الإرهاب من 2002 وحتى 2011

علي الخبتي

تقرير مؤشر الإرهاب العالمي يهدف إلى مناقشة ظواهر الإرهاب بشكل منتظم، ومراجعة التحولات التي تساعد على إيجاد مناقشات عملية وفاعلة عن مستقبل الإرهاب والسياسات المناسبة لمواجهته
بين يدي كامل تقرير مؤشر الإرهاب العالمي GTI الأخير، من 2002 إلى 2011، الذي صدر عن معهد الاقتصاد والسلام IEP في لندن والمبني على قاعدة معلومات ومقارنات الإرهاب العالمي التي تعدها المؤسسة الوطنية لدراسة الإرهاب ومواجهته ومقر مكتبها الرئيسي في جامعة ماريلاند في الولايات المتحدة، ويقع التقرير في 52 صفحة محتوياتها تتضمن أرقاما وجداول ورسوما بيانية تكشف شروحات واقع الإرهاب ومقارنات بين أماكنه وتكراره وأزمانه في 158 دولة خلال السنوات العشر الماضية من خلال سلسلة من المؤشرات تتضمن عدد الحوادث الإرهابية وعدد الضحايا وعدد المصابين والتلفيات في الممتلكات. كما عمل هذا المؤشر على تحليل عدد آخر من العوامل ووجد التلاحم بين المجموعات وحقوق الإنسان والمظالم الفئوية والفساد والحكم مرتبطة بالإرهاب. ويعتبر هذا أول مؤشر يصنف الدول وفق تأثير الإرهاب عليها ويحلل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية.. ويقول التقرير إنه على الرغم من استمرار تسجيل حوادث إرهابية هنا وهناك إلا أن أرقام الإصابات القاتلة قد انحسرت بنسبة 25% بعد أن وصلت ذروتها 2007.
يبين التقرير أنه منذ غزو العراق تضاعفت الحوادث الإرهابية 4 مرات وأن 31 دولة من أصل 158 دولة تم ترتيبها لم تتعرض لأحداث أرهابية منذ 2001. ويأتي شمال القارة الأميركية أقل الأماكن التي تعرضت للإرهاب. أما عدد الأوروبيين الغربيين الذين يقتلون في الإرهاب فيزيد عددهم 19 مرة عن عدد مواطني أميركا الشمالية. ومنذ 2002 فإن عدد الإرهابيين الذين يقتلون لا يزيد على 6% من العدد الكلي من الذين يقضون من جراء الإرهاب دلالة على تأثير الإرهاب. وفي 2011 سجلت دولة العراق أعلى نسبة من الأحداث وبذلك تكون الدولة الأكثر معاناة من الإرهاب بدرجة 9.556 من 10 في تأثير الإرهاب عليها. ويتبعها في المرتبة الثانية باكستان فأفغانستان فالهند ثم اليمن فالصومال ونيجيريا وتايلاند وروسيا والفلبين وتأتي مصر رقم 27 بدرجة 4.6 وبريطانيا رقم 28 بـ4.5 ولبنان 31 بـ4.5 وأميركا 41 بـ3.6 والمملكة العربية السعودية رقم 48 بـ2.7 والأردن رقم 86 بـ56.
ويشير التقرير أنه على الرغم من انحسار عدد القتلى في العمليات الإرهابية إلا أن حوادث الإرهاب تزداد سنة بعد أخرى منذ أحداث سبتمبر. ويعزو التقرير تدني أعداد الذين يقضون في الإرهاب إلى هدوء الحرب في العراق. ولكن العراق على الرغم من ذلك يعد أكبر دولة تعاني من العمليات الإرهابية 2011، وفي العقد الماضي يعد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أكثر المناطق في العالم من حيث عدد قتلى الإرهاب. ويأتي بعدها آسيا "الباسيفيك" Asia Pacific ومن الغرابة بمكان أن هذا المؤشر لم يجد علاقة بين تدني مستوى الدخل والإرهاب. حيث وجد أن الدول الأقل دخلا هي الأقل تأثرا بالإرهاب من الدول المتوسطة الدخل. في إشارة واضحة أن الفقر ليس بالضرورة سببا أساسيا للإرهاب، وبين تقرير مؤشر الإرهاب إلى أن العامة من الناس والممتلكات هي الأهداف المشتركة في العمليات الإرهابية. وتشكل الأهداف العسكرية 4% فقط من الهجمات الإرهابية. وفي خلال السنوات العشر الماضية بين التقرير أن الولايات المتحدة والجزائر وكولومبيا من أفضل الدول تقدما في التعامل مع الإرهاب. وأشار إلى أن معظم الهجمات حدثت في الأحوال الأكثر احتداما وخلافا. وأشار التقرير إلى نقطة جوهرية وهي أن الإرهاب العالمي فقط بدأ بالازدياد بعد تصعيد وتيرة الحرب في العراق. تبعت لك زيادة إضافية من موجات إرهابية في أفغانستان وبعدها بـ18 شهر باكستان. ويقول التقرير إن الإرهاب اليوم يشكل أهم قضية في عالمنا. وإن تأثيره خلال السنوات الثلاث الماضية قد أوجد هضبة لكنها ليست مرتفعة. ويقول ستيف كيلالا رئيس معهد الاقتصاد والسلام IEP إن هذا المؤشر يهدف إلى تحليل وتعداد ومناقشة ظواهر الإرهاب بشكل منتظم. حيث يقوم التقرير بمراجعة التحولات التي تساعد على تشكيل مناقشات إيجابية وعملية وفاعلة عن مستقبل الإرهاب وعن السياسات المناسبة لمواجهته.
وفي العقد الماضي، منذ أحداث سبتمبر ارتفع عدد ضحايا الإرهاب بنسبة 195%. وعدد الحوادث الإرهابية بنسبة 460%، وعدد الإصابات بنسبة 224%، وأظهرت نتائج التقرير، بغرابة، أن الـ7 دول التي كانت أشد معاناة من الإرهاب منذ أحداث سبتمبر قد اختصت بـ(ثلاثة أرباع) الضحايا في تلك الفترة مع اختصاص العراق بالنصيب الأوفر من الضحايا. وفي 2011 كان عدد الضحايا في المناطق الأشد معاناة من الإرهاب (الشرق الأوسط والهند وباكستان وروسيا) 7473 ضحية (أقل بـ25% من 2007). وفي شمال القارة الأميركية، التى يرى أنها تشكل هدفا رئيسيا للإرهاب، يتضح أنها أقل الأماكن معاناة من الإرهاب وتشكل أميركا الدولة الأولى تحسنا مبددة بذلك تأثيرات سبتمبر عليها. ويقول التقرير إن الدول التي عانت كثيرا من الإرهاب وعانت أيضا من التدخل العسكري الأجنبي في إشارة واضحة إلى العراق وأفغانستان والتدخلات التي حدثت فيها، وهي معروفة للجميع. ويقدم التقرير آراء لصانعي السياسات في العالم بالقول إن نتائج هذا التقرير لا بد أن تستخدم لغرضين: الأول تعقب الإرهاب، والثاني إيجاد الحلول للقضاء عليه، ويضيف أن المسؤولية للحماية حتمية لكن لا بد من أخذ خطوات الحيطة والحذر من العواقب غير المرغوب فيها. ويقترح التقرير أيضا على صانعي السياسات في العالم أن يقوموا بتحليل نتائج هذا التقرير للمساعدة في إعادة تعريف الخطوات التي يتم أخذها لمحاربة الإرهاب، لأن الإرهاب يعيد تعريف نفسه ويتشكل ويتبدل بناء على الخطوات التي تتخذ ضده.
حفظ الله بلادنا وأمتنا وعالمنا من كل سوء وأعاد كل غاوٍ إلى جادة الحق والصواب.

المصدر: http://www.amnfkri.com/news.php?action=show&id=22744

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك