يطلبون السلام ويستعدون للحرب
تهدف هذه المقالة إلى الدعوة إلى اليقظة والانتباه لما يقوم به اليهود في إسرائيل من نشاطات علمية، وعسكرية، وسياسية، واقتصادية، في الوقت الذي يزعمون فيه أنهم يطالبون بالسلام وأن أمنهم مهدد حتى إن اتفاقاتهم مع الفلسطينيين غالباً ما تتعرض للتجميد من قبلهم بحجة أن الطرف الآخر لم يقم بالمهمات الأمنية المطلوبة، أو بحجة الانتخابات السياسية أو غيرها من الحجج، وإن كان عدم وفاء يهود بالعهود أمر عرفه المسلمون من خلال كتاب ربهم عز وجل، ومن خلال التاريخ.
فهذه زيارة باراك الأخيرة إلى واشنطن تضمنت دعم قوة إسرائيل العسكرية بمزيد من الاتفاقيات للتعاون العسكري مع الولايات المتحدة، كما أنه من المتوقع أن تقوم ألمانيا بتسليم إسرائيل عدداً من الغواصات
وقد تناول هذا الموضوع الأستاذ محمد صلاح الدين الكاتب اليومي في صحيفة (المدينة المنورة، 10شوال 1419هـ) التي تصدر في جدة بالمملكة العربية السعودية حيث تحدث عن الكتاب الذي صدر مؤخراً في بريطانيا بعنوان: سكاكين ودبابات وصواريخ: ثورة إسرائيل الأمنية،عن معهد واشنطن لدراسة سياسات الشرق الأدنى الذي أسسه حزب الليكود في منتصف الثمانينات لتقديم الدراسات والبحوث لصانعي السياسة الأمريكية. مما يدل على النفوذ اليهودي القوي في دوائر السياسة الغربية والأمريكية بصفة خاصة.
وللدكتور عبد الوهاب المسيري نظرة أخرى في كتابه: الحمائم والصقور والنعام: دراسة في الإدراك والتحليل السياسي الصادر عام 1996م، حيث يتحدث في هذا الكتاب عن الدور الذي تقوم به دولة إسرائيل للغرب وأن التفوق العسكري الإسرائيلي إنما هو لخدمة أهداف الغرب الذي أراد أن تكون هذه الدولة في هذه المنطقة من العالم لما تحققه له من سيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم. ويقول في ذلك :" ولكن أهم وظائف الدولة الصهيونية على الإطلاق هو الوظيفة القتالية (لا التجارية أو المالية)، فعائد الدولة الوظيفية الأساسي عائد استراتيجي والسلع أو الخدمة الأساسية الشاملة التي تنتجها هي القتال: القتال في الدرجة الأولى"(ص122)
ويقدم الدكتور المسيري بعض الأدلة على ذلك من أقوال زعماء هذه الدولة فمن ذلك ما قاله ناحوم جولدمان عام 1947م " إن الدولة الصهيونية سوف تؤسس في فلسطين لا لاعتبارات دينية أو اقتصادية بل لأن فلسطين هي ملتقى الطرق بين أوروبا وأسيا وأفريقيا، ولأنها المركز الحقيقي للقوة السياسية العالمية والمركز العسكري الاستراتيجي للسيطرة على العالم."(ص123) أما المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية للدولة الصهيونية فهي أشبه بتكاليف حاملات الطائرات أو قريباً مما تدفعه أمريكا لمشاركتها في حلف الناتو وقواتها في أوروبا، بل إن الصهاينة يرون أن المبالغ التي تدفعها أمريكا أقل من الخدمة التي تقدمها الدولة العبرية.
مهما كان الأمر حول امتلاك إسرائيل القنابل الذرية والسلاح الاستراتيجي الذي تستمر الدول الغربية في دعمه وتقويته، فإن العالم الإسلامي مطلوب منه أن يدرك هذا الدور تماماً وأن لا يتوقف السعي لامتلاك القوة. أليس هذا ما يفسر الحرب العنيفة التي تشنها أمريكا والغرب عموماً حينما تبدأ أي قوة في المنطقة من الاقتراب من امتلاك السلاح؟ لقد انشغلت وسائل الإعلام العالمية زمناً بعد تجارب الهند النووية بالجهود الغربية بمنع باكستان من إجراء تجاربها النووية.
وأختم بقول الدكتور سامي حبيب ( المدينة المنورة 20شوال 1419هـ) "فهل ستظل أمريكا والغرب تلاحق دول المنطقة وإنزال جميع أنواع الخراب العسكري بها لمحاولة مجاراة غيرها في التسليح دفاعاً عن النفس …أم أن الأولى أن يطبق على إسرائيل ما يطبق على غيرها.." ولعل التقاء مصالح الغرب مع أهداف اليهود العقدية في زعمهم أن لهم الحق في إنشاء دولتهم هو الذي يجعل هذه المعادلة غير العادلة تستمر. هم يطلبون السلام ويتقوون بالسلاح ونحن نطلب السلام ولكن أين السلاح؟
المصدر: http://www.madinacenter.com/post.php?DataID=100&RPID=87&LID=8