الإصلاح هاجس في ضمير كل إنسان

عبدالله محمد آل الشيخ

المتتبع لمسيرة العملية الإصلاحية في المملكة عموما وفي المجلس خصوصا يستطيع أن يستنبط أن المزيد من الدعم والمزيد من الصلاحيات في الطريق لتكون واقعا يمكن المجلس من ممارسة مزيد من صلاحياته التي تعزز دوره بشكل أكثر فاعلية

الإصلاح هاجس يسكن في ضمير كل إنسان ويسعى إلى تحقيقه على أرض الواقع إن على المستوى الشخصي, أو على المستوى المجتمعي، فلكل منا همه الإصلاحي؛ حتى لو لم يشعر بانشغاله به، لكن حجم ذلك الإصلاح يختلف من شخص لآخر ومن أمة إلى أمة.
قال تعالى: (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) هود: 88، وقال تعالى: (والله يعلم المفسد من المصلح) البقرة: 220.
ورسائل الأنبياء كلها في أصلها هي رسائل إصلاحية لتصحيح العقيدة وتوحيد العبادة لله تعالى.
والحديث عن الإصلاح هو حديث عن قناعات ورؤى من الصعب أن تتفق, نتيجة اختلاف الظروف واختلاف الدوافع، والإصلاح عمل مستمر لا يتوقف ولن يتوقف إلا بتوقف الإنسان عن الحياة، وما دام في الإنسان حياة فإن الإصلاح سيبقى هاجسه، سواء خطط لذلك أم اتبع غريزته في إصلاح النفس وتقويمها وفق رؤاه وظروفه.
والمملكة العربية السعودية تعيش في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يحفظه الله - أعمالا إصلاحية على أكثر من صعيد، ورغبة منه حفظه الله في تمكين الإصلاح فقد أخذه على عاتقه كأولوية تتقدم كل الأولويات فشهدنا في عهده الميمون إصلاحات كبرى على كل المستويات، طالت كل الأنظمة والأجهزة الحكومية, وكان في مقدمتها الحرمان الشريفان من خلال التوسعة الكبرى التي يشهدها المسجد الحرام والمسجد النبوي.
ومن هذا المنطلق فإننا في مجلس الشورى نؤمن أن مجلسنا وفق صلاحياته يعد أحد أهم المشاركين في عملية الإصلاح التي يقود دفتها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - عبر أدوات الرقابة والتشريع المتاحة له؛ فمجلس الشورى عندما ينتقد أعضاؤه أداء بعض الجهات التنفيذية أو يناقش إقرار نظام جديد أو تعديل نظام نافذ إنما هي جـهود وأعمال هدفها المراجعة والتقييم وصولا للتقويم والإصلاح في الأداء والخدمات، وفق معطيات العمل المؤسسي وليس العمل الارتجالي أو الانفعالي.
ولأننا نعمل على الإصلاح ضمن منظومة مؤسساتية مترابطة فإن مجلس الشورى عندما يقوّم أداء بعض الجهات التنفيذية أو يناقش إقرار نظام جديد أو تعديل نظام نافذ هدفه الإصلاح في الأداء والخدمات فإنه في الوقت ذاته لا يغفل إنجازات الأجهزة التنفيذية ومحاولاتها الجادة في التطوير وتحسين مستوى الأداء أو وجهات نظر المعنيين والمتخصصين بما يسهم في ترشيد القرار قبل رفعه للمقام السامي.
ولا شك أن اهتمام القيادة الرشيدة بالمجلس يؤكد ثقتها فيه وإيمانها العميق بالعمل الشوري؛ ودوره الرئيس في عملية التشريع والتقويم والرقابة، واختصاصات المجلس وفق ما نصت عليها المادة الخامسة عشرة من نظامه تتمثل في مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية, ودراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية, وتفسير الأنظمة, ومناقشة التقارير السنوية للوزارات والأجهزة الحكومية.
إن المتتبع لمسيرة العملية الإصلاحية في المملكة عموما وفي المجلس خصوصا يستطيع أن يستنبط أن المزيد من الدعم والمزيد من الصلاحيات والطموحات هي في الطريق لتكون واقعا يمكن المجلس من ممارسة المزيد من الصلاحيات التي تدعم قيامه بدوره بشكل أكثر فاعلية، فقد أكد خادم الحرمين ـ رعاه الله ـ على ذلك في كلمته التي افتتح بها أعمال السنة الأولى من الدورة السادسة للمجلس عندما قال: "إن هدفنا جميعا قائم بعد التوكل على الله على تفعيل أعمال المجلس بوعي أساسه العقلانية التي لا تدفع إلى العجلة التي تحمل في طياتها ضجيجا بلا نتيجة، إن التطور الذي نسعى له جميعا يقوم على التدرج بعيدا عن أي مؤثرات".
وكل هذه الجهود هي في حقيقتها تصب في صالح عملية إصلاحية مؤسسية يجري تنفيذها على قدم وساق من قبل كل أجهزة الدولة، وكل مسؤول في الدولة وعلى رأسهم ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين، ولذلك يجتهد الجميع ويبذل الغالي والنفيس لتحقيق هذه الطموحات، وتحقيق الرفعة والتقدم لبلدنا الغالي.
وفي الختام أشكر صحيفة الوطن على دعوتها لي لكي أشارك في هذا الإطار المبارك متمنيا لها التوفيق والتقدم, وأسأل الله سبحانه أن يديم على هذه البلاد المباركة نعمة الإيمان والأمان، وأن يحفظ ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين ويحفظ ولي عهده الأمين.
المصدر: http://www.amnfkri.com/news.php?action=show&id=23700
 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك