المفكر المبصر والمفكر فاقد البصيرة

المفكر المبصر هو الذي تقوده بصيرته إلى إختيار ما يناسب مصلحة أمته الحاضرة فيما يعالج من أفكار، أما المفكر فاقد البصيرة فهو الذي يتخبط في طرح الأفكار عشوائياً من غير إعتبار لعناصر الزمان والمكان.

المبصرون يملكون جهازاً إستكشافياً ذاتياً للتعرف على إحتياجات أمتهم، أو ما يسمى بعنصر (الوعي المجتمعي)، أي يقومون بمرعاة إحتياجات الواقع المعاش ومصالح جمهور المتلقين.

مثلاً: المفكر الذي يعيش في مجتمع يعاني من المجاعة ولا يكاد يجد معظم أفراده قوت يومهم، ثم يطرح قضية مساويء ومضار التخمة الغذائية يعتبر مفكراً فاقداً للبصيرة، لأن مجتمعه الجائع في ذلك الحين لا يحتاج للتوعية بقضية التخمة. وبالتالي فإن هذا المفكر سيستنفذ جهده  ووقته في بحث قد يعتبر قيماً من ناحية علمية مجرده، إلا أنه بكل تأكيد غير ذي فائدة بالنسبة لمجتمعه في ذلك الوقت.

أما المفكر الواعي فإنه يختار دوماً أن يعالج القضية الأكثر إلحاحاً بالنسبة لمجتمعه في زمانه ثم يتدرج في سلم الأولويات، ويسمى هذا النوع من الطرح بالفكر المسؤول، أي الفكر المرتبط بإحتياجات الجمهور.

وبالتالي فإن المفكر المسؤول يتحرك دوماً بديناميكية مرنه مع الواقع المعاش وينوع في القضايا المطروحة بحسب إحتياجات الجمهور. ففي مجتمع منفتح جداً ويعاني من إنفلات أخلاقي، يجب على المفكر المسؤول طرح قضايا مثل العفة والشرف والألتزام الخلقي ونحو ذلك، لأن هذا ما يحتاجه مجتمعه في تلك اللحظة، أما في مجتمع مغلق ومقيد، فأن هذا المفكر نفسه سيتوجه نحو طرح قضايا تتعلق بحقوق المرأة والأفراد وحرية الإختيار. كذلك في مجتمع يقبع تحت الإحتلال ستكون القضية الرئيسية المطروحة هي المقاومة والتحرر الوطني، بينما يتم التركيز في مجتمعات مستقلة ذاتياً على معالجة مسائل التنمية وتطوير الجهاز الإداري، وما إلى ذلك.

وهكذا ففي مجتمع يعاني من إرتفاع وتيرة الشحن الطائفي بشكل غير مسبوق مما يهدد بتدمير تماسك النسيج المجتمعي الوطني الداخلي، فإن التركيز ينبغي أن ينصب على التقريب وتبيان أهمية الوحدة ونبذ الفرقة والتعصب، بينما نجد مفكرين متخبطين ومعكوسين تماماً يطرحون بالضبط ما لا يجب أن يطرح في تلك اللحظة التاريخية ويهملون اولويات ما تحتاجه أمتهم.

المصدر: http://mail.almothaqaf.com/index.php/tanweer/76195.html

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك