هل حاور الامام الرضا الواقفة؟

الإدانة المسبقة: كثيرا ما تورد كتب الفرق روايات منسوبة الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

تدين الخوارج والمتصوفة والمعتزلة وربما الشيعة  بالاسم الصريح، وتدعي بعض هذه الكتب أن هذه الروايات صحيحة ! على ذات الوزان كانت هناك الادانة المسبقة للواقفة، ليس على لسان النبي الاكرم، بل على لسان الائمة السابقين على الإمام الكاظم عليه السلام، واحيانا في سياق نص قرآني !

1 (1 ـ 1) نقرا في الكشي: [محمّد بن الحسن قال: حدَّثني الفارسي يعني أبا علي، عن يقعوب ن يزيد،عن ابن أبي عمير، عمّن حدُّثه قال: قال سألت محمد بن علي الرضا عن هذه الآية  (وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة)، قال: نزلت في النصاب والزيدية والواقفة من النصاب]33 /  الكشي رقم 874 /

هذه الرواية تحمل إدانة قرآنية أزلية بحق الواقفة، ليس من باب تطبيق قاعدة عامة على مفرداتها بل هي مخصوصة فعلا بجماعات معينة منهم الواقفة !

الرواية ضعيفة بـ (عمّن حدَّثه)، ولست أدري لِمَ اخفى  ابن ابي عمير شيخه هنا؟، والرواية ضعيفة ايضا بالفارسي لانه لم يوثّق .

2 (1 ـ 2): [أبو صالح خلف بن حمّاد الكشي،عن الحسن بن طلحة، عن بكر بن صالح قال: سمعتُ الرضا عليه السلام يقول: ماذا يقول الناس  في هذه الآية؟ قلتُ:  جُعِلتُ فداك وآي آية؟ قال:  قول ا لله عزَّ وجل : (وقالت اليهود يد الله مغلولة  غُلَّت أيديهم ولُعِنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان  ينفق كيف يشاء)، قلتُ: اختلفوا فيها، قال أبو الحسن عليه السلام: ولكني أقول نزلت في الواقفة أنهم قالوا: لا إمام بعد موسى عليه السلام فردَّ الله عليهم بل يداه مبسوطتان، واليد هو الإمام في باطن الكتاب، وإنَّما عنى بقولهم لا  إمام بعد موسى عليه السلام) 34 /  نفسه رقم 863 /

وهي أيضا ليست من جنس تطبيق القاعدة الكلية على مصاديقها، بل الآية تقصد  الواقفة  مباشرة !! فالامام يقول حسب زعم  هذه الرواية: (ولكني أقول نزلت في الواقفة ...)، وهو تفسير غريب، والاغرب منه تفسير اليد بانها الامام ! وهو تفسير باطني مشكوك بطبيعة الحال، على أن  (بكر بن صالح) ضعيف جدا، تفَّرد بالغرائب كما نقل عن الغضائري 35 / المعجم  3 رقم 1851 / .

وقبل ذلك أن شيخ الكشي هنا، أي  خلف بن حماد الكشي لم يوثق، والاهم من كل ذلك أن (الحسن بن طلحة) ليس له ترجمة في كتب الرجال !

3 (1  ـ 3): [خلف بن حامد الكشي قال: أخبرني الحسن بن طلحة المروزي، عن يحي بن المبارك قال: كتبتُ إلى الرضا عليه  السلام بمسائل فأجابني وكنت ذكرتُ في آخر الكتاب قول الله عزّ وجل: (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) فقال: نزلت في الواقفة ...]36 / نفسه رقم 880 /  وليست هي من باب تطبيق القاعدة على أحد مصاديقها، بل  الآية نزلت خصيصا بالواقفة !

السند تالف جدا، يكفي أن الحسن بن طلحة المروزي ليس له ترجمة في كتب الرجال !

4 (1 ـ 4) يروي الكشي:  [وبهذا الإسناد (محمد بن الحسن، عن أبي علي الفارسي) قال: حدًّثني أيوب بن نوح،عن سعيد العطار، عن حمزة الزيات قال: سمعتُ حمران بن أعين يقول: قلتُ لأبي جعفر عليه السلام أمن شيعتكم أنا؟ قال: أي والله في الدنيا والآخرة، وما من احد من شيعتنا إلا وهو مكتوب عندنا اسمه واسم أبيه الاَّ منْ يتولى منهم عنّا .

قال: قلتُ: جُعِلتُ فداك أو من شيعتكم منْ يتولى عنكم  بعد معرفة، قال: يا حمران نعم وأنت لا تدركهم .

قال حمزة: فناظرنا في هذا الحديث، فكتبنا به إلى الرضا عليه السلام  نساله عمَّن استثنى به أبو جعفر؟ فكتب: هم الواقفة على موسى بن جعفر] 37 / رقم 882 .

الرواية ضعيفة ولكنها تكررت فيما يخص قول الإمام الباقر لحمران بن أعين بانه من الشيعة، وإنّه لا يرتد، ولكن بلا هذه اللاحقة: (جُعِلتُ فداك أو من شيعتكم منْ يتولى عنكم بعدمعرفة، قال (الإمام): يا حمران نعم وأنت لا تدركهم...) جاء ذلك في ترجمة حمران بن أعين  في الكشي (الجزء الاول ص 412 ــ 416)، فربما هي مضافة اختلاقا، ونلتقي بالسند بالمدعو (ابو علي الفارسي) الذي تكرر في الرواية  (1) .

5 (1 ـ 5): يروي لنا الكشي أيضا: (محمد بن الحسن قال: حدَّثني أبو علي قال: حدّثني محمد بن الصباح قال: حدًّثنا اسماعيل بن عامر، عن أبان، عن حبيب الخثعمي، عن ابن أبي يعفور قال: كنتُ عند الصادق عليه  السلام إذ دخل موسى عليه السلام فجلس، فقال أبو عبد الله: يا أبي يعفور هذا خيرُ ولدي وأحبّهم إلي،غير أن الله عزّ وجل يضلُّ به قوماً من شيعتنا، فاعلم أنهم قومٌ لا خلاق لهم في  الآخرة، ولا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليمْ.

قلتُ: جُعِلتُ فداك قد أرعبت قلبي  عن هؤلاء قال:يضلُّ به قوم من شيعتنا بعد موته جزعاً عليه فيقولون لم يمت، وينكرون الائمة من بعده، ويدعون الشيعة إلى ضلالهم، وفي ذلك إبطال حقوقنا، وهدم  دين الله، يا ابن يعفور فالله ورسوله منهم بريء، ونحن منهم براء) 38 / رقم881 /

الرواية واضحة في الواقفة، إلاّ أنها ضعيفة بـ (اسماعيل بن عامر) فهو لم يوثّق كما في معجم الخوئي 3 رقم 1358، وحبيب الخثعمي مردَّد بين الثقة وبين غير الموثّق، لان هناك حبيب الأحول الخثعمي غير الموثّق وحبيب بن معلل الخثعمي الموثق، وكلاهما من أصحاب الامام الصادق 39 / المعجم 4 ص 216، 224 /، ولا ننسى أن أبا علي الفارسي غير موثّق كما أشرنا أكثر من مرّة، والرواية تشترك مع 1 (1 ـ1) و 4 (1 ـ4) بـ (أبو علي الفارسي) غير  الموثّق .

6 (1 ـ 6): يروي الكشي: (محمد بن الحسن البراثي قال: حدَّثني أبو علي قال:  حدَّثني أبو القاسم الحسين بن محمّد  بن عمرو بن يزيد، عن عمِّه،عن جده عمرو بن يزيد قال: دخلتُ على ابي عبد  الله عليه السلام فحدَّثني مليا في فضائل الشيعة، ثم قال: إنَّ من الشيعة من هم شر من النّصاب، قلت ُ: فداك أليس ينتحلون حبكم ويتولونكم ويتبرئون  من عدوكم؟ قال: نعم، قال: قلت:جُعِلتُ فداك بيِّن لنا حتى نفهم فعلَّنا منهم قال: كلا  يا عمر، ما أنت منهم، إنما هم قوم يفتنون بزيد ويفتنون بموسى عليه السلام) 40 /  الكشي رقم  869/

السند ضعيف، وأبوعلي الفارسي مشترك بين الروايات الثلاث  (1، 4) وهو غير موثّق كما ذكرنا .

7 (1 ـ 7): يروي الكشي: (محمد بن الحسن البراثي قال:  حدَّثني أبو  علي الفارسي  قال: حدَّثني عبدوس الكوفي، عمّن حدَّثه،عن الحكم بن مسكين .

قال: وحدًّثني بذلك اسماعيل  بن محمَّد بن موسى بن سلام، عن الحكم بن عيص قال: دخلتُ مع خالي سليمان بن خالد على ابي عبد الله عليه السلام فقال: يا سليمان منْ هذا الغلام؟ فقال: ابن اختي، فقال: هل يعرف هذا الامر؟ فقال: نعم، فقال: الحمد لله الذي لم يخلْقه شيطانا .

ثم قال: يا سليمان عوِّذ بالله ولدك من فتنة شيعتنا، فقلتُ: جُعِلتُ فداك وما تلك الفتنة؟ قال: إنكارهم الإئمة وغرضهم  علي ابني موسى عليه السلام قال: ينكرون موته ويزعمون أن الإمام بعده، اولئك شرّ الخلق) 41 / رقم 866 /

الرواية ضعيفة بـ (عمّن حدثه) وضعيفة بـ (أبو  علي الفارسي)  الذي نجده في الرويات رقم (1، 4، 6)، وضعيفة أيضا بـ (عبدوس العطار الكوفي) فهو لم يوثّق كما في المعجم 11 رقم  (7365)،  ولكن الكشي في ترجمة العيص بن القاسم يقول: (حدّثني خلف بن حماد، عن أبي سعيد الآدمي، عن موسى بن سلام، عن الحكم بن مسكين، عن العيص بن القاسم قال: دخلتُ على أبي عبد الله عليه السلام مع خالي سليمان بن خالد، فقال لخالي ...) وساق الحديث 42 / الكشي رقم 652، حيث ليس في السند: محمد بن موسى !

السيد الخوئي يستظهر السند الثاني ولكن يقول فيما لو صحت الرواية، ولكن نحن نعلم أن (أبو سعيد الآدمي) ضعيف جدا كما في معجم الخوئي نفسه الجزء 21 رقم (14301) !

لا استبعد ان هذه الروايات مدخولة  على الأئمة بشكل وآخر، والهدف هو تزييف الفرقة الواقفية، أو للإيحاء بان الإمام يعلم الغيب، على أنها روايات ضعيفة من الصعب الاعتماد عليه لتشكيل رؤية في هذا المجال .

8 (1 ـ 8):  نقرا في عيون الاخبار: (حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله  عنه قال: حدًّثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه، عن محمد بن  سنان قال: دخلتُ على أبي الحسن موسى عليه السلام من قبل أن يقدم العراق بسنة، وعلي ابنه جالس بين يديه  فنظر إليَّ وقال: يا محمّد سيكون في هذه السنة حركة فلا تجزع لذلك، قال: قلتُ: ما يكون جعلني الله فداك فقد اقلقتني؟ قال: اصير إلى هذا الطاغية أما أنه لا يبدأني منه سوء، ومن الذي يكون بعده قال: قلتُ: وما يكون جعلني الله فداك؟ قال: يضل الله الظالمين، ويفعل الله ما يشاء، قال:  قلتُ: وما ذاك جعلني الله فداك؟ قال: من ظلم  ابني هذا حقّه، وجحد إمامته من بعدي كمن ظلم عليا بن أبي طالب عليه السلام إمامته وجحده حقَّه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: قلتُ:  والله لئن مدَّ الله  في العمر لاسلمن له حقه ولأقرّن بامامته)43 / عيون 1 ص 32 ح 29 /

هذه الرواية لا تصرف الامر للواقفية بالضرورة كما هو واضح، والورواية تنطوي  على مدح بـ (محمد بن سنان) الذي هو مصدرها من اعلى،  ولكن يرويها  عن نفسه، فلا عبرة فيها هنا .

قال السيد الخوئي: (ولولا  ان ابن عقدة والنجاشي  والشيخ والشيخ المفيد وابن الغضائري ضعّفوه، وان الفضل بن شاذان عدَّه من الكذابين،  لتعيَّن العمل برواياته، ولكن تضعيف الاعلام يسدنا من الاعتماد عليه) 44 / المعجم 16 ص 160 / وساتلكم في وقت مناسب عن  هذا الراوي كثيرا .

من الصعوبة  بمكان التسليم بصحة هذه الروايات لضعفها ولا ننسى أن بعضها تشترك براوية ضعيف مما يحجِّم من قيمة كمِّها الذي قد يغري بالقوة .

إن الروايات التي تحتوي على ذمِّ مسبق بحق الفرق والجماعات على لسان النبي الكريم أو الأئمة الاطهار من العسير قبولها،  وربما تُساق غرضا أو تساق لاثبات علم الائمة بالغيب، ولكن يجب أن لا ننسى أن ظاهرة الوقف ليست حصرا بالامام الكاظم بل كان هناك واقفة في زمن الأئمة السابقين، ولذلك ليس صعبا أن نقول ربما إن الامام الكاظم كان يحدس أن هذه الظاهرة سوف تتكرر بعده، بل ربما هو الاحتمال الممكن على مستوى عال من الدرجة مادامت الظاهرة تكررت أكثر من مرّة قبله، كما أن طبائع الاشياء تحكم أو تقرِّب ذلك للواقع .

خمس روايات ممّا سبق يرويها الكشي عن شيخه (محمّد بن الحسن البراثي)، وهي (1، 4، 5، 6، 7)،  والبراثي هذا لم يوثق، كما أن الروايات  رقم (2، 3، 4)  سندها تالف جدا كما سنبين لاحقا ! والرواية رقم (8) في سندها الغالي المعروف محمد بن سنان !

فاي تاريخ يمكن أ ن يُشيَّد من هذه المسانيد الفاضحة؟ وأي حقائق يمكن ان تُستل من هذه المسانيد الهشة الضعيفة التالفة؟

 

الكلاب الممطورة !

تسمي الشيعة الفرقة الواقفية بـ (الكلاب الممطورة)، اي تلك الكلاب التي تموت ويبللها المطر الامر الذي يتسبب بانتشار رائحتها الكريهة  في الجو، أو لان رائحتها تكون أنتن وأشد فضاعة،  والذي اطلق عليهم هذه التسمية هو الشيعي المعروف يونس بن عبد الرحمن، وتقول الرواية أن مناسبة ذلك هوأن يونس بن عبد الرحمن كان قد ناظر احد  رموز الواقفة وهو:  علي بن اسماعيل الميثمي، ولما تعاندا، قال له يونس: (... ما انتم إلاّ  كلاب ممطورة...)،  وعلي هذا من كبار رجلات الشيعة المرموقين، كما هو يونس بن عبد الرحمن، ففي النجاشي: (علي بن اسماعيل بن ميثم ... مولى  بني اسد، كوفي، سكن البصرة وكان من وجوه المتكلمين، من اصحابنا، كلَّم أبا الهذيل  والنّظام، له مجالس وكتب ...) 45 / النجاشي رقم 661 / وشخصية بهذ الوزن عندما تكون واقفية يعني أن للواقفة آنذاك رموزها الفكرية وتراثها الذي يمكنها من الاحتجاج والاعتراض بل الاثبات والنفي، اللهم إلاّ  إذا قلنا أن القضية لا تعدو صراع سياسي خفي بين رموز شيعية متقدمة في ذلك الوقت .

الذي يروي ذلك هو النوبختي في كتابه المعروف (فرق الشيعة)، ولكن النوبختي لم يذكر مصدره 46 / فرق الشيعة ص 81 /  ويقول بعض الباحثين أن هذه التسمية لازمت الفرقة حتى عصر النوبختي من اعلام القرن الرابع  الهجري ومن ابرز كتّاب الفرق الاسلاميين،وتبقى معلومات كتب الفرق محل شك، لان أكثرها ماخوذ من السنة الناس، وما شاع في المجتمع، فهي ليست مسندة، خاصة في القضايا التاريخية، وهذه النقطة تتصل بالتاريخ بشكل من الاشكال .

الإمام الرضا يقرِّع الواقفة

حسب الروايات كان الامام الرضا شديد التقريع بهذه الفرقة وفيما تصح هذه الروايات فهو أمر طبيعي لانها تنكر إمامته من الاساس، خاصة وأن الفرقة بدأت قوية شرسة، لقد لعنهم وكفّرهم وأمر بعزلتهم وكان يحث بالدعاء عليهم !، وبالتالي، فإن هذه الحملة من الامام الرضا عليه السلام على هذه الفرقة إن كانت صحيحة إنما تدل على مدى خطورتها في ذلك الوقت، ولكن لنستعرض الروايات هنا .

9 (2 ـ 1) يروي الكشي: (... فكتب ـ الإمام للراوي ـ الواقف عائد عن الحق، ومقيم على سيئة، إن مات بها كانت جهنم مأواه، وبئس المصير) 47 / رقم 860 /

الرواية لم تثبت، ففي سندها: أحمد بن عبدوس أو  غيره !  وأحمد بن  عبدوس لم يوثق كما في المعجم، كذلك في السند: علي بن عبد الله الزبيري، كل ما جاء عنه انه من رجال الامام الهادي من دون توصيف كما في المعجم  12 رقم 8285، ولا استبعد أن مثل الزبيري وغيره يكذبون في مراسلتهم الإمام عليه السلام من اجل الشهرة والتزلف .

10 (2 ـ2) يروي الكشي: (... حدَّثني الفضل بن شاذان، رفعه عن الرضا عليه السلام قال: سئل عن الواقفة؟ فقال: يعيشون حيارى، ويموتون زنادقة) 47 / رقم 861، والرواية ضعيفة بـ (رفعه).

11  (2 ـ 3) يروي الكشي: (محمد  بن الحسن البراثي  قال: حدَّثني أبو علي قال: حدَّثني يعقوب بن يزيد، عن محمد  بن أبي عمير الا ما رويت لك  ولكن حدًّثني بن أبي عمير عن رجل من أصحابنا  قال: قلتُ للرضا: جُعِلتُ فداك قوم قد وقفوا  على أبيك يزعمون أنه لم يمت، قال، قال: كذبوا، وهم  كفار بما أنزل الله عزّ وجل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ...) 48/ رقم 867 /

ضعيفة بـ (عن رجل من أصحابنا)،هذه الصيغة تثير كثيرا من شكوكي في الروايات، ما الداعي لإخفاء هذا الرجل؟ وشيخ الكشي البراثي أصلا لم يوثّق .

12 (2 ـ 4) يروي الكشي: (محمّد بن الحسن  البراثي قال: حدّثنس أبو  علي الفارسي قال: حدّثني ميمون النّخاس، عن محمّد بن الفضيل قال: قلتُ للرضا عليه السلام: جُعِلتُ  فداك ما حال قوم قد وقفوا على أبيك موسى  عليه السلام فقال: لعنهم الله ما اشد كذبهم، أما أنَّهم  يزعمون أني عقيم، وينكرون من يلي هذا الامر من بعدي) 49 رقم 868 .

هذه الرواية ضعيفة بامتياز، فإن ابو علي الفارسي غير موثّق، وميمون النّخاس لم يوثّق أيضا، والناقل عن الامام الرضا من  الغلاة، اي محمّد بن الفضيل كما في معجم الخوئي 17 رقم 11561 .

13 (2 ـ 5) يروي الكشي: [خلف، عن الحسن بن طلحة  المروزي، عن محمّد بن  عاصم قال: سمعتُ الرضا عليه السلام يقول: يا محمّد بن عاصم، بلغني أنك تجالس  الواقفة؟ قلتُ: نعم جُعِلتُ فداك أجالسهم وأنا مخالف لهم قال: لا تجالسوهم فإن الله  عز! وجل يقول:  (وقد نزل عليكم  في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزيء بها فلا تقعدوا معهم  حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذن مثلهم) يعني بالايات الاوصياء  الذين كفروا بهم الواقفة] 50 / رقم 864 /

هذه الرواية تفيد أن الآية الكريمة نزلت في الواقفة ! ليس من باب تطبيق الكلية  على مصاديقها، بل هي المفهوم والمصداق في نفس الوقت !

إذا صحّت  الرواية فإنها تكشف عن أن الواقفية كانت قوية وربما تملك القدرة على إشاعة  فكرها، وإلاّ  لماذا هذا الامر بالمقاطعة؟ والسند تالف جدا،حتى أن محمد بن عاصم لم  يوثّق .

14 (2 ــ 6) يروي الكشي: [محمّد بن الحسن البراثي قال: حدَّثني أبو علي قال: حدّثني محمد بن رجا الحنّاط، عن محمد بن علي  الرضا عليه السلام أنه قال:  الواقفة هم حمير الشيعة، ثم تلا هذه الآية: (إنْ هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا)] 51 رقم 872 .

في السند : أبو علي الفارسي ومحمد بن رجا الحناط (الخياط) كلاهما غير موثًّقين، فضلاً عن  البراثي .

15 (2 ـ 7) يروي الكشي: (محمد بن حسن قال: حدّثني أبو علي الفارسي، عن محمّد بن عبد الجبار، عن عمر بن فرات قال: سألتُ أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الواقفة؟ قال: يعيشون حيارى، ويموتون زنادقة) 52 رقم 876 .

السند: أبو  علي الفارسي لم يوثق، محمد عبد الجبار لم يوثق،  أما عن عمر بن فرات فجاء فيه: (كاتب، بغدادي، غال، من اصحاب الامام الرضا عليه السلام) 52 / رجال الشيخ رقم 49 .

16 (2 ــ 8) يروي الكشي: (إبراهيم  بن محمّد بن العباس الختلي قال: حدَّثني أحمد  بن أدريس القمي قال: حدَّثني محمد بن أحمد بن يحي قال: حدَّثني العباس بن معروف،عن الحجَّال، عن إبراهيم بن أبي البلاد،عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ذكرتُ  الممطورة،وشكِّهم، فقال:يعيشون ما عاشوا على شك ثم يموتون زنادقة) 53 رقم 878 .

في السند:  إبراهيم بن محمّد بن العباس الختلي لم يوثَّق كما في  معجم الخوئي 1 رقم 265 .

17 (2 ـ 9) يروي الكشي: (خلف قال: حدَّثني الحسن، عن سليمان الجعفري قال: كنتُ عند أبي الحسن عليه السلام بالمدينة، إذ دخل عليه رجلٌ من أهل المدينة فسأله عن الواقفة؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: ملعونين أينما أُخِذوا وقُتِّلوا تقتيلا  سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا، والله  إنّ الله لا يبدلها حتى يُقتلوا عن آخرهم) 54 رقم 865 /

في السند: خلف بن حماد ابا صالح من أهل كش، لم  يوثّق كما في معجم الخوئي 7 رقم 4310 .

في السند: الحسن بن طلحة المروزي لم ترد له ترجمة في كتب الرجال، فالرواية ضعيفة وإن كان سندها من فوق الحجال الثقة المعروف .

 

محاورات الامام الرضا عليه السلام كبار الواقفة

اورد الكشي في كتابه الرجالي أكثر من محاورة بين الإمام الرضا عليه السلام وبعض رجالات الواقفة من الوزن الثقيل، احبذ استعراض هذه المحاورات، ومن بعد ذلك اتكلم باختصار عن أهمية كتاب الكشي كوثيقة رجالية وتاريخية، لأن أغلب أخبارنا عن الواقفة مأخوذة من هذا الكتاب الرجالي المشهور .

 

المحاورة الأولى: (مع البطائني)

قال الكشي: (حدّثني محمّد بن مسعود قال: حدّثنا جعفر بن  أحمد، عن أحمد بن سليمان، عن منصور بن العباس العبادي قال: حدثنا  اسماعيل بن سهل قال: حدَّثني بعض أصحابنا، سألني أن أكتم اسمه قال: كنتُ عند الرضا عليه السلام فدخل  عليه علي بن أبي حمزة وابن السراج وابن المكاري، فقال له ابن أبي حمزة: ما فعل أبوك؟ قال: مضى، قال: مضى موتا؟ قال: نعم .

قال: فقال: إلي مَنْ عهد؟ قال: إليَّ، قال:  فأنت إمام مفترض طاعته من  الله؟ قال: نعم .

قال ابن السرّاج وابن المكاري قد  والله أمكنك من نفسه، قال: ويلك وبما أمكنت، أتريد أن آتي بغداد وأقول لهارون أنا إمام مفترض طاعتي، والله ما ذاك عليّ، وإنّما قلتُ ذلك لكم عند ما بلغني من اختلاف كلمتكم، وتشتت أمركم، لئلا يصير سرُّكم في يد عدوكم.

قال له ابن  أبي حمزة: لقد أظهرتَ شيئا ما كان يُظهره أحد من آبائك ولا يتكلم به، قال: بلى والله لقد تكلّم خير آبائي  رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أمره الله تعالى أن ينذر عشيرته  الاقربين،جمع من  أهل بيته أربعين رجلا  وقال لهم: إنِّي رسول الله إليكم ...

قال له علي: إنّا روينا عن آبائك أن الامام لا يلي أمره إلاّ إمام مثله؟ فقال له أبو الحسن عليه السلام:  فاخبرني عن الحسين بن علي عليه السلام كان إماماً أو كان غير إمام؟ قال: كان إماماُ، قال: فمن ولي أمره؟ قال: علي بن الحسين، قال: وأين كان علي بن الحسين عليه  السلام؟ قال: كان محبوساً بالكوفة في يد عبيد الله بن زياد، قال: خرج وهم لا يعلمون حتى ولي أمر ابيه ثم انصرف .

فقال له ابو الحسن عليه السلام: إنْ هذا أمكن  علي بن الحسين عليه السلام أن يأتي كربلاء  فيلي أمر أبيه، فهو يمكِّن صاحب هذا الامر أن ياتي بغداد  فيلي أمر أبيه ثم ينصرف وليس في حبس ولا في إسار .

فقال له علي: إنّا روينا أن الإمام لا يمضي حتى يُرى عقبه؟ قال: فقال أبو الحسن عليه السلام: أما رويتم  في هذا الحديث غير هذا؟ قال: لا، قال: بلى والله لقد  رويتم فيه إلاّ القائم، وأنتم تدرون ما معناه ولِمَ قيل، قال له علي: بلى والله إن هذا لفي الحديث، قال له أبو الحسن عليه السلام: ويلك كيف اجترات عليّ بشيء تدع بعضه . ثم قال: يا شيخ أ تق الله ولا تكن من الصّادين عن دين الله تعالى) 55 / الكشي رقم 883 /

هذه المحاورة  أشك بها شكا عميقا، سندها محمد بن مسعود بن مزيد الكشي من مشايخ الشيخ الكشي ولم يوثق كما في معجم الخوئي 17  رقم 11769، وفي السند أيضا: منصور بن عباس العبادي،   قال عنه النجاشي: (... مضطرب الامر ...) 56 رقم، وكونه كذلك لا يدل على عدم وثاقته كما يرى السيد الخوئي، فهي اشارة  الى امر عقدي وليس لذلك صلة بالوثاقة وعدمها، ولما كان الرجل قد وقع في طريق كامل الزيارات يكون الرجل ثقة لدى السيد  الخوئي، ولكن كما نعلم أن السيد الخوئي عدل عن هذا المبنى، فالنتيجة تكون أن الرجل غير موثّق . وفي السند أيضا: اسماعيل بن سهل، قال عنه ا لنجاشي: (... ضعَّفه اصحابنا) 57 رقم (      ) .

أما الرواي جعفر بن أحمد ففيه كلام، فإن هذا الراوي ليس له ترجمة  في الكتب الرجالية القديمة والمتاخرة، مما يعقد أمره كثيرا، ولكن الشيخ الطوسي جاء على ذكره في كتابه الغيبة مرّتين .

الاولى: (أخبرني الحسين بن إبراهيم القمي، قال: أخبرني أبو العباس، أحمد بن علي بن نوح، قال: أخبرني أبو علي أحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري رحمه الله، قال: حدّثني أبو عبد الله جعفر بن عثمان  المدائني،  المعروف بابن قزدا ... قال: وسمعتُ أبا الحسن علي بن بلال بن معاوية المهلبي ... قال: وقال مشايخنا: كنّا لا نشكُّ إنه أن كانت كائنة من أبي جعفر / أي السفير محمد بن عثمان العمري / لا يقوم مقامه إلا جعفر بن أحمد بن متيل  أو أبوه، لما رأينا من الخصوصية  به، وكثرة كينونته في منزله، حتى بلغ أنه كان في آخر عمره، لا ياكل طعاماً إلاّ ما اصلح في منزل جعفر بن أحمد بن متيل، وأبيه، لسبب وقع له، وكان طعامه الذي ياكله  في منزل جعفر وأبيه،وكان أصحابنا لا يشكّون إنْ كانت حادثة لم تكن الوصية إلاّ إليه من الخصوصية به، فلما كان عند ذلك، ووقع الاختيار على أبي القاسم / حسين بن روح / سلّموا ولم ينكروا، وكانوا معه، وبين يديه، كما كانوا مع أبي جعفر رضي الله عنه، ولم يزل جعفر بن أحمد  بن متيل في جملة أبي القاسم رضي الله عنه، وبين يديه، كتصرفه بين يدي أبي جعفر العمري إلى أن مات رضي الله عنه) 58 / الغيبة ص 223 نقلا عن معجم الخوئي 4 رقم 2123 .

هذه الرواية تدل على جلالة جعفر بن أحمد بن متيل كما يقول السيد الخوئي، ولكنها ضعيفة  لان (الحسين بن إبراهيم القمي) في سندها وهو لم يوثّق، وليس الحسين هذا وحده لم يوثق في سند الرواية بل هناك أيضا احمد بن علي بن نوح، كذلك: (أحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري) .

الثانية: (وأخبرنا جماعة  عن أبي جعفر،  محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه، قال: اخبرنا علي بن محمّد بن متيل، عن عمِّه جعفر بن أحمد  بن متيل، قال: لما حضرتُ أبا جعفر: محمّد بن عثمان العمري رضي الله عنه الوفاة كنتُ جالساً عند  راسه، اساله وأحدثه، وأبو القاسم بن روح عند رجليه، فالتفتّ إليَّ، ثم قال: أُمِرتُ أن أُوصي إلى أبي القاسم، الحسين بن روح، قال / أي بن متيل / فقمتُ من عند رأسه، وأخذت بيد ابي القاسم، وأجلسته في مكاني، وتحوّلتُ عند  رجليه) 59 / نقلا عن الخوئي ص 53 /

هل تفيد هذه الرواية وثاقة أو توثيق جعفر بن أحمد  بن متيل؟

بداية هناك خطا في المتن، فليس هناك (علي بن محمّد بن متيل) بل الصحيح هو: (محمد بن علي بن متيل) كما جاء في  كتاب: (إ كمال الدين  ...) للصدوق، ص 450 حديث رقم 33 .

في السند: محمد بن علي بن متيل، لو يوثق كما في المعجم 4 رقم 11331، وهو مصدر الشيخ الطوسي مباشرة !

في السند:  رجل من أصحابنا، ولا ندري مدى وثاقة  هذا الرجل !

تُرى هل الرواية من اختلاق محمد بن علي بن متيل كي يضفي على عمّه هالة الصدق والتضحية بالذات .

يحتج البطائني على الامام الرضا عليه السلام بانه لم يحضر أمر ابيه الكاظم  عليه السلام  لان ذلك من مقتضيات الامامة كما يرى الشيعة، الامام يحتج عليه بحالة الامام السجاد عليه السلام، فهو كان غائبا عنه، اي كان في قبضة عبيد الله بن زياد اللعين، ليس بلحاظ الغياب المحض، بل لأن الامام السجاد تغلب على هذا الغياب بالإعجاز، فقد حضر أمر أبيه الشهيد سلام الله عليه  في كربلاء وعاد إلى الكوفة، ومؤدى هذا الاحتجاج، ان الامام الرضا كما هو جده السجاد، أي حضر امر ابيه الكاظم في بغداد وهو  في خراسان، اي انتقل من خراسان الى بغداد وتولى هناك امر ابيه من غسل وتكفين !

لا  أريد أن ادخل في صلب الاعجاز هنا كحل للإشكالية التي أثارها البطائني، ولكن كان بامكان البطائني أن يرد على الامام إن مثل هذا التوضيح أو الجواب لا يشفي غليلا، إذ السؤال المطروح هو: مدى وقوع الأعجاز هذا؟ فهو إذا  كان ممكنا بحد ذاته، وقد حصل مع الامام السجاد عليه السلام في معالجة أمر أبيه الشهيد، فمن يقول أنه وقع مع الامام الرضا، وكلام الا مام الرضا ليس حجة على البطائني مادام البطائني لا يعترف بإمامة الرضا عليه السلام، واعتقد إن الامام الرضا ارفع من هذا المستوى وارقى واجل في الحوار والحجاج والسجال.

الرواية كما يبدو لي مختلقة !

 

المحاورة الثانية: (مع ابن المكاري)

يروي الكشي: (حدّثني حمدويه قال: حدثني الحسن بن موسى، قال: روى علي بن عمر الزيات، عن ابن أبي سعيد المكاري، قال: دخل على علي الرضا عليه السلام فقال له:  فتحت بابك وقعدت للناس تفتيهم، ولم يكن أبوك يفعل هذا، قال فقال: ليس عليّ من هارون باس، وقال له: أطفأ الله نور قلبك، وأدخل الفقر بيتك، ويلك ما علمتً أن الله تعالى أوحى الى مريم ان في بطنك نبيا،  فولدت مريم عيس بن مريم عليه السلام، فعيس من مريم ومريم من عيسى، وأنا من أبي وأبي مني ... قال: فقام فخرج من عنده، فنزل به الفقر والبلاء ما الله به عليم) 60 / رقم 884 .

الرواية ذاتها يرويها بسند: (إبراهيم بن محمد بن العباس، قال: حدثني أحمد بن  أدريس القمي، قال: حدّثني محمّد بن أحمد، عن إبراهيم بن هاشم، عن داود بن محمد النهدي، عن بعض اصحابنا ...) وساق الحديث، 61 رقم 885.

الرواية بكلا طريقيها ضعيفة، ففي السند الاول علي بن عمر الزيات لم أجد له ترجمة  فيما عندي من مصادر، والرواية منقطعة، وفي السند الثاني يكفي أن فيه  أن ابراهيم بن محمد بن العباس وكذلك داود بن محمد النهدي لم يوثّقا.

المصدر: http://almothaqaf.com/index.php/derasat/69699.html

الأكثر مشاركة في الفيس بوك