ضيعتنا السياسة .. ففقدنا الثقافة

اجتماعية عندما يمس حياة الناس .. السياسة باختصار هي فن تحقيق المصالح العليا للبلدان والشعوب. البعض يعتقد انها فن  الممكن فهذا المعنى كسيح وبالي تعلمناه بطريقة استعطائية حجمت امكاناتنا واعطت للاخر، الممكن، من اعطائه لنا.

 

منذ ان وعينا ونحن نسمع ونشاهد ونشعر بالقلق والخوف من تسميات اصبحت اشبه بكليشة مطبعية يعاد ترتيبها من مكان لاخر. محتواها عقلية المؤامرة.. وهي التي تمثل المؤامرة الكبرى في عمقها واهدافها على ارض الواقع المعاش يوميا :

العدو، تامر دولي، تحرير فلسطين، الاستعمار،، امة واحدة، لا للقطرية، حق المواطن، الصراع الطبقي، الديمقراطية والحرية والاستقلال الوطني  اوهام ونكسات انتجت تخلخل في النسيج المجتمعي بهويات فرعية طائفية،قومية شوفونية، وتقدمية، يمينية ويسارية .. شعارات تراكم عليها التراب .. فجاء الاسلام السياسي ليكنسها ويستبدل الوعي الاعور بوعي اعمى... فتحولت السياسة الى صراع ازقة بين الشروال والعقال .. كلاهما لايعي اين موقعه على خارطة التحضر والثقافة، مجرد ارقام مبعثرة بلامحصلة فاعلة .. ظلت اسيرة يتلاعبها الغرباء حيثما تطلبت المصلحة لذلك.

 

كفاح وتضحيات:

كانت الجماهير تنتمي لهذ الحزب وذاك تحت شعارات اججت المشاعر الوطنية والقومية .. عنفوان الشباب وجد ذاته في انتمائه الحزبي تنظيما وكفاحا، يعتبر شيئا مقدسا لتحقيق اهداف سامية لانقلل من شانها في زمانها ومكانها وظرفها ..تصاعد المد الجماهيري لذروته حماسا واندفاعا وتضحيات جسام خسر الوطن اخيارها، في صراعات وانقلابات استهدفت مثقفوا ومتعلموا وكادحوا هذه الامة. من يسارين وطنيي التوجهات، قدمت ضحايا وقرابين  وكان في مقدمتها شيوعيوا العراق، وعلماء الدين، ابتداء من ثورة العشرين مرورا بدموية العهود البالية واشرسها انقلاب شباط الاسود عام 1963، وما جرى من حروب داخلية اخرها ماساة حلبجة، ومقابر جماعية وحروب خارجية دامية لامجال للخوض فيها.

 

واقع الاحزاب العلمانية:

تحول الحزب القومي  العلماني الى حزب جهادي، يتحالف مع اعتى واجهل اصولية دينية لاتعرف الا الكراهية والحقد وتدمير الاخر . تحالف بعثي وهابي.

ومن الاممية والصراع الطبقي والاشتراكية .. تنحسر في اقليم قومي وتجمد امميتها في القومية العشائرية والمناطقية ..حيث تتغير الهويات و تنصهر الشعارات في كيان هو الحزب الشيوعي الكردستاني..  هوية قومية عشائرية باطار  حزب كان امميا.

وبهذا تحولت الايدلوجيات بعد ان كانت عقائد وافكار  مشتقة من نظريات فلسفية  لتلبي حاجات المجتمع... فقزمت مفاهيمها انتماءا وواقعا فاصبحت ادلوجة  لهوية فرعية، فضاق افق الفكر الايدلوجي واصبح حجاب فكري يتعانق مع الحجابات القومية والدينية قبائليا وطائفيا، لتنتمي الى ادلوجة صغيرة فرعية  بديلا للايديولوجية التي هي اشمل واعم .

 

اين الممارسات السياسية؟؟؟

لو استعرضنا كل مايكتب من اراء في السياسة في رحاب عالم التواصل سواء في الصحف الالكترونية ومواقعها والاعلام المسموع والمقروء والمرئي وغرف البالتوك الحوارية ..

وتاملنا بالمقالات التي هي بالالاف من كتاب بمختلف التوجهات والاراء في مواضيع سياسية على مختلف الاصعدة، لشعرنا ولمسنا عمق الهوة في كارثة  - علو مصالح الانا وما انتمي اليه  جزئيا -  ..و فقدان  ما يكتب لمفاهيم - مصالح ال نحن، كمصالح عليا -  لاتعلوها مصالح فئوية انتهازية.

شيوع كتابات تعيد تمجيد افراد في مناصب حكومية تتخاصم عليها وبها كل التيارات والاحزاب، تحالفات مصلحية ليس للجماهير المسحوقة مكانا في معظم كتابات الكتاب.

طربكة وتشابك وضياع  لاي مشروع لبناء دولة الانسان .. هرج ومرج عشقنا السياسة وتشربت بنا وتشربنا بها .. ولم نتعلم منها، اسئنا لها واسائت لنا....   لانجيدها حوارا وكتابات وممارسات ومفاهيم.  نشخصن، اما في طائفة او في رمز .. نحوله الى دكتاتور فردي او دكتاتورية قومية او مجتمعية.. موجات اللاسياسة في السياسة.

اسبابه وعلله عائد الى التربية في النشاءة الثقافية وتراكم اوهام الوعي المخدوع باننا على حق وغيرنا على خطاء وهذا من اسوأ نتائج التعليم التلقيني دراسيا وحزبيا ودينيا الذي بدوره يخلق شخصيات بمفاهيم استبدادية، ليس للتفكير مكانا فيها، ولم تتعود النقاش وطرح اسئلة شكية ومعرفية عن : لماذا ؟ وكيف؟

فضيعتنا السياسة وضيعناها  فهما وممارسة نكررها ونحن اقل الناس نمارسها باعرافها.

 

الثقافة واقلامها:

هذا الزخم الفوضوي من كتابات وانشطة سياسية  مؤدلجة خنادقها ازقة الفوانيس البالية

ضيعت المواضيع الثقافية، وقل كتابها ومثقفوا الفكر والقلم، وشح الابداع الفكري.. في ترجمة الافكار بدراسات ومقالات  نحن بامس الحاجة اليها في ظل ضجيج المراهقة السياسية .

ادعوا كل صاحب مشروع ثقافي يحمل وعيا لاستنهاض المجتمع نحو افاق التطور بجميع رؤاه الرحبة ان لايوقفه هيجان التطرف الحزبي والعقائدي .. ولابد من بصيص امل في تنامي اعداد  القراء الذين  تهمهم الثقافة كاولوية لتعميق وتجديد المفاهيم المحنطة في جثث الماضي المقدس.

ولا نشك بان هنالك مواضيع سياسية منحاها ثقافي مبدع وهدفها يرتقي  سموا في المفاهيم المتجددة والتي نفتش عنها، لنستنير منها ماهو جديد، وهي الامل الذي، يجعل من الثقافة نقدا ابداعيا منهجيا كطريق لانتاج الافكار ذات الافق المضيئ لمستقبل اجيالنا.

 

اخيرا اقول:

لو امطرت السماء حرية  او مفاهيم جديدة .. هنالك عبيد ستختفي تحت مظلة على هامش الطريق.

 

د. اسامة حيدر

12 Jan. 2013

المصدر: http://almothaqaf.com/index.php/qadaya/70563.html

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك