مرض التطرف الديني سياسياً
أضافه الحوار اليوم في
تنامت في الآونة الأخيرة تزامناً مع الأزمة السّورية ظاهرة مرضية أصابت جسد الأمن، الظاهرة «الأسيرية» ليست مبنية على شخص أحمد الأسير، بل ولدت في لبنان منذ سنوات ولبست عدّة أقنعة: «إسلاميو الشّمال» ومعارك الضّنية مع الجيش، «فتح الإسلام» ومخيم نهر البارد، «كتائب عبد الله عزّام» ومعها تنظيمات إسلامية اتخذت من عين الحلوة بؤرة لها، قبل أن تظهر هذه التنظيمات والمجموعات إلى العلن بعد معاركها مع النّظام السّوري، وتبدأ حراكها في لبنان.
حراك هذه المجموعات المتنامي في الشّمال والبقاع وصولاً إلى صيدا يعكس حجمها وانتشار رقعة شعبيتها، وهي وليدة عوامل عديدة وينجم عنها نتائج سلبية عدّة على الحياة المجتمعية في لبنان.
عوامل تنامي ظاهرة السلفيين المتطرفين: ان سياسات الدّولة الاقتصادية المجحفة تقدّم نفسها عاملاً رئيساً في تنامي هذه الظّاهرة، فمعظم المنتمين لهذه التيّارات هم أبناءُ المناطق النّائية والتي نأت ـ تنأى عنها الحكومات من حيث الخدمات، وتتهافت عليها في الانتخابات، مثلاً أولاد البقاع أو عكّار المزارعون، هؤلاء يجدون في هذه التيارات مصدر عيش ومدخولاً أفضل من الزّراعة بعد إهمال الدّولة لهذا القطاع، وحاله حال الصّناعة.
ليس المزارعون وحدهم هم الأكثر قابلية لكي يكونوا ضحايا هذه الظاهرة، بل الفقراء في أكثريتهم من ضحايا السّياسات الاقتصادية، كفقراء جبل محسن وباب التّبانة وحي التّعمير أو قرى البقاع، فبدل الموت على باب المشفى، يفضّل الفقير حمل السّلاح لقاء أجرٍ يرى فيه متنفّساً.
من نتائج تنامي هذه الظّاهرة: تراجع الاستثمارات والمشاريع الإنمائية في ظلّ تخوّف المستثمرين من لبنانيين وأجانب من الوضع الأمني... «فدرلة» الاقتصاد، أي تقسيمه ومقاطعة اللبنانيين بعضهم بعضاً اقتصادياً لأسباب سياسية، كمثل مقاطعة الجنوبيين لصيدا التي بدأت تشكو من ذلك عبر تجّارها... انهيار القطاع السّياحي والخدماتي، ما يؤدي إلى تعثر معظم المؤسسات، حارماً العديد من اللبنانيين من وظائفهم، وهم طبعاً من الطّبقة الفقيرة.
ان تجاهل الحكومة، كما تلاعب السّياسيين بورقة السّلفيين الجهاديين لتحقيق مكاسب آنية، سيصيبها وسيصيبهم بالضّرر قبل إصابة أي أحد، بما أنهم المهيمنون على كل المفاصل والقطاعات الاقتصادية في البلد.
ومن عوامل تنامي هذه الظّاهرة في لبنان التسيّب الأمني:
- فتح الدّولة حدودها أمام العابرين وعدم وضع خطّة طوارئ لاستقبال النّازحين وعدم معالجة الدّولة ملف الإسلاميين العالق منذ أحداث الضّنية، ما جعل منهم ضحايا بعد أن كانوا مذنبين وسمح لهم بتشكيل قوة في المبنى «ب» من رومية. والتّدخل السّياسي المستمر في عمل القوى الأمنية، ودعم الأصوليين من قبل تيارات سياسية وازنة، والتّهاون في التّحقيق بمجزرة عرسال، إضافة إلى جعل طرابلس والشّمال منطقة شبه مستقلّة أمنياً عن الدّولة، لتصبح لاحقاً الملجأ الرّئيس لهذه القوى، وقد ترافق ذلك مع عدم نشر الجيش على الحدود السّورية منعاً من تسلل المقاتلين من سوريا، وتغاضي الدّولة عن شحنات الأسلحة والظّهور المسلّح في المناطق، وتهاونها مع المسلّحين.
هذه العوامل أدّت الى انتشار ظاهرة الأمن الذاتي الشّخصي، المجتمعي المصغّر ومن ثم الطّائفي، وفقدان قوى الأمن والجيش ما تبقى لهم من هيبة، وانهيار المؤسسات الأمنية وتحوّلها إلى أدوات بيدّ المسيطرين عليها.
انكشاف البلد أمنياً أمام شبكات المخابرات الأجنبية، «الموساد» خصوصاً. وازدياد عمليات القتل، الخطف والسّرقات، وما تصاعد أعمال الخطف وجرائم القتل إلّا نتيجةً جليةً لذلك.
إن الفقر هو السبّب الرّئيس لظاهرة التّطرف، يترافق مع إحساس هذه الفئة بالاضطهاد، إضافة إلى غياب القائد الجامع، خاصة بعد اغتيال رفيق الحريري. يحدث ذلك في مناخ شدّ العصب المذهبي بعد «الرّبيع العربي»، والرّغبة في إلحاق لبنان بركب الأنظمة الجديدة، وتكريس فكرة العداء لإيران وتقديمها على العداء لإسرائيل، من باب الفتنة السّنية ـ الشّيعية، مما يريح إسرائيل ويسحب عنها الضّغط. هذه المناخات تثير المخاوف لدى الطّوائف الأخرى، وتحدث شرخاً أكبر بين اللبنانيين، يقودهم إلى التّقوقع. ومشروع اللقاء الأرثوذكسي وموقف القوى المسيحية منه، تعبير عن هذه المخاوف المتبادلة.
خلاصة: لا يستطيع المجتمع اللبناني تقبّل هذه الظّاهرة، وتموضعها هنا سيقود إلى الانفجار لا محالة، يعني إلى اقتتال داخلي وحرب أهلية جديدة ستترجم من خلال الصّدامات المتكرّرة.
يبقى السّؤال المطروح، هو إلى متى سيستطيع «حزب الله» المحافظة على هدوئه وعدم الانجرار إلى الفتنة؟ هل سينجو الحزب، وتلقائياً المقاومة مما يرسم لها خدمةً لإسرائيل؟ الأيام القادمة ستكشف المستور للبنان.
حراك هذه المجموعات المتنامي في الشّمال والبقاع وصولاً إلى صيدا يعكس حجمها وانتشار رقعة شعبيتها، وهي وليدة عوامل عديدة وينجم عنها نتائج سلبية عدّة على الحياة المجتمعية في لبنان.
عوامل تنامي ظاهرة السلفيين المتطرفين: ان سياسات الدّولة الاقتصادية المجحفة تقدّم نفسها عاملاً رئيساً في تنامي هذه الظّاهرة، فمعظم المنتمين لهذه التيّارات هم أبناءُ المناطق النّائية والتي نأت ـ تنأى عنها الحكومات من حيث الخدمات، وتتهافت عليها في الانتخابات، مثلاً أولاد البقاع أو عكّار المزارعون، هؤلاء يجدون في هذه التيارات مصدر عيش ومدخولاً أفضل من الزّراعة بعد إهمال الدّولة لهذا القطاع، وحاله حال الصّناعة.
ليس المزارعون وحدهم هم الأكثر قابلية لكي يكونوا ضحايا هذه الظاهرة، بل الفقراء في أكثريتهم من ضحايا السّياسات الاقتصادية، كفقراء جبل محسن وباب التّبانة وحي التّعمير أو قرى البقاع، فبدل الموت على باب المشفى، يفضّل الفقير حمل السّلاح لقاء أجرٍ يرى فيه متنفّساً.
من نتائج تنامي هذه الظّاهرة: تراجع الاستثمارات والمشاريع الإنمائية في ظلّ تخوّف المستثمرين من لبنانيين وأجانب من الوضع الأمني... «فدرلة» الاقتصاد، أي تقسيمه ومقاطعة اللبنانيين بعضهم بعضاً اقتصادياً لأسباب سياسية، كمثل مقاطعة الجنوبيين لصيدا التي بدأت تشكو من ذلك عبر تجّارها... انهيار القطاع السّياحي والخدماتي، ما يؤدي إلى تعثر معظم المؤسسات، حارماً العديد من اللبنانيين من وظائفهم، وهم طبعاً من الطّبقة الفقيرة.
ان تجاهل الحكومة، كما تلاعب السّياسيين بورقة السّلفيين الجهاديين لتحقيق مكاسب آنية، سيصيبها وسيصيبهم بالضّرر قبل إصابة أي أحد، بما أنهم المهيمنون على كل المفاصل والقطاعات الاقتصادية في البلد.
ومن عوامل تنامي هذه الظّاهرة في لبنان التسيّب الأمني:
- فتح الدّولة حدودها أمام العابرين وعدم وضع خطّة طوارئ لاستقبال النّازحين وعدم معالجة الدّولة ملف الإسلاميين العالق منذ أحداث الضّنية، ما جعل منهم ضحايا بعد أن كانوا مذنبين وسمح لهم بتشكيل قوة في المبنى «ب» من رومية. والتّدخل السّياسي المستمر في عمل القوى الأمنية، ودعم الأصوليين من قبل تيارات سياسية وازنة، والتّهاون في التّحقيق بمجزرة عرسال، إضافة إلى جعل طرابلس والشّمال منطقة شبه مستقلّة أمنياً عن الدّولة، لتصبح لاحقاً الملجأ الرّئيس لهذه القوى، وقد ترافق ذلك مع عدم نشر الجيش على الحدود السّورية منعاً من تسلل المقاتلين من سوريا، وتغاضي الدّولة عن شحنات الأسلحة والظّهور المسلّح في المناطق، وتهاونها مع المسلّحين.
هذه العوامل أدّت الى انتشار ظاهرة الأمن الذاتي الشّخصي، المجتمعي المصغّر ومن ثم الطّائفي، وفقدان قوى الأمن والجيش ما تبقى لهم من هيبة، وانهيار المؤسسات الأمنية وتحوّلها إلى أدوات بيدّ المسيطرين عليها.
انكشاف البلد أمنياً أمام شبكات المخابرات الأجنبية، «الموساد» خصوصاً. وازدياد عمليات القتل، الخطف والسّرقات، وما تصاعد أعمال الخطف وجرائم القتل إلّا نتيجةً جليةً لذلك.
إن الفقر هو السبّب الرّئيس لظاهرة التّطرف، يترافق مع إحساس هذه الفئة بالاضطهاد، إضافة إلى غياب القائد الجامع، خاصة بعد اغتيال رفيق الحريري. يحدث ذلك في مناخ شدّ العصب المذهبي بعد «الرّبيع العربي»، والرّغبة في إلحاق لبنان بركب الأنظمة الجديدة، وتكريس فكرة العداء لإيران وتقديمها على العداء لإسرائيل، من باب الفتنة السّنية ـ الشّيعية، مما يريح إسرائيل ويسحب عنها الضّغط. هذه المناخات تثير المخاوف لدى الطّوائف الأخرى، وتحدث شرخاً أكبر بين اللبنانيين، يقودهم إلى التّقوقع. ومشروع اللقاء الأرثوذكسي وموقف القوى المسيحية منه، تعبير عن هذه المخاوف المتبادلة.
خلاصة: لا يستطيع المجتمع اللبناني تقبّل هذه الظّاهرة، وتموضعها هنا سيقود إلى الانفجار لا محالة، يعني إلى اقتتال داخلي وحرب أهلية جديدة ستترجم من خلال الصّدامات المتكرّرة.
يبقى السّؤال المطروح، هو إلى متى سيستطيع «حزب الله» المحافظة على هدوئه وعدم الانجرار إلى الفتنة؟ هل سينجو الحزب، وتلقائياً المقاومة مما يرسم لها خدمةً لإسرائيل؟ الأيام القادمة ستكشف المستور للبنان.
الحوار الداخلي: