توبة إرهابي
كتبه : فواز بن صالح الجعفر
قلْبُه مليءٌ بالحماس للدين ، والضغينة على من يراهم متقاعسين ..
ضاقت عليه الأرض بما رحبت ..
\"تفجرت\" في رأسه فكرة ينهي بها هذا الضيق ، وقال : سأشفي قلوب قوم مؤمنين ..
أعدّ العُدّة .. وبدأ باسم الله ..
وجد أن ما سيقوم به لايتوافق مع وصف (الرحمة) ..
بحث في \"مخزونه\" عن اسم من أسماء الله الحسنى يدل على العقاب والعذاب ..
فلم يجد !
توقف .. برهة .. يتأمل في رحمة الله التي وسعت كل شيء ، رغم علمه الذي أحاط بكل شيء !
******
شعرَ أن الموتً يُعاجله .. مسك القلمَ ليكتب وصيته ..
في ورقة مجاورة أراد أن يستحضر صفات النبي  ليُبجل بها كتابته ..
بَحَث في كتاب كان يسامره منذ أمد ..
فوجد :
((وإنك لعلى خلق عظيم)) .. ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) ..
((عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيم)) ..
كرر .. دون أن يشعر : بالمؤمنين .. رءوفٌ .. رحيم !
قلّبَ الصفحات ، فتوالت الأنوار :
(دعه ، لايقول الناس أن محمداً يقتل أصحابه) ..
(بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده) ..
(أما كان فيكم رجل رحيم ) ؟! ..
(لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم .. ) ..
(لم يكن سخاباً ، ولايجزي بالسيئة السيئة) ..
(أوسع الناس صدراً ، وأصدق الناس لهجة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشرة) !
................
ولكني متأكد أنه كان يغضب لله (هكذا حدث نفسه) ..
لم يستطع أن يعثر على مراده ، وأن يستحضر جميع صور غضبه  ، ولم يجد في ذاكرته سوى غضبه على أسامة : (أفلا شققت عن قلبه ) ؟! ، (فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا أتتك يوم القيامة ) ؟!
...............
تجمدت أوصالُه !
*******
في الهاتف ‘ قال له شريكه : \"الفتنة أشد من القتل\" ..
بدا له في فهم الآية إشكال .. لكنه لم يجرؤ على السؤال !!
قام بتثاقل ..
أنجز بعض الأعمال بتردد ..
نفسه تقارعه : لماذا لم أشهد صلاة التراويح مع المسلمين ؟!
انتبه على صوت هاتفه .. (صاحبه مرة أخرى) ..
ونغمة (ياعابد الحرمين لو أبصرتنا *** لعلمت أنك في العبادة تلعب) !
خرج مسرعاً قبل أن يخرج المصلون من المسجد !
وفي داخله سؤال : هل كان ابن المبارك ينشد هذا البيت وهو يدبر لتفجير أحد المصلين ؟!
عندما فتح باب السيارة ، سمع إمام المسجد يدعو بصوت متكسر ونشيج : \"ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا\" ..
(الفتنة مرة أخرى) ؟!
تذكر موقف ذلك العامل الذي \"بصق\" على صورة أشلاء زميله !
سقط المفتاح من يده !
*******
بادره زميله متهللاً : أهلاً بسيد الشهداء !
هذه المرّة لم يحتمل الصمت :
-سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله ..
-أحسنت أنت الثاني.
- ولكن الثاني رضي أن يُذِل نفسه لله ، وإن قُتِل ، لا أن يُذِلّ عباد الله بالقتل !!
- \"خلك من هالكلام\" !! وجهز نفسك للعبوة !
لم يعجبه الرّد ، وتوالى أمام ناظريه شريط من الذكريات .. ، وصاحبه منهمك بشرح المطلوب ..
انتبه على قوله : هذه ستضعها في \"……..\" !!
لم يتكلم ببنت شفه .. امتلكته الدهشة !!
شيءٌ ما يعتصر قلبه ، وأسئلة كثيرة \"تفجر\" دمه :
- هل محمد  ، و خالد بن الوليد و عبد الله بن المبارك و صلاح الدين يرضون أن يجلبوا العزة للدين ، بهذا العمل المهين؟!!
-كيف ستكون صورة الإسلام أمام الآخرين ، وأنا أدنس الكرامة و الأخلاق؟!
-كيف سأقابل محمداً  ؟!
-كيف سأقابل ربي ؟!
قاطعه صاحبه : لا تنس أن تقول (لا إله إلا الله) .
ارتبطت هذه الجملة بمقابلة ربه ، و محمد و صحبه .. قفزت حادثة أسامة أمام ناظريه ، قام فزعاً ..
ناداه صاحبه : لم يبق إلا أن تقطع \"السلك\" .
ولاه ظهره ، و ردّ عليه دون أن ينظر إليه : سأقطع الشك !
المصدر:http://www.aljoufnews.com/sa/articles.php?action=show&id=273