبا الشرقية؛ أو قوات الاحتلال الغازية الغاشمة في القديم والحديث، وهو ما سجلته كتب التاريخ الحديث والأفلام الوثائقية في الغرب، وما تنضح به مجريات الأحداث اليومية في وقتنا الراهن، وهو ما يحتاج لمعالجة خاصة. ففي تسعينات القرن الماضي، وبداية الألفية الجديدة بدأت وزارات الخارجية الغربية، والاستخبارات الدولية تنشر وثائقها القديمة التي تثبت تورط الكنيسة في العمل الاستخباراتي، وخدمة الاستبداد والاحتلال على حد سواء، بل أن بعض المنتسبين للكنائس شرقيها وغربييها اعترفو على شبكة الانترنت وفي أثناء تعبيرهم عن تعصبهم ضد المسلمين، بأنهم شاركوا مشاركة فعالة في نشر الاسلاموفوبيا بين الغربيين. وإن كانت الكنيسة في حربها ضد المعسكر الشرقي، أو عمالتها له حيث كانت عميلا مزدوجا في كثير من الأحيان، متخفية و مستترة، ولم يعلم أحد بأدوارها الخطيرة إلا بعد عقود رفعت فيها السرية عن ذلك الدور، فإن الحرب التي تشارك فيها ضد الإسلام أو ما يسمى بالاسلاموفيا معلنة، وبشكل سافر ومعاد إلى أقصى الحدود. وإلا ماذا يعني وقوف اليمين المتطرف في الغرب إلى جانب الكنيسة في محنتها الأخلاقية وجرائم قساوستها الجنسية ضد الأطفال الأبرياء والقصر من النساء. ففي البوسنة لوحدها تم الكشف عن أسماء 08 قسا كان عميلا للاستخبارات الشيوعية، جميع أسمائهم مسجلة في الإرشيف السري للاستخبارت اليوغسلافية السابقة في بلغراد، وأعلن عنه في شهر مايو الماضي، وفق ما ذكرته شبكة بي 92 الصربية؛ فالكنيسة لم تتحالف مع الإمبريالية لإسقاط الاشتراكية بل عملت في صفوف الطرفين لصالح الطرفين، وهي انتهازية ولا إنسانية، يستحيل تبريرها، لاسيما في ظل طهورية مزيفة تحاول الكنيسة تقمصها.

إن أحد الأسباب التي تدفع الكنيسة للانخراط في الحرب ضد الإسلام، واتهامه بمختلف التهم الباطلة كمناقضة العقل أو الإرهاب، ما هو إلا محاولة للتغطية على جرائم قساوستها الجنسية.

إن التحالف بين الكنيسة واليمين المتطرف إلى درجة أصبح فيها الغرب أقرب إلى العصور الوسطى منه إلى القرن الواحد والعشرين فيما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان وبالتحديد حقوق المسلمين. فبعد منع فرنسا للحجاب، والرسوم الدانماركية المسيئة، والإجراءات اللا إنسانية ضد المسلمين في أميركا ودول الغرب، وهي إجراءات يقف وراءها اليمين، جاء قول بابا الفاتيكان الذي زعم فيه أن الإسلام يتناقض مع العقل وأنه انتشر بالسيف. وقد نال ذلك القول المتهافت حقه من الرد والتسفيه من قبل علماء الأمة ومفكريها.

 

مقارنة بين تصور اليمين المتطرف والكنيسة

وفي مقابلة نشرتها صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية مع بطريارك البندقية، الكاردينال أنجلو سكولا، قال الأخير "كما ذكر سكرتير البابا، إن اللقاء (يقصد الحرب) مع الإسلام يتصدر أعمال أجندة البابا بندكتس السادس عشر، وهو يُُعدُّ بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية ولأوروبا، أهم قضية في القرن الحادي والعشرين" ويرى بطريرك البندقية "في كل البلدان الإسلامية، من مراكش وحتى اندونيسيا، هناك جدال قائم بين التطرف والانفتاح، مع تفاوت حدته بين بلد وآخر، حيث يتصرف البعض بتعصب بينما يسعى البعض الآخر إلى فصل البعد الديني عن ذلك المدني، لكنها عملية لم تتمكن من تثبيت أقدامها على مستوى شعبي" ففي الوقت الذي يتمنى فيه انتصار العلمنة في العالم الاسلامي يطالب هو وبابا الفاتيكان والكنيسة بإعطاء الصبغة النصرانية لأوربا والغرب. وأردف سكولا “ لكنني أصر على أن هناك تنوع كبيراً في الأوضاع؛ ففي تركيا على سبيل المثال، لا ينفك عدد كبير من الناس من الانضمام إلى التيارات الصوفية، ذات السمة السلمية الحقيقية، والتي تمتلك عنصرا روحيا عميقا جدا " وعند سؤال البطريرك عمّا إذا كان هذا هو النوع من الإسلام الذي يمكن التحاور معه، أجاب "علينا أولا تجاوز مصطلح (الإسلام المعتدل) المبهم، أعتقد أنه بالواقعية يمكننا الحوار مع الجميع، فغالبا ما يتمثل هذا المصطلح بمفكرين ربما أمضوا فترة طويلة في الغرب، وقد يرى المسلمون أنهم لم يعودوا ينتمون إلى عالمهم، وأنهم يمثلون أنفسهم فقط" وتابع الكاردينال "من الطبيعي أن الحوار معهم مفيد جدا، فهم يقدمون لنا مساهمات ايجابية للغاية، لكننا لا نعتقد بوجود إسلام معتدل يقابل الإسلام الراديكالي" ويقصد الكاردينال العلمانيين واللادينيين من العرب وغير العرب المنتمين تاريخيا لعالم الإسلام.

 

الفاتيكان يؤسس لحروب دينية جديدة

منذ نهاية الحرب الباردة، أعلن على نطاق واسع ومن أعلى هرم حلف شمال الأطلسي أن الإسلام هو العدو البديل للشيوعية. ويمكن وضع تسلسل زمني ومكاني لتلك الاعتداءات اللفظية والنفسية والحربية والاقتصادية وغيرها، فاحتلال أفغانستان والعراق لم يكن نتيجة لأحداث 11 سبتمبر بل مبرراً لها، بينما الخطط كانت معدة سلفا كما هو معلوم. وتلتقي مصالح الفاتيكان مع مصالح اليمين المتطرف في أوربا، والمحافظين الجدد في أميركا؛ فالفاتيكان يشعر باهتزاز مركزه بسبب الفضائح الجنسية وابتعاد الناس عن الكنيسة، ومشاريع التنصير في عالم الفقراء وشراء الضمائر والأرواح بأكياس الأرز والطحين، نقص ممولوها، وأصبحت الكنائس نفسها عرضة للبيع والشراء لاسيما في أوروبا، وليس هناك من حل لاستعادة ما فقد إلا عن طريق التخويف من الإسلام ونشر الكراهية ضده في الغرب، وذلك في مفارقة عجيبة بين الزعم الذي لا دليل عليه وهو الحب والمحبة وما ينسب للسيد المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام " أحبوا أعداءكم، باركوا لا عينيكم ".

فعندما نقارن ذلك بتصريحات سكرتير بابا الفاتيكان جورج غاينسفاين التي حذر فيها من أسلمة أوربا، والتي قال فيها إن "القيم الإسلامية تهدد بأسلمة أوروبا" مع تحذيرات اليمين المتطرف، لا يمكن أن نستخلص سوى أن الفاتيكان أعلن الحرب على الإسلام وبكل الأسلحة.

أخيرا لقد كان حريا بالفاتيكان أن يصلح (خرفانه) الضالة وفق التعبير المنسوب للسيد المسيح واصفا بني إسرائيل وذلك عوض البحث عن دور في حرب الإسلام والمسلمين وتضليل الناس، وكان حريا بالفاتيكان أيضا، أن يكون أول من يعلم أن حرية التفكير في الإسلام وفق الضوابط الشرعية من أقوى الأسس وأكبر عوامل تفوقه وبقائه فليس في الاسلام اكليروس ولا بابوية تحجر التفكير وإنما مقاييس وضوابط، وفي ذلك تكمن عظمة الإسلام.

 

http://www.al-forqan.net/linkdesc.asp?id=4953&ino=494&pg=8

 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك