بعد توافق النخب والسلام بين الديكتاتوريات
نحو حرب الناس من أجل حريتهم من همينة النخب والديكتاتوريات
مازن كم الماز
حسنا فعل الزعماء اللبنانيون أو أمراء الحرب القدماء و الجدد عندما اعترفوا ضمنا أو حتى علنا أنهم كانوا على وشك بداية مجزرة جديدة من دون أي معنى جدي , لم يمت الكثير من اللبنانيين لحسن الحظ و لم ينتظر الفقراء خمسة عشر عاما من القتل و الذبح اللذين بلا معنى و لا سقوط 150 ألف ضحية قبل أن يكتشفوا عبثية الحرب بينهم و عبثية حمام الدم في سبيل النخب و سيطرتها و خطاباتها لكن شبح الموت المتمثل في هذه النخب و القيادات الطائفية السياسية و المالية و الدينية ما زال غير بعيد ينتظر أوامر الخارج أو بداية فصل جديد من الصراع على السلطة و الثروة , المثير أيضا هو السهولة التي ذهب بها نظامي بشار الأسد و أولمرت إلى مفاوضات أنقرة , تحت ذريعة وعد من أولمرت بإعادة الجولان , كان هذا كاف لتجاوز كل الجعجعة الفارغة عن الممانعة , فيما كانت أزمة أولمرت في مواجهة احتمالات الإطاحة به هي الدافع الحقيقي وراء إطلاق هذه الموجة من المفاوضات و الأمل بالسلام السخيف بين الضحية و القاتل...إن التوافقات الأخيرة في لبنان و معاودة المفاوضات بين النظام السوري و نظام القتلة في تل أبيب ستلعب دورا هاما ليس فقط في تقليل خطر انفلات التحشيد الطائفي و تأجيل صراع النخب على السيطرة على الشرق , بل إنها ستحيد تلك الأشكال التي استخدمتها النخب الطائفية أو الديكتاتوريات في دفع قضية الحرية , حرية الناس , إلى الوراء و في تمويه حقيقة الصراع القائم اليوم إلى صراع طائفي أو وطني يتمثل في الدفاع عن موقع هذه النخبة أو ذلك النظام أو الهجوم على أعدائه , لقد كانت السهولة التي جرى من خلالها تحقيق الاتفاق بين القيادات الطائفية في لبنان تجسيدا لتفاهة الصراعات بينها , و تبين أن قضايا كان اللبنانيون الفقراء على وشك أن يسقطوا في سبيلها فداءا لزعمائهم مثل الثلث الضامن و حكومة الوحدة الوطنية و السيادة و الاستقلال و سلاح المقاومة و التدخل الإيراني السوري أو الأمريكي الإسرائيلي و ما إلى ذلك من قضايا كان الفقراء اللبنانيون يتبادلون الشتائم و الاتهامات باسمها و من ثم الركلات و الضرب بالعصي و القبضات قبل أن يصوبوا السلاح ضد صدور بعضهم البعض أخيرا , تبين أن هذه القضايا ليست إلا جزءا من المساومات السياسية على اقتسام السلطة و الثروة بين تلك النخب و قوى القهر و الاضطهاد التي تدعمها أو تستخدمها و أنها تستمد مبدأيتها من كلمة يتفوه بها هذا الزعيم "الكبير" أو ذاك و من رغبته الشخصية تماما كما هي في الحقيقة تمثيل و تجسيد حقيقي لمصلحته الخاصة..أما في سوريا فإن سقوط المنظومة الدعائية الإعلامية للنظام التي تتمحور حول قضية "ممانعة" المشروع الإسرائيلي الأمريكي سوف يساعد , إلى جانب نتائج سياسات النظام النيو ليبرالية التدميرية و نهب الفئة العليا فيه المنفلت على حياة الناس , على إعادة صياغة قضية التغيير في سوريا بعيدا عن التجاذبات بين النخب التي ينسب بعضها دور ما للنظام في جبهة الممانعة و التي يربط بعضها الآخر هذا التغيير بانتصار المشروع الأمريكي و بعده الإسرائيلي على مشروع إيراني مناقض و مواجه..نعم سترجع الأمور إلى أصلها الأولي البدائي الفاقع الذي أدى كل هذا الصراخ الذي أصم آذاننا عن كراهية الآخر الطائفي أو عن مقاومة المشروع الأمريكي و الإسرائيلي بواسطة السجون و أقبية المخابرات و محاكمة أي رأي معارض و تحويل الوطن بأسره إلى سجن كبير و إطلاق العنان للدكتاتوريات الفاسدة لتبيع و تشتري بنا إلى تشويشه و محاولة إعادة تعريفه و تزييف حقيقته باتجاه تكريس سيطرة هذه الديكتاتوريات و تلك النخب..حسنا , إننا نعود إلى المربع رقم واحد , مع فارق كبير هو أن كل الأسباب و الحجج التي ساقتها النخب الحاكمة و تلك التي تملك كل شيء في حياتنا للتفريق بيننا كبشر عاديين قد سقطت أو في طريقها للسقوط و أن كل الأسباب و الحجج التي ساقتها تلك النخب لتبرير نهب حياتنا و الاستيلاء عليها و مصادرة صوتنا و موقفنا و ثمرة عملنا في طريقها للسقوط , هذا سيجعل من الأسهل أن يبدأ الفقراء الشيعة و السنة , المسيحيين و المسلمين , السنة و العلويين , معا في التحرك ضد مستغليهم و مضطهديهم , لا ضد بعضهم البعض , تنتظرنا أيام قادمة تحمل روح 6 أبريل في المحلة لا حروب الشوارع بين أنصار النخب في شوارع بيروت , إن القيود و السلاسل الفعلية و الفكرية و السياسية و الدينية التي تحرص النخب و الأنظمة على تكبيل الناس بها تتهافت تدريجيا باتجاه السقوط , ربما مع أصحابها...........