الإسلام بين التطرف والوسطية
المهدي مالك
ان الانسان مهما كان يحب مجموعة من الاشياء كاسرته او ثقافته او دينه و الذي هو شيء سامي باعتباره نظام شرعي يدعوا الى الخير و الى قيم الاخلاق و حسن السلوك و العدل و المساواة في الحقوق و الوجبات و ذلكم هو الاسلام الذي نحبه كاحفاد كوسيلة و طارق بن زياد و يوسف بن تاشفين و غيرهم من اجدادنا الكرام.
و الدين الاسلامي كما هو معلوم ولد في مكة المكرمة و التي كانت تعيش تحت ظلال الجاهلية و هذا المصطلح يعني مجموعة من الادبيات كقمع الناس و جعلهم عبيدا يعملون تحت خدمة أسياد قريش و جعلهم يعبدون اصناما لا تضر و لا تنفع و التي تقرر او تقتل من يخرج عن طريقها المتخلف الذي يدعوا الى انكار الخالق الذي خلق الوجود و الانسان و الحيوان و النبات .
و الانسان عندما يتأمل الطبيعة يجد نوعا من المتعة و الرغبة في السفر الى اعماق الخيال و الإبداع و يرى ان مقومات حضارة ما لا تقتصر فقط عن جوانب المادية كالمال و التقدم بمختلف ابعاده بل تشمل هذه المقومات على الجانب الروحي لهذا الانسان الذي يشعر احيانا بانه محتاجا الى ذلك الجانب اكثر من غيره و الذي يعطيه مجموعة من الاشياء مثل راحة البال و الاستقرار في النفس و التي ترغب احيانا ان تسبح في بحورها العديدة و تلك تأملاتي الشخصية كمعاق الذي كان يسافر الى افاق الإحزان و البكاء بسبب انه لا يستطيع المشي و لا التعبير عن مشاعره كأي انسان اخر و أيضا بسبب التخلف و الذي عانى منه و الذي يجعله يسافر الى متاهات العذاب في وقت من اوقات مراهقته و وجد في الجانب الروحي دواءه الشافي لجروحه الكثيرة و الان بفضل الله و ابوايه الكريمين و محيطه يسير نحو ان يكون كاتبا في المستوى .
و نرجع الى موضوعنا الذي اصبح مهما في عصرنا الحالي و خصوصا بعد احداث 11 شتنبر الشهيرة و التي أحدثت مجموعة من المفاهيم الخاطئة حول ديننا الاسلامي مثل انه يدعوا الى التطرف و نبد الاخر و قتل اهل الكتاب و غيرها من تلك المفاهيم و نحن كمسلمين نقرئ كل يوم في الصحف مقالات عن مصطلح التطرف الديني الذي اصبح واقعا خطيرا بالنسبة للامة الاسلامية التي صارت متهمة بانها تدعم الفكر المتطرف و انها ترفض مصطلحات كالديمقراطية و العلمانية باعتبارهما كفرا بالله و بالاسلام الذي يقبل بكل الاجتهادات سياسية كانت ام فكرية ام اصلاحية و الذين جعلوا من الاسلام دين للتطرف و قتل المؤمنين بالديانات السماوية هم لم يفهموا في الواقع رسالة الاسلام الاصلاحي و الديمقراطي.
ان رسالة الاسلام اعترفت بوجود شيئا اسمه التعايش مع اهل الكتاب سواء كانوا يهودا او مسيحيين بل اكثر من ذلك احل الاسلام لنا الزواج من المحصنات من اهل الكتاب و هذا يعد دليلا اضافيا على ان الاسلام دينا للتعايش و ليس دين للانغلاق و نبذ الاخر .
و علينا ان نعترف بوجود بعض المذاهب الاسلامية التي تشجع على التطرف و التكفير كالمذهب الوهابي مع كامل احتراماتي لإخواننا في السعودية الشقيقة و هذا
المذهب المحترم ساهم بشكل كبير في تشجيع التطرف و تكفير بعض المذاهب الاسلامية كالشيعة و المتصوفة في بلادنا و هذا المذهب له افكار متخلفة بخصوص بعض القضايا كقضية المراة التي هي نصف المجتمع و التي ساهمت بشكل كبير في تاريخنا الاسلامي كامنا خديجة زوجة الرسول ص و التي تعتبر اول من امن برسالتنا الاسلامية و وقفت الى جانب الرسول الحبيب ص في نشر دعوته الى اصلاح الارض و واسته و شجعته على مقاومة كفر قريش لما جاء به من الكتاب و الحكيمة حتى ماتت هذه السيدة العظيمة و هناك نماذج لنساء أخريات ساهمتن بدورهن في تلك الفترة مثل سمية ام عامر و التي تعد اول شهيدة في تاريخنا الاسلامي اذن دور المراة لا يقتصر على رعاية الزوج و تربية الابناء بل تشمل ميادين اخرى كالميدان الاجتماعي و السياسي و حتى الفني و طبعا في حدود الشريعة لكن التطرف له وجهة نظر مختلفة و التي تنظر الى المراة بانها شيء مثير للفتنة و الشهوة و عليها ان تبقى في بيتها ترعى زوجها و ابناءها .
و المذهب الوهابي ساهم بشكل كبير في تاسيس تنظيمات ذات ابعاد ايديولوجية و ذات افكار لا ترقى الى انتظارات امتنا الاسلامية و التي تريد ان تدخل الى سجل الامم التي تعيش تحت ظل الديمقراطية و احترام مبادئ حقوق الانسان و التعايش السلمي و نحن كمسلمين اصبحنا نطرح مجموعة من الاسئلة حول هذا التطرف الذي دخل الينا بدون ان يشرح لنا اسبابه التي جعلته يرتكب مجموعة من الاعمال الارهابية باسم الاسلام و التي استهدفت العديد من البلدان الاسلامية كالمغرب الذي هو معروف بانه يسعى دائما الى نصرة الاسلام و قضاياه العادلة و في مقدمة هذه القضايا قضية الفلسطينية و احتلال العراق الشقيق لكن التطرف الاعمى ضرب في يوم 16 ماي 2003 مستهدفا نموذجنا الديمقراطي و الحداثي كدولة اسلامية و ملكها الذي اعطى صورة جديدة للاسلام من خلال اهتمامه بمجموعة من القضايا كتحسين وضعية الاسرة المغربية و الاهتمام بالشان الديني و غيرها.
و ان الخطاب الاسلامي صار كانه يرفض ان يساير العصر و تحدياته مختلفة الابعاد بل انه يفضل الرجوع الى قرون التخلف و عبادة التقاليد البالية و التي تنظر الى الاشياء التي دخلت الينا من باب الغرب بانها كفرا و فجورا و اقول و هذه وجهة نظري الشخصية ان ليس كل ما يدخل الينا من الغرب يعتبر كفرا او فجورا فهناك اشياء مفيدة كالديمقراطية و حقوق الانسان و العلمانية التي ليست ضد الدين او مفهوم الاعتقاد بل هي ضد توظيف الدين لممارسة سياسة القمع على الشعوب و قمع المفكرين من فن الابداع بسبب ان الدين يمنع العقل من التفكير و التامل في حياتنا السياسية او الثقافية او الاجتماعية و الاسلام لم يمنعنا من التفكر في هذه الحياة .
و امتنا الاسلامية اليوم تعاني من فقدان منهجها الوسطي و الاعتدالي بعد انتشار مرض جماعات الاسلام التكفيري و التفجيري و التي جعلت من ديننا الاسلامي مجرد لعبة يلعبها المتطرفون بهدف اقامة دولة اسلاموية كالنموذج الطالباني في افغانستان و الذي اعتبره نظاما لا يرقى الى مستوى المطلب بل انه اعطى أسوء
صور عن الاسلام المتخلف و جعله لا يمشي الى الامام كانه يخاف ان يدخل الى عصر التقدم و التجديد في تقاليدنا البالية التي تقمع القلم من الكتابة و التعبير عن افكارنا كجيل النهضة من اجل بناء مجتمعاتنا الاسلامية على اسس الديمقراطية و احترام خصوصياتنا الثقافية و المذهبية و اقول لا فرق بين سني و شيعي او بين عربي و باقي الاعراق المسلمة الا بالتقوى و ذلكم هو الاسلام الحقيقي.
واحب ان اختم هذا المقال المتواضع باية من القران الكريم و كذلك جعلناكم امة وسطى لتكونون شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا صدق الله العظيم.