إفشاء السلام بين الناس ينزع الحقد والغل من قلوبهم وعقولهم
عبد العزيز خليل إبراهيم
السلام هو هدف من أهداف الإسلام والشرائع السماوية الأخرى في الأرض ولذلك جعله الله تعالي تحية للأنبياء والمرسلين قال تعالي في كتابه الكريم ( سلام علي نوح في العالمين ) سورة الصافات الآية 79
وقال أيضا ( سلام علي إبراهيم ) سورة الصافات الآية 109 وقال أيضا سبحانه وتعالي ( سلام علي موسي وهارون ) سورة الصافات الآية 120 وقال الله تعالي أيضا ( سلام علي ال ياسين ) سورة الصافات الآية 130 وقال أيضا ( سلام علي المرسلين ) سورة الصافات الآية 181 كذلك جعل الله تعالي السلام تحية للملائكة فقال تعالي ( هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين. إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون ) سورة الذاريات 24 ، 25
والله يأمر المسلمين وغير المسلمين بتحية السلام فقال تعالي ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان علي كل شئ حسيبا ) سورة النساء الآية 86 والمعني أيها المسلمين إذا حياكم أحد من الناس بتحية فحيوا بأفضل منها أو ردوا عليها بمثلها ، والمراد بالتحية أخي المسلم وأخي المسيحي وأخي في الإنسانية جمعاء في الآية الشريفة هو إلقاء السلام ورده وهما من أوضح الحقوق في الإسلام ، وإذا كان إلقاء السلام من الأعمال الحميدة والأخلاق العظيمة المجيدة فغن الرد عليه فرض كفاية ، إذا قام به البعض من الناس سقط عن الباقين ، وهما مطلوبان بالطلب العام لجميع الناس في الأرض لأن الآية عامة لكل الناس وذلك يقول الله تعالي في كتابه الكريم ( وقولوا للناس حسنا ) سورة البقرة الآية 83
ويقول الرسول الكريم في حديث شريف يتفق مع آيات القرآن الكريم لأحد الصحابة عندما سأله عن أفضل الأعمال فقال له الرسول الكريم عليه السلام ( تطعم الطعام وتقرأ السلام علي من عرفت ومن لم تعرف ).
فالسلام أخي المسلم وغير المسلم هو دعاء طيب منك لأخيك الإنسان سواء كان رجل أو امرأة أن يسلموا من كل من يخافون ويكرهون ولفظة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وهو سلام الناس جميعا من لدن آدم عليه السلام إلي قيام الساعة والمطلوب في رد التحية أن تكون علي قدرها أما الزيادة فخير يندب إليه مع العلم التحيات الأخرى من السلام كصباح الخير ومساء الخير جائزة ولا شئ فيها ويستحب الجمع فيها فالرسول عليه السلام كان يجد تحية أهل قريش ويرد عليه فالتحية طالما كانت كلام طيبا فلا بأس فيها فالصباح والمساء من الله تعالي وهم من خلق الله تعالي والخير من الله تعالي .
فالسلام عاما لجميع الناس الحاكم والمحكوم والرئيس والمرءوس والغني والفقير والقوي والضعيف والكبير والصغير رجل أو امرأة شاب أو فتاة وذلك حتي لا يتكبر أحد علي أحد فيحجم عن إلقاء السلام أو رده فذلك يجلب البغضاء والكراهية وينشر الخلاف والخصام ويقطع أواصر المحبة والمودة بين الناس جميعا في الأرض .
أما الحديث الذي يرددها المتطرفون والمكفرون من الوهابيون وأمثالهم علي قنواتهم المزورة وينسبونه للنبي الكريم زورا وبهتانا وهو فيما معناه ( لا تبدؤا أهل الكتاب اليهود والنصارى بالسلام وضيقوا عليهم في الطرقات ) فهذا حديث غير صحيح وموضوع وقد قال بعض شراح هذا الحديث أن الغرض منه هو منع السلام عند اعتداء الدول الغير مسلمة علي دول المسلمين في أيام الحروب فقط ولكن عند انتهاء الحروب وخرابها ترجع المودة بين كل الناس ومع ذلك فهذا كلام اجتهاد فقط ولكن عدم إلقاء السلام في الأيام العادية وفي الحروب علي أهل الكتاب أو غيرهم فهذا ليس من كلام النبي لان النبي عليه السلام أمر بالسلام في الأوقات العادية وكذلك في الحروب فلفظ السلام عام علي كل الناس فالسلام يقرب بين الناس ويبعد الشحناء والحروب بينهم والحديث الذي يقول لا تبدؤوا أهل الكتاب هو حديث موضوع ولا يصح عن النبي الكريم وان ادعي الوعاظ الوهابيون الظالمين الذين يلبسون الطرح علي الفضائيات المغشوشة والتي يبرا منها الإسلام الصحيح إلي قيام الساعة صحته فهو حديث مكذوب لا يليق بالنبي عليه السلام أن يقوله والله تعالي يقول له في كتابه الكريم ( وإنك لعلي خلق عظيم ) سورة القلم الآية 4
والرسول الكريم يرد علي الوهابيون وأمثالهم من وعاظ الجهل والخراب ويدعو الناس إلي عدم الخصام بين الناس حيث يقول في الحديث ( لا يحل لرجل ان يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام )
وفي هذا المعني يقول الشاعر الحكيم :
قد يمكث الناس دهرا ليس بينهم ..... ود فيزرعه التسليم واللطف
هذا فالسلام يزيد في الحسنات ويكثر الخير والبركات وينشر الأمن والأمان ويؤكد الصلات ويقوي الروابط بين الناس جميعا في الأرض فم لا نجود به ونتسابق عليه ونحرص علي تحصيل أجره وثوابه ونقول للمتطرفين الذين ينشرون الفتن كل يوم علي الفضائيات المزورة والتي لا تعرف ألف باء رحمة ولا دين سليم وتنشر فقه الغلظة والجفاء والتحجر للناس المسلمين وغير المسلمين وتقول لهم امنعوا السلام عن فلان أو علان ويقولون أيضا لا تلقوا السلام علي أهل الكتاب فنقول لهم أنتم جهلة بالدين وأنتم لستم أهل للجلوس علي الفضائيات وإنما مكانكم السجون لتنالوا جزاءكم من القانون لما تنشروه من ظلم وإفساد في الأرض والإساءة إلي دين السلام الإسلام ونقول لهؤلاء غلاظ القلوب والأبصار قول الشاعر :
يا ذا الذي ترك السلام تعمدا ....... ليس السلام بضائر من سلما
إن السلام تحية مبررة ....... ليست تحمل قائليها مغرما
فرسول الله صلي الله عليه وسلم يرد علي وعاظ الجهل والتكفير ويأمرهم بالتوبة عن أفعالهم تجاه الناس أجمعين قبل أن يموتوا والله غضبان عليهم ويأمرهم بالتسامح وإفشاء السلام لوجه الله لكل الناس حيث يقول ( يا أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ) رواه الترمذي وغيره فهذا نداء عام لكل الناس بالتمسك بإفشاء السلام لكي يعم الخير بين الناس أجمعين في الأرض حيث كلنا من أدم وأدم من تراب .
فالسلام أيها الناس تحية في الدنيا وفي الآخرة وهو تحية أهل الجنة قال تعالي ( سلام قولا من رب رحيم )
وكذلك جعل الله السلام مفتاحا لدخول البيوت المسلمين وغير المسلمين في الأرض ولذلك يقول الله تعالي ( يا أيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا علي أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون ) سورة النور الآية 27
أيها الناس هذا هو السلام وفضائله في الإسلام للناس فاللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام فحينا ربنا بالسلام وأدخلنا الجنة دارك دار السلام اللهم أمين .