حوار الأديان والثقافات ... الأصل والجذور ...
حوار الأديان والثقافات ... الأصل والجذور ...
لويس ماسنيون (Louis Massignon) مؤسس فكرة حوار الأديان وأحد قادة المنظمات التبشيرية المسيحية، قال في كلمة ألقاها بالنيابة عن الفاتيكان واتحاد الكنائس في أحد اجتماعات القمة للمبشرين المسيحيين: "لقد خربنا كل ما لدى المسلمين، لقد قضينا على عقيدتهم، وأخلاقهم وارتباطهم بدينهم، ومشاعرهم الإنسانية. لقد صهرنا قيمهم الوطنية والمعنوية في بوتقة الحضارة الغربية، وجعلناهم يشبهوننا، وأبعدناهم عن الإسلام. لقد نجحنا في جعل تعلم الإسلام وتعلم القرآن وإقامة الصلاة تبدوا وكأنها جرائم ورجعية. لقد أصبح معظمهم لا يؤمنون بشيء. إن عقيدة أهل السنة والجماعة هي عدونا الأول. وقد جعلنا هذه العقيدة ضمن العقائد المنحرفة. وقد قمنا في السنوات الأخيرة بدفع بعض دارسي الشريعة المتظاهرين بالإسلام إلى مناقشة دينهم وعقائدهم وعباداتهم التي مضى عليها أربعة عشر قرنا، ودفعنا بها إلى هاوية سحيقة. ومن الآن فصاعدا سيصبح عملكم أنتم المبشرون أكثر يسرا وسهولة. قوموا بتنصير المسلمين، سواء بمنحهم رواتب، أو بإعطائهم تأشيرات سفر، أو بتوفير فرص عمل لهم في الخارج، أو حتى باستخدام الفحشاء"
نعم، قائل هذا الكلام هو لويس ماسنيون (Louis Massignon)، أول من أطلق فكرة الحوار بين الأديان، وهو أبو هذه الفكرة التي ما زالت تطرح علينا بين الحين والآخر، وقد نذر ماسنيون حياته للعثور على العناصر المسيحية التي كان يخيل إليه أنها متوفرة في الإسلام، وقد وجه معظم دراساته في اتجاه هذا الهدف.
كانت أنشطة التبشير المسيحي والاستشراق مكملة لبعضها البعض. أما الحوار، فكان ترجمة للجهود التي تهدف من خلال الأنشطة التبشيرية إلى تسليم الشعوب الإسلامية المنهكة إلى أيدي الكنيسة المنقذة (!)
لذلك، أدعو الجميع قبل الدخول في مثل هذا الحوار لإلقاء نظرة على الفاتيكان التي كانت دائما وراء هذه الدعوة، وأدعوهم للقيام بتقييم فهم الفاتيكان لهذا الحوار ونظرتها إليه.
كتاب الكاثوليكية (Cathecism) والذي يحمل توقيع البابا يعرف الحوار كما يلي: "إن مهمة التبشير تنص على حوار يستند إلى الاحترام مع الذين لم يقبلوا الإنجيل بعد" فمن هم هؤلاء "الذين لم يقبلوا الإنجيل بعد"؟
بالنسبة للبابا بول الثاني فإن "الحوار بين الأديان هو جزء من المهمة التبشيرية الهادفة لإعادة الناس إلى الكنيسة" وبالنسبة إلى البابا فإن هذا الوضع ينبع من طبيعة المسيحية وأن الهدف هو تعليم رسالة الإنجيل إلى الآخرين: "الحوار يستند إلى حياة الرب الواحد والثلاثة ... وهكذا فإن الحوار جزء من مهمة الخلاص الكنسية، وفي الحقيقة فإن هذا هو حوار من أجل الخلاص. لان حوارا حقيقيا كهذا هو بالنسبة للمسيحي تطبيق للإيمان، إنه تعليم رسالة الإنجيل إلى الآخرين من خلال الإصغاء وإظهار الاحترام."
أما البابا بول الرابع فيقول في مفهومه للحوار أنه بالرغم من الحوار فإن هناك دينا حقيقيا واحدا، وهو المسيحية: "مع أننا نعترف بالقيم المعنوية والأخلاقية للأديان غير المسيحية ونظهر لها الاحترام ونستعد للحوار معها ونرغب في الدخول في حوارات معها في أمور مثل الدفاع عن الحرية الدينية وإقامة الأخوة الإنسانية وتأسيس الرفاه الثقافي والاجتماعي والإرادة المدنية، فإن النزاهة تفرض علينا الإعلان عن قناعتنا الحقيقية بكل صراحة، هناك دين حقيقي وحيد، وهو المسيحية"
إن الفاتيكان والكنائس الغربية لا يرون في الحوار بين الأديان عملية للتعارف والتفاهم بين أتباع الديانات المختلفة، بل يرونها فقط وسيلة لإيصال الرسالة المسيحية إلى الناس، الأمر الذي يشكل مشكلة حقيقية أمام أية جهود مخلصة ونوايا صادقة قد يتم طرحها بهذا الخصوص.
منذر أبو هواش
المراجع:
- كتاب الاستشراق لإدوارد سعيد (النسخة التركية)
ORYANTALIZM - Edward SAID
- حقيقة الحوار بين الأديان للأستاذ مهمت علي أوزتورك (سلسلة مقالات باللغة التركية)
DİNLERARASI DİYALOG GERCEĞİ - Mehmet Ali OZTURK
- كتاب الإسلام وشبهات المستشرقين للشيخ فؤاد كاظم المقدادي