دور الاختلاف في إثراء الفكر

(مقارنة نفسية)

 

د. إقبال الغربي

 

مـدخل:

إن الجديد في السنوات الأخيرة هو تزايد الإدراك بأن المطلوب هو ثقافة جديدة تهيىء الفرد والمجتمع لحقائق وديناميات عصر جديد هو عصر العولمة، عصر التغير المتسارع، عصر المرور من مجتمع الإنتاج إلى مجتمع المعرفة: عصر ما يسمى بالثورة التكنولوجية الثالثة.

هذه الثورة، التي هي من أهم خصائص القرن الحادي والعشرين، تعتمد على المعرفة العلمية المتقدمة، والاستخدام الأفضل للمعلومات المتدفقة بوتيرة سريعة (يقدر خبراء الدراسات الاستشرافية أن حجم المعرفة العلمية سوف يتضاعف كل سبع سنوات).

هذه الثورة التكنولوجية الثالثة تختلف عن الثورة التكنولوجية الأولى  والثانية:

ـ الثورة الأولى، كان عمادها المحرك البخاري، واستخدمت الفحم والحديد.

ـ الثورة الثانية، التي حررت قدرات الإنسان العقلية اعتمدت على الكهرباء والنّفط، وعلى الطاقة النووية، وكذلك على فن الإدارة الحديثة.

أما  الثورة التكنولوجية الثالثة فعمادها العقل البشري، وهي ترتكز على الإلكترونيات الدقيقة التي أدخلت عقلاً وذاكرة على الآلات، وكذلك على توليد المعلومة وتنظيمها واختزانها وتوصيلها بسرعة لامتناهية (الإنترنت).

وبما أن العقل البشري هو الركيزة الأساس في هذه التحولات، وبما يمثل طاقة متجددة لاتَنْضَب وأن هذه الثورة لن تكون حكراً على بلدان المحور أي المجتمعات الغنية ببنيتها التحتية وبمواردها الأولية وبجيوشها التقليدية، بل بإمكان كل الشعوب ـ ومنها الإسلامية ـ أن تخوض غمارها شرط أن تحسن استثمار رأسمالها البشري وإعداده ذهنياً لتسليحه بالآليات العقلية التي تفجر طاقاته وإبداعاته.

ونظراً لأن مقياس التقدم والرقي في القرن القادم سيتمثل حتماً في حسن التحكم في المعرفة، وتوظيفها لصالح التنمية الشاملة والمستديمة، وأن ذلك يستدعي بالطبع توخّي طرقاً تتلاءم ومقتضيات الحقبة.

 

فما الطريقة الأفضل لاستثمار العقل وتحرير طاقاته؟

يمكن إبراز طريقتين تَبْدُوانِ في نظرنا أساسيتين:

تتمثل الأولى في توظيف الاختلاف، لإثراء الفكر عبر الصراعات المعرفية، وذلك بتوفير طبعاً،  أجواءً ملائمة، تقوم على مبدإ التعددية والتسامح.

والثانية تقتضي تجاوز العوائق النفسية الواعية واللاواعية، التي يمكن أن تشّكل حاجزاً أمام مزايا الاختلاف.

آليات أدب الاختلاف التي تنص القدرات العقلية هي:

ـ الصراعات المعرفية

 ـ التعددية

 ـ التسامح

 لاشكّ أن العقل معطى تاريخي يتطور وينمو في علاقة جدلية مع المحيط. لقد أثبتت الدراسات السيكواجتماعية، ومدرسة جنيف التي تتعلق بالبناء الاجتماعي للذكاء، أن القدرات العقلية للفرد لا يمكنها أن تتطور إلا مع الآخر المختلف أي في ظل الصراعات المعرفية، التي تشكل المجال الأفضل للتطور الذهني والمعرفي، ومعنى ذلك أن التفاعل الاجتماعي، يمكّن الفرد من بناء أدوات ذهنية جديدة تساعده على مزيد المشاركة في تفاعلات اجتماعية أكثر تطوراً وأكثر تعقيدا،ً وهو ما يسمى بالسببية اللولبية.

وفي هذا الصدد تؤكد الأبحاث الميدانية في مجال التربية وعلم النفس، والتي قام بها كل من (بياجي) (ولوتراي) أن التقدم المعرفي وإثراء الفكر لا يحصل إلا إذا وجد الأفراد أنفسهم في وضعيات اختلاف ومواجهة مع أفراد متنوعي المستويات والتوجهات، وبناء على ماقدمته هذه الأبحاث من حقائق يمكن أن نستنتج أن أي صراع معرفي بإمكانه أن يؤدي إلى إثراء الفكر يشترط وجود اختلافات في آراء الأطراف المجتمعة حول عملية تملك المعرفة.

إذ أن الاختلاف يفرز لدى الفرد وعياً مزدوجاً:

 ـ  فهو من ناحية يشعر الفرد أن نظامه التأويلي غير متلائم مع ماهو مطلوب منه فيتجاوز بذلك البداهة الخادعة والأفكار المسبّقة والمعارف الحسية المباشرة والسطحية عبر تصحيح الفكر بالوقائع، وترشيد الواقع بالفكر في حوار جدلي دائم.

ـ  ومن ناحية أخرى يكتشف الفرد أوجه نظر مغايرة، وهو أمر جد هام: لأن هذا الاكتشاف سيعينه على تجاوز التمركز حول الذات ( أي تمركزهُ حول ذاته) المضرة بالنمو السليم لفكره، لأن الطفل يتجاوزها عند سن السابعة.

 ـ  إلا أن إثراء الفكر عن طريق الصراعات المعرفية يتطلب مُناخاً معيناً يقبل الاختلاف ويسوده التفاهم والتسامح.

وقد بينت الدراسات السيكواجتماعية منذ تجربة كـ. لوين المجرات سنة 1938 ـ مدى تأثير الأجواء السائدة على نتاج الفكر وإثرائه.

وقد قدمت لنا هذه الأعمال عدة تجارب تتمحور حول ثلاثة أساليب أو صيغ في أخذ القرارات.

 ـ الأسلوب المتسلط.

ـ الأسلوب الفوضوي.

 ـ الأسلوب الديمقراطي.

 وقد اتّضح تفوق الأسلوب الديمقراطي القائم على مبدأ النقاش وقبول الاختلاف مع تفهم الآخر.

فالمُناخ الديمقراطي

 ـ يشبع لدى الفرد حاجته إلى الأمن

 ـ يُنَمّي لديه القدرة على الإنجاز

ـ  يغذي مطلبه التواصلي مع الآخر.

ـ يذلل مشاعر القلق والاضطهاد التي تزدهر في الأجواء الفوضوية والتسلطية، والتي قد تكوّن عوائق إبستمولوجية تعطل عملية تملك المعرفة وإثراء الفكر.

ففي هذا المُناخ القائم على الاختلاف يكون القرار في النهاية بتراضي الجميع، وهكذا يكون أمر الناس شورى بينهم فعلاً لا قولاً.

العوائق النفسية التي تحول دون قبول الاختلاف

الآليات النفسية التي تجعلنا نرفض الاختلاف، هي حسب سيكولوجيا الأعماق التالية:

ـ كراهية الآخر.

 ـ الجمود الذهني.

 ـ التعصب.

 كراهية الآخر

 اكتشاف الذات وفهمها يمر حتماً بتجربة التعايش مع الآخر.

 هذا الآخر الذي يمثل دور المرآة العاكسة.

 وَضَّحَ كلٌّ من (لاكان)، (فالون) و(كلاين) أهمية طور المرآة في تكوين الذات.

فالطفل يلعب أمام المرآة بالصورة التي تشكل عليها، وعندما يدرك أنهما صور وليست أشخاصاً واقعيين وإن بين هذه الصور واحدة هي له، فإنه يتأمل مفتوناًً تلك الصورة التي تطمئنه على وحدته الجسدية، ويستبق بفضلها رسماً لجسمه، وبالتالي فهي تدعّم لديه على أساس مرئي مفهوم ذاتيته وهُويته.

بيد أن هذا الطفل يلتفت دائماً وفي كل الحالات إلى الأم، إلى الآخر، لينتزع منها اعترافاً بأن هذه الصورة المنعكسة من المرآة هي صورته هو. فالطفل يرى نفسه دائماً بأعين الآخرين.

فدون الآخر المرغوب والمرهوب في آن واحد يتحول كل منا إلى وحش إذا استطاع ضمان بقائه. ذلك أن الإنسانية اكتساب ثقافي وليست إرثاً بيولوجياً.

 وفي نفس هذا الإطار النظري يمدنا التحليل النفسي بتفسيره لنشأة كراهية الآخر.

فنحن نعرف أن تجربة التعايش مع الآخر المختلف عنا تنشأ عند الطفل بين الشهرين الثامن والعاشر بعد الولادة، عندما تفطم الأم طفلها أي  تُرغِمهُ على الانفصال عن جسدها جسمياً، ذهنياً، ونفسياً، وهنا يكابد  الفطيم عملية إقصائه عن أحضان الأم المرضعة كمأساة، كإحباط كعزلة وجودية مريرة.

واكتشاف الطفل لأمه ككائن مغاير مختلف عنه، يسلبه ذلك الإحساس الممتع الذي يداعبه، ويشعره أنه مازال جنينا ًأي امتداداً بيولوجياً لجسد الأم وقطعة منها يأتيه رزقه رغداً.

 كذلك يكتشف الطفل الآخر عند المرور بعقدة أوديب بين السن الثالثة والخامسة عندما يصبح الأب منافساً له على الاستئثار بحب الأم.

 فكيف يعيش الطفل تجربة اكتشاف الآخر والتعايش معه؟.

هناك إمكانان:

 يمكن للطفل تجاوز وتعويض جُرح الفطام النرجسي بنقل العلاقة البدائية المنصهرة والجسدية مع الأم إلى مستوى التبادل الرمزي أي اكتساب اللغة، وبالتماهي مع الأم الطيبة، وذلك بممارسة اللذة الفمية، وبسلوك أفعال تدل على روح العطاء والسخاء.

كما يمكن للطفل إيجاد مخرج هادىء لعقدة أوديب، بالتماهي مع الأب، واحتواء خصاله ككهل، ومنها النضج النفساني والاستقلالية الذهنية، أي بالارتقاء إلى نمط آخر من التنظيم الرمزي الذي يؤسس القوانين الطبيعية والاجتماعية (تشرب قانون الأب/ السلطة).

ـ أما إذا عجز الطفل عن احتواء هذه الأزمات/ التحولات الضرورية  لنموه السليم وعاش الآخر كعدو وكمعتد على أمنه، فسوف يرد الفعل بمشاعر الاضطهاد وهذيانات التآمر، وبالتالي سيسقط على الآخر المختلف عنه عرقياً دينياً أو فكرياً مشاعر الحقد والكراهية التي عاشها في طفولته المبكرة، ويعامله كمسؤول عن طرده من الجنة الضائعة ( الانصهار في الأم الحنون) أي كتلك الأم الشريرة الفاطمة، وكذلك الأب المستبد والخاص ( طبعاً حسب الهوامات الطفلية).

 وقد تلاحق هذه التمثلات المرء حتى في الكبر، فتجعل منه كائناً متعصباً مختل التوازن رافضًا ومقاومًا لكل أشكال الاختلاف، وفي هذا الصدد يقول فرويد: " إن سر شقائنا أننا عشنا أطفالاً".

 الجمود الذهني

 الآلية الذهنية الثانية التي تعيق الاختلاف هي الجمود الذهني. يعّرف علم النفس هذا العطب في المسار الذهني بأنه عجز المرء عن تغيير جهة نظره ووضع نفسه مكان الآخر لفهمه وفهم وجهة نظره.

وهو يوجد في الحالات المرضية مثل العصاب الاستحواذي، كما أنه إحدى السمات الجوهرية في تناذر البرانويا المصاب بالجمود الذهني تنقصه المرونة الفكرية، له رأي ومبادىء ثابتة، منغلق على حجج الآخر، لأن مركزيته الذاتية جعل الإنسان نفسه مركزاً  للكون، تجعله عاجزاً عن وضع نفسه مكان الآخر أي  المختلف عنه في الرأي أو في الدين لفهمه وتفهم وجهة نظره، فالمصاب بالجمود الذهني يرتكز على ثوابت ومسلمات لاتقبل النقاش لأنها محاطة بدلالات وجدانية وبشحنات لاشعورية تجعل من كل نقاش فيها نقاشاً في معنى حياة المتشبت بها. وبالتالي يصبح الجدل والاختلاف مجازفة بسعادة المتصلب وبثقته المفعمة بنفسه. وفي هذا الظرف، يدرك الآخر المختلف عنا ككائن تهديمي يؤجج هوامات القلق والاضطهاد، فلا يمكن أن نستمتع إلى هذا الغريب مهما كان خطابه علميا ًأو  موضوعيا، "لأنه في غاية الخبث وكلامه سمّ ناقع" على حد تعبير د. أنزيو.

وبما أننا لا نستطيع العيش دون تواصل مع الآخرين سوف يبحث المصاب بالجمود الذهني عن آخرين غير مختلفين عنه، يشبهونه ولا يمارسون عليه أي ضغط أو نقد وسوف يجدهم في عشيرته في شيعته أو في حزبه. والصورة التي تنطوي عليها هذه العلاقة ـ البيشخصية ـ بينه وبينهم، وهي صورته المثالية التي عززها وبررها الآخرون وهي صورة نرجسية مطمئنة.

ويشكل هؤلاء الآخرون امتداداًً يكاد يكون بيولوجياً للأم الحامية ويلعبون دور "الحضن الطيب" حسب تعبير (م. كلين) كما يمثل الآخرون مجموعة يحاول من خلالها الفرد إعادة بما "نحن جماعية" يستعيد بها وهمياً محاولة الانصهار من جديد في جسد الأم.

وهذا ما يؤدي حسب التحليل النفسي إلى السلوك التعصبي المناهض لكل أشكال الاختلاف.

 وداخل هذه المجموعة المتشابهة الباحثة عن الأمن ( الثابتة في الحنين إلى حضن الأم الطيبة) يسود التماثل ويطغى النقاء، فهذه المجموعة تجسّد النظام الطبيعي للأشياء وكلّ من ينحرف عنها ( الدخيل/ الغريب/ المختلف) أو يحتجّ على  معاييرها أي على أوامرها ونواهيها يمثل خطراً على نظام الكون، ويسبب الفوضى والفساد. وبفضل هذه البداهة الأساس، يتمكن المصاب بالجمود الذهني من تقسيم العالم إلى قسمين:

التماثل          الاختلاف

 الطبيعة          مضاد للطبيعة

النظام          الفوضى

 الطهارة          الفساد

 نحن    هم

لذلك نجد في خطابات أقصى اليمين مثلاً أن المختلف الغريب المهاجر، يرمز إليه في أغلب الأحيان بكلمات مثل : ميكروب "فيروس"سرطان" ينخر جسد الأمّة / الأم ويدنّس طهارتها ونقاءها (انظر إيديوليجية أقصى اليمين الفرنسي مثلاً). وهذا ما يؤدي حسب التحليل النفسي إلى تأسيس السلوك التعصبي المناهض لكل أشكال الاختلاف.

فماذا عن التعصب الذي يشكل الآلية الثالثة والأخيرة؟.

يقدم لنا ابن منظور في لسان العرب التعريف التالي: "التعصب هو أن يدعو الرجل إلى بصرة عصبته والتألّب معهم على من يناوئهم ظالمين كانوا أو مظلومين" وهذا التحديد لا يختلف في شيء عما قدمه لاحقاً علم النفس حول التعصب، إذ أن التعصب من وجهة نظر علم النفس هو ميل انفعالي، يفرض على  صاحبه أساليب وطرق في التفكير والإدراك والسلوك تتفق مع حكم بالتفضيل أو عدم التفضيل لشخص أو جماعة. وهذا الحكم يكون سابقاً لوجود دليل منطقي أو دون دليل إطلاقاً.

وهو غير قابل للتغير بسهولة بعد توفر البراهين المعارضة التي تشير إلى عدم صحته لأنه ينطوي على نسق من القوالب النمطية، أي تصورات تتسم بالتصلب والتبسيط وكذلك بالتعميمات المفرطة عن جماعة معينة وفي أغلب الأحيان مختلفة إذ إن التعصب للعائلة وللعشيرة وللجهة وللطائفة ضد الغريب ضد المختلف، هو عودة إلى الوراء إلى مرحلة من المفروض أننا تجاوزناها مرحلة الانصهار مع الأم هو تنكر لمبدأ الاستقلالية والتفرّد.

هو نكوص إلى الفطري ضد المكتسب، نكوص إلى العتاقة ضد الحداثة القائمة على تعددية أشكال التعبير والتفكير والسلوك واحترام الحريات الفردية واحترام حقوق المرأة والطفل وبكلمة حقوق الإنسان وفيما يخصنّا حق الاختلاف أساساً.

بعد تحليلنا للآليات الذهنية التي تدعم الاختلاف، وللحواجز النفسية الواعية واللاواعية التي تقاومه، يمكن أن نستنتج أن الفرد يراوح طوال حياته بين غريزة الموت وغريزة الحياة، بين التشاؤم والتفائل بين الانغلاق على الذات والانفتاح على الآخر.

الانغلاق والانطواء على الذات ومعاداة الآخر هو نكوص إلى ما قبل الفطام، إلى ما قبل الحياة الذهنية، هو حنين جارف إلى انكماش الجنين في بطن الأم الحامية، هو بكلمة  انتصار لغريزة الموت. بينما يمثل الانفتاح على الآخر وفتح الحدود أمام جميع التيارات انتصارا لمبدأ  غريزة الحياة، لأنه يجسد البحث عن مشروع مستقبلي.

الفـــــــــرد

غريزة الحياة             غريزة الموت

 التفاؤل           التشاؤم

المستقبل                الماضي

الفرد / الأنا               الجماعة/ النحن

الانفتاح                    الانطواء

 الاختلاف                  التماثل

الطبيعة / البدائية                    الثقافة / الحضارة

 تغلب غريزة الموت على غريزة الحياة، أي الانطواء على الانفتاح يكون بارزاً في وقت الأزمات والضعف التي تؤجج البدائية في الفرد وتحرر اللاعقلاني من عقال العقل. أما حالات الانشراح ولحظات الصعود والقوة في حضارة ما فهي تسد المنافذ على المكبوت. فيثق أفرادها في أنفسهم وفي مستقبلهم، وينفتحون على الآخر، ويوظفون الاختلاف، ويرونه أساساً لبناء مشروعهم الحضاري.

 وهو عين ماصنعه المسلمون في عز نهضتهم في ما يخص سعة اطلاعهم على أعمال الآخر والإشادة بمجلوباته، وفي هذا السياق تبدو لنا مدرسة الطب النفسي في الإسلام نموذجاً يجسد دور الاختلاف في إثراء الفكر وبناء المعرفة.

فقد كان اهتمام المسلمين بالطب استجابة للحديث النبوي "العلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان".

 ولما ارتكز عليه الإسلام من أسس صحته مثل:

 ـ الوضوء.

ـ الاغتسال.

 ـ ممارسة الأعمال الرياضية.

ومع أن الرعاية الصحية بارزة في الدين الإسلامي، وإن ذلك لايعني أن القرآن كتاب طب أو علم نفس، ولكنه أشار إشارات صريحة إلى مايهم الناس في هذا المجال وترك لهم حرية البحث.

وقد كتب العقاد في هذا الصدد: جاء الإسلام فقضى على الكهانة وفتح الباب للطب الطبيعي على مصراعيه،  لأنه أبطل المداواة بالسحر والشعوذة، ولم يحدث في مكان الكهان طبقة جديدة تتولى العلاج باسم الدين، بل سمح النبي عليه الصلاة والسلام ، باستشارة الأطباء ولو من غير المسلمين.

وقد تجمعت تعاليم مهنة الطب وآداب رعاية المريض في مجموعة من الأحاديث النبوية في حدود القدرة العلمية التي كانت متوافرة في تلك العقبة التاريخية. فقد نهى  عليه الصلاة والسلام ، عن كل مايضر الناس في صحتهم من تلوث  الطريق ومصادر المياه والطاعون وحفز  عليه الصلاة والسلام ، على رياضة الأبدان.

كما اهتم المسلمون بالمرض النفساني فصاغَ الفقهاء والقضاة النصوص القانونية سواء فيما يخص العبادات أو المعاملات، كما استورد العلماء دون عقد النطريات اليونانية حول المرض النفسي.

ويُعَدُّ علم الأمزجة من أهم النظريات السيكولوجية اليونانية التي سادت عند المسلمين، وهي تعتمد على مفاهيم نفسية "حديثة" مثل مفهوم التوازن.

وحسب هذه النظرية تتحلل الأجسام المركبة في العالم الأدنى إلى ما يسمى بالهيولي أو المادة الأولى المحايدة القابلة للكيفيات وفقاً لنسب ونظم معينة. والكيفيات الأصلية الأربع هي:

ـ الحار والبارد، وهي كيفيات فاعلة.

 ـ الجاف والرطب، وهي كيفيات فاعلة.

المصدر: http://1bac.medharweb.net/modules.php?name=News&file=article&sid=261

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك