أعمال الخير لا تؤطر في مجال

راشد فهد الراشد

للعمل الخيري ومبادرات ما يدخل في إطار طلب مرضاة الله -عز وجل- وخدمة الناس، أوجه كثيرة ومتعددة لاتؤطر وتحدد في مسار واحد، أو نمط فعل معين، ولا تقف عند صيانة أو إنشاء دور العبادة التي أصبحت تملأ مساحات المدن وتنتشر في الأحياء وهو بلا جدل فعل رائع ويرقى إلى المستويات المتفوقة من ممارسات الخير، لكنه لا يلامس وحدة احتياجات الناس ومعاناتهم مع أمور كثيرة يجب التسابق نحو تحقيقها وصرف الأموال على قيامها شواهد إنسانية وأخلاقية وعاطفية على البذل والعطاء عن طيب خاطر ابتغاء مرضاة الله ومغفرته وتوفيقه ومساعدة الناس على امتلاك ما يفتقدونه وهم في حاجته.

عمل الخير وممارسته سلوكاً وثقافةً ووعياً هاجس الكثرة من نخب المجتمع الاقتصادية والاجتماعية، يأتي من تراكم ثقافة، ومخزون تربية تحرض على مشاركة الناس همومهم ومتاعبهم، ومقاسمتهم أوجاعهم وقسوة حاجتهم، وتنبع من رغبات متأصلة في النفوس لإسعاد الآخرين، وإبعاد غول الحرمان والشعور بوطأته القاتلة عن حياتهم، أو على الأقل تقطيب جراحاته النازفة والتخفيف من حدة أوجاعه وتفتتاته.

هكذا هي التربية الاجتماعية، وهكذا هو السلوك القيمي عند أفراد المجتمع على كافة شرائحه وطبقاته وأطيافه "يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة" يأملون فضلاً من الله، وسعة في الحياة، غير أن بعض المفاهيم المتوارثة في ممارسة فعل الخير، والثقافة السائدة في أزمنة خلت من تنميط له، وحصره في مجالات بناء المساجد فقط، وعدم استشعار التحولات والمستجدات في تفاصيل الحياة الاجتماعية بهذا العصر، وتشعّب مضامين احتياجاتها وضروراتها، يجعل هذا العمل في توجهه ناقصاً، أو لا يحقق أهدافه الاجتماعية المبتغاة منه بشكل كامل ومفيد، وربما تصرف أموال طائلة على جانب فيه اكتفاء للناس بينما جوانب أخرى ملحة وضرورية لايلتفت إليها وربما تغيب تماماً عن اهتمام فاعلي العمل الخيري الإنساني الاجتماعي.

نعرف أن الدولة تقوم بإنفاق كبير على الخدمات الصحية، والمرافق الاجتماعية، وتبذل كل جهد لتوفير كل سبل العيش للمواطنين، وترصد الميزانيات الضخمة للمشاريع الصحية، والتعليمية، والبلديات تقوم بإنشاء المتنزهات والحدائق التي هي متنفس العائلات والأطفال، وما يتوفر فيها من أجواء مريحة للكبار، غير أن الحاجة تظل ماسة لمراكز غسيل الكلى إن في المدن أو القرى، أو مراكز للرعاية الصحية الأولية، أو إنشاء حدائق عامة في بعض الأحياء التي يمكن أن يستفيد منها سكان الحي.

إن مشاريع الأعمال الخيرية متعددة وجوانبها دائماً مضيئة وتتجه في أهدافها وأبعادها وغاياتها لخدمة الإنسان الذي يحتاج لها، وعلينا أن ننوع في مسارات عمل الخير، فمن ينشئ ويجهز مركزاً لغسيل الكلى -مثلاً- أو ينشئ حديقة عامة يستفيد منها الناس فإن ثوابه عند الله والناس كما لو بنى دار عبادة.

المصدر: http://www.amnfkri.com/news.php?action=show&id=23336

الأكثر مشاركة في الفيس بوك