الدعوة الفردية وأهميتها

عقيل بن محمد المقطري

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فإن الدعوة إلى الله - عز وجل - من أفضل القربات إليه، قال - تعالى -: [وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ] فصِّلت: 33، ويقول نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام -: « لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ».

والدعوة إلى الله - عز وجل - تنقسم بالنسبة إلى المدعو إلى قسمين:

الأول: دعوة جماعية، وتتمثل بالخطب والمواعظ والدروس

الثاني: دعوة فردية، وهي التي تهتم بتربية الفرد المسلم التربية السليمة مع المتابعة، والناظر إلى واقع الدعاة إلى الله يجد أنهم في الغالب يقومون بنوع واحد من الدعوة وهي: الدعوة الجماعية، والقليل من يهتم بالدعوة الفردية والتي هي في الواقع لا تقل أهمية عن الدعوة الجماعية بل قد تكون أهم، إن الدعوة الفردية يمكن أن يقوم بها طلبة العلم المبتدئين؛ لأنها لا تحتاج إلى كثير علم، لذا رغبت أن أكتب في هذا الموضوع رسالة صغيرة الحجم لتكون نبراساً يستضيء بها الدعاة إلى الله ولتكون حافزاً لإحياء هذا النوع من أنواع الدعوة خاصة في قلوب الشباب الذين لا يتحملون قسطاً من أعباء الدعوة فلا يدعون غيرهم ولا يجهدون أنفسهم في سبيل الله - عز وجل - بل يكتفي أحدهم بنفسه فتراه يتبع الدروس والمحاضرات ولا يدعو غيره ولا يرغب في أن يكون سبباً لهداية غيره والله المستعان، أسأل الله - عز وجل - أن ينفع بهذه الرسالة إنه سميع مجيب.

 

ما المراد بالدعوة الفردية؟

المراد بالدعوة الفردية: (دعوة الأفراد) أي دعوة الناس منفردين، فالفردية هنا من حيث المدعو، ويقابل هذا: دعوة الناس مجتمعين من خلال الدروس والمحاضرات، ولا نريد به العمل الفردي الذي يقابله العمل الجماعي، فالفردية في هذا النوع من حيث الداعي منفرداً بعمله مستقلاً بآرائه.

أهمية الدعوة الفردية:

إن أهمية هذا النوع من أنواع الدعوة تنبثق من أهمية الدعوة إلى الله من حيث هي، فالدعوة إلى الله تعالى- على بصيرة واجبة على المسلمين، قال - تعالى -: [وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ] آل عمران: 104، ويقول: [ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ] النحل: 125، وفي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: (بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره على أثرة علينا، وعلى ألا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم) الفتح 13/192، النووي على مسلم 12/228.

 

فضل الدعوة إلى الله:

وردت أحاديث كثيرة في فضل الدعوة إلى لله- تبارك وتعالى - نذكر شيئاً منها:

1- روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: « من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً » النووي على مسلم 16 /227.

2- وروى البخاري وغيره أن النبي -- صلى الله عليه وآله وسلم -- قال لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لما بعثه إلى خيبر: « لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم » الفتح 7/70.

 

الدعوة الفردية تحقق ما لا تحققه الدعوة الجماعية:

إن كثيراً من الناس يجهل أهمية الدعوة الفردية وذلك ظناً منهم أن الدعوة ينبغي أن تكون للناس عامة وذلك بإلقاء المواعظ والمحاضرات والدروس والحقيقة أن هذا لا يكفي، فالدعوة الفردية تكون نافعة في أغلب الأحيان أكثر من الدعوة الجماعية، ولهذا نجد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اهتم بالدعوة الفردية خاصة في أول مراحل الدعوة، فقد كان وضع اللبنات الأساسية للدولة الإسلامية، للدولة من طريق الدعوة الفردية التي أثّرت في الناس أيما تأثير، فجعلت الأفراد المتمسكين بهذا الدين مضِّحين له بالغالي والنفيس.

 

فوائد الدعوة الفردية:

1- إن الدعوة الفردية تربي الأفراد تربية متكاملة فلا تقتصر على جانب واحد وتهمل الباقي، وهذا ما يسمى بالشمولية في التربية، ولهذا فإن الدعوة الفردية تكون أنجح من الدعوة العامة في تربية الأفراد، ولأن الدعوة الجماعية لا يمكن أن تتبع أخطاء الأفراد خطأً خطأ، بل نجد أن الدعوة الفردية من خلالها يمكن التنبيه على كثير من الأخطاء التي يقع فيها، الأفراد وبهذا يمكن استكمال التربية.

2- بالدعوة الفردية يمكن متابعة التطبيق العملي للتوجيهات الملقاة على الأفراد.

3- بالدعوة الفردية يمكن الرد على كثير من الشبهات التي تُلْقى على مسامع الأفراد والتي لا يمكن التحدث بها في الدعوة الجماعية.

4- بالدعوة الفردية يمكن غرس المبادئ الإسلامية الصحيحة، ويمكن التحدث عنها بكل جدية ووضوح إذا جاء الوقت المناسب لكل مبدء.

5- بالدعوة الفردية يمكن إيصال الحق إلى الذين نفروا -أو نُفِّرُوا- عن سماعه وعن مجالسة أهله.

6- إن هذا النوع من أنواع الدعوة طريقة سريعة لكسب أكبر عدد من أنصار الدين.

7- يمكن متابعة الأفراد متابعة دقيقة بخلاف الدعوة الجماعية، فإنه لا يمكن متابعتهم.

8- هذا النوع من أنواع الدعوة لا يحتاج إلى غزارة علم بقدر ما يحتاج إلى حكمة في الدعوة، فيمكن أن يقوم به أفراد محبون للدعوة.

9- الدعوة الفردية لا تحتاج إلى كثير معاناة فهي سهلة ويمكن أن يقوم بها كل داعية من خلال عمله، فالطالب في مدرسته أو كليته والموظف في مكتبه والعامل في مصنعه...وهكذا.

 

حالات الدعوة الفردية:

هناك بعض الحالات يستلزم الداعية أن يستخدم فيها الدعوة الفردية؛ لأن الدعوة الجماعية لا تجدي في مثل تلك الحالات، وإن كانت الدعوة الجماعية أيسر وروادها أكثر وسنذكر بعض هذه الحالات التي يجب استخدام الدعوة الفردية فيها:

1- المكانة الاجتماعية للمدعو: إن بعض الأفراد يكون معتزاً بوضعه الاجتماعي، ويرى أنه لو خالط عامة الناس في تجمعاتهم لذهبت تلك المكانة التي يتمتع بها 00 وهذا بالطبع لا يكون إلا؛ لأنه غير ملتزم بالشرع التزاماً كاملاً؛ ففي مثل هذه الحالة يجب أن يستخدم الداعية الدعوة الفردية.

2- جليس السوء: إن البيئة التي يعيش فيها المدعو لها تأثير على شخصيته، فمن خالط جلساء السوء انحرفوا به عن الجادة، فالمرء على دين خليله؛ ولذلك فمن كانت هذه حالته فإنه يصعب التأثير عليه نظراً لتكاتب رفقة السوء عليه، ولقلة حيائهم ومجاهرتهم برد الحق وتفاخرهم بارتكاب المعاصي والآثام؛ ففي هذه الحالة يجب الانفراد بالمدعو بعيداً عن هذه الرفقة السيئة حتى يمكن التأثير عليه إن شاء الله - تعالى -.

3- الحالة النفسية للمدعو: إن من الأسباب العائقة عن الهداية نفور المنحرفين من الدعاة والمتمسكين بالدين، وهؤلاء إما أن يكون الشيطان قد استحوذ عليهم، فهم يعرفون الحق ولكنهم يبتعدون عنه كبراً وعناداً، أو لأنهم يرون أنه لا يمكن الالتقاء مع المتمسكين بالدين نظراً لتنافر الطباع والأمزجة؛ فهؤلاء يصعب دعوتهم إلى محاضرات عامة فيلزم على الداعية أن يستخدم معهم الدعوة الفردية حتى يبين لهم الحق، ثم إن هداهم الله - تعالى -يمكن أن ينخرطوا ضمن الدروس العامة.

4- معالجة جوانب النقص في الأفراد: قد يكون عند بعض الأفراد جوانب نقص أو عيوب شخصية ولهذا لا يمكن أن تعالج هذه الأمور ضمن الدعوة الجماعية، بل يجب أن يستخدم الداعية الدعوة الفردية لمناقشة المدعو وتبصيره بهذه الأمور.

أطوار الدعوة الفردية:

هناك مراحل ينبغي أن تمر فيها الدعوة الفردية إذا أراد الداعية أن تؤتي دعوته ثمرتها، وهذه المراحل تختلف من مدعوا إلى آخر، فمنهم من يجب أن يتدرج معه حسب ما سطرناه ها هنا -وهذا على كل حال أمر اجتهادي- ومنهم من يمكن أن يتجاوز بعض الأطوار وهذا الأمر راجع إلى الداعية نفسه، فهو الذي يختار كيف يتعامل مع مدعوه، فمتى عرف أنه لا بد أن يمر مع المدعو بكل الأطوار مر معه، ومتى عرف أنه يمكن أن يتجاوز أي طور من الأطوار التي سنذكرها فلا يضيع الوقت فيما لا فائدة فيه.

وإليك هذه الأطوار:

الطور الأول: وهو أن يوجد الداعية صلة تعارف مع المدعو بحيث يشعره بأنه مهتم به، وذلك بتفقده ما بين الحين والآخر، والسؤال عنه إذا غاب وزيارته إذا مرض هذا كله قبل أن يفتح عليه باب الدعوة، حتى إذا صارت القلوب متقاربة والأرواح متآلفة، ووجد التهيؤ من المدعو لتقبل دعوة الداعية طرق الكلام فيما يريد، وليعلم الداعية أنه بقدر نجاحه في هذا الطور مع المدعو يكون التأثير والاستجابة للدعوة، وأي تسرُّع في هذا الطور قد يحدث النفرة من المدعو.

الطور الثاني: وهو أن على الداعية أن يعمل على تقوية الإيمان عند المدعو، وذلك أن أصل الإيمان في الغالب موجود إلا أنه تتفاوت نسب الضعف من شخص إلى آخر، وإذا أراد الداعية أن يعالج هذه القضية فعليه أن لا يدخل في الحديث عن الإيمان مباشرة بل عليه أن يستغل الأحداث بمختلف أنواعها وعليه أن يربطها بالأدلة الواردة في القرآن والسنة، فمثلاً حصل مولود لشخص من الأقرباء أو الجيران فيبدأ الداعية بالكلام حول خلق الله لأبينا آدم ثم كيف أن الله جعل ذريته من ماءٍ مهين وكيف جعل رحم المرأة مكاناً لنشوء الجنين وكيف أوصل له غذائه طيلة تسعة أشهر ثم كيف خرج... إلى آخر ذلك، مع ربط جميع المراحل بالقرآن والسنة فإنه ما ينتهي من كلامه إن شاء الله إلا وقد بدأ الإيمان بالازدياد عند المدعو مما يجعله متقبلاً لكل ما يلقى عليه، فإذا شعر الداعية بأن المدعو بدأ يتأثر بكلامه وارتفع نوعاً ما، انتقل به إلى الطور الثالث.

الطور الثالث: في هذا الطور يبدأ الداعية في إعطاء التوجيهات للمدعو التي من شأنها أن تصلح من عبادة المدعو وسلوكه ومظهره، فلربما كان في عبادته كثير من الأخطاء أو أنه لا يصلي الصلوات في جماعة والمسجد منه قريب، وكذلك يعرفه على العبادات المفروضة فيعلمه كيفية الوضوء وكيفية الصلاة، ويأمره بالابتعاد عن السبل التي توصله إلى سخط الله - عز وجل -، وأما إذا كان محافظاً على الجماعة ولكن عنده بعض التقصير فليعمل الداعية على تبصير المدعو بالمعتقد السليم الذي هو معتقد السلف الصالح رضوان الله عليهم، ويحسن بالداعية أن يبدأ بإهداء وإعارة بعض الكتب والأشرطة النافعة في مجال العقيدة والإيمان والترغيب والترهيب... الخ، ويعرفه على بعض الشباب الصالحين ويأمر الشباب الملتزم بالإحاطة بهذا الفرد حتى لا يترك مجالاً لقرناء السوء من اجتذابه مرة أخرى، وبهذا نضمن بإذن الله - تعالى - استمرارية استقامة المدعو.

الطور الرابع: يبدأ الداعية في هذا الطور بتوضيح شمولية الإسلام، وأنه ليس مقصوراً فقط في الصلاة والصوم مثلاً بل إن الإسلام يجب أن يحكم في كل صغيرة وكبيرة، وبهذا يكون المدعو في هذا الطور قد حول جميع حركاته وسكناته وفق شرع الله - عز وجل -.

الطور الخامس: وفيه يوضح للمدعو أن الإسلام ليس معناه أن نكون مؤدين للعبادات متخلقين بالأخلاق الفاضلة، وإلى هنا ننتهي، بل يجب أن يوضح له أن الإسلام دين جماعي، نظام حياة وحكم وتشريع، عقيدة وأخلاق ودولة وجهاد وأمة واحدة، وأن المسلم لا يمكن أن يكون آخذاً للإسلام من جميع جوانبه إلا إذا فهم هذا الفهم السليم، فإذا فهمنا هذا الفهم السليم للإسلام فإنه -أي هذا الفهم- سيملي علينا مسؤوليات وواجبات يجب أن نقوم بتأديتها امتثالاً لأمر الله حتى يقوم المجتمع على القواعد الصحيحة للإسلام في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية... الخ.

الطور السادس: فيه يمكن للداعية أن يوضح للمدعو ما يستوجبه الواقع الذي تمر به الدعوة إلى الله، وأنها محتاجة إلى تكاتف الجهود ولَمِّ الشمل ووحدة الصف والعلم، حتى يتمكن المسلمون من إعادة الخلافة الإسلامية التي كاد لها أعداء الله من الداخل والخارج حتى أطاحوا بها، ومنذ ذلك الحين والمسلمون يعيشون في هذا الذل والهوان حتى صار أعداؤهم لا يبالون بهم، وهذا كله نتيجة أن المسلمين رضوا بدنياهم وابتعدوا عن العمل بكتاب الله وعن سنة نبيهم وتركوا الجهاد في سبيل الله، ولهذا يقول النبي - عليه الصلاة والسلام -: « إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم... » وقال: « وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري » وقال: « ولينزعن الله المهابة منكم من قلوب أعدائكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن » قالوا: ما الوهن؟ قال: « حب الدنيا وكراهية الموت... »، فإذا أردنا العزة والتمكين وتغيير الأحوال إلى الأصلح وإقامة الدولة الإسلامية فعلينا أن نبدأ بإصلاح أنفسنا وأهلينا ومجتمعنا؛ لأن الله - تعالى -يقول: [إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ] الرعد: 11.

الطور السابع: على الداعية أن يحمس المدعو لطلب العلم؛ لأنه لا يمكن أن يعبد الله كما أمر - سبحانه - إلا بالعلم، فيُرَغِّب المدعو بمجالسة العلماء العاملين من أهل السنة والجماعة أصحاب المنهج السليم، ويشعره إذا وجدت محاضرات أو جلسات خاصة سواء كان ذلك بالمرور عليه أو بالهاتف، كما يحثه على اقتناء الكتب النافعة وكذا الأشرطة والمجلات... الخ، وينبه المدعو إلى أن خير السبل لإقامة الخلافة هي سبيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي سبيل العلم وتربية المجتمع مع تصفيته، وأنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها، وأنه مهما حاول المحاولون الذين ابتعدوا عن هذا المنهج أن يعيدوا الخلافة الإسلامية فإنما مثلهم مثل من يبني بناية على شفا جرف هار يوشك أن يقع، والله المسؤول أن يجمع كلمة المسلمين وأن يمكن لهم في الأرض إنه سميع مجيب.

 

الأسباب المساعدة لنجاح الدعوة الفردية:

1- الإخلاص لله - تعالى -: إن أي عبادة من العبادات لا بد لقبولها من شرطين أساسيين:

أ- الإخلاص لله - تعالى -.

 

ب- المتابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم -.

فالداعية يجب عليه أن يبتغي بدعوته للأفراد والجماعات وجه الله - تعالى -، ويجب عليه أن يبتعد عن كل ما يقربه من الرياء والسمعة أو أن يكون له أتباع أو جماعة أو حزب قال - تعالى -: [وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ] البيِّنة: 5، وقال - تعالى -: [فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا] الكهف: 110، فإذا أخلص الداعية عمله لله ورزق المدعو الاستقامة فإن الله - تعالى -يكتب للداعية مثل أجر المدعو ولا ينقص من أجره شيئاً، ففي الحديث الصحيح: « من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه غير أنه لا ينقص من أجورهم شيئاً » النووي على مسلم 16/227.

2- صلة الداعية بالله - تعالى -: إن صلة الداعية بالله - تعالى - من أهم الأسباب لنجاح الداعية في عمله، وهذه الصلة تكون بالتقرب إلى الله - تعالى -بجميع أصناف العبادة وخاصة الدعاء والتضرع بين يدي الله - تعالى -، ففي الحديث الصحيح: « الدعاء هو العبادة » رواه أبو داود 2/76-77 والترمذي5/211، 5/374-375، 5/456 وابن ماجه 2/ 1258، فالداعية إلى الله يخوض في معارك كلما انتهت معركة نشبت أخرى ولا يمكن أن ينتصر ما لم يكن ناصراً لشرع الله، قال - سبحانه -: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ] محمد: 7، وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « يقول الله - عز وجل -: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلىَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه » الفتح 11/340، فلاح الداعية هو الصلة بالله - عز وجل - خاصة في هذه الأزمنة التي تتحالف فيها قوى الشر على الإسلام والمسلمين، ولهذا كانت وصية الله - تعالى -للنبي - صلى الله عليه وسلم - في بداية الدعوة أن يكثر من الاتصال به ومن التقرب إليه فقال - سبحانه -: [يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ(1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا(2)] المزمل. وهكذا أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عباس فقال له: « احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك » تحفة الأحوذي 7/ 219، وهذه الوصية ليست خاصة بابن عباس وإنما هي للأمة كلها إلى قيام الساعة.

 

http://olamaa-yemen.net/olamaa/index.php?ola=akeel&baner=akeel.jpg&o=b7&...

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك