التطرف الفكري اللبرالية أنموذجاً

كتبه : خليل الذيابي

جرت العادة أن تتجه العقول والأنظار إلى المسلمين حين ذكر مفردة "التطرف" وهذا نتاج سنوات طويلة من الضخ الإعلامي الثائر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي "نُسبت" إلى الإسلاميين مع وجود تقارير تزعم أنها لم تكن إلا لعبة استخباراته كبرى كان القصد منها شرعنه الحرب على الإسلام تحت مسمى الحرب على الإرهاب والتطرف , وعلى ما يبدو أن تلك الحملة قد نجحت بامتياز حيث أصبح المسلم مصدر قلق وترقب توجهه إلية الأنظار ويظهر في صدارة التوقعات حين حدوث تفجير أو عمل إرهابي !

ومما لا شك فيه أن تواجد العقول المستقبلة والناقلة والغير مؤسسة لتلقي الخطاب والتعامل معه بشكل تحليلي وناقد ساعد في نشر تلك التهمه وإلباسها شيء من المصداقية وربما أصبحت من المسلَمات التي لا خلاف عليها .

باعتقادي أن "التطرف" كمفردة من الممكن أن توظف لوصف أي فكر دخيل وأقصد بالفكر الدخيل ذلك الفكر المتعالي على القيم الإنسانية والأخلاقية , لذلك نستطيع القول بأن التطرف هو حالة من اللا منطق تصيب أحد مرتادي الفكر مهما كان مصدرة أو مشربه ! .

في الحقيقة عزيزي القارئ لا أعرف شكلا للبرالية أو تعريفا مناسبا لها غير أنها مصطلح ينادي للتعددية وقبول الأخر وقد تم تشويه هذا المفهوم على الأقل في خطابنا المحلي , وحينما عنونت مقالي مستدلا باللبرالية كأنموذج كنت أقصد تلك اللبرالية التي تدعوا إلى حرية الرأي بينما تمارس الإقصاء للرأي الآخر سواء كان ذلك الإقصاء حقيقي بالتجاهل الصريح أو ضمني بفرض أجندة تقوم بطرح أفكارها بعيدا عن سماع وجهة النظر الأخرى وغير مهتمة في مدى قبوله لمثل ذلك الطرح سواء كان الكتابي المقروء أو الإعلامي المشاهد عبر الشاشات , وما المسلسلات الرمضانية إلا مثال لذلك التجني على حرمة هذا الشهر الكريم في خرقها لأخلاقيات وثوابت المجتمع وبثها أفكارا سطحية تفتقد القيمة مليئة بالطرح الهش فارغة من المقاصد السامية لرسالة الإعلام .

ليس من الإنصاف أن نًغفل عن الوجه الآخر للتطرف أقصد بذلك قنوات الشحن الطائفي والاصطفاف المذهبي والفكري التي تقوم ببث روح الفرقة بين المسلمين وتجعل من هذا الشهر موسماً للتراشق وتصفية الحسابات على حساب مجتمع عاطفي ثائر مستقبل للطرح من غير تحليل مفتقدا للرؤية النقدية , قد يقول البعض أن الواقع الثائر والمضطرب قد يفرض مثل هذا النوع من الخطابات ! , قد يكون هذا صحيحا ولكن الواقع أن تلك الخطابات تغلب عليها لغة التعميم وهذه اللغة تشبه النار التي تحرق كل من تصيب حتى وإن كان الإنسان غير مؤمن وغير متفق مع كثير مما ينسب لطائفته أو لحزبه فلن ينجوا من تلك النار وفي أحيان كثيرة يتم نسبة للحزبية والتبعية ليسهل تحجيمه ومن ثم إقصاءه ! .

ما أريد قولة أن الأفكار أوسع من أن تُحجم أو تُصنف ولا نستطيع تقييمها إلا بالانطلاق من القيم الإسلامية السامية التي جمعها الخطاب الإسلامي "المتزن" ذلك الخطاب الذي لا يقبل الإقصاء ولا يمارسه مع الآخر أيا كان طرحة , وأن الخير هو الوجه الآخر للشر من وجهة نظر الآخر وأن الأشياء لا تتناقض مع أضدادها دائما فهناك منطقة رمادية من الممكن أن يجتمع فيها السواد والبياض معاً .

 

المصدر: http://www.aljoufnews.com/sa/articles.php?action=show&id=1013

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك